أقصبي: الاختلاف حول مخزون القمح مرده إلى التلاعب بحجم المحصول

المحلل الاقتصادي قال إن هناك شركات محدودة تهيمن وتستفيد من عمليات تحرير الاستيراد أوضح نجيب أقصبي، أستاذ الاقتصاد بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أن الاختلاف حول تحديد مخزون المغرب من الحبوب يرجع بالدرجة الأولى إلى أن وزارة الفلاحة تقدم أرقاما مغلوطة بخصوص محصول الموسم الزراعي، ومادام المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني يستند إلى هذه الإحصائيات من أجل تحديد المخزون، فإن نتيجة حساباته ستكون بدورها خاطئة، كما أن المكتب لا يتحكم سوى في القنوات الرسمية، في حين أن هناك كميات تسوق خارج هذه القنوات. وأكد، بخصوص شركات استيراد الحبوب، أن من مصلحة الأخيرة الاستيراد عندما تتراجع الأسعار في الأسواق العالمية، لكنه يتعين عليها إثبات عدم قدرتها على التزود من السوق الداخلي، مضيفا أن هناك شركات محدودة تتحكم في هذا المجال. < يطالب المستوردون بإلغاء الحواجز الجمركية على واردات القمح اللين ويعتبرون أن المخزون المغربي أشرف على النفاد، في حين أن المكتب المهني للحبوب والقطاني ينفي ذلك، هل بالفعل يدعو مستوى المخزون حاليا إلى القلق؟ < مما لا شك فيه أن حالة اللبس التي تهم وضعية مخزون المغرب من الحبوب ترجع بالدرجة الأولى إلى التلاعب بالأرقام في ما يتعلق بالمحصول، إذ أن وزير الفلاحة يصرح بالرقم الذي يريد بهدف إظهار نجاح المخطط الأخضر، وللأسف تنقل الصحافة هذه الأرقام فتصبح واقعا، وهذا ما يؤكده الوضع الذي أشرت إليه في السؤال. فإحصائيات المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني تستند إلى حجم المحصول الذي تعلنه وزارة الفلاحة، إذ بناء على ذلك يستخلص المكتب حجم المخزون من خلال إنقاص الكميات المحولة إلى المطاحن وتلك المستهلكة أوالمحولة عبر بعض الصناعات، ومن خلال عملية طرح ما بين الإنتاج (المحصول) والاستهلاك تحدد مستوى المخزون. وما دام أن هذه الحسابات تتم بناء على معطيات غير مضبوطة بخصوص المحصول، فإن الاستنتاجات ستكون بدورها خاطئة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعطيات الإحصائية للمكتب لا تهم سوى القنوات الرسمية، في حين أن نسبة من الحبوب تخزن بطرق تقليدية في ما يعرف ب «المطمورة»، ما يجعل من الصعب تحديد الكميات الحقيقية المتوفرة من الحبوب. وكيف كان الحال وهذا ما يجعل أنه كيفما كان المحصول المصرح به رسميا، فإن المغرب يشرع في الاستيراد منذ شهر شتنبر. وللإشارة، فإن وزارة الفلاحة صرحت بأن محصول موسم 2010 وصل إلى 80 مليون قنطار، ورغم ذلك فإن عمليات الاستيراد انطلقت منذ شهر شتنبر أكتوبر، ما يطرح أكثر من سؤال حول صحة الأرقام المقدمة. وأكدنا في حينها أن المحصول الذي صرح به آنذاك غير صحيح، وذلك بناء على دراسات ميدانية بينت أن محصول الموسم المذكور يتراوح ما بين 55 و60 مليون قنطار لا أكثر، وكيفما كان الحال، وبالنسبة إلى هذا الموسم، فالغريب في الأمر هو أن نعلن 84 مليون قنطار محصولا للموسم الحالي ونضطر إلى الشروع في الاستيراد منذ شهر شتنبر! ما يعكس أكثر من «خلل» في هذه المعادلة وأضن أن جزءا كبيرا من الجواب يوجد عند من يعلنون الإحصاءات الرسمية للمحصول.كانت المهنجية المعمول بها في السابق في مجال تحديد المحصول أكثر دقة مما هو عليه الآن، إذ أن المديريات الإقليمية للفلاحة كانت، إلى غاية 1997، قبل أن يتم تفكيكها، تتوفر على مصلحة للإحصاء، يخرج أطرها، خلال شهري مارس وأبريل من كل سنة، ويحددون مترا مربعا داخل حقل من الحبوب، ويقيمون محصول هذه المساحة وعلى أساس هذا المتوسط يحسبون المحصول العام، ما يجعل التقديرات أقرب إلى الواقع، والمهم أن كل هذا كان يتطلب إمكانيات بشرية وتنظيمية لا تتوفر الآن.من جهة أخرى، فإن الصناعيين غالبا ما ينتقدون جودة القمح المنتج محليا، وعندما يتحدثون عن خصاص، فإنهم يقصدون الحبوب ذات الجودة العالية. وعليه، فإن الطرفين لا يتحدثان عن المواد نفسها. وبناء على ذلك يمكن القول إن الخلاف في وجهات النظر بين المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني والمستوردين والصناعيين في ما يتعلق بمخزون الحبوب، مرده بالدرجة الأولى إلى أن الأرقام المقدمة من طرف وزارة الفلاحة غير صحيحة، وثانيا أن الطرفين لا يتحدثان عن المواد نفسها.< كيف تقيمون سياسة التحرير وما هي الجهات المستفيدة منها؟< مما لا شك فيه أن هناك شركات محدودة تهيمن وتستفيد من عمليات تحرير الاستيراد، ولها شبكات علاقات تمكنها من الاستفادة من الوضع الحالي. كان دور صندوق الوطني للحبوب والقطاني، قبل التحرير، يتمثل في التحكم في كميات الاستيراد بالنسبة إلى السوق الداخلي عبر تعاونيات الحبوب وتنظيم قنوات التجار المعتمدين والمطاحن، وبالنسبة إلى الخارج هو الذي كان يجري طلبات العروض وشركات الاستيراد تنفذ هذه الطلبات عن طريق المناولة، غير أنه منذ 1996 لم يعد له هذا الدور، الذي أصبح ينحصر في تتبع وضعية تموين السوق وإصدار البيانات حول المخزون والحاجيات، غير أنه ما زال يتمتع بدور المراقبة ولو أنها نسبية عبر تقييم الكميات المستوردة في السنة، والفاعلين الخواص يقومون بعمليات الاستيراد، وليست له السلطة لمنع أي أحد من الاستيراد، ودوره أصبح بمثابة مرشد يحافظ على الجانب المتعلق بالسلامة الصحية للمواد والتنظيم العام والترشيد والحفاظ على القانون العام الذي ينظم القطاع. ولم تعد لدى السلطات العمومية منذ ذلك التاريخ أي آليات لحماية السوق غير الحقوق الجمركية، التي من خلالها تنظم السلطات عمليات الاستيراد وتتحكم في الكميات التي يتعين إدخالها، إذ عندما يكون خصاص في المنتوج المحلي وارتفاع الأسعار الدولية يتم تقليص الواجبات الجمركية أو تعليقها لضمان إدخال الحبوب وتزويد المطاحن بحاجياتها بأسعار مقبولة، في حين عندما يكون هناك وفرة في المحصول والإنتاج الوطني ترفع السلطات الحقوق الجمركية للحد من عمليات الاستيراد، من أجل تمكين الفلاح المغربي من تصريف منتوجه. وباستثناء هذه الآلية، فإن الاستيراد أصبح محررا وبإمكان أي كان الاستيراد شريطة أداء الحقوق الجمركية. لكن رغم التحرير، فإن قلة قليلة من الشركات هي التي تسيطر على السوق وتتحكم في ميكانيزماته. وتجدر الإشارة، في هذا الإطار، إلى أن منطق التحرير يقضي أولا أن تفتح المجال أمام المنافسة التي تتطلب تعدد الفاعلين وضمان التكافؤ بين كافة المتدخلين، غير أن هذا الأمر لا وجود له حاليا، لأن هناك أقلية من الشركات والمطاحن تهيمن على السوق وتفعل ما تشاء. وبخصوص ما يدور حاليا بين المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني والمستوردين لا يمكن أن أجزم فيه، بالنظر إلى أني لا أتوفر على المعلومات الوافية وعلى كل الخلفيات التي تقف وراء هذا الخلاف، لكن من المؤكد أنه إذا كانت أسعار الحبوب سجلت تراجعا نسبيا خلال الأسابيع الأخيرة في الأسواق العالمية، فإنه يصبح من مصلحة الفاعلين في القطاع الاستيراد خلال هذا الظرف، خاصة إذا تأكدت توقعات احتمال ارتفاع الأسعار الدولية. لكن من أجل تحقيق ذلك يتعين على الصناعيين إثبات عدم قدرتهم على التزود من السوق الوطنية والمطالبة بتخفيض الجمارك أو إلغائها لضمان الهامش المطلوب من الربح. حجم واردات الحبوب لا يتأثر بالمحصول الزراعي إذا قارنا محصول الحبوب والكميات المستوردة خلال ثلاثة عقود الأخيرة، سنلاحظ أنه عندما يكون المحصول وافرا في سنة معينة، فإن الكميات المستوردة تتراجع، في حين عندما يقل المحصول ترتفع الواردات، لكن هذه العلاقة بين المحصول وحجم الواردات لم تعد قائمة خلال ثلاث أو أربع سنوات الأخير، إذ رغم أن السلطات المسؤولة تصرح بأن المحصول جيدا، مثل السنة الماضية، فإن حجم الواردات ظل مرتفعا، ما يمثل مفارقة، ويؤكد أن تقييم المحصول لا يستند إلى منهجية مدققة، ويظل فاقدا للمصداقية. أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي

أقصبي: الاختلاف حول مخزون القمح مرده إلى التلاعب بحجم المحصول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تامـكـروت...مستشـفى "المسكـونـين"

بلفاضلة: المغرب محتاج إلى استيراد البذور

مقالات ذات صلة