بانوراما رمضان: طرائف محاكمات عسكرية 3

ضابط اتهم بمغادرة ثكنته بدون إذن دفاعه تقدم بطلب خبرة على أساس أنه يعاني اضطرابات نفسية وقضى ثلاثة أشهر في المستشفى العسكري تعرض على هيأة المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية ملفات جنود وضباط ومدنيين يتابعون بقانون العدل العسكري، وأغلبهم يدانون بعقوبات سالبة للحرية، ولا يمتعون بحق استئناف الأحكام الصادرة في حقهم، وفي الغالب يؤيدها المجلس الأعلى بالرباط. في هذه الحلقات نعرض للجانب المتعلق بالطرافة في القضايا التي تعرض على المحكمة العسكرية، بدءا بطبيعة التهم التي توجه إلى الأظناء ومرافعات هيأة الدفاع العسكري والمدني وتصريحات المتهمين لدى مثولهم أمام هيأة الحكم، وانتهاء بإصدار الأحكام في حقهم وإيداعهم في الجناح العسكري بسجن سلا لقضاء العقوبة الحبسية... نعرض في هذه الحلقات اثنتي عشرة قضية عرضت على العدل العسكري، وصدرت في حق جميع المتهمين عقوبات سالبة للحرية... رغم أن دفاع بعضهم أدلى خلال جلسات المحاكمة بأدلة تثبت براءتهم... من بين الملفات التي عرضت على المحكمة العسكرية وغلب عليها طابع الطرافة ملف ضابط اتهم بمغادرة الثكنة التي يعمل فيها بدون إذن ومخالفة ضوابط عسكرية.وبحكم أن المحكمة العسكرية، تروم في جميع الملفات التي تعرضها عليها، قبل البت في جوهر الدعوى العمومية، استصدار الأوامر التمهيدية التي تعتبر كأهم إجراءات التحقيق لملامسة كنه الفعل الجرمي، حتى يتسنى النطق بحكم يستجيب ومبادئ المحاكمة العادلة.وبخلاف القضاء العادي الذي يعطي لدفاع المتهم الاختيار بين المؤسسات الطبية التابعة للمرفق العام، لانتدابها من أجل إجراء خبرة على الظنين لتحديد مسؤوليته من عدمها، فإن الأمر يختلف أمام المحكمة العسكرية الدائمة، إذ أن هذه الأخيرة تقوم حصرا بتعيين المستشفى العسكري التدريبي محمد الخامس للقيام بمختلف الخبرات الصادرة بناء على حكم تمهيدي.وعرض الضابط على الخبرة الطبية بالمستشفى العسكري للتأكد مما إذا كان يعاني اضطرابا نفسيا كان وراء مغادرته الثكنة العسكرية، وصدر التقرير بتاريخ 26/06/2009 عن رئيس قسم الأمراض النفسية والعقلية ضمن ملف 1247/1052/09 الغرفة الأولى أحكام بالمحكمة العسكرية، وجاء فيه "أن الظنين لا يعاني أي اضطراب نفسي قد يعفيه من المسؤولية الجنائية".وبحسب دفاع الضابط، فإن المستشفى العسكري هو جهاز عسكري، وبالتالي يستعصي عليه الخروج عن توجه المؤسسة العسكرية، وأن بعض الوقائع مضمنة في التقرير غير صحيحة نخص منها عدد إخوة الظنين، وكذا المدة التي كان نزيلا بها بالمستشفى العسكري بالقسم نفسه قبل صدور الأمر التمهيدي.والمثير في هذا الملف، حسب دفاع الظنين، أن الطبيب الكولونيل ماجور قد تناسى أنه طبيب وليس بمؤسسة قضائية، ذلك انه عوض أن يتطرق في معرض تقريره وهو يكشف عنه، إلى التنصيص على كلمة المريض تحدث عنه على أساس أنه الظنين (L’inculpé). ووفق المحامي نفسه، فإنه عوض أن يرتكز التقرير على تشخيص حالة المريض النفسية، خلال وقبل فراره من الجندية، فقد ارتكز على تشخيص حالته خلال الكشف عليه. وبالتالي، فإن أسلوب التقرير يدور في فلك الحاضر وليس الماضي، مما يكون معه التقرير معيب وغير قانوني.وأكد دفاع الضابط أن خلاصة التقرير تتعارض والمعطيات الواقعية المضمنة به. ذلك أن الظنين كان يعاني سابقا قبيل مغادرته ثكنته، اضطربات نفسية. وقد أشرف القسم نفسه على إخضاعه للفحوصات بعدما وافق رئيسه على دخوله ومكوثه بالمستشفى لمدة فاقت ثلاثة أشهر. فكيف له، بعدما تم انتدابه من طرف المحكمة أن يشهد بمسؤوليته وأنه لا يعاني أي اضطراب نفسي.وقال دفاع الضابط أمام المحكمة "لما كان الظنين لا يعاني أي اضطراب نفسي قد يعفيه من المسؤولية الجنائية حسب منطوق التقرير، فلماذا إذن أقدم رئيس القسم نفسه على الموافقة على مكوثه بالمستشفى لمدة ثلاثة أشهر تقريبا؟ ومن هنا يمكن أن نستنتج معطيين أساسيين: أولا: أن "زكرياء" كان مريضا فعلا، وأن التقرير المنجز بناء على أمر تمهيدي جاء مخالفا للواقع بفعل تأثر منجزه بتعليمات الإدارة.ثانيا: إما أن يكون "زكرياء" لا يعاني أي مرض نفسي، وبالتالي فإن قرار الموافقة على مكوثه بالمستشفى لمدة ثلاثة أشهر، هو إجراء معيب بل وتعسفي. فكيف نستسيغ فكرة إدخال شخص للمستشفى لمدة من الزمن ثم نتراجع في ما بعد لنصرح أنه سوي ولا يعاني أي مرض. فالقسم الذي أخضعه للعلاج والفحوصات لثلاثة أشهر ثم تراجع بعد ذلك ليصرح في تقرير رسمي أنه لا يعاني اضطربات نفسية، يكون قد حرم المؤسسة العسكرية من خدمات ضابط خلال هذه المدة، وفي هذا الباب ألا يمكن الحديث عن المطالبة بتعويض سواء للشخص الذي حرم مؤقتا من حريته بعد حقنه على مضض بمجموعة من المضادات الحيوية، أو للدولة بحرمانها من الاستفادة من خدمات ضابط؟ ألا يمكن الحديث أيضا عن مسؤولية رئيس القسم تجاه الدولة وتجاه الضابط؟". رضوان حفياني

بانوراما رمضان: طرائف محاكمات عسكرية 3

ضابط اتهم بمغادرة ثكنته بدون إذن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضابط اتهم بمغادرة ثكنته بدون إذن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما رمضان: تفجير أركانة...التفاصيل الكاملة لما وقع - الحلقة الواحدة والعشرون -

بانوراما رمضان: المدن في رمضان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات