محكمة الأسرة بأكادير بناية أشبه بالمعتقل

موظفوها يتكدسون داخل المكاتب والمتقاضون يثورون على بطء الإجراءات عند الاقتراب من محيط بناية المحكمة الابتدائية بأكادير بحي بوتشاكات، تستوقف الزائر صور فتيات يرتدين الجلابيب، أو لباسا عصريا يوحي بالاحترام، إسوة بـ»بنات العائلات»، رفقة أجانب، في حين لا يتخلين عن أوراق تظهر حواشيها من حقائبهن اليدوية. إنها وثائق الزواج من أجنبي، إذ تسابق الفتيات الزمن من أجل إتمام عقود الزواج في رحلة تبدأ من المكاتب الخاصة بالكتاب العموميين ومراكز النسخ، قبل أن يلجن بابا بناية صغيرة، يظهر أنها أنبتت بشكل هامشي بجانب البناية الرئيسية لابتدائية أكادير.يثير انتباه الزائر لمحكمة الأسرة نساء أخريات شاحبات اللون، تبرز الحسرة على محياهن، ليتبين أن تلك البناية التي اعتقدت عن بعد بأنها مسكن لحارس أو عون بالمحكمة، ليست إلا مقر محكمة قضاء الاسرة التابعة لابتدائية أكادير. وربما يصادف الزائر ذاته داخل المحكمة أحد المهاجرين من الجيل الجديد يرتدي لباسا صيفيا يزمجر بلغة أجنبية أمام باب المحكمة محتجا على منعه من دخولها لأنه يلبس سروالا قصيرا حد الركبتين. إنها مشاهد يومية للمحكمة، خلال فصل الصيف، التي تضفي عليها بعض المواقف طابع الطرافة، إذ تجد شابة تستجدي شاب لولوج مكتب القاضي والإسراع بحل، وإذا دفع فضول الزائر إلى اكتشاف المزيد من الصور الإجتماعية القاسية أحيانا والمرحة أحيان أخرى، التي تعيشها الأسر المغربية، فإنه يجد نفسه أمام عالم فريد داخل بناية لا تصلح إلى للاعتقال الاحتياطي. يتكدس داخل مكاتب محكمة الأسرة بأكادير الكتاب والموظفون، بل حتى القضاة، قبل أن يزدحم بممرها الوحيد عشرات المتقاضين من طالبي التطليق بسبب الشقاق أو العيب أو لعدم الانفاق أو بسبب الايلاء والهجر أو للغيبة أو بسبب الاخلال بشرط في عقد الزواج أو الضرر، وطالبي النفقة والحضانة وثبوت الزوجية وطلبات الجنسية، وطلبات الزواج المختلط الذي يعرف ارتفاعا بالمحكمة ذاتها، إضافة إلى الإسقاطات والإدراجات بالحالة المدنية وتبني الأطفال المتخلى عنهم الذين امتلأت سبورة التواصل المعلقة داخل المحكمة بعدد من إعلانات خاصة بهم. وداخل المكاتب هناك أكوام من الملفات المرمية على الأرض أو بين الكراسي المبعثرة داخل قاعة أطلق عليها اسم «قاعة الجلسات» وتحتضن جلسات الاستماع إلى المتقاضين في ظروف ليست أحسن من ظروف بيت الزوجية التي وصل بأفرادها التوتر وإعلان الإنفصال. عند الاستماع إلى ممثلي الموظفات، يقول لك هؤلاء إن العاملات بمحكمة الأسرة يشكون أكثر من غيرهم من الإكتظاظ، إن داخل المكاتب أو لكثرة الملفات المعالجة، في حين يشير أحدهم إلى محكمة الأسرة بأكادير لا تتوفر على جناح خاص بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إذ يضطر هؤلاء إلى تحمل المعاناة التي يكابدها رواد المحكمة ومرارة الانتظار على مدار السنة، خاصة أن قضايا المهاجرين التي تعرض خلال العطلة الصيفية على المحكمة تتعلق أساسا بالطلاق والزواج العادي والزواج المرتبط بالقاصرات والتجنيس والحالة المدنية والأحوال الشخصية. وأوضح المنتسب إلى قطاع العدل أن ملفات الطلاق تحتل الرتبة الأولى ضمن الملفات المعروضة على أنظار المحكمة من قبل الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خاصة تلك المرتبطة بالطلاق الاتفاقي أو الشقاق أو الحالة المدنية، مشيرا إلى أن فئة عريضة من المهاجرين يلجؤون إلى الزواج المصلحي من أجل الهجرة إلى الخارج، وبعد انتهاء صلاحية الاتفاق واستكمال الإجراءات الإدارية والقانونية من أجل الإقامة بإحدى الدول الأجنبية، يعود الزوجان إلى المغرب لفك الارتباط المصلحي بينهما، إذ يطالب الطرفان بفك الارتباط بينهما.وتحتل ملفات الطلاق للشقاق حيزا مهما ضمن الملفات المعروضة على قضاء الأسرة، لعدة أسباب تتعلق إما بعلاقة الزوجين الذين غالبا ما يعيشان منفصلين، أحدهما بالخارج والآخر داخل المغرب، أو لسوء تفاهم حول الحياة الزوجية في بلاد المهجر.وفي الوقت الذي يشكو المتقاضون بطء وتيرة إنجاز أحكام الطلاق التي تتطلب وقتا يتجاوز مدة عطلتهم الصيفية، ويحتجون على موظفي المحكمة، يستغرب استعلاءهم واستكبارهم ومعاملتهم التحقيرية لإدارة المحكمة، من إلحاح طالبي الطلاق على تحقيق مطالبهم في وقت وجيز، علما أن المساطر القانونية والإجراءات المسطرية، أحيانا تتطلب الوقت للبت في طلبات الطلاق.وتعرف ردهات المحاكم حركة استثنائية للمهاجرين المنتمين إلى سوس من اجل إعداد عقود الزواج خلال فصل الصيف الذي تعرف فيه بوادي سوس ظاهرة زواج هؤلاء خلال العطلة الصفية. وفي هذا الصدد، قال أحد مسؤولي فدرالية المغاربة المقيمين بالخارج، إن حوالي 15 في من المغاربة المهاجرين المنتمين إلى منطقة سوسن يتزوجون من أبناء أو بنات المنطقة، مشيرا إلى أن 50 في المائة من أبناء الجالية المغربية يتزوجون في ما بينهم، فيما تمثل نسبة 35 في المائة المتبقية زواج المهاجرين الأجانب أو الأجنبيات في بلاد المهجر. محمد إبراهمي (أكادير)

محكمة الأسرة بأكادير بناية أشبه بالمعتقل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ارتفاع عدد قضايا الطلاق أمام قضاء الأسرة بالجديدة

فكاهة ومسابقات وبرامج وثائقية على "ميدي 1 تي في" في رمضان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات