بانوراما رمضان: أماكن في الذاكرة 4

جزيرة ليلى... استعراض للقوة بين المغرب وإسبانيا ظلت أماكن وفضاءات موشومة في أذهان المغاربة، لأنها أرخت لوقائع أثرت لسنوات في مسار البلاد، ارتبطت بأحداث كان لها تأثير على الأوضاع السياسية والأمنية للبلاد. في الحلقة الأولى نقف عند قصر الصخيرات في يوم الأربعاء 12 يوليوز 2002، اقتحمت القوات الاسبانية المياه الإقليمية المغربية، ودخلت عنوة وعلى حين غرة إلى جزيرة ليلى المغربية، وعمدت إلى طرد الجنود المغاربة منها. كان الأمر أشبه بوميض سرعان ما خفت، لكن الحادث لم يمر بسلام، اندلعت أزمة دبلوماسية خطيرة بين مدريد والرباط، خصوصا أن إسبانيا رفضت الجلاء من الجزيرة التي ظلت غير مأهولة.في الليلة التي سبقت الهجوم الإسباني، نشر المغرب نحو 12 جنديا في جزيرة ليلى لتأمين المنطقة ومراقبة المهربين، خصوصا أن الجزيرة الصخرية المعروفة عند العرب باسم تورة، غير مأهولة وتقع على بعد 200 متر من الساحل المتوسطي للمغرب وبضعة كيلومترات من سبتة المحتلة. مبررات مدريد، وكالعادة، لم تكن مقنعة، خصوصا أنها أكدت أن الجزيرة تتمتع منذ 40 عاما” بوضع قبل به المغرب وإسبانيا يقضى بألا تحتل الحكومة الاسبانية أو الحكومة المغربية الجزيرة” التي تبلغ مساحتها 5.13 هكتار.اسبانيا التي تحركت فجأة، لم تطالب مطلقا بالسيادة “على هذه الجزيرة، معتبرة أنها لا تدخل في إطار اتفاق “الوضع القائم” الموقع بين البلدين في العام 1991. المغرب، وإن أكد وجود اتفاق بينه وبين اسبانيا حول الاحتفاظ بالوضع القائم في ما يتعلق بالمسائل المرتبطة بسبتة ومليلية، المحتلتين من قبل الإسبان، فإنه بالمقابل ظل ينفي أن تكون الجزيرة الصغيرة تدخل ضمن هذا الاتفاق، كما لم تكن أبدا موضع اتفاق، كما لا تظهر على أى خارطة لا في إسبانيا ولا في المغرب أو أي مكان آخر، كما أن المغرب ظل على الدوام يضع تمييزا واضحا جدا بين مسألة سبتة ومليلية وهذه الصخرة الصغيرة التي لا تتعدى مساحتها بضعة هكتارات. جزيرة ليلى، التي تقع في مضيق جبل طارق، ما زالت حتى الآن محط نزاع بين المغرب وإسبانيا، كما هو حال سبتة ومليلية، مع فارق يتمثل في أن الجزيرة كانت حتى سنة 2002، غير معروفة، وكما كان عهد إسبانيا فهي في الغالب تلجأ إلى الوقت بدل الضائع في فرض الأمر الواقع مدعومة بالاتحاد الأوربي الذي وقف بدوره ضد حق المغرب في فرض سيادته على كامل أراضيه، خصوصا حين يتعلق الأمر بجزيرة، وفيما يساند الاتحاد الأوربي مزاعم إسبانيا بالسيادة على الجزيرة تساند جامعة الدول العربية حق المغرب بالسيادة على الجزيرة.إسبانيا التي لا تنظر بعين الاطمئنان إلى المغرب الجار الجنوبي، كان رد فعلها قويا، حين هبطت في الجزيرة، بعدتها وعتادها، وحاصر جيشها الجزيرة برا وجوا وألقى القبض على الجنود المغاربة، قبل تسليمهم إلى السلطات المغربية عبر الحدود عند سبتة في خطوة تأكيدية لسيادة إسبانيا على سبتة وجزيرة ليلى، وفيما استعملت إسبانيا القوة في هذه القضية حاول المغرب عبر الطرق الديبلوماسية إثارة الرأي العام الدولي، في مواجهة التكتل الأوربي وراء إسبانيا ورغبة في تدبير الملف بكثير من المرونة سعى المغرب إلى استمالة حلفائه من قبيل الأمريكيين الذين كان موقفهم محايدا، وغير منحاز لا لهذا الطرف أو ذاك.وفي النهاية، اتفق المغرب وإسبانيا تحت الرعاية الأمريكية على أن تبقى الجزيرة خالية وأن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل دخول الجنود المغاربة إلى الجزيرة في انتظار التوصل إلى اتفاق يمكن أن يكون نهائيا بين الجارين.الصخرة التي يعتبرها الأمريكيون تافهة، أصبحت تساوي الملايين في نظر مافيات تهريب المخدرات الدولية، نظرا إلى موقعها الإستراتيجي، ووضعها السياسي الحالي الذي يمنع الإسبان والمغاربة من الدخول إليها، وبدأت شبكات تهريب المخدرات تراهن عليها كمستودع للمخدرات ونقطة انطلاق لزوارق الزودياك النفاثة، خصوصا بعد الحملات المغربية التي تنفذها السلطات الأمنية على مافيات المخدرات في مدينة الناظور. عبد الله الكوزي

بانوراما رمضان: أماكن في الذاكرة 4

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما رمضان: ذاكرة جامع لفنا 2

بانوراما رمضان: إطلالة على ذاكرة مكناس - الحلقة الثامنة -

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات