دراسة: أسباب احتجاجات كتاب الضبط ودواعيها(2/3)

اتفاق 14 فبراير 2011 ووهم إرادة الحكومة في الإصلاح ارتفعت وتيرة احتجاجات موظفي هيأة كتابة الضبط بمختلف محاكم المملكة في الآونة الأخيرة بسبب ما آلت إليه أوضاعهم وما عرفه ملفهم المطلبي من انحراف خطير كان سببه تنصل الحكومة المغربية من تطبيق بنود اتفاق 14 فبراير 2011 الذي وقعته مع النقابة الديمقراطية للعدل والتي كان من أهمها الالتزام بمباشرة وزارة العدل التفاوض مع المصالح الحكومية وإشراك النقابة الديمقراطية للعدل فيها، على أن تقدم النتائج النهائية عند متم شهر أبريل 2011. لقد كانت النقابة الديمقراطية للعدل قبل توقيعها على اتفاق 14 فبراير 2011 تمد يدها – عبر مختلف المحطات النضالية ومن خلال كل بلاغاتها وبياناتها- وتقترح الحلول تلو الحلول في إطار عملي وواقعي لتجد الحكومة ممسكة عن تقبل أي اقتراح يشكل قيمة مضافة لهيأة كتابة الضبط ويحسن من وضعها المادي والمعنوي، وهو ما تبين مليا عبر مختلف الخرجات الإعلامية التي كانت تقوم بها هذه الأخيرة لتمويه الرأي العام الوطني بكون الوضعية المادية قد تم تحسينها، وأن النظام الأساسي لا زال يأخذ مساره التشريعي عبر مختلف القنوات.وقد ثبتت النية المبيتة للحكومة في إقبار كل مقتضى جديد من شأنه تحسين وضعية هيأة كتابة الضبط من خلال تمريرها بشكل منفرد – كما هي عادتها حتى في الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية – لمشروع مرسوم عدد 2.10.500 يتضمن الرفع من الإعانات الجزافية الممنوحة لهذه الهيأة والتي تمت المصادقة عليها بالمجلس الحكومي ل 14 أكتوبر 2010 وعرضت على أنظار المجلس الوزاري ل 16 أكتوبر 2010 ومطالبة النقابة الديمقراطية للعدل بصرف النظر عن شيء اسمه النظام الأساسي، ما أدى إلى تأجيج الوضع من جديد وخوض معارك نضالية انتهت بالتوقيع على اتفاق 14 فبراير 2011 فما هي مضامين هذا الاتفاق ؟ وإلى أي حد استجابة الحكومة لمقتضياته ؟ وما هي أسباب نكولها عن تنفيذه ؟لقد تمت صياغة هذا الاتفاق من خلال سبع نقاط رئيسية، تضمنت النقطة الأولى عرض تعديل الفصل 4 من قانون الوظيفة العمومية على أقرب مجلس حكومي بما يمكن من الاستثناء من قطاع الوظيفة العمومية، وتضمنت النقطة الثانية استثناء موظفي الهيأة من تطبيق مرسوم 403 الخاص بنمط الترقي من خلال تعديل المادة الأولى منه داخل أجل أقصاه متم شهر مارس، والتزمت الحكومة من خلال النقطة الثالثة بمباشرة التفاوض مع المصالح الحكومية على أساس النظام الأساسي المتوافق عليه مع تحديد سقف انتهاء هذه المفاوضات والإعداد النهائي للنظام الأساسي في نهاية شهر أبريل، ونص البند الرابع من الاتفاق على نشر مرسوم 2.10.500 داخل أجل شهر من مباشرة صرف إعانات سنة 2010، في حين التزمت وزارة العدل من خلال البند الخامس بصرف تعويضات الحساب الخاص المستحقة عن الستة أشهر الأولى من سنة 2011 في بداية يوليوز من نفس السنة مع البحث مع مصالح وزارة المالية حول أفضل السبل لتمكين الموظفين من تعويضاتهم في آجال سريعة وقارة، وتضمن البند السادس شرط إعفاء مبالغ الحساب الخاص من الاقتطاع الضريبي، وكمحصلة لما سلف فقد التزمت النقابة الديمقراطية للعدل من خلال البند السابع من الاتفاق بتعليق إضراباتها وكل أشكالها الاحتجاجية إلى ما بعد شهر أبريل من السنة نفسها.وجاء رد النقابة الديمقراطية للعدل على هذه الخطوة الأولى من نوعها في سياق إقرار مشروع نظام أساسي محفز ومحصن في بلاغها الصادر عقب الانتهاء من توقيع الاتفاق كما يلي :» إن المكتب الوطني ومن منطلق المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا ككتاب ضبط في المساهمة الفعالة في إنجاح ورش إصلاح القضاء وكذا من منطلق الحرص على عدم ضياع مصالح المواطنين الذين لم يدخروا جهدا في دعم مطالبنا وحركيتنا النضالية المشروعة، يهيب بكل الأخوات والإخوة في فروعنا النقابية إلى إعلان تعبئة عامة واستثنائية لتصفية كل الأشغال والإجراءات المتراكمة بكل محاكم المملكة، ويدعو مكاتب الفروع إلى تنظيم حملات تطوعية خارج أوقات العمل و في عطلة نهاية الأسبوع لانجاز هذه المهمة المواطنتية».وقد انطلقت النقابة الديمقراطية للعدل من خلال التجربة التي راكمتها من مدخلين تشريعيين أساسيين من أجل فك ارتباط هيأة كتابة الضبط بقانون الوظيفة العمومية: يتجلى الأول في تعديل نص الفصل الرابع من ظهير 1958 بما يدخل هذه الهيأة في زمرة باقي الهيآت المستثناة بقوانين أساسية خاصة نظرا لطابعها المهني الخاص (إداري، قضائي)، ويتجلى الثاني في تعديل نص المادة الأولى من مرسوم 403 بما يضمن الاستثناء على غرار باقي الهيآت الواردة بالفصل من نسق الترقي الوارد بالمرسوم.وإذا كانت الحكومة قد استجابت ضمنيا من خلال الاتفاق للتعديل الأول من خلال مصادقتها عليه في المجلس الحكومي ل 15 فبراير 2011 وبالمجلس الوزاري لفاتح أبريل 2011، فإن التعديل الثاني والذي تمت المصادقة عليه بالمجلس الحكومي ل 14 أبريل 2011 لا زال لم يعرض لحد كتابة هذه السطور على أنظار المجلس الوزاري من أجل المصادقة على الرغم من انعقاد مجلسين وزاريين تاليين الأول بتاريخ 28 أبريل 2011 والثاني بتاريخ 17 ماي 2011، ولا نجد لهذا التلكؤ في عرض مشروع المادة المذكورة على أنظار المجلس الوزاري من تفسير إلا رغبة الحكومة في كسب المزيد من الوقت الشيء الذي يعكس نيتها المبيتة في عدم توفرها على الإرادة الحقيقة لتحسين أوضاع العاملين بالقطاع.نكول آخر عن مقتضيات الاتفاق لا يقل أهمية عن الأول يتعلق بتنفيذ مقتضيات البند الثاني منه والمتعلق بمباشرة وزارة العدل التفاوض بشأن النظام الأساسي المتوافق عليه مع النقابة الديمقراطية للعدل مع المصالح الحكومية المعنية على أساس تقديم النتائج النهائية والصيغة الختامية لهذا المشروع عند متم أبريل 2011، إذ لم تلتزم الحكومة بهذا البند وظلت تماطل إلى حين تنفيذ النقابة الديمقراطية للعدل إضرابا وطنيا لمدة 72 أيام 5 و6و7 أبريل، إذ تحركت الحكومة محتشمة لفتح باب التفاوض بين جميع مصالحها المعنية بالملف لاستدراك ما يجب استدراكه، لم يتم إخبار النقابة الديمقراطية للعدل بفحواه ونتائجه بشكل رسمي من طرف وزارة العدل منذ انطلاقه في مطلع شهر أبريل إلى غاية آخر جلسة بتاريخ 2011.5.6. والواقع أن المفاوضات - حسب مصادر مطلعة- قد انصبت على إفراغ الإعانات السنوية الممنوحة للموظفين في الراتب الشهري دون أي نقاش عن باقي الامتيازات الأخرى المقررة في المشروع المتوافق عليه، والتي يأتي على رأسها تعديل نمط الترقي ما أظهر مرة ثانية عدم جدية الحكومة في التعاطي الإيجابي مع المطالب المشروعة والعادلة لموظفي هيأة كتابة الضبط.وبالموازاة مع هذا التماطل الحكومي في تفعيل مقتضيات اتفاق 14 فبراير وترجمته على أرض الواقع، اجتهدت الحكومة المغربية – ومن خلالها وزارة العدل - خاصة بعد الجرأة التي أبانت عنها النقابة الديمقراطية للعدل في فضح جيوب الفساد المركزي والجهوي من خلال رفعها لشعار مناهضة الفساد وتبنيها لمبادرة أياد بيضاء، اجتهدت هذه الوزارة في التنكيل والتضييق على الحريات النقابية بمختلف محاكم المملكة واستهداف مناضلي ومناضلات النقابة الديمقراطية للعدل، كما أنها عمدت في سابقة من نوعها إلى ضرب حصار على موظفي هذه الهيأة من خلال اشتراطها لولوجهم مقر الوزارة الحصول على إذن خاص من المسؤول الإداري، وهو ما أبان مرة أخرى عن حجم عدم الثقة الذي باتت تتعامل به الوزارة مع موظفيها، والذي جعل ابن الدار ينتظر ساعات طوال دون أن يتمكن من ولوج مقر الوزارة لغرض إداري، بينما تفتح أبوابها على مصراعيها في وجه عموم الوافدين دون حسيب أو رقيب.واجتهدت وزارة العدل على غير عادتها في إعداد قوائم سوداء تتضمن أسماء ممنوعة مبدئيا من شغل مناصب المسؤولية والتضييق على الموظفين في الامتحانات المهنية بطرح أسئلة لا علاقة لها بالكفاءة المهنية من قبيل الانتماء النقابي والمشاركة في الإضراب وما هو مفهوم الحق النقابي؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي أريد بها ثني الموظفين عن ممارسة حقهم المشروع في الانتماء النقابي وترهيبهم بمحاربتهم في قوتهم اليومي وجعلهم حبيسي إطار معين كعقوبة لممارسة حقهم المشروع والمكفول بمقتضى القانون. وقد طالعتنا وزارة العدل بإقصاء من نوع جديد من خلال اعتمادها لمعايير الترشح لممارسة مهام التوثيق وخطة العدالة بالخارج لا ترقى إلى تطلعات موظفي هذه الهيأة والتي لم يتم اشتراطها حتى في النظام الأساسي لموظفي وزارة الخارجية، من قبيل اشتراط سن 40 سنة للترشح، علما أن قاعدة النقابة الديمقراطية للعدل كلها شباب، وقد كان الأولى أن يوجه هذا الشرط لتنظيم شروط ولوج القضاء. الجيلالي مكوط :عضو المجلس الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل

دراسة: أسباب احتجاجات كتاب الضبط ودواعيها(2/3)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك أخطر عصابة ببوقنادل

غموض يلف مقتل مغربي في مخفر للشرطة بإسبانيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات