بانوراما الصيف: تجارة النساء…الوجه الجديد للاسترقاق – الحلقة السادسة –

من الأرجنتين إلى المكسيك... أسلحة ومخدرات وجنس (1/2) راوول مارتينس: الاسم المخيف تغوص الكاتبة والصحافية المكسيكية ليديا كاتشو، في كتابها، «تهريب النساء»، في العالم المظلم لتجارة الجنس، لتظهر أن القوانين والمواثيق العالمية لم تتمكن من الوقوف في وجه ظاهرة استرقاق البشر، في شكلها المتمثل في الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات الصغيرات، والتي أضحت تتخذ أشكالا أكثر تنظيما تشرف عليها «مافيات» منظمة، وتحظى، في أحيان كثيرة، بحماية السلطات الرسمية. ولأجل ذلك، جابت كاتشو ثلاث قارات في تحقيق دام خمس سنوات، استمعت خلاله إلى المهربين والضحايا اللواتي يتحول كثير منهن إلى مستغلات، والوسطاء والزبناء وأعضاء في المافيا والجسم العسكري والسلطات العامة، التي تتفشى في أوساطها الرشوة بشكل كبير، كما التقت أيضا ضحايا تمكن من الخروج من مستنقع الاستغلال الجنسي.تورد «الصباح» في هذه الحلقات مقتطفات من رحلة كاتشو، التي قادتها إلى تركيا وفلسطين وإسرائيل واليابان وكمبوديا وبيرمانيا والفييتنام والأرجنتين والمكسيك، واستقت منها أزيد من مائة شهادة صادمة في بعض الأحيان، تؤكد العلاقة ما بين غنى وسلطة المستغلين، والفقر والفروق الاجتماعية التي يعانيها الضحايا. يعتبر البعض المكسيك تايلند أمريكا اللاتينية. إذ أصبحت مقصدا للسياح الأمريكيين والكنديين الباحثين عن المتعة الجنسية في سواحلها الجميلة، والذين يعلمون أن القانون الذي يجرم الدعارة الإجبارية ودعارة الأطفال، لا مكان لتطبيقه في شواطئ كنكون وبلايا دل كارمن.في قلب هذه المنطقة الساحلية، يدير راؤول مارتنس كوخيولا، عميل سابق في هيأة حكومية أرجنتينية متهمة بارتكاب إبادة جماعية في عهد الديكتاتورية، أوكارا للدعارة وحانات، تعمل فيها فتيات من الأرجنتين والبرازيل وكوبا وكولومبيا، لا تتجاوز أعمارهن 23 سنة. يضم «ذ وان»، أحد الملاهي التي يسيرها كوخيولا، عددا من الفتيات والراقصات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 17 و18 سنة. إحداهن كولومبية تؤكد أنها لطالما كانت تعرف أنها ستعمل راقصة وعاهرة، وأخرى برازيلية في الثانية والعشرين من العمر جاءت إلى المكسيك على وعد العمل عارضة أزياء، ومراهقة كولومبية أرجنتينية في التاسعة عشرة من العمر جاءت إلى كنكون في المكسيك من أجل قضاء العطلة، لتجد نفسها دون مال، فأوصتها خالتها بامرأة على أمل أن تساعدها في العثور على عمل، ولم تكن هذه المرأة سوى زوجة كوخيولا، بالإضافة إلى كوبية في العشرين من العمر، تركت طفلاها رفقة والدتها وتعمل من أجل سداد الدين لكوخيولا حتى تتمكن من العودة إلى الجزيرة. تعيش الفتيات في شقة معا تحت حراسة مشددة. كل وثائقهن الرسمية بحوزة كوخيولا ، ورغم ذلك فإنهن لا يبدين أي رغبة في التمرد على العقد المجحف الذي يضطرهن إلى العمل في ظروف قاسية، لكنها تظل، بالنسبة إليهن، أفضل من العودة إلى بلدانهن حيث ينتظرهن الفقر والعوز. تفجرت قضية مارتنس كوخيولا سنة 2007، عندما أوردت إحدى أشهر الجرائد المكسيكية في صفحتها الأولى، خبرا عن اتهام محام يدعى باولو ليفشيز موكله الأرجنتيني بالسيطرة على شبكة للدعارة تستغل فتيات في أوضاع مزرية. وحسب شهادات الفتيات، فإن أوكار كوخيولا كانت تجمع بين نساء يعتبرن أنفسهن عاهرات محترفات يتمتعن بحرية التنقل، وأخريات ضحايا يتم احتجازهن مثل الإماء، وذلك من أجمل تمويه السلطات. لاحقا، أغلقت جميع دور الدعارة والملاهي التي كانت يسيرها كوخيولا، وأعيدت الفتيات اللواتي يعملن فيها إلى بلدانهن الأصلية، دون استجوابهن. وتؤكد مديرة المعهد الوطني للهجرات أن قرارا بالطرد من البلد صدر في حق كوخيولا، لكنها تعتبر في الآن نفسه أن متابعته ستكون أمرا صعبا في ظل الحماية التي يحظى بها من طرف القضاة.بعد أشهر من ذلك، شوهد كوخيولا في افتتاح أحد الملاهي الراقية في كنكون. ويبدو أن كوخيولا لا يعاني أي مضايقات من أي نوع كانت، إذ أقام شراكات مع رجال أعمال، وقام بإنشاء ملاه وحانات جديدة، توظف راقصات من أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية، يجبرن على الرقص عاريات والعمل في الدعارة لتسديد ديونهن. ويثير عدم توقيف كوخيولا الكثير من التساؤلات، توضحها فتاة أرجنتينية قادتها وعود كاذبة للعمل في الدعارة في «بلايا دل كارمن»، «هنا، كما في بوينوس أيريس، يسيطر رجال كوخيولا على كل أجهزة المراقبة عبر الفيديو، ويقومون بتسجيل كل شيء، بما فيها زياراتنا للفنادق الراقية. إنهم يملكون أشرطة فيديو لمهربين كبار جالسين إلى جانب رجال سياسة ومدراء مقاولات كبرى. إن هذا هو ضمانتهم في الحياة».لا تدرك الكثير من هؤلاء الفتيات اللواتي يعملن لصالح كوخيولا فظاعة الظروف التي يعشن فيها. وعند سؤالهن حول ما إذا كن يتعبرن أنفسهن بمثابة إماء لديه، كان أغلبهن يضحك على هذه «النكتة» أو يسأل عن المقصود منها. لكن، عند سؤالهن حول ما إذا كن يقبلن البقاء في المكسيك والعمل بشكل حر راقصات أو نادلات أو مربيات، أو أي مهنة أخرى، أبدت جميعهن موافقتهن على ذلك. صفاء النوينو

من الأرجنتين إلى المكسيك… أسلحة ومخدرات وجنس (1/2)

بانوراما الصيف: القضاء في تاريخ المغرب - الحلقة الأخيرة -

بانوراما الصيف: ساحات التحرير (الحلقة التاسعة)

مقالات ذات صلة