النيران تلتهم براريك “سوق الرخا” بدرب غلف

ثالث أكبر حريق في تاريخ "السوق" والخسائر المادية كبيرة في الواحدة والنصف أو الثانية إلا ربعا أو الساعة الثانية بالضبط (لا أحد يعلم التوقيت) من صباح أمس (الثلاثاء)، شب حريق مهول ب"سوق الرخا"، أحد الأسواق العشوائية بالحي الشعبي درب غلف. عشرات الأسر تتخذ من السوق موردا للرزق تعيل به أبناءها. الحريق أتى تقريبا على كل شيء، معدات إلكترونية وملابس وخضرا ولا فواكه...ودجاج التهمته ألسنة اللهب حيا. روائح نتنة تنبعث من بقايا البضائع التي احترقت، تبعث على الغثيان. مناظر ما تبقى من السلع مقززة. ملامح النساء والرجال والأطفال تختلط تعابيرها بالحزن والأسى. الدموع تنهمر من عيني فتيحة الفلاحي، واحدة من تاجرات السوق، التي رُزئت في سلع تقول إن قيمتها تتجاوز ثمانية ملايين سنتيم. تبكي فتيحة بحرقة بادية وتحاول مسح دموعها بطرف قطعة قماش تضعها فوق رأسها.قماش ورماد ومياه إطفاءتنضم إلى فتيحة شريكتها فاطمة الشاوي، رابطة الجأش، علامات التأثر والحزن والحسرة تعلو محياها، لكنها تحاول أن تتمالك نفسها. تقول فاطمة إن النيران اندلعت حوالي الثانية من صباح أمس (الثلاثاء). لا تتذكر من أتى إلى بيتها يطرق في الهزيع الأخير من الليل، لكنها تذكر أنها حلت ب"سوق الرخا" المحاذي لجوطية درب غلف في الساعة الثالثة من ذلك "الصباح المشؤوم". تروي أن النيران التهمت كل ما كان في المحل من سلع، ملابس ، وتجهيزات الكترونية بمختلف أصنافها..كلها كانت حطبا للنار التي أتت على 200 أو 300 محل/براكة. وتبقى المعطيات التي استقتها "الصباح" من عين المكان متضاربة. بقايا سراويل الجينز والأقمصة... اختلطت بالرماد ومياه الإطفاء. الخضر والفواكه التهمتها النيران.. "الله يخلف ليكم ما ضاع"، يقول صوت آت من إحدى براريك بيع الفواكه التي لم تطلها النار. دموع فتيحة تواصل انهمارها، وبغزارة أكبر هذه المرة. "صبري أختي هاذا ما كتب عليك الله"، تقول شريكتها مواسية. "جلبت هذه السلع البارحة (ليلة الاثنين)، ودفعت مقابلها حوالي مليوني سنتيم"، يقول محمد سعيف، صاحب واحد من محلات بيع الدجاج التي احترقت كاملة. "هذه المحلات هي دوما عرضة للحرائق"، يوضح حسن عم محمد، وبدوره كانت له براكة يتخذها دكانا لبيع الدجاج. "ربما يكون أحدهم رمى بعقب سيجارة"، يخمن حسن. الحارسان الليليان فوجئا بالحريقمن أوقد النار التي التهمت بضائع فتيحة وشريكتها ودجاج حسن وغيرها من السلع؟ الجواب قد لا يكون عند أي شخص آخر غير الحارسين الليليين. بوجمعة السباعي، شيخ بلغ من العمر عتيا، يعمل حارسا ليليا بسوق الرخا منذ حوالي عامين، يروي في حديثه مع "الصباح"، أنه كان في الجانب الشمالي من "السوق"، فإذا به يرى ألسنة لهب تتصاعد من براكة يتخذها صاحبها محلا لإعداد القهوة وبيعها خارج السوق. "بعدها بقليل، بدأت ألسنة اللهب تتصاعد من محل بجوار الأول مخصص لبيع الزيتون"، يقول الشيخ المسكين، وأثار قلة النوم بادية في عينيه. بوجمعة بدوره يرجح فرضية أن يكون أحدهم مارا بجوار "السوق" فرمى بعقب سيجارة فشب الحريق. ونحن في حديثنا مع بوجمعة، ينضم إلينا الحارس الليلي الثاني، الذي رفض الكشف عن اسمه ويقول:"لقد تمكنوا من إخماد النيران حوالي السادسة أو السابعة صباحا". الحارس الثاني الذي يبدو أنه في عقده الخامس، يضيف أنه اتصل برجال الإطفاء، لكنهم لم يصلوا إلا حوالي الساعة الثالثة. وهل تمكنوا من إخماد الحريق؟ "لا"، يرد بنبرة جازمة. لماذا؟ "المساكين جاؤوا بسيارة إطفاء خالية من أي قطرة ماء"، يجيب ساخرا. "أحد أبنائي لم يمض على اقتنائه خردوات قادمة من أوربا إلا بضعة أيام"، يقول الحارس الليلي، ويستطرد "لقد رزء في مبلغ خمسة ملايين سنتيم، كان ينوي استثمارها للمتاجرة في السلع المستعملة التي يجلبها المهاجرون من بلدان أوربا". يحكي حسن سيف أن هذا الحريق هو الثالث في سلسلة الحرائق الكبرى التي يتعرض لها "سوق الرخا". أول حريق كان سنة 1994 والثاني أتى على براريك السوق سنتين بعد هذا التاريخ. في كل مرة يحترق السوق وفي كل مرة تخسر عشرات الأسر الفقيرة ملايين السنتيمات هي في أمس الحاجة إليها. تلتهم ألسنة اللهب بضائعها وبراريكها، ولا تلقي لها سلطات الدارالبيضاء بالا، فلا هي تعوضها عن خسائرها ولا هي أحدثت لها أسواقا نموذجية تؤويها وتجنبها لهيب النيران والأخطار المحدقة بها. محمد أرحمني (صحافي متدرب) في الواحدة والنصف أو الثانية إلا ربعا أو الساعة الثانية بالضبط (لا أحد يعلم التوقيت) من صباح أمس (الثلاثاء)، شب حريق مهول ب"سوق الرخا"، أحد الأسواق العشوائية بالحي الشعبي درب غلف. عشرات الأسر تتخذ من السوق موردا للرزق تعيل به أبناءها. الحريق أتى تقريبا على كل شيء، معدات إلكترونية وملابس وخضرا ولا فواكه...ودجاج التهمته ألسنة اللهب حيا.روائح نتنة تنبعث من بقايا البضائع التي احترقت، تبعث على الغثيان. مناظر ما تبقى من السلع مقززة. ملامح النساء والرجال والأطفال تختلط تعابيرها بالحزن والأسى. الدموع تنهمر من عيني فتيحة الفلاحي، واحدة من تاجرات السوق، التي رُزئت في سلع تقول إن قيمتها تتجاوز ثمانية ملايين سنتيم. تبكي فتيحة بحرقة بادية وتحاول مسح دموعها بطرف قطعة قماش تضعها فوق رأسها.قماش ورماد ومياه إطفاءتنضم إلى فتيحة شريكتها فاطمة الشاوي، رابطة الجأش، علامات التأثر والحزن والحسرة تعلو محياها، لكنها تحاول أن تتمالك نفسها. تقول فاطمة إن النيران اندلعت حوالي الثانية من صباح أمس (الثلاثاء). لا تتذكر من أتى إلى بيتها يطرق في الهزيع الأخير من الليل، لكنها تذكر أنها حلت ب"سوق الرخا" المحاذي لجوطية درب غلف في الساعة الثالثة من ذلك "الصباح المشؤوم". تروي أن النيران التهمت كل ما كان في المحل من سلع، ملابس ، وتجهيزات الكترونية بمختلف أصنافها..كلها كانت حطبا للنار التي أتت على 200 أو 300 محل/براكة. وتبقى المعطيات التي استقتها "الصباح" من عين المكان متضاربة. بقايا سراويل الجينز والأقمصة... اختلطت بالرماد ومياه الإطفاء. الخضر والفواكه التهمتها النيران.. "الله يخلف ليكم ما ضاع"، يقول صوت آت من إحدى براريك بيع الفواكه التي لم تطلها النار. دموع فتيحة تواصل انهمارها، وبغزارة أكبر هذه المرة. "صبري أختي هاذا ما كتب عليك الله"، تقول شريكتها مواسية. "جلبت هذه السلع البارحة (ليلة الاثنين)، ودفعت مقابلها حوالي مليوني سنتيم"، يقول محمد سعيف، صاحب واحد من محلات بيع الدجاج التي احترقت كاملة. "هذه المحلات هي دوما عرضة للحرائق"، يوضح حسن عم محمد، وبدوره كانت له براكة يتخذها دكانا لبيع الدجاج. "ربما يكون أحدهم رمى بعقب سيجارة"، يخمن حسن. الحارسان الليليان فوجئا بالحريقمن أوقد النار التي التهمت بضائع فتيحة وشريكتها ودجاج حسن وغيرها من السلع؟ الجواب قد لا يكون عند أي شخص آخر غير الحارسين الليليين. بوجمعة السباعي، شيخ بلغ من العمر عتيا، يعمل حارسا ليليا بسوق الرخا منذ حوالي عامين، يروي في حديثه مع "الصباح"، أنه كان في الجانب الشمالي من "السوق"، فإذا به يرى ألسنة لهب تتصاعد من براكة يتخذها صاحبها محلا لإعداد القهوة وبيعها خارج السوق. "بعدها بقليل، بدأت ألسنة اللهب تتصاعد من محل بجوار الأول مخصص لبيع الزيتون"، يقول الشيخ المسكين، وأثار قلة النوم بادية في عينيه. بوجمعة بدوره يرجح فرضية أن يكون أحدهم مارا بجوار "السوق" فرمى بعقب سيجارة فشب الحريق. ونحن في حديثنا مع بوجمعة، ينضم إلينا الحارس الليلي الثاني، الذي رفض الكشف عن اسمه ويقول:"لقد تمكنوا من إخماد النيران حوالي السادسة أو السابعة صباحا". الحارس الثاني الذي يبدو أنه في عقده الخامس، يضيف أنه اتصل برجال الإطفاء، لكنهم لم يصلوا إلا حوالي الساعة الثالثة. وهل تمكنوا من إخماد الحريق؟ "لا"، يرد بنبرة جازمة. لماذا؟ "المساكين جاؤوا بسيارة إطفاء خالية من أي قطرة ماء"، يجيب ساخرا. "أحد أبنائي لم يمض على اقتنائه خردوات قادمة من أوربا إلا بضعة أيام"، يقول الحارس الليلي، ويستطرد "لقد رزء في مبلغ خمسة ملايين سنتيم، كان ينوي استثمارها للمتاجرة في السلع المستعملة التي يجلبها المهاجرون من بلدان أوربا". يحكي حسن سيف أن هذا الحريق هو الثالث في سلسلة الحرائق الكبرى التي يتعرض لها "سوق الرخا". أول حريق كان سنة 1994 والثاني أتى على براريك السوق سنتين بعد هذا التاريخ. في كل مرة يحترق السوق وفي كل مرة تخسر عشرات الأسر الفقيرة ملايين السنتيمات هي في أمس الحاجة إليها. تلتهم ألسنة اللهب بضائعها وبراريكها، ولا تلقي لها سلطات الدارالبيضاء بالا، فلا هي تعوضها عن خسائرها ولا هي أحدثت لها أسواقا نموذجية تؤويها وتجنبها لهيب النيران والأخطار المحدقة بها. محمد أرحمني (صحافي متدرب)

النيران تلتهم براريك “سوق الرخا” بدرب غلف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

احتجاجات بسبب حكم قضائي بالإفراغ بالبيضاء

تكتلات واحتجاجات في جمع الرجاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات