العدالة والتنمية يتحدى الداخلية

أظهر شكوكا مسبقة في إمكانية إجراء انتخابات نزيهة وشفافة لم تنطلق الحملة التشكيكية لحزب العدالة والتنمية في نزاهة الانتخابات المقبلة، في وقت متأخر، أي قبل أيام تحديدا، بل بدأت إرهاصاتها مع تداول الطبقة السياسية والشارع المغربي موضوع الانتخابات السابقة لأوانها، إذ سارعت قيادة العدالة والتنمية إلى التعبير عن موقفها الرافض لإجراء الانتخابات في شهر أكتوبر. وذهبت بعض التأويلات إلى أن خلفيات تحفظ رفاق عبد الإله بنكيران، على إجراء انتخابات سابقة لأوانها، في أكتوبر، سببه تخوفهم من أن تكون لها نتائج عكسية لتطلعاتهم. في وقت لاحق، تزايدت حدة نبرة قيادة الحزب المنتقدة لإجراء الانتخابات في شهر أكتوبر المقبل، وارتفعت بعض الأصوات التي تدافع عن تأجيل موعد الانتخابات إلى شهر مارس المقبل، قصد تمكين الحزب من الإعداد الجيد لها. ومنذ تلك الفترة، أي منذ حوالي شهرين، وقيادة العدالة والتنمية تحذر من مناخ عام لا يساعد على إجراء انتخابات نزيهة، وبدأت معركتها الساخنة، مع دعوتها إلى اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف في التصويت والمراجعة الجذرية للوائح الانتخابية العامة، وإسناد مهمة الإشراف على الانتخابات إلى هيأة مستقلة. وبالموازاة مع انطلاق المشاورات حول النصوص الانتخابية، بين الداخلية من جهة، والهيآت السياسية من جهة أخرى، تكثفت الحملة التشكيكية لحزب العدالة والتنمية في إمكانية إجراء انتخابات نزيهة، وتقوت هذه الحملة، في الفترة الأخيرة، بعد تشكل قطب سياسي من أربعة أحزاب، وإعلان مجموعة من الأحزاب موقفها الرافض للانخراط في تحالف مع العدالة والتنمية. ومع كل يوم يُقربنا من الموعد المحدد للانتخابات، تتزايد حدة نبرة تصريحات قيادة العدالة والتنمية، المنتقدة للأجواء التي تُحضر فيها الانتخابات المقبلة، وكل ذلك باسم الحرص على شفافية وديمقراطية المسار الانتخابي. وفجر عبد الله بوانو، عضو فريق العدالة والتنمية، "قنبلة" أمام الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، حينما اتهم الوزارة بعدم وفائها بالتزاماتها، وتعهداتها بشأن تخليق العملية الانتخابية. وزاد قائلا، وبنبرة حاسمة، إنه لا يشكك، فقط، في نتائج الانتخابات المقبلة، بل يقطع، من الآن، بأنها لن تكون انتخابات نزيهة وفق المعطيات المتوافرة. وبقدر ما يعتبر العديد من الفاعلين والمحللين السياسيين أنه يحق لأي هيأة حزبية أن تعبر عن موقفها بحرية، بقدر ما استنكروا التشكيك القبلي في نزاهة الانتخابات، خاصة أن الدولة اضطلعت، منذ انطلاق المشاورات حول الشأن الانتخابي، بدور بارز، في تحقيق شروط النزاهة والشفافية للاستحقاقات المقبلة، بدءا من النصوص المؤطرة لها التي نصت على معاقبة مفسدي الانتخابات، ومنعت الترحال السياسي، وكانت حريصة على توفير كافة الشروط لإنجاح محطة 25 نونبر.وتشبثت قيادة العدالة والتنمية بموقفها، رغم أنها تعرف جيدا، النبرة الحاسمة التي تحدث بها وزير الداخلية خلال اجتماعه بزعماء وممثلي الأحزاب السياسية، في ما يتعلق بعزم الحكومة الضرب على أيدي الساعين إلى إفساد العملية الانتخابية.وذكرت مصادر حزبية متطابقة لـ"الصباح" في هذا الشأن، أن وزير الداخلية أخبر قيادات الأحزاب بالإرادة القوية للحكومة في التصدي للمفسدين، وفي إقرار قوانين انتخابية تتضمن مقتضيات رادعة لهم.وتشبث حزب العدالة والتنمية بحملته التشكيكية، في الوقت الذي اقتنعت جل الأحزاب بوجود إرادة حقيقية لتخليق العملية الانتخابية، خاصة بعد الإعلان عن تشكيل لجان يترأسها قضاة للإشراف على مراجعة اللوائح الانتخابية العامة، واعتماد البطاقة الوطنية للتصويت. في السياق ذاته، اعتبرت مصادر حزبية متطابقة، أن ارتفاع صوت العدالة والتنمية المنتقد للأجواء الذي ستمر فيها الانتخابات التشريعية المقبلة، يفسر بتخوفات لدى قيادة الحزب من تراجع الحزب في الانتخابات المقبلة، خاصة في ظل العزلة التي يوجد فيها، بعدما أعلنت جل الأحزاب السياسية أنها وضعت خطا أحمر بالنسبة إلى التحالف معه، وهو ما ولد الشعور بالخوف لدى قيادة العدالة والتنمية، من أن يؤدي ذلك إلى نكسة انتخابية للحزب. وما يعزز هذا الموقف أن قيادة العدالة والتنمية كانت من أشد المدافعين عن تأجيل الانتخابات، بسبب تخوفها من الحصول على نتائج عكسية، خاصة في ظل تسابق العديد من الهيآت السياسية نحو تحالفات تهدد العدالة والتنمية بالبقاء خارج حلبة المنافسة على موقع الصدارة في الانتخابات. لكن قيادة العدالة والتنمية تشبثت بموقفها، وترى أن دفاعها عن انتخابات نزيهة وشفافة، وحرصها على تخليق العملية الانتخابية، يندرج ضمن هاجسها بضرورة توفير شروط المنافسة الشريفة المبنية على تكافؤ الفرص بين جميع الهيآت السياسية.في هذا السياق ، انتقد لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الفريق بمجلس النواب، الحملة الموجهة ضد الحزب بسبب المواقف التي عبر عنها بخصوص مجموعة من القضايا ذات الصلة بالشأن الانتخابي.وقال الداودي، في حديث سابق مع "الصباح"، إن الحزب لا يسعى إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات، ولكن له الحق في إبراز مواقفه تجاه النقاشات الدائرة بشأن القوانين الانتخابية، وكذا بشأن مضامين النصوص المؤطرة للانتخابات. وأضاف الداودي، أن من الحماقة أن نطالب بالتصفيق، إن للحزب كامل الحرية في التعبير عن آرائه ومواقفه، حتى وإن كانت لا تسر الداخلية أو أطرافا أخرى. وأوضح أن الحزب لا يمارس المعارضة من أجل المعارضة، بل إنه حريص على ممارسة المعارضة البناءة انطلاقا من الموقع الذي يشغله في المعارضة. وأشار إلى أن الحزب يختلف مع وزارة الداخلية في عدد من الأمور المتعلقة بالانتخابات، لأن النصوص الانتخابية المعروضة للنقاش، وأساسا مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، لا تختلف في جوهرها، ومن حيث المضمون، عن النصوص التي اعتمدت في انتخابات 2007.وتميز موقف حزب العدالة والتنمية، منذ بدء المشاورات حول المسلسل الانتخابي المقبل بتوجيه انتقادات شديدة إلى الطرف الوصي على الانتخابات، خاصة في ما يتعلق بالإشراف على العملية الانتخابية، إذ كان الحزب يدافع عن تخويل حق الإشراف على الانتخابات المقبلة إلى هيأة مستقلة، إلى جانب اعتماد إجراءات تروم تخليق العملية الانتخابية، مثل الضرب على أيدي مفسدي الانتخابات، وتوفير عدد من الشروط الأخرى الكفيلة بضمان انتخابات نزيهة وحرة. جمال بورفيسي

العدالة والتنمية يتحدى الداخلية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فصول صراع الداخلية والعدالة والتنمية

منار: الظرف الحالي لا يسمح لـ"البيجيدي" بفتح جبهات الصراع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

منار: الظرف الحالي لا يسمح لـ"البيجيدي" بفتح جبهات الصراع 