المشاكل النفسية وراء قتل الآباء أبناءهم

شكري: لا يمكن للآباء الأسوياء قتل فلذات أكبادهم يتحدث عبد الجبار شكري أستاذ باحث في علم النفس والاجتماع، في هذا الحوار، عن الأسباب النفسية التي تدفع الآباء إلى قتل أبنائهم. وأوضح في حديثه مع «الصباح» أن تلك الجرائم تختلف من حالة إلى أخرى، مؤكدا أن كثيرا منهم عند استعادتهم وعيهم، يفضلون الانتحار للهرب من الواقع. ما هي الدوافع التي تدفع الآباء إلى قتل أبنائهم؟إن قتل الأبناء ظاهرة اجتماعية قديمة قدم المجتمعات البشرية، لها مرجعيات متعددة، إما أنها تدخل ضمن تقديم القرابين للإله أو تدخل ضمن وأد البنات في القبائل العربية قديما خوفا من العار، لكن الملاحظ حاليا أن هذه الظاهرة بدأت تتفشى نسبتها في المجتمع المغربي بشكل ملحوظ تحت ترسانة القوانين وبنود حقوق الإنسان، ومن هنا فإن هذه الجريمة انحراف عن القيم الإنسانية، والنظام الاجتماعي القائم، والقوانين الوضعية السائدة في المجتمع. من هنا أرى أن قتل الأبناء هو في الأصل خلل نفسي واجتماعي، ولهذا تبدو هذه الظاهرة مرضية وشاذة وتخرج عن إطار القوانين الوضعية والتشريع الإسلامي ومن هنا نجد أن هناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية تدفع بعض المغاربة إلى قتل أبنائهم. قلت إن هناك أسبابا نفسية لارتكاب الجرائم في حق الأبناء، ما هي تلك الأسباب؟في ما يتعلق بالأسباب النفسية نجد ما يلي، أولا الأمراض النفسية التي تصيب الآباء هي التي تدفعهم إلى قتل أبنائهم دون الوعي بعملية القتل نفسها، فمرتكبها سواء كان امرأة أو رجلا مختل نفسيا، فلا يمكن لشخص سليم من الناحية النفسية أن يرتكب جريمة القتل ضد الأبناء، لأن عاطفة الأبوة تمنع أي ضرر من المحتمل أن يضر بالأبناء، وهذا الاختلال النفسي يظهر عند هؤلاء في ما يسمي في علم النفس المرضي التبلد العاطفي، الذي تكون وراءه الكثير من الأسباب النفسية، والذي يجعلهم لا يحسون بأي عاطفة إنسانية نبيلة تجاه الأقارب الأصول، فيقدمون على قتلهم لتحقيق أطماع مادية. ثانيا مرتكب جريمة قتل الأصول يكون مصابا بازدواج الشخصية، إذ له شخصية عادية وهي الأصل وشخصية مرضية يرتكب بها جريمة قتل الأصول، إلى درجة أنه لا يعي جريمته التي ارتكبها في حق الأصول.ثالثا أن الشخص الذي يرتكب جريمة القتل يكون مصابا بالوسواس القهري الذي يكون موضوعه صورة سيئة بشعة للأصول تستبيح عند القاتل قتل أبنائه.رابعا أن من أسباب قتل الأبناء وجود هلاوس سمعية أو بصرية تصور قساوة الشريك وتهديده للشخص، فيكون دافع القتل هو الانتقام من الشريك وحماية الأنا.خامسا نجد أن قاتل الأبناء، هو أصلا شخص مشحون بالحقد والعداء للآخرين نتيجة الرغبات العدوانية المكبوتة لديه، والتي ولدها لديه العنف المادي والمعنوي الذي مورس عليه من طرف أسرته، فيسقط كل ساديته العدوانية على ضحيته من أجل الانتقام منه، ومن خلاله من ماضيه في شخص الأبناء، من أجل إشباع رغبات عدوانية مكبوتة.سادسا إن المجرم قاتل الأبناء شخص معوق نفسيا بسبب العاهة النفسية التي اكتسبها من جراء الحرمان العاطفي الذي عاشه في طفولته ونتيجة القسوة والإقصاء والنبذ الذي تعرض لهما، فهو لا يعرف معنى الحنان والإشفاق على الآخرين، وبالتالي فهو لم يشعر بأدنى ذنب أو تأنيب ضمير أو مسؤولية أثناء ارتكاب جريمة القتل، وهذا ما يحدث غالبا في جرائم قتل الأبناء.سابعا إن الإدمان على المخدرات وتناول جرعة مفرطة يؤدي بالشخص إلى فقدان وعيه فيقبل على قتل أبنائه دون أن يعي بذلكثامنا إن المشاكل الزوجية الكثيرة تؤدي إلى تراكم الحقد عند أحد الشريكين تجعله ينتقم من شريكه بواسطة قتل أبنائه.كما أن هناك أسبابا أخرى لا علاقة لها بما هو نفسي، ويتعلق الأمر بالعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج التي تؤدي إلى الحمل يدفع الأبوين إلى قتل جنينهما قبل أن يولد نتيجة نظام القيم الذي يدين هذا النوع من الحمل، ثم الفقر الذي يدفع الوالدين في حالة اليأس المطلق والاكتئاب إلى قتل أبنائهما. هل ممكن أن يكون الإفراط في حب الأطفال والخوف عليهم، أحد الدوافع النفسية لارتكاب الجريمة؟لا يمكن للإفراط في حب الأطفال والخوف عليهم أن يؤدي إلى قتلهم، لأن حب الأطفال يحكمه منطق الحفاظ والحماية للأبناء من كل اعتداء داخلي أو خارجي، لا يجتمع الحب والقتل إلا في حالة اختلال نفسي لشخصية الآباء، وإصابتهم بمرض نفسي. < في حالة إذا لم يكن الآباء يعانون أمراض نفسية دفعتهم إلى ارتكاب الجريمة، هل يعانونها بعد ذلك؟< لا يمكن للآباء الذين يقتلون أبناءهم أن يكونوا أسويا، فالأمراض النفسية هي التي تدفعهم إلى القتل وبعد القتل تزداد حالتهم سوءا، إلى درجة يفقدون معها عقولهم ويصابون بالحمق. غالبا ما يحاول مرتكب الجريمة الانتحار، لماذا؟غالبا ما يحاول أحد الوالدين الذي قتل أبناءه الانتحار بعد ذلك لأنه في لحظة ارتكاب جريمته لا يكون واعيا بما يفعل، فبعد أن يرتكب جريمته يهدأ ويرجع إليه وعيه يكتشف هول ما فعل فلا يقبل بالأمر الواقع ويصاب بالانهيار العصبي فيفضل الانتحار ليهرب من ألمه ومعاناته وحسرته على قتل أبنائه. أجرت الحوار: إيمان رضيف

المشاكل النفسية وراء قتل الآباء أبناءهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأزهر: الاختراق الثقافي ساهم في تفشي قتل الأبناء

أياد "رحيمة" تنزع الروح من فلذات أكبادها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات