الأزهر: الاختراق الثقافي ساهم في تفشي قتل الأبناء

المخدرات والكحول والأمراض النفسية كالفصام والسيكوباتية تساهم في تفشي هذا النوع من الجرائم اعتبر أحمد الأزهر، أستاذ جامعي بكلية الحقوق بالمحمدية، أن استفحال تعاطي المسكرات والمخدرات واهتزاز القيم الاجتماعية وضعف الوازع الديني والأخلاقي عوامل ساهمت في انتشار ظاهرة قتل الآباء لأبنائهم، أو ما يسمى في لغة القانون قتل الفروع.وقال الأزهر، في تصريح لـ»الصباح»، إن جريمة قتل الآباء لأبنائهم أو العكس بالمغرب ليست بالحدة التي هي عليها في دول أخرى من العالم، مستدركا بالقول إن المغرب، في السنوات الأخيرة، «بدأ يعرف بعض الحالات هنا وهناك».وأضاف أن التغيير الاجتماعي أدى إلى «اهتزاز القيم الاجتماعية، فضلا عن التصدع المعنوي الذي يؤدي بالأساس إلى شرخ في العلاقة بين الآباء والأبناء»، مشيرا إلى ما عرفه المغرب، أخيرا، من جرائم تدخل في هذا الإطار حيث «شاهدنا حالات غريبة قد يجهز فيها الأب على جميع أفراد أسرته وينهي المأساة بالانتحار».وأكد الأزهر أن هذه الظاهرة موجودة منذ زمن في المجتمعات الغربية، إذ «يقوم رب الأسرة بذلك رأفة ورحمة بأسرته، خصوصا إذا دامت البطالة وانحسرت موارد العيش»، معبرا أن النزعة المادية المحضة التي تسود بهذه المجتمعات فضلا عن ضعف الوازع الديني واندثار ثقافة التضامن العائلي «تولد رغبة جامحة في تخليص الجميع».وأبرز أن ظهور بوادر هذه الظاهرة في المجتمع المغربي يظهر مدى «الاختراق الثقافي لهذا المجتمع وهو ما أدى إلى تغيير المنظومة القيمية لدى الإنسان المغربي بما فيه قتل الآباء لأبنائهم».وعرج الأزهر على حادثة فاس، التي أجهز فيها أب على ابنيه، قائلا إن هذه الجريمة «نتيجة هذه العوامل»، داعيا إلى ضرورة النظر إلى كل حالة على حدة ودراستها بدقة «خصوصا العوامل النفسية وحالة الفاعل أثناء ارتكاب فعل القتل»، وكذلك حالته وما إذا كان في حالة سكر، أو يتعاطى المخدرات، خصوصا المهيجة منها.وشدد على أن الغضب أحيانا أو «الرغبة الجامحة في الإجهاز على الأبناء تتجاوز الروافد الثقافية وحتى الدينية»، معتبرا أن الأمر لا يتعلق بدين أو ثقافة ما، موضحا أن الروافد الثقافية قد تكون هي السبب وراء ارتكاب هذا النوع من الجرائم، خاصة عندما يتعلق الأمر بفعل يرى فيه مرتكب الجريمة جلبا للعار.وجوابا على ما إذا كان الوازع الديني أو الثقافة الدينية يشكلان حاجزا أمام تفشي الظاهرة قال الأزهر إن «الوازع الديني يشكل الكابح أمام انتشار هذه الظاهرة»، لافتا إلى أنها، بالمغرب، لم تصل مستوى مقلق نظرا لتجذر هذا الوازع لدى أغلب أفراد المجتمع المغربي.ودعا إلى ضرورة الرجوع إلى ركيزة الثقافة الدينية، خاصة عبر قنوات التعليم والإعلام، منتقدا في الآن نفسه أداء وسائل الإعلام السمعية البصرية التي قال إن «برامج التربية الدينية للصغار والكبار تنعدم لديها»، مؤكدا أن التنشئة الاجتماعية تشكل عنصرا مؤثرا وموجها لشخصية الفرد وأنها «تساعد على غرس بذور الود والاحترام داخل الأسرة». وفي سياق متصل، أوضح الأزهر أن ظاهرة قتل الآباء لأبنائهم تسجل عدة اختلافات بين العالم القروي والمدينة، قائلا إن الأخيرة تعيش عدة مظاهر للتصدع حيث تطغى بها مجموعة من الفوارق كوجود الثري والفقير، والصانع والتاجر، والأحياء الراقية والأحياء الهامشية، والقصور ومدن القصدير، فضلا عن العمل ليلا ونهارا، الإنهاك في الشغل، وهذا على خلاف القرية التي، يقول الأزهر، تسودها ثقافة التآزر والتعاون، ضاربا لذلك مثالا بـ»التويزة».وهذا ما دفع الأستاذ الأزهر إلى تأكيد أن «المدينة تعيش صراعات مستمرة وعلى مدار فصول السنة وحسب طبيعة هذه الفصول وأثرها اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا»، وأشار إلى أن هذه العوامل متضافرة تؤدي إلى «استفحال الجرائم بصفة عامة بما في ذلك جرائم الأصول والفروع». ويرى الأزهر أن نسب جرائم قتل الأصول بالقرية، التي تنتشر بها الثقافة التقليدية، محدودة مقارنة بما هو عليه الحال بالمدن، إلا أنه استدرك بالقول إن جرائم الشرف بالعالم القروي مستشرية بقوة، إذ قد تُرتكب جريمة قتل في حق أصل أو فرع بسبب «فعل» يجلب العار.وحذر من قلة اهتمام الآباء برعاية أبنائهم قائلا إن التصدع المعنوي الذي قد يطبع العلاقة بين الطرفين ينجم عن غياب أو قلة الاهتمام، وضرب لذلك مثلا برجل الأعمال، الذي هو في الآن نفسه الأب، دائم الأسفار والذي نادرا ما يلتقي بأبنائه، معتبرا أن هذا الوضع يقلل من درجة المودة بين الطرفين، إذ يعيشان كالأغراب عن بعضهما، وأي نزاع ينشب بينهما يتأجج بسرعة و»يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».وشدد على أن المنظومة الجنائية المغربية لا تتساهل مع هذا النوع من الجرائم (الفصل 396 من القانون الجنائي يعاقب بالإعدام مرتكب جريمة قتل الأصول، كما أن العقوبة في هذه الجرائم تقترن بظروف التشديد)، موضحا أن هذا النوع من الجرائم غير مستفحل بالحدة التي تستدعي القلق، ودعا إلى ضرورة استئصالها في بداياتها. وأشار إلى أن جل الجرائم ثبت أن اقترافها كان تحت تأثير الكحول أو المخدرات. وأوصى الأزهر بأن خطوات محاربة هذه النوع من الجرائم تنطلق من محاربة الكحول والمخدرات، ودعا إلى مراجعة المنظومة التربوية، وتوظيف مساعدين اجتماعيين لمرافقة العائلات الأكثر هشاشة والتي تعيش صراعات ويعاني بعض أفرادها الإدمان على نوع من المخدرات، وإنشاء مراكز ومركبات ثقافية وتربوية للشباب والأطفال والكهول والشيوخ، معتبرا أن جميع الفئات العمرية معنية بهذه الظاهرة. محمد أرحمني

الأزهر: الاختراق الثقافي ساهم في تفشي قتل الأبناء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزمزمي: الإسلام حرم القصاص من قاتل ابنه

المشاكل النفسية وراء قتل الآباء أبناءهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات