بانوراما الصيف: صلاح الوديع… حكايات ما بعد السجن 8

لم يستبعد بنزكري إحالة ملف بنبركة على القضاء فضل الشاعر والحقوقي صلاح الوديع أن يعود بذاكرته قليلا إلى الوراء ويتحفنا في هذه الدردشة المتحررة من كل القيود، بوقائع عاشها وساهم فيها من موقعه الحقوقي بعد خروجه من السجن.فضل الوديع تذكر ما جرى في حوالي العشرين سنة الأخيرة من منظور حميمي، ليروي ل"الصباح" أهم حدث عرفته عشرية حكم الملك محمد السادس، والمتمثل في تأسيس هيأة الانصاف والمصالحة التي جاءت بقرار سياسي من ملك جديد أراد أن يطوي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وأن يكون ضحاياها فاعلين في وضع سياسة العدالة الانتقالية بالمغرب، ومن ثمة كان ميلاد المنتدى المغربي للحقيقة والانصاف الذي كان المرحوم ادريس بنزكري أول رئيس له، إلى جانب كل من الوديع ومصدق والرويسي والصبار وآخرين، بداية مرحلة البحث عن الحقيقة ورسم معالم عدالة انتقالية وفق تصور استراتيجي يروم جبر ضرر الضحايا ضمن مقاربة شاملة هدفها دمقرطة مؤسسات الدولة وضمان عدم تكرار ما جرى.بوح الوديع المتحرر من كل القيود بتفاصيل رحلته الحقوقية إلى جانب رفيق دربه بنزكري وآخرين، يأتي في لحظة مفصلية من تاريخ المغرب تتسم بتبني دستور جديد، و دسترة توصيات هيأة الانصاف والمصالحة، كما أن التجاذبات التي يعرفها حزب البام اليوم، الذي جعل من تقرير هيأة الانصاف والمصالحة مرجعية له، تعيد طرح الأسئلة حول علاقة مؤسسه فؤاد عالي الهمة بعناصر من اليسار التي أثمرت تجربة المصالحة، ما يعني أن فهم ما جرى خلال أزيد من عقد من حكم الملك محمد السادس، لن تكتمل صورته دون النبش في أغوار حدث طي صفحة الماضي بالمغرب، وهو الحدث الذي أدى إلى تحولات سياسية هامة كان لها ما بعدها... الشاعر الوديع يروي تجربة البحث عن الحقيقة كما عاشها وساهم في تفاصيلها. هل كان موضوع محاكمة المسؤولين المتورطين في ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مطروحا في الوثيقة؟تضمنت الوثيقة فلسفة العدالة الانتقالية وفتح نقاش واضح منذ البداية، وأحالت على الهيأة المرتقبة مسألة المحاكمة للبت فيها، من خلال التنصيص على عبارة مفادها بشكل عام: «تبت هيأة الإنصاف والمصالحة حين إنشائها في موضوع المتابعات المتعلقة بالمسؤوليات الفردية عن الانتهاكات الجسيمة». أما توصية المجلس فقد حسمت الأمر حين نصت على ألا تكون هنالك مساءلة فردية في قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، على أن يتم تحديد مسؤولية الأجهزة المتورطة في هذه الانتهاكات. هل كنتم تشعرون أن مسألة تحديد المسؤوليات ستكون صعبة؟راودنا فعلا هذا الشعور، وموضوع المساءلة من عدمها، ظل للأمانة محط خلاف وموضوع اجتهادات مختلفة. لكن تقديرنا نحن حين قبلنا المشاركة في الهيأة يتلخص في المنطق التالي: ليس من مهام الهيأة إصدار عفو على أحد، أو تبرئته. لكن مهمتنا في سياقنا التاريخي الخاص لا بد أن تحدد مسؤوليات الأجهزة وهو ما وقع فعلا وبلا مواربة، رغم عدالتها في المطلق فإن الأمر لا يتحدد فقط اعتمادا على ذلك، خاصة إذا علمنا أن المغرب هو البلد الوحيد الذي عرف تأسيس هيأة للحقيقة في ظل استمرار النظام ذاته، عكس باقي الدول التي شهدت فترات الانتقال تم فيها بناء نظام على أنقاض آخر. غير أن هناك أمرا تجب الإشارة إليه في هذا الصدد، وهو المتعلق بالملفات التي ظلت عالقة، ولم يتم التوصل بصددها إلى نتائج مرضية من طرف فريق التحريات، أعني ملفي المهدي بنبركة والحسين المنوزي وغيرهما. لقد كان إدريس قُبيل وفاته، وظللت أشتغل إلى جانبه بمعية خديجة الرويسي في هذه الملفات بالذات حتى يوم وفاته، لا يستبعد إمكانية إحالة هذه الملفات على القضاء من طرف لجنة متابعة التوصيات بالمجلس الاستشاري، مع كل التطورات المحتملة في هذا الصدد، في ما يتعلق بفتح مسار من شأنه أن يؤدي إلى متابعة الجناة... هل ساهمت هذه المقاربة التي اختزلتم فيها المحاكمة في تحديد مسؤوليات الأجهزة سببا في حدوث صراعات داخل المنتدى؟لم يكن هناك اختزال لهذا الملف أو وضعه على الرف. المسألة مسألة تقدير تاريخي، والأساسي أن تقوم هيأة بعملها دون سد الباب أمام المستقبل، وهذا ما وقع بالضبط. هيأة لم تحرم أي ضحية من حقه في الانتصاف بالطرق التي يرتضيها ارتكازا على القانون. بالطبع في هذا الموضوع ساد نوع من التشنج بسبب النقاش الحاد بين مختلف الفرقاء، ككل المواضيع الحساسة ولحسن الحظ ما زلت أحتفظ بنسخ من محاضر جلسات المجلس الوطني والمكتب التنفيذي للمنتدى، وأتذكر في هذا الباب أن أحد أعضاء المجلس الوطني من كبار قادة يسار الاتحاد الاشتراكي قال بالحرف»إن المجلس الوطني يفوض للمكتب التنفيذي التفاوض حتى مع الشيطان، على أن نأتي بنتيجة».ما الجهات التي حاربتكم في البداية؟هي مجموعات سياسية عبرت عن مواقفها أكثر من أنهم أفرادا أرادوا التعبير عن قناعاتهم بخصوص هذه المقاربة. التقاه : رشيد باحة في الحلقة التاسعة يحكي الوديع عن تجربة جلسات الاستماع العمومية

بانوراما الصيف: صلاح الوديع… حكايات ما بعد السجن 8

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما الصيف: كرة القدم..أشهر قصص التلاعب في النتائج 1

مصرع شخص في إطلاق رصاص بأزرو

مقالات ذات صلة