تعقيدات تؤثر على الحياة المدرسية لتلاميذ البيضاء

توريد المشاكل الاجتماعية يفرض على المدرسة ان تستجيب وقائيا وعلاجيا ولخلق آليات دفاع ضد مشاكل المحيط وإنتاج ثقافة مدرسية قوية أقدمت خلية من الباحثين في التربية، بتكليف من أكاديمية الدار البيضاء، على إجراء دراسة ميدانية في موضوع الحياة المدرسية بمؤسسات التعليم الابتدائي بالمدينة ذاتها، استندت أساسا على المقابلات. وعرضت نتائج هذه الدراسة في سياق دورة تكوينية لفائدة المديرين والمفتشين التربويين احتضنها مركز تكوين المعلمين غاندي يومي 21 و22 مارس الماضي، وبالنظر إلى أهمية هذه الدراسة، وتعميما للفائدة، نورد مقتطفات منها، مع التركيز على التوصيات التي انبنت على نتائجها. يخضع نمط عيش تلاميذ التعليم الابتدائي بأكاديمية الدار البيضاء لتأثير نمط الحياة المعقدة داخل المدينة، حيث هشاشة العلاقات الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية، خاصة في المجال شبه الحضري، وحيث تدهور شروط العيش في مناطق حضرية ينعكس مباشرة على الفضاء المدرسي. إن توريد المشاكل الاجتماعية إلى داخل الفضاء المدرسي يفرض على المدرسة أن تستجيب على نحو وقائي وعلاجي في الوقت نفسه، وأن تعطي لنفسها أكبر قدر من الأدوات لخلق آليات دفاع ضد مشاكل المحيط الاجتماعي وآليات تدخل تجعلها فضاء قادرا على إنتاج ثقافة مدرسية قوية تستطيع أن تدمج التلميذ في منطقها على نحو مستمر. هذا التحدي يكبر على نحو خاص بالنسبة إلى مجال الدار البيضاء، ويحمل دلالة خاصة أيضا عندما يتعلق الأمر بالمدرسة الابتدائية التي يمكن اعتبارها الفضاء الذي يتحكم في العلاقتين الأساسيتين اللتين على التلميذ أن يقيمهما خلال دراسته الابتدائية: علاقة التباعد مع المنطق الاجتماعي المنزلي من أجل الاندماج في منطق المؤسسة المدرسية، وعلاقة الانخراط في الدراسة لامتلاك وسائل التوجه نحو مراحل التعليم اللاحقة. من هذا المنظور وبناء على نتائج هذه الدراسة قدمت الورقة ست توصيات، تهم الأولى:التدخل على مستوى إطار حياة التلاميذ داخل المؤسسات، على المدى القريب، وذلك بتعبئة الفاعلين التربويين بالمدارس الابتدائية والتلاميذ، بمساهمة فعاليات المجتمع المدني والممثلين المحليين، من أجل تنظيم حملة شاملة لأنسنة الفضاءات المدرسية، والتدخل لدى التلاميذ والأسر من خلال حملة تواصلية من أجل تحسيسهم وتعريفهم بمقومات الوجود داخل المدرسة، واقتراح حصة شهرية يطلق عليها "حصة الحياة المدرسية" يتناول خلالها المدرس مع فصله المظاهر المسجلة لديه ولدى التلاميذ، المتعلقة بالحياة داخل المدرسة.أما على المدى المتوسط فيتعين وضع إطار للحياة المدرسية بمعناها الشامل، يتضمن المبادئ والآليات التنظيمية وخطط العمل وشروطه وتنظيم تتبعه وتقييمه، من أجل تنظيم وجود التلميذ داخل المدرسة وتقوية الثقافة المدرسية.ولكي تؤدي فضاءات المدرسة وظيفتها التربوية والاجتماعية لابد من تهيئتها على نحو مستمر ومنظم ومتكامل، كما إن إدماج التلاميذ في عمليات الحفاظ على المؤسسة التنظيف أو الحراسة لا ينبغي أن يبدو بمثابة تخل للمؤسسة عن مهمتها، ولا يعفي من وجود إطار مؤسسي للخدمات، وأيضا من الأساسي أن تحدد مهام الفاعلين لدى التلاميذ وأن تتضح من خلال تدخلاتهم الفعلية، ومن الضروري هنا أن يميز التلاميذ بين دور الإدارة التتبعي والضابط والتنظيمي، وبين دور المدرس التربوي والتعليمي.وتهم التوصية الثانية، تدبير الحياة المدرسية استنادا إلى المبدأ إلى الأمر الواقع، وذلك بإخبار التلاميذ على نحو متدرج ومستمر وبيداغوجي بالمعايير المنظمة للوجود داخل المدرسة واعتماد هذه المبادئ في التعامل معهم وإبراز التعاقد من خلال الحوار والشرح والمحاسبة، وإعطاء الأولوية في الحوار والنقاش والتعامل إلى المبدأ قبل الواقع، وبناء المعايير من خلال خطاب واضح يمكن أن يأخذ شكل ميثاق يلتزم به الجميع، واحترام شخص الطفل خطابا وفعلا، وإبعاد العقاب البدني بخلق آليات للحوار والجزاء التي تضمن الاعتراف المتبادل بين التلميذ والفاعلين التربويين، وبناء تصور وإطار قار للوساطة التربوية داخل المدرسة، وتأطير وتكوين التلاميذ من أجل إرساء آليات للوساطة بين الأقران.أما التوصية الثالثة فتتضمن، إعادة التفكير في العلاقات مع الأسر، عبر إقرار تواصل وإخبار دائمين معها ووضع آليات خاصة للتواصل مع أسر الأطفال ذوي صعوبات منذ السنة الأولى.في ما تتعلق التوصية الرابعة بإعادة تنظيم المهام التربوية والتنشيطية والبيداغوجية للمدرس، إذ يحتاج الأخير إلى صيغ مؤسسية واضحة وثابتة لإقامة تمفصل بين التعليم والتربية داخل ممارسته الاعتيادية، فدوره المزدوج كمدرس ووسيط يحتم عليه أن يقوم بعمل تربوي مفكر فيه، منتظم ومقنن، وأن يهيأ له نفسيا وتقنيا مع مصاحبة دائمة ومصاحبة المدرس من أجل بناء سلوك عقلاني يقوم على التمييز بين ما هو شخصي وما هو مهني في التعامل مع القسم جماعة ومع التلاميذ أفرادا.وتوصي الدراسة كذلك بدعم الدور التربوي لمدير المؤسسة من أجل لعب دور المؤطر التربوي من خلال تقوية طاقمه الإداري وتأطير المرافق التربوية بأطر مكونة وانطلاقا من تصور متكامل للمهام، وتكوين خصوصي للمديرين الذين يشرفون على مؤسسات ذات وضعيات خاصة.وتوصي الدراسة أخيرا بدعم دور التأطير التربوي في بناء التصورات والممارسات التشاركية والتبادل بين المؤسسات واستثمار التجارب الناجحة وتمتين تدخله في تتبع الحياة المدرسية. عبد الكريم مفضال

تعقيدات تؤثر على الحياة المدرسية لتلاميذ البيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نادي الصحافيين الشباب... تجربة رائدة بالجهة الشرقية

تفعيل أدوار الحياة المدرسية بين التنظير والممارسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات