تفاصيل الاثنين الأسود بآسفي

إتلاف أرشيف الحالة المدنية ومحاضر وجذاذات وإيقاف 13 مشتبها فيهم ثلاثة منهم قاصرون لم تكن أحداث آسفي متوقعة، إذ اندلعت اثر عصيان ومواجهة لرجال القوات العمومية من قبل محتجين على عدم تشغيلهم بالمركب الفوسفاطي، رغم أن الحوار كان سيد الموقف بين التنسيقيات، كما جدولت اجتماعات انتهت إلى تحديد مواعد لبدء عملية التشغيل، وكان الاتفاق على أن ذلك سيتم في غشت، لكن فاتح غشت الجاري، الذي صادف أول أمس (الاثنين)، انقلب الحوار احتجاجا واعتصاما فوق خط السكة الحديدية بحي كاوكي، ما فرض تدخل قوات حفظ الأمن لإخلاء السكة وضمان مرور القطارات، سواء الخاصة بالبضائع أو تلك التي تقل المسافرين، لينتهي الموقف بعصيان ومواجهة لقوات حفظ الأمن، خلفت 59 مصابا بين رجالها، كما فرضت جلب تعزيزات من خارج المدينة. في صباح أول أمس (الاثنين) عقد اجتماع بمقر الولاية، بمكتب الكاتب العام بين ممثلي الشباب الملح على الالتحاق بالشغل في المركب الفوسفاطي، وحددت خلال الاجتماع ذاته، كما أوردت مصادر عليمة، جدولة لبدء العملية تنطلق بعد ثمانية أيام ليس إلا، خرج إثرها المجتمعون معبرين عن قبولهم مقترح الكاتب العام، لكن في الطريق التي سلكوها من مقر الولاية إلى زملائهم ليزفوا لهم الخبر، حدثت أشياء ووقعت تأويلات، لم تتوضح إلا بعد أن بدأت حشود المحتجين تتوجه نحو خط السكة الحديدية لتعرقل سير القطارات وتشل حركة نقل البضائع والمسافرين.لم يتجاوز حينها عدد الوافدين العشرين، قبل أن تتزايد الأعداد وتنضم الفتيات والشباب إليهم وشكلوا تجمهرا كان يشكل خطرا على حياتهم.رفعت لافتات، إحداها كتب عليها خريجو المعاهد يطالبون بالتشغيل، وأخرى على كرتون كانت تحمل دلالات غير تلك التي تم الاتفاق عليها، أو كأنها من وحي أشخاص لا يهمهم مصير العاطلين أو المعطلين، فقد خطت فيها عبارة مفادها "لا للحوار".فبدا أن الآذان لم تعد تريد سماع شيء آخر، لتلجأ إلى أسلوب لي اليد بالمطالبة بالشغل الفوري ورفض الحوار مع أي مسؤول.حلت المجموعة الأولى من رجال الأمن، بعد تلقيها إشارة التجمهر قرب المركب الفوسفاطي وعرقلة خط القطار، وعبر مكبر الصوت، كان أحد الأطر الأمنية يحاول ثني الشباب المحتج عنه مواصلة العرقلة والاحتكام إلى الحوار والمنطق، لكن ذلك كان كصيحة في واد، إذ واصل المحتجون امتناعهم عن مغادرة السكة الحديدية، مازاد في تنبيهات المسؤول الأمني الذي كان يتحدث عبر مكبر الصوت، قبل أن يتحول الاحتجاج إلى تجمهر مسلح بعد أن انطلقت حجرة في اتجاه رجال الأمن.توالى رشق رجال الأمن بالحجارة، فحضرت التعزيزات مشكلة من رجال القوات المساعدة ورجال الأمن العاملين في الدوائر وأيضا رجال الشرطة القضائية، وآخرين بالزي المدني.وحاولت القوات العمومية، جهد الإمكان، إبعاد المحتجين الذين تزايدت أعدادهم، وخرج بعضهم من بين الأشجار الكثيفة التي تجاور المكان، فانطلقت عملية الإبعاد، لتزداد حدة الرشق بالحجارة، سيما أن المحتجين كانوا يصعدون إلى أعلى المنحدر فيما رجال القوات العمومية أسفله. كانت حركة المد والجزر سيدة الموقف بين المحتجين ورجال القوات العمومية، إذ بينما كان هدف المسؤولين الأمنيين إبعاد المتجمهرين عن السكة وإظهار القوة العمومية للردع، وكانت جموع المحتجين تتحين فرصة خلاء أي ثغرة لتنزل عبرها في اتجاه السكة ممتدة الأطراف، وظل الموقف كذلك إلى أن اضطر رجال حفظ الأمن إلى مطاردة المحتجين إلى أن لاذوا بالحي السكني المجاور، مستغلين بعض أسطحه لرشق رجال الأمن والقوات المساعدة بالحجارة.فيما بعد تطورت الأحداث وانتقل المحتجون إلى مرافق عمومية ليضرموا النار فيها ويتلفوا محتوياتها، التي تخص أولا وأخيرا، أبناء المنطقة التي يتحدر منها المحتجون أنفسهم.وانطلقت مشكلة التشغيل قبل مدة، وفق برنامج وطني كباقي المدن الفوسفاطية، وعرفت بعض التعثرات بسبب أخطاء تقنية، بعدما كانت مسندة في البدء إلى الوكالة الوطنية التشغيل، على أساس توزيع المرشحين بين جزء يستفيد من مناصب شغل وآخر من التكوين والتأهيل المهني لقبولهم في سوق الشغل، وكانت حصيلة ما سجل حينها أزيد من 16 ألفا في آسفي فقط، فتم التراجع عن الفكرة ليتكلف المكتب الوطني للفوسفاط بالمهمة ويسند مأمورية المسجلين إلى مكتب دراسات مختص، إذ تعامل الأخير بأسلوب تقني معتمدا على الشهادات، ليفرز مشكلا جديدا، إذ تم الاختيار بطريقة لم تكن اجتماعية، حسب البعض، فمثلا في بعض الأحياء، اختير أربعة أشخاص من منزل واحد أقصي الباقون، ونتج عن ذلك تذمر باقي المسجلين لتتجدد الاحتجاجات، قبل أن تتدخل الإدارة من جديد وتشرك السلطة المحلية، لتعد قوائم جديدة وتفتح حوارات مع ممثلي المحتجين.وفي السايق نفسه، كانت احتجاجات الشباب في آسفي تتميز بسيطرة جماعة العدل والإحسان عليها، وسخنت تلك الاحتجاجات في فترات متباينة كان أهمها وفاة كمال العماري، الذي مازالت الأبحاث تجرى حول سبب وفاته، وتباشرها كل من الشرطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو الضحية الذي حاولت جماعة العدل والإحسان تبني انتماءه إليها، في الوقت الذي تشير فيه مصادر أخرى إلى أن لا علاقة له بها.إلا أنه بعد دخول الجهات القضائية والحقوقية على الخط، بردت الاحتجاجات، وتراجعت حدتها في مدينة آسفي، إذ أن الإحصائيات التي سجلت في اليوم الثاني بعد عيد العرش، تحدثت عن خروج مسيرتين لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 120 فردا.إلا أنه في أول أمس (الاثنين) تم تصعيد الموقف، ورجحت آراء استقتها الصباح من بعض المصادر، أن تكون جهات لها مصلحة في توتر الأجواء وتسخينها، وراء التحريض على أعمال الشغب، سيما أن المعطلين من الراغبين في الشغل، كانوا إلى الأمس القريب في حوار متواصل ويشاركون في اتخاذ القرار وتحديد المواعد، دون أن تستبعد أن تكون تلك الجهات هي نفسها التي أملت على الشباب الاحتجاج بالطريقة سالفة الذكر، مشككة في المجهودات التي تبذل في سبيل إيجاد حل للبطالة وتشغيل الشباب.لم يكن متوقعا حتى من المسؤولين الأمنيين بالمنطقة توجه المحتجين إلى الدائرة الأمنية والمقاطعة لإحراقهما وإتلاف محتوياتهما، انتقلت القوات الأمنية التي كانت ترابض أمام السكة إلى الأماكن المستهدفة، كما فرضت حماية على باقي الدوائر، في انتظار التعزيزات التي تقاطرت من المدن المجاورة.وتسير أبحاث الشرطة القضائية إلى تحديد محرضي المحتجين، وأيضا مفتيي إحراق المؤسسات العمومية. المصطفى صفر (موفد الصباح إلى آسفي)

تفاصيل الاثنين الأسود بآسفي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

موسم الاحتراف يبدأ غدا بديربي الرباط

بيد الله: الانتخابات المقبلة ستتم في سياق سابق لأوانه (2/2)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات