كثرة الملفات وبطء الإجراءات في محاكم الأسرة

تطبيق مدونة الأسرة خلق تناقضات أثارت استياء الجمعيات النسائية تبقى سنة 2004 عالقة في الأذهان، ففي تلك السنة صدرت مدونة الأسرة التي ألغت مدونة الأحوال الشخصية، فأبدت العديد من الهيآت النسائية ارتياحا، سيما أنها استجابت لأغلب مطالب الحركة النسائية في العدل والمساواة بين الجنسين، ثم توالت السنون وكشف تطبيق المدونة بعض العراقيل تتلخص في تناقض الأحكام وبطء الإجراءات. بدأ الشوط الثاني من مطالب الحركات النسائية يرتفع، فإصلاح المدونة لم يكن في مستوى المطالب الحقيقية للحركة الحقوقية والنسائية والديموقراطية والتي تسعى الى مطابقة التشريعات مع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.بدأت بعض تفاصيل المدونة تحبط المتتبعين، فهناك عراقيل تقف أمام إبرام عقد الزواج، وبينت الممارسة عدم وجود وحدة في التعامل، إذ تفرض بعض المحاكم مسألة جلب عقود الازدياد من أماكن الازدياد، مهما بعدت المسافة بين مكان السكنى ومكان الولادة، ويطلب من الأزواج الإدلاء بشهادات طبية، فحسب نص المدونة وقرار وزير العدل والصحة لا بد أن يكون المرشح للزواج خاليا من جميع الأمراض المعدية، و»ما دام هذا الشرط يعتبر ذا مفهوم واسع فيمكن اعتبار الزكام أحد الموانع من الزواج، نظرا لأنه مرض معد، بالإضافة إلى إمكانية اشتراط الطبيب على الخطيبين القيام بتحليلات طبية شاملة تتجاوز مصاريفها ألف درهم، لإثبات واقعة الخلو من الأمراض المعدية علما أن أغلبية المواطنين لا يتوفرون على الامكانيات المادية للقيام بذلك» تقول ناشطة في المجال الجمعوي النسائي. وساهم عدم الإطلاع والفهم الدقيق لمقتضيات مدونة الأسرة في استفحال الأمر، سيما أنه منذ خروج المدونة حيز التطبيق لم يعمد وزراء العدل المتعاقبين على أي إجراء عملي يمكن من تعميم التعريف بالمدونة على مختلف مناطق البلاد، خصوصا عبر تنظيم حملات إعلامية تكوينية وتحسيسية موجهة إلى عامة الناس.واستغربت الجمعيات نفسها كيف أن قاضيا يصدر أحكاما متناقضة في ملفات متشابهة، سيما في قضايا الطلاق والنفقة، علما أن المتتبعين يطالبون بتوحيد الاجتهاد القضائي على الصعيد الوطني، في حين تعجز محاكم الأسرة عن توحيده داخل غرفة واحدة، مما أفرغ مدونة الأسرة من فلسفتها.وتلاحظ الجمعيات نفسها أن هناك تناقضا كبيرا في تطبيق المدونة، إذ أصبح القضاء يلعب دورا محوريا على جميع المستويات ابتداء من الإذن بالزواج، مما ساعد في كثرة الملفات والمتقاضين، وطرح، مع مرور الوقت، مسألة الإمكانيات المتاحة لهذا النوع من القضاء، فإذا ما استثنينا المدن الكبرى، رغم أن قضاء الأسرة فيها يعاني أيضا من الضيق وكثرة الملفات، فإن باقي محاكم البلاد تعاني بشكل أكبر من عدم توفر الإمكانيات ووسائل العمل، مما ينتج عنه البطء في الأحكام وعدم الإيفاء بجميع المساطر المتطلبة. خالد العطاوي

كثرة الملفات وبطء الإجراءات في محاكم الأسرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محنة التقاضي داخل محاكم الأسرة

محاكم الأسرة... بيروقراطية إدارية وجمود قضائي

مقالات ذات صلة