“للأذن ذاكرة” يحتفي بالجيراري

البرنامج قدم وثائق صوتية نادرة وشهادات في حق الفنان المخضرم اختارت حلقة، يوم السبت الماضي، من البرنامج الإذاعي «للأذن ذاكرة»، الذي يعده ويقدمه الزميل محمد الغيداني، الاحتفاء بالفنان المخضرم عبد النبي الجيراري وتجربته الفنية المتفردة والغنية.البرنامج الإذاعي الذي يبث على أثير الإذاعة الوطنية، عمد إلى النبش في الأرشيف الصوتي لخزانة الإذاعة لاستخراج نوادر صوتية توثق لأهم المحطات في المسار الفني للفنان عبد النبي الجيراري، خاصة أن الأخير يجتاز، في الآونة الأخيرة، ظرفا صحيا صعبا استدعى تدخل الملك محمد السادس لإحاطته بالعناية الطبية.برنامج «للأذن ذاكرة» الذي ينبني في تصوره على استعادة حلقات إذاعية قديمة مستخرجة من الأرشيف، وقع اختياره على وثيقة صوتية، تعود إلى أواسط الثمانينات، ضمن حلقة كان أعدها الإذاعي الراحل محمد أبو الصواب في برنامج بعنوان «أنغام الأمس واليوم». وتضمنت الوثيقة الصوتية عددا من الشهادات في حق الفنان عبد النبي الجيراري منها شهادة للفنان والملحن الراحل أحمد بنموسى، والإذاعي المهدي زريوح وعبد الله العسري والملحن محمد بلخياط إضافة إلى الشاعر العربي بنتركة والملحن عز الدين منتصر.واستعرضت الشهادات محطات هامة في حياة الفنان عبد النبي الجيراري بدءا بمرحلة الطفولة بمدينة الرباط حيث رأى النور سنة 1924، وتشرب الولع بالموسيقى التي تلقى مبادئها على يد الشيخ البارودي ومرسي بركات، كما كان يتردد على المشور السعيد بالعاصمة حيث كان يتابع معزوفات فرقة الخمسة والخمسين التي أسسها الملك الراحل محمد الخامس.ويعد الفنان عبد النبي الجيراري أول مؤسس لجوق موسيقي عصري سنة 1947 وسماه «جوق الاتحاد الفني الرباطي» وكان بمثابة نواة للأجواق العصرية التي ستأتي في ما بعد.وجاءت شهادة الفنان الراحل أحمد بنموسى في هذا السياق مؤكدة قصب سبق عبد النبي الجيراري في تأسيس أول جوق قائلة إن «جوق الاتحاد الرباطي كان يضم فنانين كبارا، كانوا في بداياتهم، مثل الراحل عبد القادر الراشدي وإسماعيل أحمد وعمر العوفير والحبيب الشراف، كما أن الجيراري بدأ التلحين ل»راديو ماروك»، آنذاك، وكان ينظم أربع حفلات في الشهر، كما أنه يعزف على جل الآلات الموسيقية مثل القانون والأكورديون والبيانو والكمان».كما جاء في شهادة لعبد النبي الجيراري نفسه ضمن الوثيقة الصوتية النادرة، قال فيها إن الأعضاء المؤسسين لجوق «الاتحاد الفني الرباطي» ناضلوا بالريشة والوتر ضد الاستعمار، و»كنا مجموعة من الرواد والموسيقيين الذين تجندوا وساهموا في بناء قاعدة فنية، وتأسيس أغنية مغربية فتية، في ظل ظروف عمل قاسية، إذ كان الرقيب الاستعماري يسعى إلى طمس كل نهضة موسيقية فنية لا تريد أن تخدم مصالحه».أما شهادة عبد الله العسري فركزت على علاقة عبد النبي الجيراري بالشعر والكلمة الغنائية، مؤكدا أن الأخير تعامل مع متن شعري جاد، إذ تناول في ألحانه نصوصا لابن زيدون وجميل بثينة وأبي القاسم الشابي وشاعر الحمراء محمد بنبراهيم وإدريس الجاي والمهدي زريوح، وكانت ألحانه، يقول العسري، تمتاز ب»تشخيص الكلمة ورصد انفعالات الكاتب بدقة».واعتبر الملحن محمد بلخياط الفنان عبد الجيراري «مدرسة قائمة بذاتها» مشيرا في الوقت نفسه إلى الدور الفعال الذي قام به برنامج «مواهب» الذي كان يعده الجيراري في إغناء الساحة الغنائية بأجود الأصوات وأحسنها.وفي السياق ذاته علق معد البرنامج محمد الغيداني على تجربة الجيراري اللحنية قائلا إنه «سبق عصره بانفتاحه على تركيبات موسيقية لم تكن مألوفة في الأذن المغربية، غير أنها سرعان ما فرضت نفسها، وأثبت صواب اختياره الفني وسعيه للتحديث والعصرنة» مقدما المثال بالعديد من ألحانه مثل «ابتسم يا غزال» لإسماعيل أحمد و»رفيقتي» لمحمد علي إضافة إلى رائعتي «يا حبيب القلب» و»حسبتك» لعبد الهادي بلخياط و»أنت» لعبد الوهاب الدكالي وكذا أغنية «كان قلبي هاني» للمعطي بنقاسم وغيرها من الروائع.ولم تخل حلقة برنامج «للأذن ذاكرة» من فقرات غنائية، أعادت المستمعين إلى الزمن الذهبي للأغنية المغربية الذي ساهم الجيراري في رسم معالمه، مثل أغنية بصوته بعنوان «حبيتو» أو قطعة «نقلت عيوني هنا وهناك» بصوت الفنانة عزيزة جلال وغيرها. ويشار إلى أن الفنان عبد النبي الجيراري كان وراء اكتشاف العديد من الأسماء الفنية الناجحة عبر برنامجه الشهير «مواهب»، مثل عبد الهادي بلخياط ومحمود الإدريسي وعزيزة جلال ومحمد الغاوي وسميرة بنسعيد ورجاء بلمليح، كما عرف عنه ابتعاده عن الأضواء والشهرة وآخر مرة كرم فيها كانت خلال دورة السنة الماضية لبرنامج «استوديو دوزيم». عزيز المجدوب

الفضائية السورية توقف "فوق السقف"

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ومعارك المغرب الحديث - الأخيرة -

مقالات ذات صلة