شـبـاب 2011: مـفـارقـات وانـتـظـارات

دراسة "سنيرجيا" و"ليكونوميست" كشفت تضاربا وتناقضا في مواقف الشباب ونظرتهم إلى محيطهم الاجتماعي كشفت دراسة أنحزتها مؤسسة ليكونوميست ومركز سينيرجيا لاستطلاع الرأي، حول شباب 2011 ، انطلاقا من عينات من الشباب القروي والحضري في المغرب، عن حقائق مثيرة حول علاقة هذه الفئة التي تشكل 30 في المائة من النسيج الديمغرافي، بالدين والجنس والسياسة وبالآباء، وانتظاراتهم وميولاتهم…وشملت الدراسة الميدانية حوالي 1024 شابا، يتراوح سنهم ما بين 15 و29 سنة. الدراسة مفيدة على أكثر من مستوى، لأنها انتهت إلى نتائج تبدو متناقضة أحيانا على مستوى قناعات الشباب واختياراتهم، ما يفسح المجال أمام تأكيد فرضية تحايل المستجوبين في الاجابة على الأسئلة التي تلقى عليهم، إلا أنها تبقى صادمة ومثيرة على أكثر من مستوى، سواء تعلق الأمر بنظرة الشباب للدين والسياسة، إذ تمنحنا الدراسة صورة غرائبية لمنطلقات الشباب المغربي التي يتم على أساسها تحديد نظرتهم للمشروع المجتمعي الذي ينبغي أن يؤمن به الجميع انطلاقا من تمايزات ثقافية واجتماعية موضوعية، إلا أننا نفاجأ بتوظيف "خاطئ" للشباب المغربي للمعجم السياسي، بمن فيهم شباب 20 فبراير، الذين شملت الدراسة أفرادا منهم.لا يحسن الشباب تبليغ آرائهم السياسية للغير، تضيف الدراسة، كما أنهم لا يفقهون شيئا في معجم السياسة، ما يطرح أكثر من تساؤل حول طبيعة المنظومة التعليمية، خاصة في مادة التربية الوطنية، إذ يلقنون عبارات فارغة غير ذات حمولة معرفية لديهم. وتخلص الدراسة إلى أن الشباب يصعب عليهم قيادة مشروع سياسي كما هو الشأن بالنسبة لحركة 20 فبراير. كما يغيب معنى الالتزام السياسي والفكري لدى فئة عريضة منهم، في ما يخص نظرتهم للسياسة والسياسيين، و إلى حركة الشارع وعدم التزامهم بالخروج للتظاهر، خاصة في صفوف النساء. فالدراسة تشير إلى أن 37في المائة من الشابات المستجوبات يؤكدن أنهن يدعمن حركة 20 فبراير، لكن 5 في المائة فقط منهن يلتزمن بالخروج في مسيراتها، مقابل 34 في المائة للشباب.أما عن نظرة الشباب إلى توظيف الدين في السياسة، فالأرقام التي تقدمها الدراسة في هذا الصدد دالة، ذلك أن 37 في المائة كانوا يعتقدون ذلك في 2006 ، مقابل 29 في المائة في 2011 ، أين أن هناك تراجعا وتوجها "لائكيا" أخذ ينمو في صفوف الشباب، خاصة في صفوف العنصر النسوي، ف 19 في المائة من الفتيات فقط يقبلن بتسييس الإسلامأما الذكور ف 38 في المائة منهم يفضلون حزبا سياسيا يعتمد الدين في مرجعيته السياسية.يبقى الأمر طبيعيا، فالشباب يستفيد من الدين أكثر لأنه يعتبره أولوية لاستمرار الهيمنة الذكورية في المجتمع.ويبقى العامل الاجتماعي حاضرا بقوة في تحديد نظرة الشباب للسياسة والدين، ذلك أن الشباب المنتمي إلى الطبقات الميسورة أكثر لائكية من غيرهم، ف 43 في المائة منهم يقبلون فصل الدين عن السياسة. الموقف من حركة 20 فبراير متباين كذلك، ف 45 في المائة من الشباب المستوجب قالوا إنهم يدعمون 20 فبراير، و35 في المائة منهم يدعمونها دون مشاركة في مسيراتها، و10 في المائة قالوا إنهم شاركوا أو أنهم سيشاركون في تظاهراتها.15 في المائة من الشباب ينتقدون 20 فبراير ، و17 في المائة منهم رجال، و13 في المائة نساء.أما عن نظرة الشباب للحجاب، ف 66 في المائة منهم قالوا إنهم يفضلون بل ويطلبون من المرأة ارتداء الحجاب، مقابل 57 في المائة نزعوا إلى هذا الرأي حسب استطلاع أنجز في سنة 2006، وهو ما يعني أن هناك ميلا إلى المحافظة أكثر بين شباب اليوم رغم اختلاف مظاهرهم.وكشفت الدراسة كذلك عن حقائق تهم علاقة الشباب بالأسرة والمجالات التي يقبلون فيها بتدخل الآباء في حياتهم الخاصة، إذ وقفت عند مفارقات تزايد التبعية المالية والاقتصادية للشباب المغربي لآبائهم مقابل حرصهم على رفض تقييد حرياتهم الشخصية، إذ لم يعد هنالك مجال للحديث عن الطاعة بمفهومها التقليدي في علاقة الأبناء بالآباء، بل حتى التظاهر بها بمقابل كما كان الأمر سائدا من قبل، لم يعد له محل لدى شباب 2011 المستجوبين، فجل هؤلاء يرفض أن يكذب أو يتظاهر بطاعة آبائهم مقابل الحصول على المال، ويرفضون أن يتدخلوا في اختيار أصدقائهم أو لباسهم أو دراستهم …وكشفت الدراسة أيضا عن أرقام دالة في ما يخص درجة خضوع الشباب لسلطة الآباء، ذلك أن 67 في المائة من العينة المستجوبة، لا يقبلون تدخل آبائهم في علاقاتهم العاطفية، و57 في المائة منهم يرفضون أن يتدخل آباؤهم في شؤون زواجهم، و54 في المائة في اختيار الأصدقاء و49 في المائة في ما يتعلق بلباسهم و 45 في المائة ينشدون الحرية المطلقة. أما 30 في المائة من الشباب فيرفضون أي تدخل للآباء في شؤونهم المالية والنسبة ذاتها يرفضون تدخل الآباء في عملهم و10 في المائة لا يوافقون على أن يمنعهم آباؤهم من تدخين السجائر…قسمت الدراسة المستوجبين إلى أربع عينات، الفئة الأولى تضم الشباب التقليدي الذين يشبهون أكثر آباءهم ويسيرون على منوالهم في تدبير أسرهم، وهم غالبا من الشباب المتقدم في السن، يمثلون الغلبة في العينة المنتقاة ب36،1 في المائة بما مجموعه 370 شابا، وتهمين النساء على هذه المجموعة، التي تفضل البقاء في العائلة، أما الفئة الثانية فتضم الإسلاميين الجدد، بنسبة 34،7 في المائة، يحبون ممارسة الرياضة، أكثر انضباطا من غيرهم من الشباب، هم ورثة المحافظين المتدينين الذين كشفت عنهم الدراسة المنجزة حول الشباب في سنة 2006 ، إلا أن ما يميزهم عن هؤلاء أنهم قاموا بتطوير سلوكاتهم وعاداتهم وانتظاراتهم، وهم مواظبون على الصلاة وعلى تلاوة القرآن أكثر من غيرهم من الفئات الأخرى، ويرون أنه ينبغي الرجوع إلى الإسلام في تدبير أمور السياسة. أما المحتجون من الشباب، فيمثلون فئة أقل بنسبة لا تتعدى 13 في المائة من العينات المستجوبة، ورغم قلتهم، تشير الدراسة، إلا أننا نجدهم في كل مكان، خاصة مع بروز حركة 20 فبراير التي وجدوا فيها موطئ قدم لهم.أما المحافظون فيمثلون 16 في المائة، هم قلة من الشباب المتقدم في السن، وجلهم تجاوز سنهم 25 سنة. ينعمون بالاستقلالية عن الآباء، إلا أنهم يسيرون على منوالهم في تدبير شؤون أسرهم.مواقف هذه العينات المصنفة من الشباب من الحجاب تفصح عنها الأرقام، ذلك أن 52 في المائة من المصنفين في خانة المحتجين منهم، يفضلون أن ترتدي المرأة الحجاب و67 في المائة من الشباب التقليدي يذهبون في الاتجاه نفسه، بينما ترتفع النسبة إلى 70 في المائة في صفوف الشباب المتأسلم و67 في المائة من المحافظين.55 في المائة من شباب 2011 يقرون أن لهم علاقات عاطفية و32 في المائة يؤكدون ألا علاقة عاطفية لهم، و6 في المائة تجمعهم خطبة بالشريك، و3 في المائة متزوجون، و1 في المائة يعترفون أن لهم ارتباطا غير شرعي بالشريك، فيما يرفض 3 في المائة من المستجوبين الإفصاح عن وضعهم العاطفي.تخلص الدراسة إلى أن 65 في المائة من الشباب لهم علاقة عاطفية، و10 في المائة مرتبطون رسميا أو شرعيا بآخرين.1 في المائة من الشباب يرجع السبب في عزوفه عن إقامة علاقة عاطفية إلى الخوف من الأسرة، بينما لا يرى العدد الكبير من الشباب أي حرج أو خوف من أسرهم في ما يخص إقامة علاقة عاطفية.56 في المائة من الشباب القروي تجمعهم علاقات بالجنس الآخر، بشكل يفوق الشباب الحضري، إذ لا تتعدى النسبة 54 في المائة، و89 في المائة منهم يقرون أنهم مارسوا أول علاقة جنسية ما بين 12 و19 سنة.الأرقام التي ذكرتها دراسة ليكونوميست وسنيرجيا، تبقى دالة ومهمة وشملت كل مجالات الحياة لدى شباب اليوم، سواء تعلق الأمر بعلاقتهم بالمال ومسارهم التعليمي والشغل والأسرة والشريك، وهو ما ينبغي الوقوف عنده جيدا من قبل المسؤولين والسياسيين عموما، الذين يجهلون كل شيء عن الشباب، وهو ما يفسر الهوة السحيقة التي تفصلهم عن المكون الأساسي في المجتمع الآخذ في التراجع بسبب تراجع نسبة الزواج والخصوبة. رشيد باحة

شـبـاب 2011: مـفـارقـات وانـتـظـارات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زين الدين: هناك تحول نوعي في نظرة الشباب إلى السياسة

الشباب المغاربة لا يعرفون من الأمراض الجنسية إلا "السيدا"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات