صلاة التراويح فقدت بريقها بمسجد السنة بالرباط

إقبال ضعيف مقابل تدفق على المقاهي والساحات العمومية عدد السيارات المركونة على جنبات الطرق المؤدية إلى مسجد السنة بالرباط كبير جدا. المرائب، على قلتها في محيط المسجد، ضاقت بما رحبت. شارع محمد الخامس الذي يؤدي رأسا إلى أكبر مساجد الرباط، خال تقريبا من الحركة. مجموعات شباب ومراهقين يتمشون، أو يجلسون فوق جدران قصيرة يتجاذبون أطراف الحديث، أو يطاردون الفتيات أو يتغزلون بالمارات منهن. العربات المارة من هذا الجزء من شارع محمد الخامس قليلة أو شبه منعدمة.ثغرات صفوف المصلينالجو هذه الليلة حار جدا. جزء كبير من ساحة مسجد السنة تحتله دراجات نارية مركونة في انتظار أوبة أصحابها من حرم المسجد. جزء آخر يشغله شاب في مقتبل العمر نصب به «فراشة» يعرض فوقها الأقراص المدمجة لمقرئي القرآن من أمثال عبد الباسط عبد الصمد، وعبد الرحيم النابلسي، وسعد الغامدي، وعبد الرحمن السديس، وعبد الهادي الكناكري... وأقراص بناء الشخصية وتطوير الذات لإبراهيم الفقي.. وكتيبات حصن المسلم، والشفاء بالحبة السوداء..وقنينات عطر المسك الفواح وأعواد «الأرك»....وبضعة صفوف قصيرة من المصلين.«هذا العام والعام الماضي لاحظت تراجعا في عدد المصلين الذين يؤمون مسجد السنة»، يقول الشاب صاحب «فراشة» الأقراص المدمجة والمسك، وهو الذي اعتاد في كل شهر رمضان أن يقصد باب مسجد السنة طلبا لرزق ورواج يرتفع مع الإقبال الكثيف الذي كان يعرفه هذا المسجد في السنوات التي سلفت.إذا أطللت على بهو المسجد وقاعاته الداخلية الفسيحة تتبدى لك صفوف تعتريها الكثير من الثغرات. ثغرات خلفها مصلون ما أن سلم الإمام حتى هموا بنعالهم و»بلغاتهم» وسجاداتهم وانتشروا في شوارع وأزقة الرباط، ومنهم من استقل سيارته وأطلق لها العنان صوب مقهى حيث الأصدقاء والخلان.«لقد اعتدت أن أجد هذه الساحة أمام المسجد عامرة عن آخرها بالمصلين»، تقول امرأة جلست قبالة باب المسجد الخشبي الضخم تسأل الوافدين على بيت الله الإحسان والصدقات. إلى جوار المرأة تجلس فتاة، يبدو من ملامحها وسحنتها أنها ابنتها، وأمام المرأة عربة بها رضيع يمص رضاعة حليب بلذة ومرح كبيرين غير عابئ بما حوله من أجواء صلاة تراويح لم تعد تستقطب الكثيرين.«لكن الأحوال تغيرت قليلا في السنتين الأخيرتين»، تضيف المرأة في دردشة مع «الصباح»، ثم تستطرد مؤكدة «الكثير من المصلين يغادرون مباشرة بعد انتهاء صلاة العشاء»، تتوقف المرأة لتتطلع بعينين مستجديتين عطف مصل يهم بمغادرة المسجد، تبادره الفتاة الجالسة بجوارها «عاوني أشريف الله يرحم الوالدين في هاذ الشهر المبارك». يتأبط الرجل سجادته ويتطلع إلى الفتاة مقلبا النظر بينها وبين المرأة والرضيع ثم يدس يده اليمنى في جيب سروال «قندريسي» يخرج قبضة يده، يمدها صوب الفتاة، تتلقف ما مدها به، تضعه فوق قطعة قماش في حجرها ويلهج لسانها بدعوات ممتنة وشاكرة تلاحقه حتى يبتعد ويختفي. غير بعيد عن المرأة والفتاة والرضيع، وقف شرطي ينظم حركة المرور في محيط المسجد ومواقف السيارات القريبة منه. جبين الشرطي يتصبب عرقا من كثرة تحركه بين السيارات ومن شدة الحر. «إلى بغيتي تصبر غادي نلقاو ليك بْلُيْصا»، يقول الشرطي مخاطبا أحد الشباب توقف للتو بسيارته. "الله يهدي ما خلق"بين الفينة والأخرى ينسحب مصل أو ثلاثة متأبطين سجاداتهم أو واضعينها فوق أكتافهم بعدما أدوا ما تسير من ركعات صلاة التراويح العشرة. «قلال الناس اللي ما زال كيصليو التراويح»، تقول المرأة الجالسة أمام باب المسجد، ثم تلقي نظرة بداخل بهو المسجد الذي تضاءل عدد المصلين به كثيرا حتى صارت صفوفه المتراصة قطعا متناثرة فوق الزرابي الحمراء، «الله يهدي ما خلق» تضيف وعيناها مازالتا مصوبتين إلى بهو المسجد الآخذ في الشغور رغم أنه لم تنقض من صلاة التراويح سوى أربع ركعات. شارع مولاي الحسن الذي يشكل واحدا من روافد مركز مدينة الرباط من جهتها الغربية بدأت تدب فيه حركية ملحوظة، وشارع محمد الخامس بدوره بدأت وتيرة حركة المرور به ترتفع، المقاهي الواقعة على طرف شارع محمد الخامس القريب من مسجد السنة، والتي كانت عند أذان صلاة العشاء فارغة على عروشها، تبدو من أمام المسجد وقد اكتظت بمرتاديها. آيات الذكر الحكيم مازالت تتواتر من مكبرات الصوت المنصوبة فوق مئذنة المسجد.«حتى بعد مرور ثمانية أيام ما زال إقبال المصلين على صلاة التراويح ضعيفا»، يشرح الشرطي المنهمك في تنظيم حركة المرور في المسالك التي تحيط بالمسجد، حيث يعمل هو وستة آخرون في تنظيم حركة المرور وفي تنظيم ركن السيارات، يمسح بمنديل ورقي قطرات العرق المتصببة فوق جبينه، قبل أن يضيف «ويقدر العدد يتزاد مع الوقت، هادا غير اللول ديال رمضان».«باسم الله، تفضل أستاذ»، يخاطب الشاب صاحب عطور المسك الفواحة أحد المصلين الذي غادر لتوه باحة المسجد مادا إليه يده اليمنى وبها قنينة صغيرة الحجم، يمد المصلي يده يضع الشاب قليلا فوق ظهر يده، ويواصل المصلي تطلعه إلى ما عُرض فوق الفراشة بعد أن «أدى شي بركة» ويقصد بضع ركعات من صلاة التراويح. أعداد المصلين بباحة المسجد وساحته، على قلتها، بدأت تتناقص فيما حركة المرور بشارعي مولاي الحسن ومحمد الخامس بدأت ترتفع، وأعداد الفتيات الكاسيات العاريات والشباب الذين لا يكلون ولا يملون التحرش بهن والتغزل بمفاتنهن التي تخطف الأبصار ومطاردتهن بدورها بدأت تتزايد...فيما مكبرات الصوت فوق مئذنة مسجد السنة مازالت تلفظ مزيدا من آيات بينات. محمد أرحمني

صلاة التراويح فقدت بريقها بمسجد السنة بالرباط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زيادات بنسبة 5.4 في المائة في أسعار الشقق

الرك: تلقيت اتصالات من الرجاء لكنها توقفت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات