بن حمزة: نموذج جديد في الحكم يشبه الملكيات الأوربية

القيادي الاستقلالي قال إننا نشهد عهد الانتقال الدستوري إلى ملكية ثانية قال عادل بنحمزة، عضو اللجنة التنفيدذية لحزب الاستقلال إننا أمام مرحلة تاريخية حاسمة تحتاج إلى أجوبة حاسمة تقطع مع التردد الذي جثم على الحياة السياسية لسنوات.وأوضح بنحمزة في حوار مع "الصباح" أننا نعيش مرحلة الانتقال الدستوري إلى ملكية ثانية، تنقل النظام السياسي المغربي من ملكية حاكمة إلى ملكية تحكيمية باختصاصات سيادية استثنائية دستور جديد، ملك مواطن، ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية، رئيس للحكومة ...ما تعليقك ؟إننا أمام مرحلة تاريخية حاسمة تحتاج إلى أجوبة حاسمة تقطع مع التردد الذي جثم على الحياة السياسية لسنوات، أعتقد أننا اليوم نخرج من المنطقة الرمادية إلى منطقة يغلب عليها البياض والوضوح، وهنا يمكن أن أجزم أنه على مستوى الملك فالأمور واضحة اليوم بدون لبس. وقد عبر الملك عن ذلك علانية وبشفافية وصراحة ووضع الشعب المغربي في صورة ما يريده للبلاد وكيف ينظر إلى السلطة، التي أحدث فيها توازنا غير مسبوق من شأنه أن يضعنا على سكة الأمم الديمقراطية المتحضرة، لذا يمكن القول إننا نعيش مرحلة الانتقال الدستوري إلى ملكية ثانية، تنقل النظام السياسي المغربي من ملكية حاكمة إلى ملكية تحكيمية باختصاصات سيادية استثنائية، ونقل التدبير اليومي للسلطة بصفة كلية للحكومة كسلطة تنفيذية وللبرلمان كسلطة تشريعية، برقابة من القضاء كسلطة مستقلة والمحكمة الدستورية كرقابة عليا على دستورية القوانين، إضافة إلى عدد من مؤسسات الحكامة التي ستعمل من مواقعها على تعزيز الحكامة الجيدة والفعالية المؤسساتية، وتكريس الحقوق والحريات الأساسية. كما يمكن أن نسجل أيضا الحضور الممكن بحكم مشروع الدستور الجديد، للمواطن الفرد في صنع السياسات العمومية وفي التشريع والرقابة الدستورية على القوانين، من خلال إمكانية الطعن أمام المحكمة الدستورية، إذا فنحن أمام ملكية مختلفة بملامح مغايرة تماما لما كان سائدا من قبل، وأعتبر ذلك تطورا طبيعيا مقبولا بالقياس على تجارب دولية سابقة، إذن يمكن القول بدون تردد وبدون مبالغة، إننا أمام نموذج جديد في الحكم يوازي ما هو موجود في الملكيات الأوربية، مع استثناءات قليلة، تبقى مقبولة في السياق الحالي.هل تقصد بالاستثناءات ما أشار إليه البعض من استمرار تحكم الملك في السلطة التنفيذية من خلال حق الملك في إقالة الوزراء، التعيين في السلطة القضائية والمحكمة الدستورية وحق حل البرلمان، والسيطرة المطلقة على المجالين الديني والعسكري، كيف تردون على هذه الملاحظات ؟في هذه اللحظة بالذات، أعتقد أن القانون الدستوري المقارن يمكن أن يسعفنا في فهم ما نحن بصدده في بلادنا، والذي يمثل ثورة حقيقية ستنقل بلادنا من الدساتير المجازية إلى دستور حقيقي له طابع إجرائي ووظيفي غير قابل لصياغة تأويلات تناقض مبادئه الصريحة والمضمرة هذا من جهة، من جهة ثانية، فمشروع الدستور الذي عرضه الملك على الشعب المغربي، هو الدستور الممكن بالنسبة إلى المغرب في هذه اللحظة باستحضار واقع النخب السياسية والاقتصادية والإدارية والمالية والقضائية ، وباستحضار الواقع الاجتماعي الذي يؤطر السوسيولوجية الانتخابية، ولهذا يمكن القول إن هذا المشروع القوي صالح لتأطير المرحلة الحالية ولسنوات أخرى مقبلة. وقد فتح المشروع إمكانية الانتقال بالدستور المغربي من دائرة الدساتير الصلبة المعقدة في تعديلها والتي تخلق حول نفسها خطابات أسطورية سواء من قبل المؤيدين أو المعارضين، إلى دائرة الدساتير المرنة التي يمكن تعديلها بمجرد مصادقة البرلمان على ذلك، وهنا يجب الانتباه إلى هذه النقطة، في غاية في الأهمية، وهي من ضمن المقتضيات الجديدة في الدستور، يتيح إمكانية لتحول البرلمان إلى جمعية «تأسيسية» مستمرة ، بحيث يمكن تعديل بعض فصول الدستور لمواكبة التحولات الديمقراطية التي سيعرفها المغرب في المستقبل دون الحاجة إلى الاستفتاء، هذا موجود في عدد كبير من الدول الديمقراطية. أما بالنسبة إلى الاختصاصات التي احتفظ بها المشروع للملك، فهنا يجب أن نوضح مسألة أساسية، خاصة ما يتعلق بالاختصاصات في المجال الديني والعسكري والقضائي، وهي اختصاصات ارتأت كل القوى السياسية والمجتمعية ذات الاعتبار على الساحة الوطنية ، أنها يجب أن تظل اختصاصات خالصة للملك، وهذه مسألة واضحة ليس فيها أي لبس· أما بالنسبة لعلاقة الملك بالحكومة والبرلمان، فإنها في المشروع قد تبدوا ظاهريا نوعا من الرقابة، لكنها في العمق لا تشكل تأثيرا ذا بال حول سير أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالملك لا يمكنه أن يقيل وزيرا في الحكومة بدون قيد، بل يفرض الدستور على الملك استشارة رئيس الحكومة والاستشارة هنا سياسية ملزمة، ولا يمكن أن تنتج أثرا في الواقع سوى باقتناع رئيس الحكومة بجدوى إقالة أحد الوزراء، وأي فهم أو تفسير آخر لهذه النقطة، إنما هو تفسير وتأويل متعسف غير مستوعب لعمق الإصلاحات الجارية، كما أن اختبار هذه النقطة في الممارسة، سيوضح طبيعة الإرادة الملكية التي لا أشك أنها تتطابق مع ما ذهبت إليه من تفسير.لكن معارضي الدستور، خاصة حركة 20 فبراير، يدعون إلى التصويت بلا أو مقاطعة الدستور، كما دعوا إلى استمرار المسيرات، هل تعتقدون أن مشروع الدستور الجديد لم يستوعب مطالب الحركة ولم يقدم إجابات بخصوصها، كما تدعي؟منذ البداية كانت هناك تيارات وشعارات عدمية تؤطر ما يسمى حركة 20 فبراير·لكن هل يمكن أن تنكر فضل هذه الحركة على ما عاشه المغرب من تحولات متسارعة منذ بداية هذه السنة؟بلادنا كانت مستعدة للتغيير وكانت في احتقان منذ الانتخابات الجماعية لسنة 2009، وعمليا منذ خلق حزب الدولة « الأصالة والمعاصرة»، الذي حاول إسقاط نماذج الحكم في تونس وسوريا ومصر على المغرب، لهذا لم يكن أمام بلادنا سوى حل من اثنين إما قبلة الموت مع ما يسمى حزب الدولة، أو إنقاذ الدولة والنظام السياسي بالعودة إلى خط الإصلاحات التي شكل جوهر التوافقات التي أطرت تجربة التناوب التوافقي، ويمكنكم العودة إلى ما كتبناه في هذه المرحلة وما عبرت عنه القوى السياسية الوطنية بخصوص هذه النقطة، طبعا شكلت الأحداث التي جرت في الجوار في تونس ومصر سندا لجعل هذه الملاحظات والانتقادات تأخذ بعدا ماديا وعمليا على صعيد تدبير الدولة ككل، وإذا كان لا بد من أن ننسب الفضل لأصحابه فهنا أقول «رحم الله محمد البوعزيزي»، الذي أعطى بموته الحياة للشعوب والدول في شمال إفريقيا والشرق الأوسط والعالم، حتى دون أن يكون قاصدا لذلك ..فقد مرت في تاريخ المغرب المستقل أكثر من خمسيحركة مثل 20 فبراير، لماذا لم تنتج أي شيء في الواقع؟ دعونا نتحدث بحديث الصدق بعيدا عن تضخم الأنا ومحاولة الركوب على الأحداث والوقائع ، مع القول بكل موضوعية أيضا إن مبادرات الفاعلين في 20 فبراير ممن تحركهم هواجس الإصلاح الحقيقي، كان لها أثر فيما جرى ويجري وسيجري في المستقبل، أما الموقف من الدستور، فأعتقد أن كل القوى الوطنية الديمقراطية كمجموعات وأفراد ممن اختاروا التعبير في الشارع عن مطالبهم، سوف يقدمون تقييما إيجابيا لمشروع الدستور الذي عرضه الملك ، وشخصيا هذه هي الفئة في 20 فبراير التي تهمني مواقفها، وسأحترمها حتى لو دعت إلى التصويت بلا أو المقاطعة، أما بالنسبة إلى التيارات العدمية من أقصى اليمين وأقصى اليسار، فإنها تعزف نغمات شاذة لا تطرب أحدا، وهي أصلا غير معنية بشيء اسمه الدستور، فكل نظرياتها وفلسفتها في الحكم، هي قيام أنظمة شمولية ديكتاتورية قمعية مطلقة استبدادية وتسلطية، فنموذجه الخرافة وكوريا الشمالية، لا ينتظر منه خير.ما هو موقف حزب الاستقلال وهل كانت لكم تحفظات على مسودة المشروع كما عرضت عليكم ؟ حزب الاستقلال ظل وفيا لمقاربته الواقعية والموضوعية للنسق السياسي المغربي بأبعاده الاجتماعية، خاصة بطء تحول البنيات الاجتماعية، وكما دافع حزب الاستقلال في بداية الستينات عن إخراج البلاد من عهد اللادستور إلى عهد الدستور، ولم يسايرنا في ذلك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو ما أعطى دستور 1962 والذي كان متقدما بالنظر إلى المرحلة التي صدر فيها ، واليوم نعود في مقتضيات المشروع الحالي إلى بعض المقتضيات التي جاء بها دستور 1962 من قبيل حق رئيس الحكومة في المراجعة الدستورية ، قلت سوف نظل أوفياء لمنهجيتنا التي قاطعنا فيها دستوري بداية السبعينات ودستور 1992 وصوتنا تصويتا سياسيا على دستور 1996 الذي أفسح المجال لقيام تناوب توافقي أنهى القطيعة بين الحركة الوطنية والقصر. واليوم نعتبر في حزب الاستقلال أن المشروع الحالي سوف ينقلنا كما سبق وان أجبت من دستور مجازي ومزاجي، يحتمل كل شيء ويضيق بنفسه، إلى دستور عصري ديمقراطي إلى حد كبير، إجرائي ووظيفي، طبعا كانت لنا بعض التحفظات لكنها لا تمس بالبناء العام للوثيقة ويمكن أن أذكر هنا مسألة تخصيص البرلمان بالتشريع وحده ، وهو ما أجاب عنه الملك في خطاب التقديم صراحة، ثم مسألة تمثيل الجالية المغربية في العالم في الغرفة الثانية، فالصيغة التي جاءت في المشروع تؤجل الأمر ، لكن المبدأ تم تكريسه دستوريا، علما أن الجالية فتح لها الباب واسعا للمشاركة الانتخابية في بلدان الإقامة من خلال تنصيص المشروع على حق الأجانب في التصويت في المغرب بمناسبة الانتخابات المحلية. وهذا الأمر سوف يعطي قيمة مضافة وسلطة للجالية خاصة في البلدان الأوربية، عدا ذلك فإننا سوف نحكم على الدستور من خلال تطبيقه في الواقع فالممارسة هي الاختبار الحقيقي للإرادات، فوثيقة دستورية جيدة لا تعني كل شيء، إذ أن بلادنا يجب أن تشفع ذلك بإصلاحات وإجراءات للثقة، نعتقد أن أبرز رسائلها هو تغيير واسع على مستوى الإدارة الترابية ، خاصة الولاة والعمال ممن كان الفضل في تعيينهم لحزب الأصالة والمعاصرة بهدف خدمة مشروع أفلس قبل أن ينطلق ، إذ أن نزاهة الانتخابات هي الضمانة الوحيدة التي تمكننا من الحديث بتفاؤل عن المستقبل، وأن أي محاولة للتلاعب بإرادة الناخبين أو التأثير على العملية الانتخابية سوف ستنسف لا قدر الله كل شيء.اليوم الملك هو قائد الإصلاح وثورة الإصلاح ونحن نثق في منهجية الملك، الذي لم يعد مسموحا بعد اليوم لأي كان أن يتحدث باسمه أو بتلك العبارات السخيفة التي كانت توظف بنوع من التأمر «الجهات العليا تريد»، «تعليمات عليا تأمر»، «الجهات العليا غير راضية عن هذا المرشح أو الحزب»، هذه المنهجية أعلنت جنازتها في الخطاب الملكي لـ 17 يونيو ، لذا أقترح أن يكون يوم 17 يونيو يوم عيد «عيد الدستور»كما هو موجود في عدد من بلدان العالم، وهي مبادرة سوف تكون بيداغوجية، لتذكير المواطنين على الأقل مرة في السنة بأهمية الوثيقة الدستورية، وأن لا يكون النقاش حول الدستور مرة كل 15 سنة· أجرى الحوار : عبدالله الكوزي

بن حمزة: نموذج جديد في الحكم يشبه الملكيات الأوربية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قيادات سياسية : الدستور الجديد ثورة حقيقية

تقليص أعضاء مجلس المستشارين يشعل "حرب" التزكيات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات