بانوراما رمضان: رائد الأغنية الأمازيغية 13

عائلة بلعيد لم تستدع إلى دورات "جائزة الرايس الحاج بلعيد للموسيقى" يعتبر الفنان الرايس الحاج بلعيد من شعراء ورواد الأغنية الأمازيغية دون منازع، وينسب إليه تأسيسها، واعتبره البعض أباها الروحي وقيدومها، فهو شاعر ومبدع وموسيقي كبير وأحد الرموز التاريخية للمشهد الثقافي والغنائي والفني الأمازيغي عامة، والسوسي خاصة. كما اعتبره البعض الآخر فلتة من فلتات التاريخ، ربما لن يجود الزمان بمثلها ثانية، فهو فريد وغير قابل للتقليد، ما زالت مقطوعاته تتداول من جيل إلى آخر داخل الوطن وخارجه، خاصة بأوربا، إذ ما زلنا نرى في كثير من منازل أهل سوس صورة الحاج بلعيد بجانب صورة محمد الخامس تزين جدران بيوتهم. أثناء تحضير الحلقات الاثنتي عشرة السابقة، أجمع كل المهتمين والباحثين الغيورين على الفن الأمازيغي عامة وموروث الحاج بلعيد خاصة الذين التقينا بهم على أن قصائد الفنان الحاج بلعيد أصبحت "وسيلة للربح السريع ولتحقيق مآرب شخصية وللحصول على ملايين السنتيمات من هنا وهناك"، كل حسب طريقته، وهؤلاء، حسب أحد أحفاده، منهم صحافيون وإعلاميون وفنانون ورؤساء جمعيات ومديرو المهرجانات. وهكذا يُستغل تراث وتاريخ الفنان الراحل الحاج بلعيد لبلوغ أهداف شخصية ضيقة، في الوقت الذي يعيش أبناؤه وأحفاده في وضعية اجتماعية لا يُحسد عليها، إلى حد أن الوارث الشرعي للحاج بلعيد، ابنه محمد الذي ما زال على قيد الحياة يرفض التعامل مع أي كان ولا يستجيب لأي دعوة من أي جهة كانت.كما اشطاط العديد من المقربين غضبا من الفرع الجهوي لنقابة المهن الموسيقية التي تنظم جائزة الحاج بلعيد منذ ثماني سنوات، مؤكدين أن المستفيد الوحيد من هذه الجائزة هم الأجانب عن أسرة الحاج بلعيد من فنانين آخرين ومنظمين، أما أبناء الحاج بلعيد وأحفاده، نادرا ما تصلهم بعض الفتات. وبهذا الخصوص، أكد لنا الباحث عبد الحميد أضحان، رئيس جمعية إسمون للأعمال الاجتماعية والثقافية والمحافظة على التراث بتيزنيت أن "بعض الناس يستغلون اسم الحاج بلعيد وتراثه لابتزاز مجموعة من المؤسسات العمومية والخاصة لجمع الأموال ويضيعونها في الأكل والشرب في الفنادق ويوزعون الباقي في ما بينهم، فيما أبناء وأحفاد الحاج بلعيد يعيشون في وضعية مزرية، اللهم تكريم لا يسمن ولا يغني من جوع، وأقترح أن تسلم هذه الأموال لأسرة الحاج بلعيد". أما الفنان الشاعر والباحث الأمازيغي محمد خزان، فقد صرح لنا أن الفنان الحاج بلعيد تنبأ بما سيحدث لشعره من سرقة واستغلال وهو ما زال على قيد الحياة، إذ قال "إِمِيكرْ أَتيﮕان ديان إِسلان إواوال إناتن * لمثل نتدلاحت إحت إشا يان إسُّوم أمان نس * ياسيد نتان لغشيم إفركس أراس إتالس). وأضاف وخزان أن أسرة الحاج بلعيد لم تستفد شيئا من هذه التكريمات، باستثناء مبلغ مالي جد زهيد سُلم لها السنة الماضية أثناء تنظيم جائزة الحاج بلعيد بتيزنيت، "إن القيمين على تنظيم هذه الجائزة يجمعون أموالا كبيرة ويسترزقون بتراث وتاريخ الحاج بلعيد، في حين أن أسرة المرحوم بلعيد نادرا ما يصلها شيء، وفي المقابل يتم استقدام فنانين خارج المدينة ويتم تكريمهم باسم الحاج بلعيد مع تهميش فنانين معروفين بتيزنيت ما زالوا على قيد الحياة، أمثال الفنان الكبير الحسن إدلمقدم المعروف وسط الروايس بالحسن أوتزنيت، أحد تلامذة الفنان الرايس أساسبو، هذا الفنان الذي يصارع الأمراض بمفرده في ظل تهميش المسؤولين من السلطة ومنتخبين داخل المجلس البلدي لتيزنيت، رغم نداءاتي للجنة الثقافية بالبلدية للعناية بهذا الفنان، وللأسف يردون علي بأن هذا الشخص ليس فنانا بل حلايقيا".ورغم محاولاتي المتكررة للاتصال بالوارث الشرعي لفن الحاج بلعيد، ابنه محمد الحاج بلعيد، إلا أنني لم أنجح في ذلك، إذ بلغني من أبنائه أنه اتخذ قرارا منذ عدة سنوات بعدم استقبال أي صحافي أو باحث أو ممثل الوسائل الإعلام السمعية أو البصرية ولا أي مسؤول، وكان رفض الحضور في دورات جائزة الحاج بلعيد التي ينظمها الفرع الجهوي لنقابة المهن الموسيقية رغم عدة محاولات من أقرب الناس إليه. وبهذا الخصوص، يقول أعز الناس إليه، الفنان والشاعر محمد وخزان أن "محمد الحاج بلعيد يرفض الحديث لوسائل الإعلام بحكم أنه لا يفرق بين الصحافي والباحث ورجل سلطة، بالنسبة إليه لا فرق، وقد اتخذ هذا الموقف بعد أن وعده رجال سلطة سابقين بمنحه رخصة سياقة (لاﮔريما) وحضَّر جميع الوثائق المطلوبة، وفي الأخير لم يستفد من أي شيء". أما إبراهيم أكزال، الشاعر والباحث في الثقافة والتراث الأمازيغي، قال إن على المسؤولين من رجال سلطة ومنتخبين ومهتمين بالفن الأمازيغي إعطاء العناية لأبناء الحاج بلعيد، محمد وفاطمة وإجو وأحفاده بتمكينهم من التغطية الصحية وكافة الامتيازات الأخرى التي يستفيد منها أبناء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، لأن الحاج بلعيد يعتبر رمزا للأغنية المغربية عامة وليس الأمازيغية فقط، بالإضافة إلى أنه عالم وفقيه وسياسي ومجاهد بكلماته". كما طالب إبراهيم أكزال من المشرفين على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بجمع التراث الفني للفنان الحاج بلعيد الذي يتضمن جميع قصائده التي تزيد عن 70 قصيدة وطبع هذا التراث في كتاب يخصص ريعه لأسرة الحاج بلعيد وأحفاده، "ولما لا يفكر المجلس الجماعي لوجان والمجلس الإقليمي لتيزنيت والجمعيات المهتمة بتنسيق مع مؤسسة الحاج بلعيد للتراث بتحويل منزل الحاج بلعيد بأنو ن عدو إلى معلمة ثقافية وطنية في شكل متحف يحوي ما تبقى من تراث الحاج بلعيد من وسائل موسيقية من رباب ولوطار وناقوس وقصائده التي حررها الحاج بلعيد بيده، كي تنضاف هذه المعلمة إلى معهد الحاج بلعيد للموسيقى بتيزنيت".يذكر أن الفرع الجهوي لنقابة المهن الموسيقية ينظم سنويا جائزة للفنان الحاج بلعيد في شكل أنشطة مختلفة من سهرات وندوات فكرية حول الشعر والفن الأمازيغي، حيث يختار الفرع كل سنة فنانا أو فنانة تسلم له هذه الجائزة القيمة، إذ مُنحت جائزة الحاج بلعيد للموسيقى في دورتها الخامسة لمجموعة إزنزارن أما الجائزة في الدورة الثامنة فتسلمها الرايس لحسن بلمودن. كما أن المشاركين في الدورة الخامسة أصدروا إعلانا يتضمن عدة توصيات مهمة، غير أن معظمها ما زال يراود مكانه، من أهمها "ضرورة تعميم تعليم مادة الموسيقى الأمازيغية بشكل رسمي في مقررات المعاهد الموسيقية والمؤسسات التربوية والتعجيل بتأهيل معهد الحاج بلعيد للموسيقى الأمازيغية بتزنيت على مستوى البنية التحتية والتجهيزات التقنية قصد إيلاء الأهمية للرصيد الفني الذي يزخر به مشوار الرايس الحاج بلعيد». ومن جهة أخرى، شدد البيان الختامي للدورة الخامسة "على ضرورة تحويل جائزة الحاج بلعيد إلى مهرجان دولي لما لهذا الاسم من مكانة فنية مرموقة في المخيال الشعبي السوسي بشكل أصبح معه أسطورة غنائية يستند إليها المبدعون والفنانون باعتبار ما خلفه الحاج بلعيد من منتوج غنائي أمازيغي أصبح اليوم أهم موروث فني بسوس في هذا المضمار، بالإضافة إلى إحداث قرية للفنانين بمدينة تيزنيت وتمكين ورثة الحاج بلعيد من الامتيازات المخصصة لرجال الثقافة والمقاومة علاوة على رد الاعتبار للأغنية الأمازيغية بشكل رسمي في الإعلام العمومي والخاص بضرورة احترام دفتر التحملات المتعلق بالقطاع السمعي البصري". إبراهيم أكنفار (تيزنيت)

بانوراما رمضان: رائد الأغنية الأمازيغية 13

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما رمضان: طرائف محاكمات عسكرية 2

بانوراما رمضان: معاني شيوخ الكلام (الحلقة السابعة عشرة)

مقالات ذات صلة