الأحزاب المغربية… ظاهرة صوتية

العدالة والتنمية أضاع وصايا الراحل عبد الكريم الخطيب حتى بدد رصيد الثقة بين الحزب والدولة العقلاء في حزب العدالة والتنمية يتوارون، فعوض أن يأخذوا من الشرق ما يفيد التجربة المغربية، يحنون إلى التجربة الجزائرية، التي جرت فيها الكثير من الدماء وأشعلت النار والحرائق وكثرت حينها الاغتيالات. تراجع العقلاء إلى الخلف، كما هو الحال بالنسبة إلى الدكتور سعد الدين العثماني، وتقدم «المزاجيون» إلى الأمام ليأخذوا موقع القيادة والريادة. يبدو أن هناك خللا في الحزب، فكثرة تصريحاتهم وتدخلاتهم، تشي بأن شيئا ما ليس على ما يرام، وبأن منطق التهور والاندفاع حل محل العقل والحكمة والبصيرة. الرميد، عضو الأمانة للحزب، حسم أمر التشكيك في نتائج الانتخابات المقررة في 25 نونبر، وقال إن لا انتخابات نزيهة لم يفز فيها العدالة والتنمية، وبالتالي فإن الاقتراع إما أن يضع رفاق بنكيران في صدارة النتائج، وإما فهي مزورة حق عليها الحد.الآخر، اعتبر عدم تزكية حزبه في الانتخابات المقبلة، وتوليه رئاسة الحكومة، هو نكسة تشبه ما حدث في الجزائر بعد اغتيال العسكر للديمقراطية والانقلاب على شرعية الانتخابات، حين «طلعت» الجبهة إلى الجبال وأدخلت الجزائر في حرب أهلية لم يشفع الوئام المدني في غسل ما نزف في حمامات الدم خلال تلك الفترة. مكمن الخطورة أن هذا الخطاب يميط اللثام عن مآل المغرب إذا ما خسر الحزب الانتخابات، لا قدر الله.. فالمغاربة مطالبون من الآن، أن يبتهلوا للمولى عز وجل حتى يجنب المغرب خسارة العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة... حتى لا تقع المأساة.لا أحد يعرف أين أضاع رفاق بنكيران ما تأخر وما تقدم من وصايا الراحل عبد الكريم الخطيب، فزعيم الحزب لا يخفي ولعه الشديد بالولاية، وإن كانت الولاية في الإسلام لا تطلب ولا تؤتى إلى صاحبها إلا بالبيعة وبحد السيف أحيانا. فالحزب يطلب الحكومة تصريحا وتلميحا، ولا يتعفف في الوصول إلى رئاسة الحكومة، وإن كان ذلك حق وغاية شرعية، فإن التشكيك والتهديد، بالنزول إلى الشارع مثلا، يجعل الوسيلة غير مشروعة. يتذكر الجميع أن حزب العدالة والتنمية، في بداياته، لم تكن له مقاعد كثيرة في البرلمان، لكنه ظل يتمتع بمصداقية داخل الدولة وخارجها، وظلت خرجاته وتصريحات قيادييه محسوبة، لا تنال من رصيد الثقة بينه وبين الدولة، لكن يبدو أن الحزب يعيش راهنا، مرحلة تبديد لهذا الرصيد النضالي الذي تركه عبد الكريم الخطيب، ويخلق اليوم أعرافا جديدة داخل الحقل السياسي، منها إكثار الكلام والصراخ بمناسبة وبدونها، ولعله ما شجع قياديين آخرين على النهج نفسه، فتحول الحقل السياسي إلى «ظاهرة صوتية» بامتياز...لم يخرج بعض الساسة من صدمة التشكيك في انتخابات لم تجر، حتى أتت التهديدات بوضع شبيه بما وقع في الجزائر على خلفية اغتيال الديمقراطية، وإن كنت لا أذكر أن الجبهة نفسها شككت في الانتخابات قبل أن تطولها يد العسكر فعلا، فهو الحنين إلى تاريخ الشبيبة الإسلامية، الذي تخرج منه كثير من قادة حزب العدالة والتنمية، لكن ليس إلى درجة الماضي الدامي والعمل المسلح، وربما الحنين نفسه الذي يفسر التجند الدائم، لبعض قيادات الحزب، في الدفاع عن الجهاديين المغاربة الملطخة أيديهم بدماء المغاربة الأبرياء. وربما الحنين إلى مستقبل يطل من تجربة عبد الحكيم بلحاج، على رأس كتيبة الليبيين الأفغان وقدماء الجماعة المقاتلة الليبية، الذي حسم معركة طرابلس لصالح المجلس الوطني الانتقالي الليبي.. حنين يفهم منه البعض أن تحالف الحزب مع الأفغان المغاربة قد يكون مفيدا، مستقبلا، لحسم المعركة الانتخابية عسكريا. إحسان الحافظي

الأحزاب المغربية… ظاهرة صوتية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوداد ينهض من سقطة الجزائر

هلع بورزازات بسبب انفجارات صخرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات