بانوراما الصيف: ربع قرن من التعذيب (الحلقة الأخيرة)

المختطفون المدنيون ظلموا في الجزائر والمغرب لماني: قصة كتابي الذي تكلف به المحامي زيان ونسخته العربية الرديئة عبد الله لماني الكهربائي الذي اختطف من طرف عصابات بوليساريو أثناء سفره من البيضاء إلى طاطا هو من كشف وجود مدنيين مختطفين بالسجون الجزائرية، بعد أن سرب من داخل سجن الرابوني لائحة بأسماء وهوية 142 أسيرا مغربيا أعدموا من طرف المخابرات الجزائرية وخريطة مقبرة جماعية ل45 مغربيا ضمنهم عشرة مجهولي الهوية، لجمعية فرنسا الحريات التي ترأسها دانييل ميتران زوجة الرئيس الفرنسي السابق، ويتساءل عن مصير التقرير الفرنسي الذي أعاد جمعية فرنسا الحريات إلى صوابها، وأبرز لها حقائق ما يجري بسجون تندوف، وعن مصير مندوبة الجمعية عفيفي كرموس الفرنسية ذات الأصول التونسية، والتي دمعت عيناها عند رؤيتها جحيم تندوف، فقررت دعم الأسرى المغاربة، لكن اسمها اختفى واختفى معه التقرير الصادم للسلطات الجزائرية الذي سبق أن نشر على موقع الجمعية الالكتروني. ما هي الإجراءات التي اتخذها المحامي زيان من أجل نشر كتابك؟اتصل زيان بشقيقتي بالدار البيضاء عن طريق عنوانها الذي أعطيته للطبيب الفرنسي الجراح، ووقعت له على التزام يقضي بالسماح له بنشر الكتاب على أساس أن تعود عائداته المالية إلى ذوي الحقوق، وتم نشر الكتاب بالطريقة التي أردت، صورتي ورقم الصليب الأحمر الدولي الخاص بي على غلافه، والرسوم والخرائط بخط يدي. لم يكن الكتاب في المستوى والتدقيق الذي تمنيته، خصوصا طبعته باللغة العربية التي جاءت رديئة، كنت أطمح في أن ينشر الكتاب باللغة الفرنسية ولغات أخرى خارج الحدود المغربية. كما أن الكتاب كان غير موجود بالسوق، وأنا الذي كنت أحلم بأن يغزو العالم كله، للتعريف بمعاناة المختطفين خصوصا المدنيين. ولم أكن أظن أن الكتاب سيخضع لقيود أو سيستعمل لأغراض حزبية أو مصلحية. فأنا لم أكن أعرف المحامي زيان ولا حزبه.هذا الوضع دفعني إلى الإنكباب على إعادة الكتاب من جديد منذ عودتي إلى المغرب، مع إضافة بعض المعلومات التي لم يتضمنها كتابي الأول، وإضافة ما عاناه المدنيون المختطفون طيلة الفترة ما بين سنة 1975 و2004، والإهمال والتشرد الذي عانته أسرهم في غيابهم، وما يعانونه، حاليا، بعد عودتهم إلى وطنهم الأم. وقد سبق وأجريت عدة لقاءات داخل وخارج أرض الوطن للتعريف بالجحيم الذي تعرض له مواطنون أبرياء تم اختطافهم من بلدهم، وسجلت أخيرا إحدى الحلقات في برنامج لقناة أبو ظبي الفضائية، يحكي عن مأساة مواطن مغربي تم اختطافه من طرف دولة مجاورة. كما أنني مازلت على اتصال بجراح العيون الفرنسي الذي سرب كتابي، والذي يحتفظ بصور مؤلمة لعمليات تعذيب أحد المغاربة داخل سجن الرابوني، والذي وفى بعهده وحضر إلى المغرب، وكان له لقاء بـ(القناة الأولى) التي سجلت تصريحات له تؤكد صدق قولي، كما سجلت تصريحات مجموعة من المدنيين المختطفين من قبل عصابات بوليساريو. كما أنني أعدت طبع كتابي باللغة الفرنسية بدعم من الفنانة القديرة نعيمة المشرقي، وأضفت إليه في الافتتاحية كلمة للطبيب الفرنسي الذي سرب مذكراتي أثناء وجودي بالسجن، وأعد الآن لطبع الكتاب باللغة العربية.ما مصير المدنيين المختطفين حاليا بالمغرب؟ أملي أن يتلقى المدنيون المختطفون سابقا من قبل عصابات بوليساريو الرعاية والتعويض اللازمين، وأن تمنح لهم الفرصة لإعادة سرد ما عاشوه داخل سجون الذل والعار. لأن الاستماع إليهم وإسماع أصواتهم للرأي العام الدولي، سيغير آراء العديد من الشعوب والحكومات نحو المغرب واقتراحاته. فقد أسسنا جمعية حملت اسم (النجمة الخضراء)، وطرقنا أبواب كل الجهات المعنية من أجل تعويضنا عن الضرر الذي لحقنا وطالبنا بالتغطية الصحية... ونظمنا وقفات واعتصامات أمام البرلمان وأمام وزارة الداخلية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان... وبعضنا رفع دعوى قضائية ضد الدولة من أجل الحصول على مستحقات هي من أدنى حقوقنا... لكن دون جدوى، وهو ما حدا بي شخصيا إلى الدخول في صراعات مع بعض المنخرطين الذين هم على حق في ما يطالبون به، لقد يئسوا من المطالبة بحقوقهم، بينما أنا كنت أهتم بالجانب الدفاعي عن الصحراء المغربية، وهو ما جعلني أقدم استقالتي من رئاسة الجمعية. اختطف بعضنا وهو في رحلة سفر أو في طريقه للعمل، واختطف آخرون من داخل منازلهم.. من قلب المغرب المستقل والحر، وقضينا فترات اعتقال وتعذيب إلى جانب الأسرى من الجنود، ومواطنين من الماليين والموريتانيين ممن رفضوا التجنيد إلى جانب الانفصاليين. صحراويون مغاربة اختطفوا من قبل الانفصاليين ويعاملون على أنهم عائدون، وهم إما هاربون من السجون أو مفرج عنهم. أذكر منهم من مدينة العيون كل من الروحي المحجوب المدني الذي اختطف سنة 1976، واستطاع الهرب من السجن وعاد إلى المغرب أكثر من عشر سنوات قضاها بسجن بوغار وميليد برمة... تعويض المدنيين كان عبارة عن مأذونيات لسيارات الأجرة، المستفيدون بالمدن الكبيرة حصلوا من خلال كرائها على موارد شهرية تقارب 2500 درهم، بينما المستفيدون بمدن أخرى ك (طاطا مثلا) لم يجدوا من يكتريها منهم ولو ب100 درهم في الشهر. أنا شخصيا كنت أعمل في شركة ولدي راتب شهري قار ظلت مصالح الضرائب تقتطع منه لمدة ست سنوات، وعند عودتي من الأسر، تم طردي من عملي، وتجريدي من كل حقوقي. وتكفي الإشارة إلى محمد النوحي من مدينة أقا الذي اختطف من منزله، وهو يعاني مرضا عضالا (حجر في الكلي) وأحمد بن بوكر مدني من تطوان اختطف معي داخل الحافلة أجرى أخيرا عملية جراحية لإزالة (حجر من المرارة)، وتكفل المحسنون بمصاريف العملية. وأشكر الدكتور مصطفى المشرقي والفنانة نعيمة المشرقي اللذين تطوعا من أجل إنقاذ المريض ومحمد الغريسي الذي يرأس الآن جمعيتنا بعد استقالتي وهو مصاب بمرض الكبد الفيروسي "سي" يكلفه علاجا كل ثلاثة أشهر بقيمة تفوق 35 ألف درهم. مدنيون من كل مدن وأقاليم المغرب اختطفوا من طرف عصابات بوليساريو، مجموعة منهم كانوا معتقلين بسجن (بوغار) الجزائري الذي يبعد عن العاصمة الجزائرية بحوالي 150 كيلومترا فقط. 17 مغربيا توفوا بسجن بوغار وحده ومازالت مقابرهم الجماعية بضواحي السجن شاهدة على المجزرة الجزائرية. كما اعتقل آخرون داخل سجون تندوف، منهم من توفي هناك إما بسبب المرض، أو التعذيب، أو تم تنفيذ عقوبة الإعدام بالرصاص في حقه، وآخرون وبعد الإفراج عنهم ظلوا يجرون وراءهم آثار التعذيب والمرض العضوي والنفسي، ولقوا حتفهم بعد أشهر أو سنوات من الإفراج عنهم، فيما مازال أقل من مائة مدني مختطف سابقا يلهثون وراء حقوقهم عوض إنصافهم واستغلالهم للدفاع عن قضية البلاد الأولى.أجرى الحوار: بوشعيب حمراوي

بانوراما الصيف: ربع قرن من التعذيب (الحلقة الأخيرة)

المختطفون المدنيون ظلموا في الجزائر والمغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المختطفون المدنيون ظلموا في الجزائر والمغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما الصيف: علماء مغاربة خارج الحدود (الحلقة الثانية عشرة)

بانوراما الصيف: رائد الأغنية الأمازيغية 6

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات