عمر سرميني: جمهور المغرب مختلف

المنشد السوري قال إن الموشحات هي أساس كل غناء سليم قال عمر سرميني إن إصراره على تقديم فن الموشحات والقدود الحلبية نابع من اقتناعه بأن هذا الفن هو المنطلق السليم لكل مطرب. وأضاف المنشد السوري أنه لا يبحث عن نجومية خادعة سرعان ما تزول، وأن هناك مجهودات بذلت للحفاظ على هذا الفن العريق، كما تحدث، في حوار خص به "الصباح" خلال زيارته الأخيرة للمغرب، عن تجاربه الفنية مع فرقة "الكندي" والحاج صبري مدلل وآخرين. فيما يلي تفاصيل الحوار: رغم توفرك على صوت رائع يؤهلك لاقتحام مجال الأغنية العصرية والمحدثة من أوسع الأبواب، إلا أنك فضلت أن تظل وفيا لنمط الموشحات والقدود الحلبية، ما سر ذلك؟وفائي لهذا النمط الغنائي جاء من منطلق أنني أعتبر الموشحات والقدود الحلبية أساس كل مطرب، فالفنان الذي يسعى لأن يكون صاحب هوية فنية لا بد له من التشبع بهذه الألوان الغنائية الأصيلة التي تمكن المطرب من الاستئناس باللغة العربية ومخارج الحروف والتعود على أداء المقامات الشرقية، بمعنى آخر أنها توفر للفنان بداية صحيحة مبنية على قاعدة متينة وصلبة للانطلاق نحو اقتحام عالم الغناء. أما بالنسبة إلي فاستمراري في أداء هذه الألوان التراثية نابع من قناعة خاصة وتعلق شديد بهذا النمط، ولا أبحث عن نجومية خادعة سرعان ما تزول، كما هو سائد حاليا.هل يمكن أن نعتبر هذا رفضا منك لما هو سائد في المشهد الغنائي العربي؟لقد صرنا مستهدفين على كافة الأصعدة، ومخترقين من كافة النواحي من طرف الموجات الغربية التي أسيء توظيفها في الغناء العربي والنتيجة هي هذا الكم الهائل لما يسمى الأغاني الشبابية القصيرة المدة وغير ذات مفعول فني، ولا تقدم هويتنا الغنائية الحديثة.حدثتنا قليلا عن بداياتك وما هي الأشياء التي ساهمت في تشكيل وعيك الفني؟نشأت في وسط مشبع بالروحانيات وأجواء الذكر الصوفي، فوالدي الشيخ محمد سرميني، رحمه الله، كان منشدا معروفا في سوريا، وكان في الوقت نفسه خريج المدرسة "الخسروية" الشرعية وخطيب مسجد، فضلا عن كونه محبا للطرق الصوفية المنتشرة في حلب مثل الطريقة الرفاعية والقادرية والنقشبندية والرشيدية. كنت أرافق الوالد، رحمه الله، إلى حلقات الذكر وهناك انبهرت بعالم الإنشاد الديني الذي ساهم بشكل كبير في تشكيل رؤيتي للفن والعالم ككل، وهكذا درجت على ارتياد الزوايا الدينية في مدينة حلب، التي تشبه مدينة فاس عندكم في عراقتها، إلى أن حفظت رصيدا مهما من الموشحات وقصائد الإنشاد الديني. وكيف جاء التحاقك بالمعهد الموسيقي؟لم يكن الأمر سهلا بالنسبة إلي خاصة أن والدي كان يرفض الفكرة. التحقت بمعهد حلب للموسيقى، فدرست العود والموشحات وتتلمذت على يد كل من محمد قصاب ونديم الدرويش قبل أن ألتحق بفرقة "عبد الرحمان مدلل" كما اشتغلت مع فؤاد خان طومان، وخلال مرحلة الثمانينات انخرطت في تجربة "رباعي شباب العروبة" مع "رضوان سرميني" و"عبود بشير" و"نهاد نجار"، واستمرت التجربة حوالي خمس سنوات، قبل أن تتفرق السبل بأعضاء الفرقة.وماذا عن تجربتك مع المستشرق الأوربي "جوليان جلال الدين" وفرقة "الكندي"؟جلال الدين هذا عازف ماهر على آلة القانون، كانت تحذوه رغبة في التعامل مع مطربي "حلب، وعن طريق محمد دلال قدري مدير المعهد العربي للموسيقى حدث اللقاء بيننا، فاكتشفت أنه صاحب مجموعة غنائية تدعى "الكندي"، فكان التعاون الفني بيننا الذي أثمر عددا من الأشرطة وجولات في مختلف دول العالم لتقديم الموشحات والقدود الحلبية.وكيف كان لقاؤك فنيا بالمنشد السوري الحاج صبري مدلل؟تلك مرحلة أخرى في مساري الفني، إذ اقترح علي "جوليان" تقديم عمل ثنائي (ديو) مع الحاج صبري مدلل بأسلوب يشبه ما كان سائدا في الصالونات الحلبية القديمة، وكانت أول مناسبة فيها ظهرنا أمام الجمهور بباريس في نشاط فني نظمه معهد العالم العربي، وأحيينا سهرات أخرى بأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل.سبق لك أن سجلت ألبومات غنائية بهدف الدفاع عن صورة العرب لدى الغرب عقب تفجيرات 11 شتنبر. حدثنا عن هذه التجربة؟كانت الفكرة باقتراح من "جوليان"، وتم تنفيذها خلال مشاركتي في تظاهرة "الأيام السورية في ألمانيا"، أما الألبومات فقد سجلت بباريس، ولم يكن الحاج صبري مدلل حاضرا معنا بحكم أنه تقاعد بعد أن أنهكته كثرة الأسفار وتقدم به السن، وخلال الفترة نفسها تلقيت من الحكومة الاسبانية دعوة لتسجيل الموشحات الأندلسية.كيف ترى مستقبل الموشحات والقدود الحلبية، وما هي الإجراءات التي اتخذت للحفاظ عليها في سوريا أو في غيرها؟فعلا هناك مبادرات للحفاظ على هذا التراث الغنائي، وتلقينه للنشء، فعندنا مثلا في سوريا هناك معهد حلب للموسيقى والمعهد العربي للموسيقى تقدم فيه دروس في الموشحات والقدود الحلبية، إضافة إلى أن هناك مجهودا كبيرا لتوثيق هذا الفن بذله الأستاذ صباح فخري، كما أن التجديد في هذا التراث أيضا حاضر دون المساس بجوهره المعتمد بالأساس على آلات التخت الشرقي.زرت المغرب مرات عديدة، ما هي الأشياء التي لفتت انتباهك فيه؟اكتشفت أن للجمهور المغربي طقوسا خاصة في الاستماع وصدقني لا أقول هذا الكلام مجاملة فجمهور المغرب مختلف عن بقية الجماهير العربية في خاصية فريدة وهي أنه لا يعطي الأهمية لأي فنان ، إلا إذا كان يستحق ذلك فعلا، كما أنني معجب بالرصيد الهائل للتراث الغنائي الصوفي الذي يتمتع به المغرب، وسبق لي أن قمت بتجربة لغناء أشياء منه مع العازف نبيل أقبيب والمنشد الشاب سعد التمسماني خلال إحدى دورات مهرجان الموسيقى الروحية بفاس، وأنشدنا القصيدة "البهلولية" بالطريقة المغربية، وهي تسمى عندكم "الفياشية". أجرى الحوار: عزيز المجدوب

عمر سرميني: جمهور المغرب مختلف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تخليد الذكرى الثانية لرحيل عفيفي بالجديدة

الـحـنـونـي يـبـدأ تـدريـب الـرشـاد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات