حرب سيارات نقل الموتى بعين السبع بالبيضاء

"سيارة الإسعاف مقابل الولاء" شعار يرفعه بعض المسؤولين في وجه السكان والجمعيات والمستشارين المغضوب عليهم الموت موتان، هذه الأيام، بمقاطعة عين السبع بالدار البيضاء، موت المحظوظين والمقربين و"مشاريع الأصوات الانتخابية"، وموت الفقراء والخصوم والمغضوب عليهم، حتى بات الناس هنا يحفظون، عن ظهر قلب، مقاطع من أغنية "السيف البتار" لمجموعة ناس الغيوان حين تصل الجذبة بالعربي باطما إلى القول "مات الغني يا سيادي طلبة وعوام تابعاه.. مات المسكين يا احبابي حتى حد ما مشى معاه".هذا الإحساس يتقاسمه عدد غير قليل من المواطنين وجدوا أنفسهم، غير ما مرة، في وضع أقل من يمكن أن يقال عنه أنه مناف لكل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية التي توصي بالإسراع بدفن الميت إكراما له، لا لسبب عدا أن المسؤولين عن توزيع "ريع" سيارات الإسعاف وسيارات نقل الموتى بالمنطقة قرروا أن يضعوا لوائح "بيضاء" لموتى يستحقون أن توفر لهم وسيلة نقل إلى أقرب مقبرة وفي أسرع وقت ممكن، وأخرى سوداء لموتى يُفرض على عائلاتهم وأسرهم تدبير أمرهم أياما قبل إسلام الروح إلى باريها، من أجل إيجاد سيارة، أو "هوندا" أو شاحنة صغيرة، أو أي "مشقوف" آخر لإيداع فقيدهم مثواه الأخـــــــير.قبل أيام، عاشت أسرة بدار لمان، فقدت أحد أفرادها، ساعات جحيم حقيقية في انتظار "أي شيء" يقل فقيدها إلى المقبرة بعد أن فقدت الأمل في وصول سيارة للإسعاف تابعة للمقاطعة. وقال أحد أقارب الأسرة إن إحساسا بـ"الحكرة" تسرب إلى الجميع أنساهم أحزان فقدان عزيز عليهم وأدخلهم في متاهة أسئلة بلا جواب، مؤكدا أن آخر ما كانوا يتوقعونه، في مثل هذه المواقف، أن يستسلموا إلى العجز، وهم يرون جثة ممدة تنتظر إشارة الدفن بقرار خارج عن إرادتهم.ويحكي مواطنون، التقتهم "الصباح"، عن مناسبات مختلفة ربطوا الاتصال فيها بمصالح المقاطعة لتوفير سيارة إسعاف، أو سيارة لنقل الموتى، في حالة وفاة، أو حادثة سير، قبل أن يصطدموا بعراقيل ومبررات تتكرر بالعبارات والجمل نفسها من قبيل "لومببيلونص خارجة، الطوموبيل ما كايناش في الكراج، الكار خاسر"، وحين تلجأ بعض الأسر إلى الضغط والتهديد بالاتصال بمسؤولي العمالة، أو مجلس المدينة، آنذاك تفتح أبواب مستودع الآليات، وتحضر السيارات والحافلات ويقطع السائقون عطلهم الاضطرارية والالتحاق بمقر العمل.مصدر مطلع على خبايا تدبير حظيرة سيارات الإسعاف ونقل الموتى بالمقاطعة، قال لـ"الصباح" إن "الذنب الوحيد" التي ترتكبه، ربما، بعض العائلات التي تفقد أحد أفرادها احتماؤها بجمعية من جمعيات المجتمع المدني أو شخصية معروفة المنطقة أو مستشارين بالمعارضة للتوسط لها في تدبير إجراءات الدفن والعزاء، وأضاف "ما أن يشيع خبر الوفاة ويصل إلى "كاراج" المقاطعة حتى يتم طرح السؤال عن الجهة التي تقف وراء المشهد، فإذا كان الأمر يتعلق بالمقربين والمحظوظين، تم الإفراج سريعا عن سيارة الإسعاف وحافلة نقل المعزين والمشيعين وأعطيت الأوامر لاستخراج الكراسي والزرابي وخيمة للعزاء وملحقاتها، أما إذا تعلق الأمر بخصوم انتخابيين ومستشارين مزعجين، قُطعت جميع الاتصالات وسحب المعجم نفسه من التبريرات التي يفهم منها شعار: سيارة الإسعاف مقابل الولاء".وأكد المصدر نفسه أن المقاطعة تتوفر على أربع سيارات إسعاف ونقل الموتى لأكثر من 200 ألف ساكن (حسب إسقاطات حسابية على إحصاء 2004 الذي حدد عدد السكان في 155.489 نسمة)، واحدة منها يعود عمرها الافتراضي إلى عقود ووصلت إلى ما يشبه الخردة التي يليق بها "لافيراي"، وهي السيارة نفسها التي يتم اللجوء إليها وسيلة لمعاقبة البعض، حين تضطر بعض الأسر المغضوب عليها لنقل موتاها في كتلة حديد صدئة يسمع أزيز محركها على بعد أميال، وفي كثير من الأحيان تتوقف في منتصف الطريق إلى المقبرة لعطب مفاجئ يتحول إلى عطب مزمن، كما وقع مرة حين لجأت عائلة ميت إلى طلب النجدة من سيارة إسعاف أخرى.إضافة إلى السيارة/المصيبة، هناك سيارتان أقل سوء وتستعملان في المهمات الخاصة، ولا تحظى بهما إلا نوعية محددة من المواطنين يتم انتقاؤهم وفق شروط خاصة يحتل فيها الولاء الانتخابي موقع القائمة، أما سيارة الإسعاف الرابعة من نوع "هيونداي"، فقد قرر أهل الحل والعقد الاحتفاظ "جديدة" كما توصلوا بها، قبل أيام، هبة من مجلس المدينة، ووضعوها في مكان خاص بـ"الكراج" إلى حين التقرير في أمرها، رغم الطلبات المتزايدة على سيارات الإسعاف، وعلما أن "الحديد" كلما تعطل عن الحركة، كلما زحف الصدأ على هياكله وأضحى عالة على ميزانية الصيانة.ولأن بعض المواطنين فقدوا الأمل في مقاطعتهم و"كل ما يأتي منها"، فقد بدؤوا يفكرون في بدائل أخرى تقيهم شر التسول أمام مستودعات وأبواب المسؤولين، ومن ذلك الاعتماد على أنفسهم وفتح اكتتابات، بتنسيق مع جمعيات الحي، لشراء معدات العزاء من خيام وكراس وزراب وباقي الملحقات الأخرى (نموذج جمعية بحي الشعبي)، أما آخرون فقد رفعوا سقف التحدي عاليا، حين بادروا إلى شراء سيارة للإسعاف مجهزة بكل المعدات الطبية ومعدات الإسعافات الأولية الضرورية كلفت جمعية دار الأمان للأعمال الاجتماعية مبلغا ماليا قدر بـ150 ألف درهم، و"هي الآن تستعمل في سبيل الله في نقل الموتى والمرضى والمحتاجين بمعدل حالتين في اليوم، مع الاستغناء الكامل عن خدمات المقاطعة"، يقول عضو في الجمعية الذي أضاف أن الأخيرة في انتظار وصول حافلة مستعملة من خارج المغرب لوضعها تحت إشارة السكان. يوسف الساكت

حرب سيارات نقل الموتى بعين السبع بالبيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مؤقتو الجماعات المحلية يلوحون بـ "معركة مفتوحة"

فضيحة جديدة لقناة الجزيرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات