دراسة: قضايا النفقة وإهمال الأسرة في التشريع المغربي

عدد كبير من النساء يفضلن عدم رفع قضايا في الموضوع لوجود إجراءات ومساطر معقدة تعرف قضايا النفقة تزايدا مستمرا خلال العقود الثلاثة الأخيرة إسوة بمعضلة إهمال أسرة في الجانب الجنائي، وهذا راجع بالأساس إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بسبب الأزمات المتزايدة التي يعرفها العالم من حولنا. بفعل سوء التسيير وانعدام الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وفشل النظام التربوي في خلق فرص شغل وأجيال صالحة وواعية ومسلحة بثقافة علمية جيدة، وعليه سأتطرق للموضوع في فصل فريد. نجد أن قضايا النفقة لا زالت تسير ببطء شديد أمام المحاكم وفي غالب الأحيان لا تجد لها صدى على مستوى تنفيذ الأحكام وتبقى في الرفوف.فإذا استثنينا التنفيذ في مواجهة بعض الموظفين وأصحاب المهن الحرة المستقرة وقلة من الحرفيين الميسورين والمأجورين المحظوظين، فإنه في المجمل يكون مصير طالب التنفيذ هو اللجوء إلى القضاء الجنائي في إطار متابعة المنفذ عليه بجنحة إهمال الأسرة التي تتراوح عقوبتها في كثير من الأحيان بين شهر واحد وستة أشهر حبسا نافذا.وهناك قلة من المحاكم التي تصدر عقوبات موقوفة التنفيذ عندما يكون المنفذ عليه معسرا في الإنفاق ولا يستطيع الإنفاق على نفسه فبالأحرى الإنفاق على غيره.ولعل الدولة انتبهت إلى كثرة الملفات الخاصة بالنفقة والغير منفذة والتي تضيع معها حقوق المرأة والأطفال وأحيانا حقوق الآباء والأمهات المقعدين عن العمل، ولهذا الغرض أنشأت صندوقا للتكافل الأسري لتعويض هؤلاء المعوزين والمشردين بمنح شهرية ستصرف لهم من ميزانية الدولة بين 1080 و1500 درهم شهريا حسب الحالات.إلا أنه ومع الأسف بعد مرور أزيد من 7 سنوات على تطبيق مدونة الأسرة فإن الحكومة المغربية ما زالت لم تخرج هذا الصندوق التكافل الأسري إلى حيز الوجود، ولم تمنح التعويضات إلى مستحقيها، وكان عليها أن تفعل ذلك لأنه من الأولويات حتى لا يبقى السجن هو الملاذ الوحيد والأوحد لحل هذا النوع من القضايا.وأتمنى أن يرى هذا الصندوق النور قريبا وقبل رحيل هذه الحكومة المطالب بالإعلان عن وفاتها من طرف جل مكونات الشعب المغربي وسيكون ذلك على الأقل واحد من الإيجابيات أمام كثرة السلبيات المسجلة في أعمالها.فكفى من التفكك الأسري، وكفى من النظام التربوي والتعليمي الفاشل، وكفى من الفساد الإداري والسياسي، ولنتحد جميعا من أجل حسن تطبيق القانون والدستور الجديد للمملكة وخاصة مع إحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة تنفيذا للفصل 32 من دستور 01/07/2011.وكل ذلك لأن قضايا النفقة بمحاكم الرباط سلا وحدها وخاصة الأحكام الخاصة بها وصلت بكل من المحكمة الابتدائية بالرباط إلى أكثر من 2500 حكم خلال سنة 2010 وإلى أزيد من 3450 حكما بالمحكمة الابتدائية سلا. وأغلب هذه القضايا وبنسبة تصل إلى 51% من الأحكام تبقى بدون تنفيذ الشيء الذي يترك أن قضايا إهمال الأسرة وصلت إلى أزيد من 501 شكاية بابتدائية سلا خلال موسم 2010 وإلى 450 شكاية بابتدائية الرباط عرض منها على القضاء الجنحي التلبسي بسلا أزيد من 395 قضية صدرت فيها أحكام بالحبس النافذ و305 قضايا بابتدائية الرباط صدرت فيها أحكام نافذة أيضا.وأمام هذا الارتفاع المهول لقضايا النفقة وجنح إهمال أسرة فإن صرف تعويضات صندوق التضامن الأسري أضحت أمرا مستعجلا ينبغي أن يرى النور في أسرع الآجال.علما بأن غالبية المحامين المترافعين في هذا الصنف من الملفات يكون متطوعا وذلك بسبب طابعها الاجتماعي.ولهذه الغاية أيضا فإنه يتعين على وزير العدل التعجيل بإصدار قانون تطبيق المساعدة القضائية وصرف مستحقات المحامين الذين يؤازرون في مثل هذه الملفات، خاصة أن عددا كبيرا من النساء يفضلن عدم رفع قضايا في الموضوع لوجود إجراءات ومساطر معقدة يصعب عليهن مواصلتها ولا يمكنهن الإنفاق على سير ومتابعة مشاكلهن بسبب بعد مقرات المحاكم، ولأنهن أصلا لا يتوفرن على عمل يدر عليهن دخلا شهريا أو أسبوعيا أو يوميا، فيتركن أمرهن لله الذي لا غالب سواه.ولهذا السبب أيضا وجب إخراج صندوق التكافل الأسري إلى حيز الوجود والتطبيق للتخفيف من آلام المعوزين والمعوزات. بقلم: رشيد المساوي (محام بهيأة الرباط)

دراسة: قضايا النفقة وإهمال الأسرة في التشريع المغربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الترحال وتبخيس العمل الحزبي

اضريص يأمر ببحث 300 طلب زواج لأمنيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات