الضحايا يرسمون خارطة “انتهاكات” المجلس الاستشاري

جمعية 20 يونيو: ملف أحداث 81 كان حملا ثقيلا على الدولة حاولت طيه بسرعة قياسية صنف تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الصادر في دجنبر 2009 حول متابعة تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، ملف ضحايا أحداث الدار البيضاء 20 يونيو 1981 ضمن الملفات الكبرى للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعلى هذا الأساس انكب المجلس، رغم عدد من الملاحظات المسجلة من طرف الضحايا وعائلاتهم، على تسوية ملف المقابر الجماعية وجبر الضرر الفردي والجماعي وأجرأة المقررات التحكيمية الخاصة بآليات الإدماج الاجتماعي وآليات ومشاريع حفظ الذاكرة وضمانات عدم التــــكرار.ورغم ما يمكن اعتباره مجهودا قام به المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، قبل حله وتعويضه بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يؤاخذ الضحايا، ممثلين في جمعية 20 يونيو 1981، على رفاق أحمد حرزني تسرعهم في الوصول إلى عدد من الخلاصات وتنفيذ مساطر فيما يشبه سباقا مع الزمن للانتهاء من المهمة الملقاة على عاتقه. وكثير من هؤلاء الضحايا يعتبرون أن التعويضات وطبيعة جبر الضرر الفردي والجماعي المقترحة لا تتناسب وحجم الانتهاكات التي طالتهم، كما تنص على ذلك المواثيق والعهود الدولية والتجارب المماثلة في العدالة الانـــــــتقالية.وركزت جمعية 20 يونيو 1981 في عدد من تقاريرها على عدد من الملاحظات، ضمنها تفاصيل نبش المقبرة الجماعية وإعادة دفن الرفات، ويتعلق الأمر، هنا، بـ114 حالة قتل خارج القانون أسفرت عنها أحداث 20 يونيو الدامي. وأكدت الجمعية أن 24 حالة، من إجمالي الحالات المتوصل إليها، ذكرها التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة، فيما توصلت لجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس إلى 50 حالة أخرى، وهي الحالات المكتشفة داخل مقبرتين جماعيتين قادت إليها التحريات داخل ثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي، أي أن مجموع الرفات التي أعيد دفنها في مقابر فردية بالمكان نفسه هي 74 حالة، بفارق 38 حالة تظل مجهولة إلى حد الآن، ولم تتوفق كل من الهيأة ولجنة المتابعة في الوصول إليها، بسبب قصور في التحريات وتهميش شهادات مهمة كانت ستفيد في تحديد أماكن الدفن، ناهيك عن إقصاء ضحايا 81 من جلسات الاستماع الــــعمومية.وفي موضوع ذي صلة، نبهت الجمعية إلى التناقضات التي شابت خلاصات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بخصوص استخراج رفات ثكنة الوقاية المدنية، وذلك بين الإقرار، ضمن تقرير دجنبر، بالتعرف عليها ضمن الشروط القانونية والعلمية والدينية المطلوبة، ثم إعادة دفنها في قبور فردية وتسليم شهادات الوفاة لذوي حقوق بعض الشهداء، قبل أن يعود المجلس، في سياق آخر من التقرير نفسه، إلى نفي إجراء أي تحريات معمقة لتحديد هوية الرفات، أو استخراج المعطيات الأنتروبولوجية والتيقن من جدوى إجراء التحليل الجيني.وفي هذا الإطار، طرحت الجمعية عددا من الأسئلة عن الكيفية التي اعتمدها المجلس لإقناع بعض العائلات باستلام شهادات الوفاة، بما يقتضيه ذلك من احترام للضوابط القانونية والأخلاقية والإنسانية، مستغربة تصريح المجلس بتحديد هويات الرفات يوم 9 دجنبر 2005 في غياب الوسائل العلمية الكفيلة بذلك، علماأن المختبرات العلمية الوطنية الأمنية ذات الاختصاص لم تكن تتوفر في هذا التاريخ على الخبرة والوسائل اللازمة لمباشرة هذا النوع من العمليات، كما أن المجلس لم يوقع على بروتوكول التعاون مع وزارة الداخلية ووزارة العدل وقيادة الدرك الملكي إلا بتاريخ 12 فبراير 2008 .بالنسبة إلى الملفات المصنفة خارج الآجال، تقول الجمعية إن المجلس لم يتناول في تقريره قضية الملفات خارج الآجال إلا من زاوية القتلى، بدليل وصوله إلى عائلات بعض الشهداء وتمكينهم من وضع ملفاتهم لدى هيأة الإنصاف والمصالحة، ما مكن من فتح 50 ملفا جديدا، لكن الحقيقة التي تؤكد عليها الجمعية أن كل هؤلاء الذين صنفت ملفاتهم خارج الآجال، بدعوى تأخرهم في وضع ملفاتهم لدى هيأة الإنصاف والمصالحة، أو عدم استكمال ملفاتهم بالوثائق اللازمة داخل الآجال الزمنية المحددة، لا يمكن أن ننزع عنهم حقهم في الإنصاف وجبر الضرر والتعويض والجبر كما تنص على ذلك المواثيق و المعاهدات والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص.وتطرقت الجمعية، أيضا، إلى موضوع جبر الضرر الفردي و الجماعي، مؤكدة أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أهمل كل المشاريع التي تقدم بها أعضاء الجمعية في إطار تأسيس تنسيقيات جهوية لبلورة واستقبال مشاريع جبر الضرر الجماعي المناطقي ( بشراكة مع برنامج ميدا)، دون التطرق إلى جبر الضرر الفردي الذي يتمثل في التعويضات الهزيلة التي كانت من نصيب هذه الفئة وبعض منها قضى وراء القضبان زهرة عمره ليجد نفسه أمام تعويض هزيل لا يكفيه للتخلص من العاهات والأمراض المزمنة التي حملها معه من السجن.ومن بين هفوات تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بخصوص الإدماج الاجتماعي، الأخطاء التي شابت عددا من المقررات التحكيمية التي كانت سببا في حرمانهم من الحق في الإدماج الاجتماعي رغم قضائهم مددا سجنية تجاوزت عشر سنوات كما نص على ذلك تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة. وحتى الضحايا المستفيدون من الإدماج فإنهم لا زالوا ينتظرون تفعيله، فالتقرير لا يتحدث إلا عن نوايا واتصالات مع الحكومة والقطاع الخاص دون ترجمة ذلك على أرض الواقع، وما زال الضحايا يتساءلون عن طبيعة ذلك الإدماج وتوقيته، علما أن أغلبهم تجاوز السن القانوني للإدماج، سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص.في النقطة المتعلقة بالتغطية الصحية، اكتفى المجلس، حسب الجمعية، بتسوية ملفات 400 شخص، أغلبهم من ذوي حقوق الشهداء الأحداث والمعتقلين، في الوقت الذي لا زال عدد كبير من الضحايا يجترون أمراضهم وعاهاتهم دون أي تغطية صحية بدعوى وجود ملفاتهم خارج الآجال. يضاف إلى ذلك، أن التغطية الصحية الأساسية الممنوحة للضحايا بمقتضى الاتفاقية الموقعة مع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي لا تتلاءم مع وضعية الضحايا، لأن التغطية التي يوفرها الصندوق المذكور موجهة أساسا إلى موظفي الدولة وأعوانها الذين لهم القدرة على أداء قيمة الأدوية والعلاجات في انتظار صرف التعويضات، وثانيا لأن التغطية لا تغطي مجموع الأمراض والأدوية التي يحتاجها الضحايا وعائلاتهم، في غياب أي تفكير في تغطية صحية تكميلية على غرار أعضاء المندوبية وجيش التحرير مثلا. يوسف الساكت

الضحايا يرسمون خارطة “انتهاكات” المجلس الاستشاري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رأي: مشروع قانون قضاء القرب بدون كاتب للضبط

عبد الله الزويد: حياتي توقفت عند ظهيرة 20 يونيو 1981

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات