سوق التمور بالبيضاء…سلع أجنبية وإقبال ضعيف

ارتفاع أسعار المواد الأولية للحلويات مقابل انخفاض في أسعار التمور شارع الحزام الكبير أو حي عمر بن الخطاب الشهير بتسميته القديمة (درب ميلان)، يعرفه أهل زاكورة بقدر ما يعرفه أهل الدارالبيضاء. على طول هذا الشارع فتحت محلات بيع التمور بالجملة أبوابها مؤذنة بحلول تباشير شهر رمضان المبارك. علب التمور من مختلف الأحجام والأوزان. علب مستطيلة ومربعة، وعلب من فئة خمسة، وعشرة، وخمسة عشر كيلوغراما...كلها معروضة على طول جادة هذا الشارع الذي يؤوي بين أحضانه أكبر سوق للتمور بالعاصمة الاقتصادية، تحت أشعة شمس حارقة ومعدلات رطوبة جد عالية يلتصق معها قميص المرء حتى لا يستطيع له فكاكا.«العرض كثير ومتنوع»، يقول هشام (اسم مستعار، بناء على طلب منه) ثم يردف «لكن بالنسبة إلى الطلب فإنه ضعيف جدا إلى حدود اليوم»، وهل هذا هو الحال عادة في هذه الفترة القصيرة التي تسبق رمضان؟ «لا.»، يجيب هشام جازما. ولماذا إذن؟ «حلول شهر رمضان هذا العام تزامن مع العطلة الصيفية، وأغلب الأسر مازالت منهمكة في قضاء عطلتها»، يشرح هشام.«الصباح» في جولة لها على طول شارع الحزام الكبير، صباح أمس (الثلاثاء)، عاينت ركودا شبه تام. شاحنات صغيرة ومتوسطة الحجم وهوندات مصطفة تنتظر دورها لتفريغ ما في أجوافها من علب كارتونية محملة بالتمور غالبيتها مستورد من الدول العربية الشقيقة... والولايات المتحدة الأمريكية.ويؤكد مصدر من داخل جمعية مستوردي التمور أن حجم الاستيراد ضخم وكبير. ودليله في ذلك معطيات إحصائية تبرز أن التمور المستوردة من الخارج، تونس على وجه الخصوص، تحتل موقع الصدارة. فهذا البلد الصغير الحجم يزود المغرب بما معدله 20 ألف طن في السنة. تليه تمور ارتوت بمياه دجلة والفرات، إذ أكد المصدر ذاته، والذي رفض الكشف عن اسمه، أن المغرب يستورد من بلاد الرافدين ما بين 6 و7 آلاف طن سنويا. في الرتبة الثالثة تأتي تمور سقتها مياه نهر النيل الجرار، فمن دولة مصر يستورد المغرب ما مجموعه 5 آلاف طن سنويا، أما بلدان الخليح فتتصدرها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تصدر إلى السوق المغربي 2000 طن سنويا، ثم في درجة خامسة تأتي تمور الجارة الجزائر، لكن بمعدلات أضعف إذ لا يتجاوز ما يستورد المغرب من هناك 400 طن.البضائع التركية بدورها ستكون حاضرة فوق موائد إفطار المغاربة، هذا الحضور تقوده عناقيد «الشريحة»، ذات اللون المائل إلى الصفرة، والمكتنزة من حيث أحجامها. فمصدرنا من داخل جمعية مستوردي التمور يقول إن المغرب يستورد من «شريحة» تركيا ما معدله 150 طنا. في غضون الحديث الذي جمعنا بهشام، ينضم إلينا أحد العاملين بمحل هذا الأخير، المساعد تنتابه مشاعر وطنية غيرة على المنتوج المغربي الذي يلاقي إهمالا من لدن التجار، «رغم أنه غير معقم وخال من المواد الكيماوية الحافظة»، لكن في الآن نفسه فإنه يتأسف على الظروف التي تُسوق فيها التمور المغربية «فشروط التعليب والتغليف ما زال يغلب عليها الطابع التقليدي»، يضيف المتحدث نفسه. إهمال المنتوج الوطني وعدم قدرته على الصمود في وجه المنافسة العربية ساهم فيه أيضا فلاحو المناطق الجنوبية من المملكة، فالمصدر من جمعية المستوردين يؤكد أن هؤلاء «تخلوا عن نشاطهم الفلاحي واتجهوا نحو الاستيراد»، مبرزا أن هذا التحول أدى إلى ارتفاع كميات الاستيراد وبالتالي وفرة العرض في وقت انخفض فيه الطلب «وهو ما انعكس على أرباح تجار هذه المادة»، مشيرا في الآن نفسه إلى أن الإنتاج الوطني لم يعد يتجاوز «في أحسن الظروف 10 آلاف طن سنويا»، بينما المغرب يستورد «ما يقارب 35 ألف طن».لقانون السوق معادلة شهيرة تقول إن «العرض والطلب» يتحكمان في الأسعار، وكلما رجح أحد طرفي هذه المعادلة تأثر حال الطرف الثاني، وفي حالة التمور بدرب ميلا فإن أسعارها، كما يؤكد التجار أنفسهم، سجلت تراجعا ملموسا ليس في هذه السنة فحسب وإنما السنة الماضية أيضا. فخلال هذه السنة تصل أسعار تمور تونس والجزائر، ذات الجودة العالية طبقا لتصريحات تجار درب ميلان، إلى 30 درهما للكيلوغرام في أحسن الأحوال، أما تمور العراق والإمارات فإن أسعارها تتراوح ما بين 10 و25 درهما، بينما تتراوح أسعار التمور المغربية بين 13 و22 درهما.غادرنا درب ميلان، درب التمور، إلى «كراج علال» بشارع محمد السادس (طريق مديونة سابقا)، حيث بمجرد تصفق باب السيارة خلفك حتى تغزو أنفك روائح لذيذة وطيبة «تدغدغ المعدة»، على حد تعبير معاد، شاب كان مارا بقرب أحد محلات بيع الشباكية. جبال من حلوى الشباكية لمراكشية والفاسية والعادية (بالجرارة موس أو منقوشة)، والبريوات العادية، والمصنوعة من اللوز ثم السفوف. روائحها الطيبة لن تتمالك معها نفسك إلا بعد أن تطلب من صاحبها تذوق بعضها. جولتنا بهذا الشارع قادتنا إلى محل رحال الزهير ، الذي بدوره أكد أن الإقبال على حلويات رمضان مازال «قليلا»، لكنه لا يجد لذلك تعليلا. كل ما يعرفه الزهير هو أن أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة حلويات رمضان، وفي مقدمتها الشباكية، ارتفعت بشكل كبير «لقد قفز اللتر الواحد من زيت المائدة إلى 15 درهما في الشهر الأخير، بينما لم يكن يتجاوز 10 دراهم في السنة الماضية»، يوضح الزهير.ويشرح رحال الزهير أن مواد أخرى كالدقيق و»السنيدة»، فالدقيق «سبيسيال» ارتفع ثمنه ب 30 درهما دفعة واحدة إذ صار يباع جملة ب150 درهم لكيس من وزن 50 كيلوغراما. أما «السنيدة» (مسحوق السكر) فصار كيس 50 كيلوغراما منها يكلف 240 درهما. هذا الارتفاع في أسعار المواد الأولية انعكس، وإن بشكل محدود، على السعر الذي تُعرض به الشباكية للمستهلك، فعند مدخل محل رحال الزهير عُلقت يافطة صغيرة كتب عليها «25 درهما»، سعر زاد بدرهمين إثر الزيادات الصاروخية التي سجلتها المواد الأولية في الآونة الأخيرة، 25 درهما للعموم و20 درهما الـ»الجمالة»، يوضح الزهير. محمد أرحمني

سوق التمور بالبيضاء…سلع أجنبية وإقبال ضعيف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحمص يقفز عاليا قبيل رمضان

الأسواق الكبرى تغري المواطن بعروض خاصة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات