الحمداوي: البكارة مؤشر على درجة اعتلال أو سلامة المجتمع

الباحث في علم الاجتماع يرى أن الرجل معني بدوره بماضيه الجنسي وأن نظرة المجتمع إلى المرأة تحدد نوعية العلاقة بين الجنسين يرى الباحث إبراهيم الحمداوي أن تمثلات المجتمع للبكارة تصنعها وسائط التنشئة من أسرة ومدرسة وإعلام وثقافة اجتماعية، وأن تمثل البكارة يعتبر مؤشرا على درجة اعتلال أو سلامة المجتمع وعلى تقدمه أو تأخره أو تكامله على مستوى الحقوق والواجبات وحقوق الإنسان وعلى درجة تقدمه وحداثته. هل البكارة شأن شخصي اليوم في المغرب قبل أن تكون شأنا مجتمعيا؟توجد في الحقل العلمي عدة نظريات تمكننا من فهم على الأقل ولو جزئيا ما الذي يدفع إلى التمايز والتفاوت بين الذكور والإناث ؟ وكيف تحتل المرأة مكانة لا تصل إلى مستوى الرجل ؟ هل هذا التفاوت يمكن فهمه وتفسيره من خلال الاعتبارات البيولوجية والطبيعية ؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك إلى طرق التنشئة الاجتماعية ؟ يمكن القول بأن تمثلات المجتمع للبكارة تصنعها وسائط التنشئة من أسرة ومدرسة وإعلام وثقافة اجتماعية، فمن تحليل نشاط مجتمع ما وطرق التنشئة الاجتماعية إلى دينامية الفرد النفسية ، اهتم العديد من المفكرين في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بتفسير وضعية المرأة من خلال القوانين والعادات والأعراف والقيم التي تعالج غالبا من زاوية الطبيعة والدين والقيم الاجتماعية التي تفرض هذه التمثلات وهذه التمايزات بين الجنسين لاعتبارات وادعاءات معينة. إن البكارة كانت موضع اهتمام العديد من المفكرين والنسائيين الذين قدموا لها تفسيرات متعددة وحاولوا تفنيد الادعاءات التي يقوم عليها هذا التمايز.ويتعلق موضوع هويات النوع وجسد الأنثى والبكارة بنسق المجتمع وبمؤسساته، ويرتبط وضعه بتحديد واقع المجتمع وأهدافه وظروفه، وعلى هذا الأساس يجب دراسته باعتباره سلوكا اجتماعيا مرتبطا بسياق سوسيوثقافي وسياسي وديني وشخصي معين، وأيضا بظروف بذاتها وتنشئة اجتماعية. ويمكن القول بأن تمثل البكارة يعتبر مؤشرا على درجة اعتلال أو سلامة المجتمع وعلى تقدمه أو تأخره أو تكامله على مستوى الحقوق والواجبات وحقوق الإنسان وعلى درجة تقدم المجتمع وحداثته، وهو ما يجعله موضوع اهتمام علم الاجتماع لأنه مرتبط ببنائه وأنساقه ويعكس ظروف المجتمع السياسية والثقافية والاقتصادية وقيمه وأدواره وأنساق الضبط ومراكز القوة والضعف فيه. ألا تعتقد أن إعادة ترقيع البكارة دليل على استمرار الحواجز الثقافية والدينية ذاتها في تعامل المجتمع مع المرأة؟البكارة تعني أن الشريك ليست لديه علاقات جنسية سابقة، وهذا اختلال، إذ لا يجب اختزال المرأة في الصورة الجسدية، لأن ذلك يكرس دونيتها، فالرجل هو الآخر معني بماضيه الجنسي والعاطفي ويجب التعامل بنوع من المساواة في هذا الجانب وجوانب أخرى، فالاختلالات والتفاوتات بين الجنسين لا تجد أسبابها في الرجل أو في المرأة رغم أهميتهما، بل في الأسرة والمجتمع وفي قيمهما وفي التغيرات الاجتماعية والسياسية والتنشئة الاجتماعية التي يعرفها المجتمع، إذ لا يمكن البحث عن الأسباب في الأفراد أو في جنس ما أو قبيلة أو أسرة ما ، بل في المجتمع / المجتمعات بكاملها ( ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ). وهنا يمكن أن نطرح فكرة التنشئة الاجتماعية كاختلال رئيسي لظهور وتكريس التفاوت واللامساواة في التعامل مع النوع، وفي اختصار كرامة المرأة في قطرات دم. كيف ترى المبادرات الرامية إلى رفع طابو البكارة في المغرب وهل الأمر مرتبط بتحولات سوسيولوجية؟لقد اعتمد المجتمع المغربي والمجتمعات الإنسانية في الشرق والغرب على العموم تنشئة اجتماعية صاحبتها قيم ومفاهيم اجتماعية تقليدية ومواقف وسلوكات وأنماط عيش أعلت من شأن الرجل وكرست دونية المرأة ، لذلك فسؤال المطروح يهم الكشف عن العلاقة المحتملة / الموجودة بين القيم الاجتماعية والثقافة التي تنقل عبر التنشئة الاجتماعية وتستدمج في الأفراد، وبين اللامساواة والتفاوت بين الجنسين وتكريس دونية المرأة. أعتقد أن معالجة هذا الأمر لا يبنغي النظر اليها كجزئية بل ينبغي النظر الى مشكلات النوع الاجتماعي من منظور شامل مرتبط بثقافة المجتمع وبمؤسساته ونظمه التربوية والسياسة، أي أن الأمر يتطلب تغيرا اجتماعيا شاملا. كيف تنظر إلى تعامل شباب اليوم مع شرط البكارة في الزواج؟ لقد اعترف المجتمع للأسرة بالسلطة على الأطفال، بل تدفع بعض المجتمعات الأسر إلى ممارستها باعتبارها شرطا موضوعيا لنقل قيم المجتمع التي هي بالضرورة قيم الأسرة أيضا لضمان خضوع الطفل لقيم الجماعة ومعاييرها وأحكامها ومضامينها، ومن تم ضمان استمرارية ثقافة المجتمع عبر ضمان استقرار هياكله ومؤسساته ، لذلك نتساءل: ما هي طبيعة القيم المفروضة على الطفل؟ وإلى أي مدى تتساوى الأسر في توجهاتها للأطفال الذكور والإناث؟ وكيف يستجيب لها الطفل حسب جنسه وسنه ؟ وما هي النتائج التي تترتب على هذه الأنواع من العلاقات بين الطفل ومؤسسة الانتماء الاجتماعي التي هي الأسرة بطبيعة الحال ؟ وما هي الصورة أو التمثل الذي تقدمه وسائل الإعلام عن المرأة وجسدها و بكارتها ؟ كيف تتحدد هوية المرأة عبر ومن خلال وسائط التنشئة الاجتماعية ؟ عبر هذه المنطلقات، تنبع أهمية محاولتنا دراسة القيم الأسرية والتي هي امتداد لقيم المجتمع المؤطرة لهوية النوع. إن مختلف العلاقات داخل الأسرة لازالت خاضعة لأنساق قيمية تؤطر وتحدد بشكل صارم مختلف العلاقات بين الرجل الأب والمرأة الأم من جهة، وطبيعة التوجه إلى الأطفال من الذكور والإناث بقصد تنشئتهم حضاريا واجتماعيا من جهة أخرى. إن المتأمل في الأسرة يجد عدم تكافؤ الفرص والعلاقات والتناقض في التعامل مع الذكور والإناث، فالمرأة تحتل المركز الاجتماعي الأسفل نظرا لما حملها المجتمع من قصور وتبعية و»شيطنة»، ويحتل الرجل على العكس من ذلك مركز القوة والجبروت باعتباره حامل الرزق وضامن مستقبل الأسرة ومبعث أمنها الوجودي، وتصب هذه المنطلقات عبر قنوات أو قوالب في شخصية الأطفال بغية إعادة إنتاج نفس القوالب المعمول بها اجتماعيا. يمكن القول إذن بأن التكوين النفسي الاجتماعي للرجل والمرأة وما يتم بينهما من علاقات وتفاعلات، غير متكافئة. أجرى الحوار: رشيد باحة

الحمداوي: البكارة مؤشر على درجة اعتلال أو سلامة المجتمع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحالف الاشتراكي يؤكد استمرار خطر الإرهاب

أنواع غشاء البكارة تختلف حسب الفتيات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات