حصيلة إيجابية في ملف حقوق الإنسان

في مقدمتها دسترة مؤسسات حماية حقوق الإنسان يعتقد كثير من الحقوقيين من رفاق الراحل إدريس بنزكري أن روحه مرتاحة اليوم بعد أن تمت دسترة أغلب توصيات الإنصاف والمصالحة التي استمات في الدفاع عنها قبل وفاته. واستحقت المراجعة الدستورية الأخيرة أن تعتبر الحدث الأهم الذي عرفته البلاد خلال الاثنتي عشرة سنة من حكم الملك محمد السادس، إذ يجمع كثير من المراقبين على أن التعديلات التي عرفها الدستور المتعلقة بشقها الحقوقي إذا ما حرصت الأجهزة المناط بها تطبيق القانون على احترام تطبيقها على أرض الواقع سيكون المغرب بدأ عهدا جديدا من تاريخه الحديث. والملاحظ لمسار التغييرات الدستورية في المغرب يستنتج أن الدستور الجديد هيمنت عليه الجوانب الحقوقية من خلال دسترة مؤسسات وطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج والهيأة المكلفة بالتكافؤ ومحاربة جميع أشكال التمييز، بخلاف التعديلات السابقة، إذ عدل دستور 1970 لإضافة عبارة «الممثل الأسمى للأمة» الخاصة بامتيازات الملك. وفي 1972 و1980 كان هدف التعديل زيادة مدة انتداب مجلس النواب والغرفة الدستورية من أربع سنوات إلى ست، وفي تعديل 1992 لإنشاء المجلس الدستوري ولجان التحقيق النيابية، وخفض سن المواطنة القانونية الكاملة من 21 إلى 20 سنة، أما تعديلات سنة 1996 فأسست هيأة تشريعية من مجلسين.ومن الأمور الأساسية التي نص عليها الدستور الجديد من أجل حماية حقوق الإنسان إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتخويله اختصاصات جديدة تجعله معنيا بكل القضايا الحقوقية، وبكل ما يقع من تجاوزات وخروقات تمس حقوق المواطنين أفرادا وجماعات، وتخويله مهمة رصد انتهاكات حقوق الإنسان بجميع جهات المملكة، ويجوز له لتحقيق هذا الهدف إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بشأنها شريطة أن تتوفر لديه معلومة مؤكدة وموثوق منها حول حصول انتهاكات لحقوق الإنسان مهما كانت طبيعتها أو مصدرها.وشكل إطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين بادرة حسن نية من طرف الدولة في محاولة لاعتماد مقاربة جديدة في التعاطي مع ملف المعتقلين الإسلاميين، غير أن أحداث التمرد التي عرفها سجن سلا التي أفضت إلى دخول بعض المعتقلين في مواجهات مع الحراس أدى إلى تجميد الاتفاق الذي سبق أن توصل إليه المعتقلون مع الدولة بوساطة محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي لعب ومنذ تعيينه دورا محوريا في معالجة الملفات التي تعرض على المجلس وحتى شديدة الحساسية منها كأحداث خريبكة وآسفي التي قدم المجلس حولها تقريرا مفصلا يكشف ما يقع.ويعتقد خبراء القانون أن حماية حقوق الإنسان في الدستور لا تضمن تطبيقها على أرض الواقع، بل إن التنصيص على هذه التعديلات في الوثيقة الدستورية لا بد أن تواكبه تعديلات على مستوى القوانين المنظمة لممارسة الحريات قصد ملاءمتها مع الدستور والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولتحقيق هذه الملاءمة بين الوثيقة الدستورية والقوانين على البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية لعب دور ملموس في عملية الإصلاح وعدم الاكتفاء بالمراقبة.وفي مقابل هذه الحصيلة الايجابية لحقوق الإنسان التي تحققت خلال السنة الماضية تطالب الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان بإعمال مبادئ الرقابة والمساءلة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب في حق كل المسؤولين القائمين على تدبير الشأن العام من أجل تخليق الحياة العامة ومحاربة مظاهر الفساد ومناهضة المحسوبية والزبوينة.كما دعت إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية الحقوق المدنية والسياسية، ومن ضمنها احترام شروط النزاهة وقواعد الديمقراطية واحترام إرادة المواطنين في اختيار ممثليهم في جميع الاستحقاقات القادمة، والإسراع في إصدار القوانين التنظيمية خاصة المتعلقة بمجال الحقوق والحريات. إسماعيل روحي

حصيلة إيجابية في ملف حقوق الإنسان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اتفاق أبريل يخرج الحوار الاجتماعي من عنق الزجاجة

المنصوري: المبادرة الوطنية هيأة تكميلية فقط

مقالات ذات صلة