وضعية كارثية بالمخيم الجبلي بأجلموس

بنيات تحتية مهترئة منذ الثمانينات وغياب تام لشروط الصحة والسلامة والترفيه على الطريق الرابطة بين ورزازات ومراكش، تقع منطقة أجلموس بقلب جبال الأطلس الكبير، والتي تحتضن مخيما جبليا يستقبل منذ عقود أطفالا يفدون عليه لقضاء عطلتهم وجمع الأنفاس استعدادا لموسم دراسي جديد، لكن أغلبهم يندمون على اليوم الذي أقنعوا فيه أولياء أمورهم بتسجيلهم به ولا يحتفظون بعده إلا بذكريات أليمة. فالمخيم يعيش أوضاعا مزرية منذ عقود، تراكمت خلالها العديد من الاختلالات العميقة التي أزمت وضعيته وجعلته أقرب إلى فضاء سجني تنتهك فيه كل حقوق الطفل، منه لفضاء للترفيه، إذ تدهورت وضعية بنيات المخيم بشكل كبير دون أن تفلح الأصوات التي تعالت منذ عشرات السنين في لفت انتباه المسؤولين إلى هذا الوضع الذي وصفه فرع ورزازات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ب «الكارثي»، مطالبا بإغلاقه فورا والتعجيل بإصلاحه إصلاحا حقيقيا لضمان شروط الصحة والسلامة والأمان الشخصي لمرتاديه، وتجهيزه بكل مستلزمات الترفيه والألعاب والتثقيف العصرية، مع تعبيد الطريق المؤدية إليه وإنارتها.وكانت زيارة قام بها، أخيرا، مسؤولو فرع ورزازات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدعوة من جمعية الأطلس الكبير لحقوق الطفل بورزازات، كافية للكشف عن حجم المعاناة والمأساة بهذا المخيم الذي تحول إلى جحيم حقيقي، إذ يأوي 201 من الأطفال، فضلا عن 49 مؤطرا للجمعية وإدارتها الفرعية، و6 أعضاء من الإدارة المركزية للمخيم التابعة إلى مندوبية وزارة الشبيبة والرياضة بورزازات، متجاوزا بذلك طاقته الاستيعابية المحددة في حوالي 150 طفلا. وضعية المخيم المزرية تعود إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، إذ لم تفلح بعض الترقيعات التي تمت فيه في تحسينها. بنيات تحتية مهترئةالوصول إلى المخيم مغامرة محفوفة بالمخاطر بسبب غياب طريق معبدة، إذ تدهورت وضعية المسلك المؤدي إليه بسبب الانجراف والسيول التي تخترقه، فضلا عن غياب إنارة على طوله. وأدى إهمال المخيم إلى تآكل مرافقه ، فالمراقد بعضها عبارة عن زنازين وبعضها الآخر عبارة عن عنابر مهترئة الأفرشة، ومتقادمة الأسقف والصباغة، وأي عاصفة مطرية في هذه المنطقة الجبلية تزيد الطين بلة. أما المرافق الصحية فتنبعث منها روائح كريهة صعبة التحمل بسبب اختناق قنوات المياه العادمة.ومن أجل إيواء مزيد من الأطفال والطفلات بالمخيم، تم تحويل قاعة أكل إلى مرقد إضافي، بسبب احتلال بعض المراقد من قبل الأطر المركزية وبعض الأطر التربوية التي لم تلتحق بإلإقامات الخاصة بها باعتبارها غير صالحة للإيواء وتسكنها الزنابير، وطلب من الإدارة الفرعية استغلالها لفائدة الأطفال، إذ تم إيواء مجموعة من الأطفال في اليومين الأولين لمرحلة التخييم في قاعة يفترض أنها مسجد، لكن بدون أفرشة. كما تم تحويل أربعة مرائب إلى قاعة أكل رغم هشاشة أسقفها، إلى جانب المسبح ذي السقيف الاصطناعي المؤقت الذي ساهم الطاقم الإداري الفرعي في تركيبه بعد يومين من بداية موسم التخييم.ويشهد المخيم انقطاعات متتالية ومفاجئة للماء والكهرباء دون سابق إعلام، إضافة إلى الأعطاب التقنية الخطيرة التي تصيب شبكة الكهرباء مع غياب محرك كهربائي احتياطي صالح وعدم إصلاح الصنابير.أما وسائل الترفيه فمفقودة، إذ يهيمن البؤس على المكان في غياب وحدة صوتية أو تلفزيون وفضاءات للقراءة والألعاب، أما التزيين فيبقى حسب اجتهادات الجمعيات التي تفتقر للموارد المالية. غياب أدنى شروط الصحة والسلامةتحذق بمرتادي المخيم مختلف الأخطار، فهو منفتح على سكان المنطقة عبر عدة طرق تخترقه لانعدام سور يحميه ويحدده جغرافيا وإداريا وقانونيا، كما أنه يتحول إلى مرتع للكلاب الضالة ليلا، بل الأدهى من ذلك أنه يطل على منحدر طولي خطير باتجاه الطريق الرئيسية يشكل خطرا حقيقيا على حياة الأطفال. وما يزيد من خطورة الأوضاع الصحية بالمخيم غياب أي طبيب أو ممرض أو أدوية أو سيارة إسعاف، إذ يضطر المشرفون على التخييم لنقل المرضى من الأطفال بسياراتهم الخاصة أو سيارة من نوع «بيكوب» إذا توفرت لإيصالهم إلى أقرب مستوصف، يوجد بإغرم نوكدال، أما الأدوية فيتم اقتناؤها من صيدليات ورزازات. صفقة تغذية خارج المساطر وعمال دون حقوق أفاد تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الإدارة الفرعية للمخيم صرحت أن الصفقة الخاصة بالمواد الغذائية غير قانونية، لأنها لم تخضع إلى مساطر قانون الصفقات العمومية، وأسندت بشكل مباشر لأحد الممونين المشهورين في قطاع التعليم بورزازات، ورغم ذلك لم يسجل التقرير أي ملاحظة بشأن معايير جودة المواد المقتناة باستثناء توطين ورشة غسل الأواني بورشة لإصلاح السيارات التي لا تتوفر على قنوات لتصريف للمياه.كما تم تسجيل حرمان عمال المطبخ من حقوقهم، خاصة (ع. و) و (س. ش) المحرومين من كل حقوقهما الإدارية والمالية منذ 14 سنة، ولم يتوصلا بمعية (ص. ج) بمستحقاتهما برسم تخييم السنة الماضية. مطالب بإغلاق المخيم وفتح تحقيق والمحاسبة في ظل هذا الوضع، وإثر زيارة قام بها مسؤولو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بورزازات للمخيم، دعوا إلى الإغلاق الفوري له والعمل على إصلاحه إصلاحا حقيقيا، كما طالبوا بتسوية الحقوق الإدارية والمالية للعمال بمطبخ المخيم، مع فتح تحقيق بشأن المسؤوليات الإدارية والمالية والتنظيمية المتوالية لمندوبي وزارة الشبيبة والرياضة بورزازات، والمشرفين عليهم من الوزراء، على الوضعية المزرية للمخيم منذ 1985 إلى الآن، وترتيب الجزاءات المناسبة بناء عليه لكل واحد منهم، ونشر كل ذلك على العموم... فضلا عن محاسبة مندوبية وزارة الصحة العمومية بورزازات بشأن قرارها السنوي فتح المخيم، وهو على هذه الوضعية حوالي 26 عاما، في وجه الجمعيات والمخيمين من الأطفال. وزارة الشـبيبة تصـم الآذان لم تفلح مراسلات مندوبية الشبيبة والرياضية بورزازات ولا تقاريرها المرفوعة إلى الجهات الوصية منذ تاريخ تسلمها بنايات المخيم سنة 1981 من مندوبية وزارة الطاقة والمعادن، في إطار سياسة خلق مخيم قار لكل إقليم، (لم تفلح) في لفت الانتباه إلى ما آلت إليه الأوضاع، إذ أفاد مسؤولو المندوبية، حسب التقرير ذاته أن لجنة تفتيش تابعة إلى وزارة الشبيبة والرياضة تزور المخيم كل سنة، وعلى أساس تقاريرها تتلقى المندوبية وعودا بالإصلاح دون جدوى، كما أن لجنة إقليمية تابعة إلى مندوبية الصحة العمومية زارت المخيم قبل ولوجه من طرف الأطفال.يذكر أن المخيم يقام سنويا بطلب من الجمعيات، التي عليها تسلم رخصة القبول من الوزارة، إذ تلجه بعد تسليمها كل الوثائق المطلوبة للإدارة المركزية للمخيم. وحسب إفادات الجمعيات، فإن موقع المخيم وسط منطقة جبلية جذابة من جبال الأطلس الكبير يؤهله ليتحول في حالة الاعتناء به وإعادة هيكلته إلى مخيم دولي يمكنه استقبال أزيد من 1000 طفل، فضلا عن إمكانية تحويله إلى مخيم للعائلات.وفي انتظار التفاتة المسؤولين بوزارة الشبيبة والرياضة ونفض الغبار عن التقارير التي يتوصلون بها منذ الثمانينات حول المخيم، تستمر معاناة الطفولة ويستمر انتهاك حقوقها. محمد الغازي (ورزازات)

وضعية كارثية بالمخيم الجبلي بأجلموس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعية ببني وليد تطلق مشروعا نموذجيا لتربية النحل

لجنة وطنية تطالب بإطلاق سراح معتقلي أحداث بوعرفة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات