ربيع “الفراشة” يجتاح شوارع وأحياء فاس

«شوفو فينا لوجه الله. وعطيونا التيقار، ندخلو طريف د الخبز لوليداتنا».. كلمات فاه بها تاجر بزنقة متفرعة عن شارع محمد الخامس بفاس، وهو يعلق على الانتشار اللافت للباعة المتجولين به خاصة بعد الحراك الاجتماعي الأخير. آلام لم يستطع كبتها، وهو يتحدث عن «صفر درهم» دخله يوم الأربعاء. اضطر هذا التاجر الذي يملك محلين لبيع الملابس والأحذية، إلى التخلي عن 3 شباب من مساعديه، لعدم استطاعته تدبر رواتبهم، بعد أن قل مدخوله بنسبة كبيرة، «إن لم أقل انعدم»، قائلا بنبرة الغاضب، «ما عمرنا شفنا، خيزو والبطاطا والخضرة، كتباع في الشارع، حتى لهذ الأيام». ويتأسف لسنوات خلت لما كان «البولفار»، ل»نزاهة» العائلات، أما الآن ف»ما بقيتش تشوف امراة الراجل»، في إشارة لتراجع الإقبال، لانتشار ظاهرة الباعة المتجولين، و»سوء أخلاق بعضهم، وتحرشهم بالنساء، بل منهم أو من مرافقيهم، من يدخن الحشيش ويكون مسلحا بقنينات الخمر». حقائق صادمة رواها ذاك التاجر الرافض لكشف اسمه خوفا على حياته، بعد أن أورد حادث اعتداء 4 شباب كانوا رفقة بائع أقراص مدمجة، على قريبه. ولم ينف احتمال أن تكون جهات معينة تمول وتحمي هؤلاء الباعة، مطالبا السلطات بالتدخل لوقف هذه الفوضى اليومية. نحو الخامسة من مساء الأربعاء، كان بعض الباعة بينهم أفارقة، عرضوا سلعهم على اختلافها، غير بعيد عن المحلات التجارية، قبل أن يتضاعف عددهم بعد نحو 3 ساعات من ذلك، إلى درجة الاختناق وصعوبة التنقل في رصيف الشارع الذي يكثر الراجلون من ضحايا حوادث السير المسجلة به.من مقر المنطقة الثانية للأمن إلى ساحة محمد الخامس، حركة غير عادية تزداد استفحالا ليلا، بعد أن صامت القوات العمومية، عن حملاتها ل»تحرير الشارع»، عكس ما وقع بعد يومين من الاستفتاء الدستوري، من «كنس» للباعة المحتلين لرصيف شارع للامريم إلى جامع التاجموعتي. واقع الفوضى والاحتقان امتد إلى شوارع أخرى بما في ذلك شارع الحسن الثاني الغارق في مظاهر بيع «الزريعة» و»النفاخات»، دون أن يستسيغه التجار والمهنيون والمهندسون والمحامون وموظفو الأبناك، بشارع محمد الخامس، «الأكثر تضررا»، إلى درجة حديث بعض التجار، عن «مؤامرة تحاك ضده».ولم يستبعد بعض تجار الشارع، احتمال أن يكون هذا «الإنزال» للباعة المتجولين، «مقصودا» من جهات معينة لم يذكروها، «تريد أن تقتله تجاريا لغرض غير مفهوم». وحجتهم عدم إخضاعه إلى التوسعة على غرار باقي الشوارع، بعد أن كان أجمل شوارع فاس وينبض بالحركة. ويرفض سعد السبتي النائب الأول لرئيس جمعية تجار ومهنيي شارع محمد الخامس والأزقة المتفرعة عنه، أن يربط زحف الباعة المتجولين على الشارع، بالحراك الاجتماعي ما بعد 20 فبراير، بل «المشكل قديم، لكنه لم يكن بالحدة التي هو عليها الآن، في غياب الحملات التي ألفناها». ويقول إن الشارع أكثر تضررا من الظاهرة، مشيرا إلى وجود «لوبي» و»يد طويلة قد تكون لها علاقة طيبة مع جهات نافذة»، قائلا «نحن مواطنون في قمة المواطنة، والضريبة حق المواطنة وواجب وطني، ولا يعقل أن نؤدي الضريبة ومصاريف أخرى، ونواجه بظاهرة قللت مدخولنا». وبعد أن يذكر بالإكراهات الضريبية التي يعانيها التجار، يؤكد أن كل الموجودين بالشارع، متضررون والجهات المعنية «يجب أن تتحمل مسؤولياتها في حماية الجميع»، فيما يعاني زملاؤه في شوارع أخرى، الضرر نفسه خاصة في شوارع للامريم وسان لوي والجيش الملكي. أما في الأحياء بما في ذلك الراقية، فالواقع أفدح مما يتصور، ويمكن الوقوف عليه في جولات بأحياء السعادة والأدارسة والنرجس ومونفلوري وأنس، أما في بن دباب وبلخياط وعين هارون والمصلى وباب الفتوح وسيدي بوجيدة والجنانات وعوينات الحجاج، فالوضع أقتم من كل ما سلف. وكان تجار عوينات الحجاج، أول من أعلن غضبه من الظاهرة، بتنظيم وقفة احتجاجية الإثنين الماضي، ضدا على احتلال الباعة المتجولين لمحطة وقوف الحافلات والطاكسيات، وللمطالبة بإخلاء الشارع من العربات المجرورة المختصة في بيع الخضر والفواكه، التي تهدد محلاتهم بالإفلاس.وقال بعض التجار، إن «هناك من تجرأ ونصب خياما لبيع البطيخ»، بعد أن تحول الشارع، إلى سوق عشوائي يتواصل أحيانا إلى الثانية صباحا، في ظل فوضى وضجيج وانتشار غير مسبوق للأزبال وتراكمها، في حين فشلت محاولة قائد الملحقة الإدارية، في تنظيم «السوق» بعد الوقفة.ويتداول بعض أبناء الحي، حكاية لجوء هؤلاء الباعة المتجولين، بدورهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية مضادة للتجار، رفعوا خلالها شعارات من قبيل «القايد سير فحالك، عوينات الحجاج ماشي ديالك»، ما اضطر معه مسؤول السلطة إلى الانسحاب، قبل أن يرددوا «الله يجعل البركة في البوعزيزي». حميد الأبيض (فاس)

ربيع “الفراشة” يجتاح شوارع وأحياء فاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تزايد السرقات بسبب انتشار الأسواق العشوائية بمراكش

"الفراشة" حولوا الجديدة إلى بادية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات