بانوراما الصيـف: كل الوسائل مشروعة من أجل الاغتناء

خلال السنوات الأربع التي أعقبت زواج ليلى الطرابلسي ببن علي في سنة 1992، ظل آل الطرابلسي متحفظين، وأقل نزوعا، نسبيا، نحو إظهار ملامح الغنى. لكن منذ سنة 1996 ، بدأت شهية أفراد العائلة المقربة من الحاكم، تتفتح علنا، مهددين طموحات وتطلعات عائلات لطايف، ومبروك، وشيبوب. خلال هذه السنة، وضع الشقيق الأكبر لليلى والمفضل لديها، بلحسن، يده على شركة الطيران التي ستتحول إلى "شركة قرطاج للطيران"، وسيُصبح المحور الأساسي للشؤون المالية لعائلة الطرابلسي، لتبدأ بذلك عملية تأمين وتحصين الممتلكات والامتيازات، إذ لم يعد هناك أي قطاع منفلت من قبضة العائلة، التي سعت إلى بسط نفوذها على ميادين حيوية، وأصبحت مُساهمة في كل العمليات التي تبرم مع المستثمرين الأجانب، كما أصبحت عيون أفراد العائلة مصوبة نحو العقار والأراضي القيمة. وكان ثمة حرص على أن يستفيد كل أفراد العائلة من الكعكة، فبعد بلحسن الطرابلسي، جاء الدور على منصف، الذي مارس في السابق مهنة مصور في الفضاءات العمومية، والذي بدأت الآفاق المهنية الرحبة تنفتح أمامه. حصل، في أوقات سابقة، على قرض من الشركة البنكية التونسية ليصبح فلاحا، أما ابنه الأول حسام، فقد أسس جمعية "شباب قرطاج للموسيقى"، التي اشتهرت بعدم احترام عقودها والتزاماتها. أما ابنه الثاني، معز، والثالث عماد، المفضل لدى ليلى الطرابلسي، فقد واجها، منذ 2008، مشاكل حقيقية مع العدالة الفرنسية في قضية سرقة اليخوت الشهيرة. كان عماد يفرض قانونه الخاص بتونس، إذ كانت مكالمة هاتفية تكفي ليضع شخصا في السجن، أو إخراج تاجر مخدرات منه، ولم يكن بوسع أحد أن يعارض هذا الشخص الذي كان يحظى بالحماية من قصر قرطاج.أما جليلة، إحدى الأخوات، فقد أصبحت ملكة "المقاصف"، سواء تلك المتعلقة بمدرسة HEC ، بقرطاج، أو تلك المتعلقة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية. زوجها الحاج، الذي كان يملك محطة بنزين، أصبح مقاولا في مجال العقار، وأكرى إحدى بناياته السكنية لوزارة النقل، التي كانت مكرهة على عقد إيجار بثمن تفضيلي. الكثير من هذه الصفقات كانت تتم بدون معرفة أو موافقة الرئيس، الذي اضطر في سنة 2002، إلى فرض نوع من النظام، من خلال استدعاء أعضاء عائلة الطرابلسي البارزين، لينصحهم بإبداء التحفظ، إذا كانوا يرغبون في مراكمة الثروات، بأن يضعوا رجالا وشركات في الواجهة، بمعنى آخر أن يتفننوا في السيطرة المالية، وهي نصيحة، لا يبدو أنها اتبعت من طرف أعضاء عائلة الطرابلسي. ولأنه يعتبر حاكما لا يمتلك القوة، كان الرئيس يضرب بيديه على الطاولة، في بعض الأحيان. في سنة 2006، اشتكى صناعيون من الانعكاسات الوخيمة للمنتوجات المقلدة، المستوردة من الصين بموافقة ومباركة آل طرابلسي. وأثناء اجتماع للوزراء، واجه الرئيس الوزير المكلف بالتجارة والصناعة التقليدية، منذر الزنايدي، بالأمر، إذ قال له «سمعت أن الحاويات المهربة تصل من الصين، معالي الوزير؟ ليُجيبه هذا الأخير أن لا علم له بذلك ، وأن الجمارك تحت إمرة وزارة المالية. كان يبدو واضحا أنه لا مجال للمخاطرة بمعاكسة السيدة الرئيسة.ويُعد المسار المهني لفؤاد شمان، ابن صناعي كبير في مجال النسيج، والملياردير، نموذجا لهذا التردي، إذ اضطر سنة 2004، إلى المنفى الاضطراري بالولايات المتحدة الأمريكية، صحبة زوجته وأبنائه، بسبب الضغوطات التي تعرض لها.منذ مجيئ بن علي إلى الحكم، بدأ طمع سليم شيبوب، في بسط اليد على قطاع بيع الألبسة والمواد العتيقة، الذي كان يسطر عليه آل الشمان، وقد استعملت كل الطرق الكفيلة بإبعاد وريث هذه الأسرة العريقة: إرشاء أحد المساهمين، استدعاءات متعددة، الحراسة النظرية، محاكمات صورية، واضطر فؤاد الشمان إلى الاعتزال في بيته الفخم، الذي بناه بكورنيش سيدي بوسعيد. وبعد هجومات شيبوب، جاء دور آل الطرابلسي، إذ بدأت شهية ليلى الطرابلسي تتفتح بسرعة طمعا في الفيلا الفخمة التي يملكها الشمان، إذ جاءه مُرسلون من قبل القصر طلبوا منه أن يبيع ملكه إلى صديقة الرئيسة، لكنه رفض، فاتخذت الأمور وجهة سيئة، إذ تمت معاقبته من طرف مديرية الضرائب، وتم تغريمه بغرامة قياسية قيمتها مليونا أورو، وهو ما جعل فؤاد الشمان يضطر إلى الهروب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما وضع بيته الفخم رهن إشارة سفير العراق، على سبيل الكراء، بمباركة السفير الأمريكي. جمال بورفيسي

بانوراما الصيـف: كل الوسائل مشروعة من أجل الاغتناء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما الصيـف: حاكـمـة قـرطـاج (الحلقة الرابعة)

بانوراما الصيف: ربع قرن من التعذيب (الحلقة الثالثة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات