رأي: دور المحامي أثناء التحقيق الإعدادي (2/3)

الدفع بعدم الإطلاع على ملف القضية يجب أن يقدم قبل البدء في الاستنطاق التفصيلي أو المواجهة إن حق المتهم في المؤازرة بمحام أثناء التحقيق الإعدادي يعد من أسس المحاكمة العادلة لما يشكله حضوره من ضمانة لسلامة الإجراءات المسطرية وموافقتها للقانون، فضلا عن بعث الطمأنينة في نفس المتهم والحيلولة دون إدلائه بتصريحات قد تستعمل ضده. حضور المحامي عند الاستنطاق التفصيلي يجد إلزاميته من خلال المادة 139 من ق م ج التي تنص على أنه: «لا يجوز سماع المتهم والطرف المدني أو مواجهتهما إلا بحضور محامي كل منهما أو بعد استدعاء هؤلاء المحامين بصفة قانونية، ما لم يتنازل أحد الطرفين أو كلاهما صراحة عن مؤازرة الدفاع.» ويلعب تنظيم عمل قاضي التحقيق دورا مهما في هذا المجال فإذا انتهى الاستنطاق الأولي وحدد القاضي المذكور تاريخ جلسة الاستنطاق التفصيلي، فإنه يشعر بذلك المتهم ومحاميه الحاضر تفاديا لكل عراقيل التبليغ، لما لذلك من أثر على حق الدفاع خاصة في إطار وضع ملف القضية رهن إشارة المحامي قبل كل استنطاق أو استماع بيوم واحد على الأقل. وفي حالة ما إذا كان المحامي قد بلغ بتاريخ جلسة الاستنطاق الأولي وضمن ذلك في المحضر (الفقرة الثانية من المادة 139 من ق م ج )، فإنه يسهل عليه الإطلاع على ملف القضية ويتصل بمؤازره وُيعد وسائل إثباته وبالجملة يحضر وسائل دفاعه دون الخضوع للإكراه الزمني الذي يسببه الاستدعاء قبل الاستنطاق بيومين على الأقل المنصوص عليه في المادة 139 من ق م ج، علما أن المحامي يتحمل أعباء جسيمة في ممارسة مهنته. أ ـ حق الإطلاع على ملف القضية: ولما كان حضور المحامي عند استنطاق المتهم تفصيليا، يسبقه واجب الإطلاع على الملف قصد إعداد الأسئلة ومراقبة وسائل الإثبات التي ترافق محضر الضابطة القضائية أو الشكاية المباشرة، فإن المادة 139 من ق م ج أوجبت وضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم وكذا محامي الطرف المدني، قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل، ورغم قصر المدة التي لا تفي بالمطلوب، فإن الإخلال بهذا الإجراء يرتب بطلان محضر الاستنطاق طبقا للمادة 210 من ق م ج وكذلك بطلان الإجراءات الموالية له، هذا بعدما يحال الملف على الغرفة الجنحية التي تحدد ما إذا كان البطلان يقتصر على الإجراء المعيب أو على الإجراءات الموالية له حسب مقتضيات المادة 211 من ق م ج. والعمل القضائي على مستوى المجلس الأعلى، أكد بدوره خطورة خرق إجراء الاطلاع على ملف التحقيق، وهكذا، قضى في تاريخ سابق: «ببطلان إجراءات الاستنطاق لأن الملف لم يوضع رهن إشارة محامي الظنين». والدفع بعدم الإطلاع على ملف القضية يجب أن يقدم قبل البدء في الاستنطاق التفصيلي أو المواجهة، كما يجب التثبت من تسجيل ذلك في محضر الجلسة تحت طائلة سقوط الحق في الدفع بذلك فيما بعد. الحضور عند الاستنطاق وتوجيه الأسئلة: عند الاستنطاق التفصيلي يجوز لمحامي المتهم أو محامي الطرف المدني توجيه الأسئلة بعد إذن قاضي التحقيق لهما بذلك، فإن رفض الإذن لهما بالكلمة تعين تسجيل الأسئلة في المحضر أو إرفاق نصها به، ويجب على المحامي التأكد من ذلك والحرص عليه. ومن نافلة القول أنه لا يجوز سماع المتهم والطرف المدني أو مواجهتهما إلا بحضور محامي كل منهما أو بعد استدعائهما بصفة قانونية ما لم يتنازل أحد الطرفين أو كلاهما صراحة عن مؤازرة الدفاع ويكون محضر الجلسة وسيلة إثبات ذلك. وفي هذا الصدد قضت محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 30/03/2004 أن: «إجراء المواجهات أو الاستماع إلى المتهم أو الطرف المدني في غيبة دفاعه ومن دون إشعاره يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق.» كما قضى المجلس الأعلى في هذا الإطار أيضا: «إن الهدف من حضور محامي المطالب بالحق المدني أثناء استنطاق المتهم تفصيليا هو الدفاع عن حقه وإبداء رأيه عن طريق الأسئلة التي يلقيها على المتهم بخصوص أمور تمس مصالحه المدنية». وعن دور المحامي في مرحلة التحقيق خلال الاستماع إلى الطرف المدني وعند المواجهة، تسري مقتضيات حضور ومهام المحامي أثناء الاستنطاق التفصيلي، يسري ذلك أيضا عند إجراء المواجهات بين المتهم وغيره أو عند الاستماع إلى الطرف المدني. فالغاية من التحقيق الإعدادي هي تقصي الوقائع وكشف الحقيقة، والمحامي بناء على أنه يساعد العدالة للوصول إلى ذلك، فإن ما يضيفه خلال هذه المرحلة من بيانات ومستندات يؤثر لا محالة على قرار قاضي التحقيق ولفائدة الحقيقة بغض النظر على ثبوت أو عدم ثبوت التهم المنسوبة إلى المتهم، ما دام أن أمر ذلك موكول لقاضي التحقيق في هذه المرحلة. وقد ثار نقاش حاد حول حضور محامي الطرف المدني أثناء استنطاق المتهم تفصيليا بناء على المادة 140 من ق.م.ج، فالغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بسطات قضت في هذا الإطار بعدم جواز حضور دفاع الطرف المدني خلال التحقيق الإعدادي مع المتهم بناء على عدم وجود نص بقانون المسطرة الجنائية يجيز ذلك، وبناء على قاعدة سرية التحقيق المنصوص عليها في المادة 15 من القانون نفسه، وبالتالي أيدت أمر قاضي التحقيق الذي سار في اتجاهها. لكن المجلس الأعلى بعد رفع الطعن بالنقض لديه في القرار المذكور الصادر عن محكمة الاستئناف بسطات عدد 36/4 الصادر بتاريخ 23 فبراير 2004 ، قضى بنقضه وإبطاله على أساس أن الغرفة الجنحية أساءت تطبيق سرية التحقيق، وخرقت إجراء جوهريا في المسطرة، وأخلت بحقوق دفاع الطرف المدني بناء على كون حضور هذا الأخير أثناء استنطاق المتهم تفصيليا هو الدفاع عن حقه وإبداء رأيه بواسطة المحامي عن طريق الأسئلة التي يلقيها على المتهم بخصوص أمور تمس مصالحه المدنية، وأن ذلك لا يتأتى إلا بالسماح لمحامي الطرف المدني بحضور جلسة الاستنطاق. بقلم: مصطفى أشيبان: دكتور في الحقوق

رأي: دور المحامي أثناء التحقيق الإعدادي (2/3)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرياضة في الدستور لأول مرة

متهم بـ 12 سرقة أمام جنايات فاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات