سبت جزولة بآسفي… التهميش والإقصاء

خصاص مهول في المرافق الاجتماعية والترفيهية تقع جماعة جزولة على بعد حوالي 25 كيلومترا جنوب شرق آسفي، وساعد وجودها في محور طرقي مهم، يربط بين الدار البيضاء وأكادير، على لعب أدوار اقتصادية مهمة، غير أن عوامل عديدة، لم ترْق بالمنطقة إلى المستوى المطلوب.فرغم الأدوار التاريخية المهمة التي لعبتها منطقة جزولة، قبل أزيد من خمسة قرون، فإن هذه الجماعة تعاني اليوم إهمالا وتهميشا كبيرين، ساهما في عزلة المدينة التي لا تحمل من مواصفات التمدن سوى الاسم، إذ تحولت إلى منطقة لإنتاج وتفريخ شتى الظواهر السلبية، حتى أن سكانها صاروا يتداولون أن سبب هذه القتامة التي تعانيها "مدينتهم"، سوء طالع يطاردها منذ عقود.تردي البنية التحتيةأول ما تستقبل به المدينة زوارها بحيرة من المياه العادمة، التي تزكم رائحتها الأنوف، وتعجز لحد الآن المجالس المنتخبة عن إنشاء محطة لتصفية المياه العادمة، عوض تركها عرضة للتبخر وتلويث المنطقة.بهذه المدينة تستقبلك جحافل من المتسولين من مختلف الأعمار، دفعتهم الفاقة إلى استجداء الصدقات، إذ تراهم يحاصرون حافلات نقل المسافرين التي تتوقف رغما عنها بهذه المدينة، التي تربط شمال المغرب مع مدينة الرياح، الصويرة. الكلاب الضالة والعربات المجرورة، وفوضى الباعة المتجولين وبحيرة المياه العادمة.. تلك أهم معالم مدينة تكالبت عليها الظروف، نتجية الإحساس بانعدام المسؤولية، وفي ظل غياب تفعيل لمبدأي الرقابة والمحاسبة.لم يفهم سكان هذه المدينة، القادم أغلبهم من الجماعات القروية المجاورة، سبب الإهمال والتهميش الذي تعانيه المنطقة لسنوات طويلة، وكذا عدم التفات المسؤولين إليها، وكأنها مدينة خارج سياق الزمن المغربي.محيي الدين بلمقدم، عضو بالمجلس الحضري لجزولة، لا يجد أدنى حرج في الاعتراف بأن المدينة عاشت وما زالت مشاكل كثيرة لم تستطع المجالس المنتخبة إيجاد حلول لها، لتستمر الفوضى والعبث بمصالح المواطنين، في وقت ترتفع مؤشرات الهشاشة والفقر إلى مستويات كبرى.وقد أصدر، أخيرا، مجموعة من المستشارين الجماعيين تقريرا من عدة صفحات أسموه "الكتاب الأبيض"، يجرد العديد من الخروقات والتجاوزات التي يعرفها تدبير الشأن العام المحلي، في ما يشبه سلخا للذات، لكن سلطات الوصايا لم تحرك ساكنا، واستمرت في تجاهل الأمر وكأنه لا يعنيها.ويشير التقرير إلى خطورة الوضع البيئي، نتجية بحيرة المياه العادمة التي تتجاوز مساحتها كيلومترا مربعا، وتنبعث منها رائحة كريهة تخنق الأنفاس.وإذا كانت المدينة، تعرف استهلاكا كبيرا للحوم الحمراء، فإن المجزرة الوحيدة بالمدينة تعتبر برأي العديد من المتتبعين للشأن المحلي، واحدة من أقبح المجازر بجهة دكالة عبدة، إذ تنعدم فيها أدنى المتطلبات الصحية، "حيث الديدان والأوساخ والكلاب تؤثث فضاء الذبح، فضلا عن انعدام المراقبة البيطرية، وعدم الخضوع لشروط وضوابط الذبح الشيء الذي يجعل المواطن غير مؤمن من أشكال الغش التي تتعرض لها مادة اللحوم قبل الاستهلاك، وما يزيد الطين بلة نقل الذبائح في عربات غير صحية”، يؤكد تقرير أعضاء من المجلس الجماعي.ورغم أن المدينة تعتبر محورا طرقيا مهما يربط بين شمال المملكة وجنوبها، فإن المجلس الحضري عمد إلى إنشاء محطة طرقية، لا تستجيب إلى المواصفات الضرورية، منها التصميم الذي وضع لها، حيث انعدام مكاتب بيع التذاكر ومستودع الأمعتة، وغيرها من المرافق الضرورية، وضيق مساحتها، والموقع غير الملائم الذي تم اتخاذه لبناء هذا المشروع، إذ تشير عدة مصادر إلى أن اختيار الموقع تدخلت فيه عوامل غير موضوعية الأكثر من ذلك، تم تحويل مرافقها إلى دكاكين لبيع اللحوم، حتى أنها أصبحت توحي للزائر بأنها مجزرة، وليست محطة طرقية للنقل، إضافة إلى ما يسببه ضيق مساحتها وموقعها غير المناسب من تلوث بيئي جراء تسرب وقود وسائل النقل التي تتردد عليها وغازاتها، الأمر الذي أصبح يبعث على الاختناق كلما تم الاقتراب منها.بالإضافة إلى ذلك، فالمقاهي الموجودة بالمحطة الطرقية عرفت إضافات غير قانونية، إذ أن أصحابها استولوا على الملك العمومي وأضافوه إلى مقاهيهم، كما بنوا دكاكين لبيع اللحوم.وإذا كان هذا هو حال بعض المرافق العمومية، التي تبعث على الشفقة، فإن الشارع الوحيد بالمدينة، يشهد هو الآخر على "لامبالاة" المسؤولين، إذ تم احتلال أرصفته من طرف أصحاب المحلات التجارية والمقاهي، في ظل صمت مطبق للمجلس الحضري والسلطات المحلية، في حين تشير مصادر من داخل المجلس الحضري إلى أن البعض أصبح يتخذ من حالة الفوضى واللاتنظيم الذي يعيشه الشارع الرئيسي قاعدة انتخابية بامتياز. كما يعرف الشارع ضعفا كبيرا في الإنارة العمومية، وغياب فضاءات للترفيه والمساحات الخضراء، علما أن المجلس الحضري يخصص كل سنة، ضمن ميزانية التسيير والتجهيز، اعتمادا ماليا لشراء الأشجار والأغراس، يجهل سكان جزولة مآلها.كما تعرف المدينة تفشيا كبيرا للبناء العشوائي الذي ينبت كالفطر في ظل عدم تفعيل القوانين الجاري بها العمل، وهو ما يساهم في تشويه مورفولوجية المدينة. في انتظار نتائج لجن التفتيشبجماعة جزولة، حطت الرحال العديد من لجن التفتيش المركزية التابعة للمتفشية العامة لوزارة الداخلية، ودققت في العديد من الصفقات العمومية، منها ما هو مرتبط بالتسيير الإداري ومنها ما هو مرتبط بالتجهيز، وأنجزت تقارير من عدة صفحات، لكن دون أن يتغير الوضع الذي مازال مستمرا على ما هو عليه.كما لم تنفع صرخات أعضاء بالمجالس المتعاقبة، وفعاليات من المجتمع المدني، في وقف حالة العبث الذي تعيشه الجماعة، وكأن لسان حال السلطات يقول "على من تعاود زابورك با دوود"، يعلق أحد المواطنين. محمد العوال (آسفي)

سبت جزولة بآسفي… التهميش والإقصاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عودة النظافة إلى بني ملال بعد تلبية مطالب عمال شركة تكميد

حصيلة المدونة: انخفاض حوادث السير وارتفاع عدد القتلى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات