دركي يفضح رشاوي رئيسه الكولونيل

كشف أنه كان يرسل إلى زوجته وأبنائه حوالات نيابة عنه حتى لا يظهر في الصورة

شهدت جلسة الخميس الماضي، بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، مفاجأة من العيار الثقيل حينما كشف حسن العدول أحد الدركيين المتابعين ضمن ملف 13 دركيا من أجل جناية الارتشاء، أثناء مثوله أمام رئيس الهيأة أنه كان يتوصل بعدة حوالات بنكية باسمه ويسلمها إلى رئيسه القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم طانطان.

وأضاف حسن العدول خلال مثوله أمام هيأة المحكمة بقاعة الجلسات 8، أنه كان يسلم تلك الحوالات التي بلغت أكثر من 300 حوالة من البيضاء والرباط ومكناس والخميسات باسمه، وهو ما جعله في الواجهة حتى يحمي رئيسه العسري.

وكشف العدول أنه يعرف المهرب هدي الكوري وكان يتسلم منه عمولات مالية مقابل خدمات معينة ويرسلها في شكل حوالات بنكية إلى زوجة محمد العسري القائد الجهوي السابق لكلميم طانطان بناء على تعليماته الخاصة، وإلى أبنائه وشقيقته.

وأضاف المتهم الذي اعترف أنه يحظى بثقة جميع المسؤولين في الدرك الملكي وكذا العقيد المتهم، حيث أرسل لزوجة الكولونيل أربع حوالات بنكية كل واحدة تحتوي على مبلغ 40 مليون سنتيم والتي تعادل 160 مليون سنتيم، وبالنسبة للأبناء والأخت، أضاف أنه أرسل إليهم مبالغ متفاوتة لكنها بالقدر نفسه.

وكشف الدركي الذي يعمل في القيادة الجهوية منذ 1999، أن القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم طانطان ليس الوحيد الذي استفاد من الرشاوى، مضيفا «هناك مسؤولون آخرون رفيعو المستوى في الدرك الملكي استفادوا بدورهم من هذه الأموال الطائلة، مقابل غض الطرف عن عمليات التهريب التي تأتي من الحدود».

وأشار المتهم حسن العدول إلى أن المتهمين عبد المنعم والرائد هشام هما المتورطان معه أما الآخرون فلا علاقة لهم به لأنهم كانوا في جهوية أكادير. وأثناء مواجهته المتهمين، نفى الكولونيل العسري القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم الاتهامات التي جاءت على لسان مرؤوسه ويده اليمنى حسن العدول، معتبرا أنها محاولة منه لتوريطه بعدما اكتشف أمره.

وأضاف العسري أنه كان ضحية نصب من قبل حسن العدول بعدما وثق فيه واعتبره أكثر من أخ «منذ أربع سنوات الأخيرة أصبحت أكلف حسن العدول بجميع معاملاتي البنكية لكنه خان ثقتي». وكشف القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم أن العدول حسن تعرف على المهرب هدي الكوري بسبب حادثة سير، مضيفا «لا علاقة لي بهدي الكوري، وادعاءات حسن العدول أنني على علاقة بالمهرب محاولة لتوريطي فقط رغم أنني لا تربطني به أي علاقة عداوة، بل العكس اعتبرته أكثر من أخ».

وأضاف العسري «للأسف الدركي العدول خان ثقتي العمياء به، لم أكن أعرف ماضيه السيئ إلا بعد أن أدخلت إلى السجن في هذه القصية التي لا علاقة لي بها».

وكشف الكولونيل أن الدركي حسن العدول كان يبتز الناس باسمه، مستغلا قربه لتحقيق أطماعه الشخصية.

وكشف حسن العدول رئيس كوكبة الدراجين دلائل على توصله بحوالات بنكية في شكل دفعات من عائلته وأصدقائه لبناء منزل  لفائدة شقيقه المعاق بالديار الفرنسية. وكذب الكولونيل ادعاءات الدركي، معتبرا أن الحوالات التي توصل بها لم تكن من عائلته وأصدقائه لأن عائلته لا تملك الإمكانيات المالية لذلك.

ونفى الكولونيل العسري أن يكون قد راكم ثروته عن طريق الرشوة، مشيرا إلى أن ما صرح به حسن العدول حول توصله بحوالات بنكية مجرد كذب.

وكشف القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم طانطان أن بعض الأمراء الخليجيين كانوا يمنحونه إكراميات في إطار زيارتهم للمنطقة، مشيرا إلى أنه كان منذ استيلام مهامه ظل على الدوام يخدم الناس أكثر مما يسعى إلى خدمة نفسه.

وعقب حسن العدول على كلام رئيسه «فرق كبير بين الإكراميات التي نسميها بالأمازيغية «ترزيفت»، وهي التي تكون لوجه الله، وبين الحوالات البنكية التي تكون لأغراض أخرى، أما الإكراميات فكانت ترسل مباشرة إلى بيت القائد الجهوي للدرك الملكي بكلميم طانطان».

ومن خلال مناقشة الملف، نفى جميع المتابعين جناية الارتشاء المنسوبة إليهم، كما نفوا معرفتهم الشخصية بالمهرب هدي الكوري، إذ اعتبر أحد الدركيين أن إقحام اسمه في القضية مجرد انتقام من رجال الدرك. وأثناء الاستماع إلى الشهود، فجر الشاهد السادس حقائق جديدة، بعد أن كشف أنه كان يتوصل بحوالات شهرية بقيمة 6000 درهم شهريا من قبل أحد الأطرف باسمه، وكان يسلمها إلى الدركي الذي يشغل منصب مساعد أول.

وأضاف الشاهد الذي يعمل نادلا بأحد المقاهي، أنه ظل يقوم بالمهمة نفسها مع نائب المساعد الأول مقابل مبلغ 20 درهما، وكشف بالدليل على أنه يعرفه جيدا من خلال الإدلاء برقم هاتفه الشخصي، وهي الشهادة التي قلبت الملف رأسا على عقب وبدأت تكشف عن خيوط رفيعة كانت خفية.

محمد بها