الـنـقـاش حـول الـبـكـارة يـشـبـه الـرسـم عـلـى المـاء

حكاية الشاب الذي حاول التغطية على عجزه الجنسي بدواء أحمر تحول إلى أزرق يُحكى أن شابا بدويا يعاني عجزا جنسيا عضويا لازمه فترة طويلة، ظل يواريه على أقرب أفراد عائلته، وضمنهم والدته وشقيقاته اللواتي لا شغل لهن، يوميا، غير إغوائه بمغانم الزواج من ابنة خالته المقيمة بإيطاليا، ما رضخ إليه المسكين على مضض بالغ.استعان الشاب بالله واستغفره مرات متتالية، وحزم أمره وتوجه إلى خطبة الفتاة من والديها، ولم يخطر بباله أن أول شرط تلقيه خالته في وجهه إشهار علني لليلة الدخلة، بمعنى أوضح أن الحماة تريد عرسا "فاعلا تاركا" يتقدم مراسيمه ذاك السروال الأبيض الملطخ بالدم، حجة، على رؤوس الأشهاد، على شرف ابنتها المصان.وقبل أن ينبس الشاب بكلمة تعليقا على مقترح خالته، ملأت والدته وشقيقاته ملئن المكان بزغاريدهن المجلجلة وأصواتهن التي ألقت الصلاة والسلام على رسول الله عدة مرات، فيما يشبه الأمر الواقع الذي قبله على مضض "عاود ثاني"، ووحده يعلم ما في جــــــعبته.خرج الشاب من منزل خالته لا يلوي على شيء سوى بالبحث عن حل جذري يخرجه من هذه الورطة. وقبل أن يصل إلى الدوار، اشتعلت في رأسه فكرة جهنمية: شراء قنينة من الدواء الأحمر ودلقها، ليلة الدخلة، فوق السرير "ويا دار ما دخلك شر"، على نحو ما يردد أشقاؤنا المصريون في مثل هذه الأوقات العصيبة.في أول فرصة، نزل الشاب إلى المدينة، واتجه رأسا إلى الصيدلية وطلب دواء أحمر، لكن حدث أن اختلط على الصيدلي الأمر فدس له دواء بلون أزرق في كيس بلاستيكي، بدل الدواء المطلوب. مد الشاب يده مرتبكا إلى الكيس البلاستيكي ووضعه تحت جلبابه في انتظار الليلة الموعودة.دقت ساعة الصفر، وتجمع النساء والأطفال والفتيات العازبات أمام باب الغرفة وعلا الضجيج واختلط الحابل بالنابل وارتبك الشاب أكثر، وفي غفلة من زوجته، سحب قارورة الدواء الأزرق ودلق محتواها فوق السروال الأبيض وجزء من الإزار المطرز، وما إن غادر السروال الأبيض ظلام الغرفة إلى نور العلن، حتى اندهش الجميع من رؤية سائل أزرق بدل اللون الأحمر القاني، كما جرت الطبيعة على الأقل. وأمام استغراب الضيوف، ما كان من العريس إلا أن التفت إلى عروسه مزمجرا بعيون منفلتة: "بقيتي أمسخوطة كطيري حتى وصلنا لْمَــــرارة".الحكاية، رغم طرافتها، تعكس جانبا من الرعب الذي تشكله ليلة الدخلة لدى عدد من الشباب والشابات المقبلين على الزواج. وتشبه هذه الليلة، التي مازالت طقسا عاديا في عدد من المدن والقرى المغربية، كثيرا ذاك الامتحان الصعب الذي قد يعز فيه المرء حتى يطاول الأسود في زئيرها، أو يهان ويمسخ حتى يصير نملة، رغم أن الأمر غير متروك للاختيار في كثير من الأحيان.إن المسألة في الأول والأخير، حسب هذا المنطق، يحسمها أمران متلازمان: الأول أن يكون العريس مؤهلا من الناحية العضوية والنفسية والعصبية لهذا النوع من الاختراق وتحقيق مكاسب ناجعة على أرض الواقع، ولا مجال هنا للتحجج بأي عذر ولو تعلق الأمر بعجز جنسي خلقي، والثاني، أن تقدم العروس الدليل القاطع من لحمها ودمها على أهليتها للزواج الذي يقطر شرفا، وليس لها في هذه الحالة غير وسيلة واحدة هي إثبات أن غشاء بكارتها مازال في حالة جيدة لم يمسسه إنس أو جان.معادلة صعبة قد لا تستقيم بالنسبة إلى هؤلاء الذين ينظرون إلى الأمر من زاوية أخرى. فالعلاقة الحميمة هنا تصبح شأنا خاصا بين الزوجين يفعلان بها ما يشاءان ومتى شاءا، ودفوعاتهم في ذلك، أن العجز الجنسي لم يكن، يوما، دليلا قاطعا على افتقاد الرجولة التي تعني قيما إنسانية نبيلة وشهامة تتقاسمها المرأة والرجل سواء بسواء، ولا علاقة لها بتلاشي هذا العضو أو رخاوة عضو آخر. كما أن البكارة لم تنتصب، في وقت من الأوقات، حجة على العفة وعلامة شرف، فقد يحصل أن يرتق هذا الغشاء بضربة عملية تجميل ينجزها طبيب مبتدئ، أو قد تبتاع الواحدة منها "ميد.إن. شينا" من أصغر محل بدرب عمر بثمن لا يزيد عن عشرة دراهم.هنا يزداد الأمر تعقيدا، ويتحول نقاشا حول ثنائية الشرف والبكارة مثل الرسم على الماء، "تعيا ما تخطط، لكن غادي تخربقها تخربقها"، والله أعلم "عاود ثاني". يوسف الساكت

الـنـقـاش حـول الـبـكـارة يـشـبـه الـرسـم عـلـى المـاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عريضة للمطالبة بإسقاط البكارة

"عفة" المرأة لا تقابلها "عفة" الرجل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات