“الشباكية”… عالم تتشكل مظاهره في رمضان

فريق "البهجة" يحول العجين إلى حلويات يقبل عليها البيضاويون قبل أن تدق الساعة السادسة صباحا، يستعد «كمال»، (اسم مستعار)، لدخول عالم تحكمه الشباكية وسلو والمخرقة. فصول دستوره لا تتعدى دسترة اقتناء حلويات شهر رمضان، ولا تتجاوز عتبة شراء «ورقة البسطيلة» و"كعب الغزال"، شعاره «الشباكية في رمضان، ورمضان مع شباكية». عالم تغزوه رائحة الزيت ولزاجة العسل، ويكسوه «الزنجلان» و"المسكة الحرة"، هناك يشمر كمال عن ساعديه، ويستعد ليوم شاق يبدأ في الوقت الذي يضع فيه رجليه بمحل صغير بشارع محمد السادس بالبيضاء، يعرف بتقديم الحلويات الرمضانية ذات الجودة العالية، وينتهي في الوقت الذي يقرر صاحبه إغلاق المكان، استعدادا ليوم جديد. مهمة كمال في ذلك المحل، الذي يفتح أبوابه في شعبان ورمضان، وغير ذلك يظل مغلقا طيلة السنة، ينتظر قدوم البهجة، صاحب المحل، ليزرع فيه الحياة وينعشه برائحة «الشباكية»، (مهمته) إعداد العجين، الذي ستتحول في ما بعد إلى أشكال مختلفة من الحلويات، أهمها المخرقة والشباكية المراكشية والعادية. في إناء كبير من البلاستيك، يضع المقادير، ويبدأ في خلطها لتصبح متماسكة، وبعد أن يستريح العجين، على حد قوله، تأتي مرحلة جديدة، تنجز غير بعيد عن مكان المرحلة الأولى، ويتعلق الأمر بدلك ذلك العجين ليصبح على شكل ورقة كبيرة. في هذه المرحلة، ينسحب كمال، ويعود إلى مرحلة العجن، تاركا المهمة لباقي أعضاء «الفريق» المتكون من 8 أشخاص، كل واحد منهم مكلف بمهمة، والمهم، الحصول على حلوى «جملية الشكل ولذيذة».المرحلة الجديدة تتعلق بتقطيع العجين إلى قطع صغيرة باستعمال آلة حادة خاصة بذلك. بطريقة سريعة جدا يمسك شاب في العشرينات من عمره تلك الآلة، وبحركات متوازنة يقطع العجين، وكأنه في حرب معها، يهزمها في الوقت الذي يجعلها قطعا صغيرة لا تقوى على مواجهته. لباسه الذي غطته قطرات من العسل وأخرى من الزيت، يمسح فيه يده من بقايا الدقيق، ليعود من جديد إلى حربه مع العجين. حديثه مع شاب آخر يقف بجانبه، لم يؤثر على عمله، ولا صراخ صاحب المحل، أو حديثه مع الزبائن الذين ينتظرون دورهم لشراء حلويات «البهجة» منذ مدة طويلة، لا شيء يستطيع أن يشتت تركيزه، كل ما يهمه، تقطيع آخر جزء من العجين، لبدء أخرى ثم ثالثة ورابعة، إلى أن يأتي وقت مغادرة المحل.مرحلة أخرى يمر منها العجين، لا يقوى على إنجازها كل العاملين بالمحل، لأنها تتطلب مهارة كبيرة، وتقنيات خاصة، حتى أن جل ربات البيوت لا ينجحن في انجازها، يتعلق الأمر بتشبيك العجين باستعمال الأصابع فقط وبسرعة فائقة. شاب آخر، اختار محل «البهجة» للحلويات الرمضانية، كلف بالمهمة، وأصبح تركيزه منصبا خلال شهر شعبان ورمضان على تشبيك قطع صغيرة من العجين، قبل أن تصل المرحلة الموالية التي تعتبر حاسمة، وفيها يتحول العجين إلى حلوى، وهي قلي الشباكية. في إناء كبير، فقد لونه الأصلي، وأصبح السواد يملؤه، وضعت كميات كبيرة من الزيت، ومن أجل انجاز المرحلة بسرعة، وتقديم الحلوى إلى الزبائن الذين ينتظرون الشباكية «الطرية»، وضع صاحب المحل، إناءين كبيرين، يقف بجانبهما شابان، واحد يضع قطع الشباكية في الإناء، والآخر يقلبها، وهو الشخص ذاته الذي يخلص تلك القطع من حرارة الزيت المفرطة، واضعا إياه في إناء آخر كبيرا مليئا بالعسل، الذي غالبا ما يكون من صنع «البهجة» صاحب المحل. خلال مرحلة وضع تلك القطع في العسل، تصبح «الشباكية» جاهزة للبيع والأكل، ومن أجل تزيينها، يتم وضعها في صحن كبير صانعين منها «هرما»، مع إضافة العسل و»الزنجلان».حلوى أخرى، يشكلها «فريق البهجة» بالعجين ذاته، لا يستغني عنها الكثير من العائلات، سيما المراكشية، وهي «الشباكية المراكشية»، تحضيرها لا يتطلب تشكيل العجين على شكل ورقة كبيرة ولا تقطيعها ولا حتى تشبيكها، لأنه يعتمد على آلة كبيرة توضع بها كريات من العجين لتصير شرائط طويلة يتم تقطيعها وجعلها على «مشبكة». ولان إعدادها لا يتطلب جهدا بالمقارنة مع «الشباكية العادية» فإن ثمنها يكون مناسبا أيضا. إيمان رضيف

“الشباكية”… عالم تتشكل مظاهره في رمضان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

35 مليون زبون في الهاتف المحمول

بانوراما رمضان: نجوم في مواجهة الإشاعة 2

مقالات ذات صلة