العلالي: القنوات الدينية تخدم أجندات سياسية

قال لـ"الصباح " إن قليلا منها يعمل بمهنية في التعامل مع الخطاب الديني عرف المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة إطلاق العديد من القنوات الفضائية الدينية التي باتت تستقطب شريحة واسعة من المشاهدين في شتى أقطار الوطن العربي. عن سر متابعة المشاهدين لهذه القنوات والدور الذي تلعبه في المشهد الإعلامي وغيرها من المواضيع التقت «الصباح» محمد عبد الوهاب العلالي، خبير إعلامي وأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال وأجرت معه الحوار التالي: ما سر متابعة المشاهدين للقنوات الفضائية الدينية؟ لعل بروز القنوات الفضائية الدينية والإقبال عليها من بعض الفئات الاجتماعية يمثل حاجات اجتماعية ونفسية وثقافية إلى المعرفة الدينية التي تخص شرائح واسعة من المواطنين في البلدان العربية والإسلامية في ظل عدم الرضا وعدم الثقة من لدن فئات واسعة من المشاهدين في القنوات الحكومية واتجاه القنوات الخاصة إلى الترفيه وإعطاء حيز ضئيل للقيم الدينية في منظومتها البرامجية. كما أن اللجوء إلى هذه القنوات يشكل ردا على عمليات التحديث القسري التي تعرفها العديد من المجتمعات العربية الإسلامية باعتبار أن جزءا هاما من المواطنين يئنون تحت وطأة حالات اغتراب حقيقي أمام كثافة الإعلام الوافد خاصة في المنطقة العربية التي تعرف اهتماما خاصا من كل الشبكات التلفزيونية العالمية، والتهديدات التي تمس الهوية العربية الإسلامية وتقود جزءا من الناس للوقوع في شراك الأصناف الرديئة من الاتصال الديني.غير أن ما لا يشكل مصدرا للاطمئنان هو نوعية المعرفة الدينية التي تقدمها الفضائيات الدينية، ومدى تأهيل عدد نشطاء الوعظ الديني لتقديم فتاوى وقراءات وخطابات حول أمور دينية غاية في التعقيد.أما إذا وقفنا على مستوى الشكل فإن نجاح العديد منها يرتبط بمستوى التقنية العالية الذي تقدم إنتاجاتها وخير مثال على ذلك بعض المسلسلات الدينية الرمضانية والتي ترصد لها أموال هائلة. وهو ما يثير المشاهد لمتابعة حلقات العديد من هذه المسلسلات. وإذا كانت قلة من هذه القنوات تتوفر على مهنية عالية في تقديم الخطاب الديني وفق معايير معرفية وعلمية، فمن خلال بعض الملاحظات الجزئية يتبين أنها تفتقد إلى الحد الأدنى من مكونات العمل التلفزيوني وأن ما يهمها بالأساس هو البعد السياسي في العملية. ما هو الدور الذي تلعبه القنوات الدينية في المشهد الإعلامي، وهل هو في حاجة إليها؟ إن الأدوار التي تلعبها القنوات الدينية تحتاج إلى نقاش في العمق، فطبيعتها قنوات مذهبية تعاني معضلتين أساسيتين: الأولى في كونها منقسمة على الذات وتروج لمذاهب ومدارس مختلفة داخل بلدان العالم العربي والإسلامي. وبالتالي فالطابع الغالب على ممارساتها الإعلامية هنا هو التجزئة والخوض في نقاشات تهم أوضاعا سياسية بالغة التعقيد في مجتمعات قائمة على تعدد المذاهب أو تعدد الأديان ولم تتطور بعد بها قيم التعددية والتنوع الثقافي والعيش المشترك. أما الملاحظة الثانية فتكمن في اعتماد منهج الخطاب الديني التقليدي نفسه في صيغه الجامدة غير المنفتح على الآخر وعلى الواقع.وبالتالي فالدور الذي تقوم به هذه القنوات يحول جزءا منها إلى صنف من الإعلام الطائفي الذي يساعد على التجزئة وإثارة النعرات بين الجماعات على المستوى الداخلي وإلى عرقلة مسلسل الحوار بين الأديان والتسامح الذي ترعاه العديد من الهيآت والمؤسسات الدولية. كيف تنظر إلى الفتاوى الغريبة التي يفتي بها عدد من الدعاة على شاشات القنوات الدينية؟حقيقة تطرح مسألة الفتاوى التي يأتي بها العديد من الدعاة أو نشطاء الممارسات الإعلامية الدينية العديد من القضايا. فأولها هي تضارب العديد من الفتاوى وسيادة جزء كبير من الخطابات الغريبة القائمة على الخرافة والدجل. وهذا يطرح مسؤولية السلطات العمومية والهيآت المختصة على أصعدة متعددة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من تأثير أشكال الدجل عبر وسائل الإعلام، خاصة إذا علمنا أن بنية المجتمعات العربية الإسلامية باعتبار النسبة العالية للأمية وضعف مستوى الوعي العام تتوفر على شروط انتشار هذا النوع من التضليل وتقديم أفكار وقضايا تقود إلى الابتعاد عن الواقع الاجتماعي. في رأيك ما هي الرسالة التي ينبغي على القنوات الدينية إيصالها إلى المشاهدين؟ لا بد من إبراز نقطة تتعلق بالتسمية الخاصة بالقنوات الدينية، فهي ليست قنوات دينية صرفة، وجلها يقدم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية والربورتاجات وباقي مكونات الخطاب السياسي التلفزيوني مما يجعلها قنوات تخدم أجندة سياسية لجماعات وأنظمة تتبنى مشاريع سياسية ومجتمعية مغايرة لمطامح الشعوب العربية في التحديث وولوج مجتمع الحداثة، وبالتالي فمن الصعب أن يحصل اتفاق حول ما يجب إيصاله إلى المشاهدين.من وجهة نظري فالانتظارات تتعلق بمضمون خطاب إعلام مدني مواطن يدعو إلى نشر القيم الحضارية والتنويرية القائمة في الدين الإسلامي وفي كل الديانات، ومنفتح على احتياجات الناس الواقعية المنبثقة من معيشهم اليومي، يساعد الناس على فهم العالم الذي يعيشون فيه والانصهار في مسلسل الحداثة الذي يجب أن يكون لنا كعرب ومسلمين مكانة لائقة في ركبه. أجرت الحوار: أمينة كندي

العلالي: القنوات الدينية تخدم أجندات سياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفضائيات الدينية... ترهيب وترغيب

"اقرأ" و"الرسالة"... حين يستثمر الرأسمال السعودي في الدين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات