سياسيون وأكاديميون يناقشون تدبير المرحلة الانتقالية

تطرقوا في ضيافة"الصباح" إلى إصلاح الدستور والإعداد للانتخابات وحل الحكومة والبرلمان تقدم عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال خلال مجلسه الوطني الأخير، بمقترح فاجأ به العديد من أعضاء المجلس، يقضي بحل البرلمان والحكومة بعد الاستفتاء على الدستور الجديد. وقد فجر مقترح الفاسي نقاشا ما يزال متواصلا حول تدبير المرحلة الانتقالية. هناك أفكار واقتراحات طرحت في الموضوع، من بينها حل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة بكل الأطياف السياسية، تتولى السهر على تدبير المرحلة الحالية، لكن هناك رأيا آخر، وهو الغالب، يشدد على أن تستمر المؤسسات الحالية في العمل، وفي الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفقا لمقتضيات الدستور الحالي. كيف يمكن، إذن، تدبير المرحلة الانتقالية الموصلة إلى الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2012؟ وهل ينبغي حل البرلمان والحكومة، وانتخاب مؤسسات جديدة تتولى السهر على تدبير هذه المرحلة، أم أن بالإمكان العمل بالدستور الحالي في ضمان الفترة الانتقالية؟... أسئلة حاول سياسيون وأكاديميون استضافهم مكتب جريدة "الصباح" بالرباط، أن يسلطوا الضوء عليها، في إطار ندوة خصصت للموضوع. النقاش كان صريحا، واتسم بتفاعل حقيقي بين ضيوف منتمين إلى مشارب سياسية مختلفة. في ما يلي تفاصيل الندوة: في إطار النقاش الدائر، حاليا، في الساحة السياسية الوطنية، حول الاستحقاقات المقبلة، ومرحلة ما قبل وما بعد الإصلاح الدستوري، هناك فكرة طرحها عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، تدعو إلى حل البرلمان والحكومة، مباشرة بعد الاستفتاء على الدستور الجديد، ما رأيكم؟عبد القادر الكيحل: المسألة مرتبطة بموقف مبدئي ينطلق من أن الحزب يعتبر أن المغرب في حاجة إلى وضوح الرؤية، على اعتبار أنه فيما يخص تدبير الشأن العام، يلاحظ أن الحكومة والإدارة العمومية تعيش حالة من الانتظار، فنحن لا نعرف الجدول الزمني المطروح للمستقبل، وفي هذا الصدد، نؤكد أن الأحزاب السياسية ناضلت في السابق، من أجل أن يكون هناك وضوح الرؤية في ما يتعلق بالجدول الزمني للاستحقاقات الانتخابية، حتى يتعبأ وينخرط فيها الجميع. بعدما طرحت مسألة الإصلاح الدستوري، نحن نعرف أنه في متم شهر يونيو ستكون مسودة النهائية للنص الدستوري جاهزة، وهو ما سيطرح قضية الأسبقية، هل سيمنح الأسبقية للانتخابات التشريعية، أم للانتخابات الجماعية، خاصة أن تقرير اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة، دعا إلى ضرورة تحقيق تطابق بين انتخابات الجهة والانتخابات الجماعية، إذن نحن أمام جدولة انتخابات، وبالتالي، فإن حزب الاستقلال يعتبر أن تحمله للمسؤولية، في ظل الدستور الحالي، جاء من صناديق الاقتراع، وبالتالي، هو مستعد أن يتجاوب مع الشعب المغربي، لكن في إطار الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، هذه العملية غير مرتبطة بالولاية التشريعية، على اعتبار أنه نداء في إطار الأحكام الانتقالية، لأنه لا يمكن ونحن نناضل من أجل إقامة مؤسسات لها اختصاصات واسعة في مجال التشريع وحكومة قوية، وبالتالي لا بد من توضيح الرؤية بشأن المرحلة الانتقالية التي سنمر إليها. من جهة أخرى، لابد من استغلال الحماس السائد الذي يجب أن ينعكس على الانتخابات، وكلما بدت الانتخابات بعيدة كلما ابتعدنا عن هذا الحماس في الساحة المغربية، ثم هناك مطالب داخل الحزب، وما جاء على لسان الأمين العام لحزب الاستقلال خلال اجتماع المجلس الوطني، كان استجابة لتطلعات المناضلين، وفي هذا الإطار لابد من التذكير بأن الشبيبة الاستقلالية سبق أن طالبت بمؤتمر استثنائي لطرح المواقف بالنسبة إلى هذه القضايا، وكانت مذكرة داخلية، وبالتالي نعتبر كلمة الأمين العام استجابة لمطالب المناضلين، على أن الحزب يجب أن تكون له رؤية واضحة بخصوص الجدولة، وهو المطلب نفسه الذي عبرت عنه العديد من الأحزاب، خاصة أننا نشتغل، حاليا، في ضبابية جعلت العديد من المؤسسات متوقفة، فلا بد أن تحدد منذ الآن الجدولة.ربما الموقف الذي عبر عنه عباس الفاسي، هو رأي شخصي للأمين العام، على اعتبار أن هناك تيارا آخر داخل المجلس الوطني يعتبر أن شروط تفعيل مطلب حل البرلمان والحكومة، غير ناضجة، وأن المغرب سيعرف مرحلة فراغ؟عبد القادر الكيحل: المسألة لا ترتبط بالفراغ. نحن نقول لا يجب أن ننتظر بالضرورة، نهاية 2012، لتهييء الانتخابات التشريعية، إذا كانت هي التي سوف تسبق، بعد الاستفتاء على الدستور، لابد من تحضير القوانين الانتخابية في زمن معقول، وكذا إعداد القانون التنظيمي لمجلس النواب وكذا الغرفة الثانية، وآنذاك يمكن أن ننخرط في المرحلة الانتخابية، وتكون فترة ثلاثة أشهر كافية، بعد المصادقة على الدستور، لتحضير الانتخابات بعد مناقشة القوانين الانتخابية، فالمسألة ليست مرتبطة بموقف شخصي، ومن الطبيعي أن حزب الاستقلال، الذي يقود الحكومة، لا يعبر عن موقف شخصي، حتى لا يعطي الانطباع بأن الحكومة لم تقم بعملها على الوجه الأكمل، ولكن نحن نعرف الحكومة في إطار الدستور الحالي الذي لا يمنحها سلطات كاملة، ولو كانت الأمور طبيعية، لم نكن لنصل إلى مرحلة الإصلاح الدستوري، وإلى خطاب 9 مارس.حسن طارق: لا بد من استحضار التاريخ، لأن هذه القضية مرتبطة بهذا الجانب، وهو الكفيل بأن يعطينا صورة معينة عن تدبير المرحلة الانتقالية. المرحلة الانتقالية هي المرحلة الزمنية التي تفصل بين الإعلان عن دستور جديد، وبين ترتيب المؤسسات التي يتضمنها ذلك الدستور، وقد اختلفت وضعية تدبير هذه المرحلة، بالنسبة إلى المسار التاريخي للمغرب، فقد نصت المادة 101، من دستور 1962 على أنه إلى حين تنصيب المؤسسات المحدثة بمقتضى الدستور، فإن جلالة الملك هو الذي يسهر على تدبير المقتضيات التدبيرية والقانونية، لكن المادة قيدت هذا الحق في تدبير المرحلة الانتقالية بمقتضى زمني، وقالت إن ذلك يجب أن يكون في حدود خمسة أشهر، هذه القضية لم تعد قائمة في دستور 1970، الذي كان مجرد دسترة لحالة الاستثناء، لذلك إذا كانت الانتخابات الجماعية 1963 عرفت احترام مقتضيات الدستور، فإن المرحلة الانتقالية في 1970 أسندت إلى جلالة الملك دون تقييد زمني، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى دستور 1970، ولذلك تذكرون، وهذا تاريخ، أنه بالنسبة إلى دستور 1972، لم يتم انتخاب المؤسسات التي يتضمنها إلا في سنة 1977، بمعنى أنه كانت هناك فترة خمس سنوات من تدبير المرحلة الانتقالية، وفي 1992، سهر جلالة الملك على تدبير المرحلة الانتقالية، وفي إطار دستور1996، الذي يقول إن مجلس النواب هو الذي يضمن شروط تدبير المرحلة الانتقالية فيما يتعلق بالقوانين اللازمة لتدبير هذه المرحلة، دون أن يمس هذا المقتضى بحق الملك في حل البرلمان، وكانت الإشارة إلى المادة 27. إذن المهم اليوم، أن تدبير المرحلة الانتقالية من الناحية الدستورية سيكون بيد الدستور الحالي، بمعنى أن الدستور الحالي هو الذي يحدد من يدبر المرحلة الانتقالية التي تعتبر ضرورية. من يضمن تدبير المرحلة الانتقالية؟ طبعا هناك المؤسسة الملكية، أو البرلمان، الذي يجب أن يلعب دورا أساسيا في هذا المجال. من الناحية الدستورية، الأمر متعلق بالدستور، وتبقى الترتيبات الزمنية، التي لم تعد تتركز حول حل البرلمان من عدمه، حتى تصريح عباس الفاسي، حسب فهمي، حينما يتحدث عن حل البرلمان، فإنه يتحدث عن انتخابات سابقة لأوانها، بعد أن يقوم البرلمان بتدبير المرحلة الانتقالية، أي بعد أن يبت في القوانين التنظيمية، وقانون الأحزاب، ومدونة الانتخابات، وهي أمور أساسية لتدبير المرحلة الانتقالية.هذه الفرضية التي تقدم بها حزب الاستقلال تقتضي نوعا من التدقيق الزمني، لأننا نعيش نوعا من الضبابية، وقلنا منذ البداية، إنه ليست هناك منهجية، وظهر في ما بعد أن الدولة أصبح لديها تصور، من خلال ظهور مؤسسات، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإجراءات وتدابير مواكبة، في مقدمتها العفو الملكي عن مجموعة من المعتقلين، والتجاوب مع مطالب الشارع، هناك أجندة، لكن الفاعلين السياسيين، لا يمتلكون خارطة الطريق للإصلاحات إلى حين حلول موعد الانتخابات المقبلة. التدقيق الزمني الذي أريد الإشارة إليه يهم، بالضبط، ما الذي يتعين القيام به؟ اليوم، هناك تسريع لوتيرة العمل، والأخبار التي رشحت من اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، كانت تتحدث في البداية، عن عرض الوثيقة الدستورية في 16 يونيو، وأمس سمعنا أنه يجب أن تكون جاهزة في متم الشهر الجاري، نحن لا نعرف الوثيقة التي سوف تقدم إلى جلالة الملك، وما هي الخطوة التالية، وهل ستحال برمتها على الأحزاب السياسية، لتخلق نوعا من التوافق السياسي حول الاختيارات المعروضة، وهل ستكون هناك مسودة أولية للدستور، وتكون موضوع نقاش عمومي في جولة ثانية. لا نتوفر على تصور حول منهجية النقاش، وحتى الآلية السياسية يلف حولها غموض شديد، لأننا نعتقد أنه لا يمكن أن تستمر بالطريقة نفسها، فنحن لا نتوفر على التوقيت ولا على المنهجية، لذلك سأطرح بعض الأسئلة الافتراضية؟ متى سينتهي عمل اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، أعتقد أنه من الصعب أن تنتهي اللجنة من عملها قبل شتنبر المقبل، ولكن إذا كنا متفائلين، يمكن أن يحصل الاستفتاء خلال هذا الشهر...عبد القادر الكيحل: هناك حديث عن شهر يوليوز...حسن طارق: فليكن، لكن متى يفتتح البرلمان دورته التشريعية؟عبد القادر الكيحل: يمكن أن تكون هناك دورة استثنائية...حسن طارق: إذا اعتمدنا مقياسا عاديا، فالدورة الخريفية تُخصص عادة لمناقشة ودراسة قانون المالية، ومن المفروض أن تخصص الدورة التشريعية الربيعية لدراسة القوانين الانتخابية، وفي هذه الحالة، فإن مقترح حزب الاستقلال سيصبح غير ذي جدوى، لأنه زمنيا،حينما ستنتهي مناقشة تلك القوانين في البرلمان ، سوف لن يبقى هناك حيز زمني واسع لإجراء الانتخابات، أنا أطرح هذا السؤال...عبد القادر الكيحل: أريد أن أطرح السؤال في جانبه العكسي، ما الذي سيسبق، لأنه يمكن أن نقول إنه يجب أن نبدأ بانتخابات الجهة، ثم الانتخابات التشريعية، وبالتالي، فإن شهر شتنبر من 2012، سوف لن يكون كافيا للقيام بذلك، ولذلك فإن سؤال المنهجية مطروح، فإذا بدأنا بانتخابات الجهة، ستكون الانتخابات التشريعية في أواخر سنة 2012...ولكن هناك إمكانية إجراء الانتخابات في يوم واحد...عبد العالي حامي الدين: السياق الذي تأتي فيه هذه المبادرات مهم، لأننا لا نعيش سياقا عاديا، وإلا، فإن الأجندة العادية هي أن سنة 2012 هي المخصصة لإجراء الانتخابات التشريعية، أما الحديث عن الدستور فكان مؤجلا، إذن الدينامية التي خلقتها حركة 20 فبراير، وحركية الشارع المغربي، واستمرار الاحتجاجات بعد خطاب 9 مارس، والمطالبة بإجراءات مواكبة للإصلاح الدستوري، وأيضا، ما يتعلق بالتحولات الجارية في العالم العربي، هذا كله قاد إلى تسريع وتيرة تدبير المرحلة، ويمكن القول إنه بدأت تبرز ملامح أطروحتين، وإن ليس بشكل واضح تماما. طُرحت مسألة تسريع الوتيرة، لكن الأمر لا يقتصر على الجوانب التقنية، فقط، بل محكوم بتصور سياسي، الغرض منه امتصاص الغليان الموجود، أو إعطاء إشارات على أننا قادرون على تقديم نموذج جديد يتجاوز النماذج القائمة، وفي الوقت نفسه، إرجاع الثقة إلى المواطنين، لكن هذا التصور محفوف بالكثير من المخاطر، لأن السرعة التي تتم بها الأمور، اليوم، بمعنى التدابير المرتبطة بالانتخابات، غير مفهومة. شخصيا، لا أفهم كيف يتم تمرير مسألة اللوائح الانتخابية. يقال إن هذه اللوائح خاصة بالاستفتاء على الدستور، على أساس أن نقوم بمراجعة أخرى للوائح الانتخابية، في إطار التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والسؤال الذي أطرحه هو أليس الدستور هو أسمى قانون في البلد؟ وبالتالي، لا أفهم كيف يتم إقصاء 5 ملايين مغربي من الحق في الاستفتاء،هذه كارثة، وأنا أعتبرها جريمة. اللوائح الانتخابية الحالية تعرضت للطعن من طرف الجميع، بما في ذلك وزارة الداخلية، لأنها اعتمدت منذ 1997، وفي 2002، و2007. للأسف وزارة الداخلية في سنة 2003، في عهد مصطفى الساهل، قدمت مشروعا يقضي بمراجعة شاملة للوائح الانتخابية، لكن بعض الأحزاب رفضته لأسباب انتخابوية محضة، وهذا المنطق أصبح متجاوزا، اليوم، لأن هناك قوة رقابة شعبية أساسية يجب مراعاتها، ولا يجب حصر الاهتمام على المصلحة الذاتية،إذن اللوائح الانتخابية مطعون فيها،علما أننا قطعنا أشواطا مهمة جدا في تعميم البطاقة الوطنية، والأخيرة تسهل العملية، والآن حسب المعطيات الرسمية لوزارة الداخلية بقي 500 ألف شخص لم تشملهم إجراءات تعميم البطاقة الوطنية، وأنا شخصيا، أفضل أن لا يصوت 500 ألف شخص، عوض إقصاء 5 ملايين مغربي لهم الحق في التصويت، إلا أن أسماءهم غير مدرجة في اللوائح الانتخابية، ثم هذه اللوائح الانتخابية نفسها من الذي أشرف على إعدادها؟ إن جزءا كبيرا منها أعد من طرف رؤساء الجماعات، إضافة إلى وزارة الداخلية، وتشوبها اختلالات. هذه اللوائح مخدومة بطريقة لا تعطينا خريطة سياسية طبيعية، ولذلك هناك خلل الآن، وتمرير المشروع المتعلق بمراجعة اللوائح الانتخابية، يعتبر رسالة معاكسة للدينامية السائدة. حامي الدين: مسؤولية الأحزاب والدولة كذلك، لأن وزارة الداخلية فرضت تسريع مناقشة المشروع، طبعا نحن في فريق العدالة والتنمية رفضنا التصويت، وهناك أحزاب صوتت بخلفية أن المشروع يهم الاستفتاء، أعتقد أن الأمور كان يجب أن تتم بشكل مغاير، لأن المسألة تتعلق بالدستور، وهو أسمى قانون، ويهم المغاربة كافة، ثم، بالإضافة إلى ما سبق ليس هناك التزام بمراجعة جديدة للوائح الانتخابية، فتصريح وزير الداخلية، داخل اللجنة المختصة، ذهب في اتجاه أن النظر في هذا الأمر يعود إلى الأحزاب، وإذا فكرت الأخيرة بالمنطق الذي اعتمدته، في السابق، فإنها ستورط البلد في أزمة سياسية، لأنها لا تستحضر معطى الشارع، بل تفضل مواقعها على الدينامية التي تخترق العالم العربي كله، في الظرفية الراهنة، بدون استثناء. على مستوى تدبير المرحلة الانتقالية، يمكن أن يتم تدبيرها بالدستور الحالي، بدون اللجوء إلى حل الحكومة أو البرلمان، وأظن أن الإسراع أو البطء الشديد غير مطلوبين، لكن البت في العديد من الأمور والقضايا الهامة يجب أن يتم في هذه المرحلة... لكن ينبغي تحديد جدولة زمنية محددة...حامي الدين: أعتقد أن من يفرض الجدولة الزمنية، هو تفاعل الشارع مع الدستور نفسه، وإذا كان الدستور يحترم العناوين الأساسية، سواء تلك المتضمنة في الخطاب الملكي لتاسع مارس، أو تلك المتضمنة في أغلب المذكرات، فسيلقى التجاوب الكبير من طرف الشعب المغربي، وسنتوجه بعد ذلك إلى مرحلة الانتخابات، وأعتقد أن الانتخابات التشريعية ستكون سابقة على الانتخابات الجماعية و الجهوية، ولكن ذلك يتطلب مناقشة مجموعة من القوانين وهو ما يقتضي زمنا سياسيا. هناك القوانين الانتخابية، وبعضها مرتبطة بالدستور مثل التقطيع الانتخابي، إذا لم يدخل مجال القانون، وبقي في أيدي وزارة الداخلية، فذلك سيطرح إشكالا، إلى جانب المراجعة الجذرية للوائح الانتخابية، واعتماد البطاقة الوطنية. يجب الحسم في هذه الأمور، حتى نعطي للجميع إشارات في اتجاه إعادة الثقة لدى المواطنين، وإلا فإن تسريع وتيرة تمرير النصوص المتعلقة بالانتخابات، إذا كان المقصود منها الالتفاف والامتصاص، إذا كانت بهذه الخلفية، فستكون لها تكلفة سياسية، لا أعتقد أن بلادنا قادرة على تحملها.أحمد بدوي: يمكن أن نؤرخ للمرحلة الانتقالية بالمغرب، اليوم، انطلاقا من 20 فبراير وليس انطلاقا من الاستفتاء على الدستور، لأن الحركة هي التي خلقت هذه الدينامية، والإصلاح الدستوري جاء بناء على الحركة الاحتجاجية، والحراك الاجتماعي، وموازاة مع المطلب الدستوري، كان هناك مطلب إسقاط الحكومة والبرلمان، وعدد أخرى من المطالب. في نظري، كان من الضروري حل الحكومة والبرلمان، بموازاة مع التحضير للاستفتاء حول الدستور، لأنه حتى مناقشة الدستور والقوانين، يجب أن تكون عن طريق توافق وطني، ومؤسساتي. ما ورد على لسان عباس الفاسي، أعتقد أنه كان مجرد التفاف حول مطلب إسقاط الحكومة والبرلمان، وبالتالي كان محاولة لإعطاء الانطباع أن الحزب يوجد في عمق حركة 20 فبراير، وهذا من شأنه أن يؤجج عدم الثقة في الخطاب السياسي، وفي سلوك النخبة السياسية. الآن، هناك تخوف، ومن حق المغاربة أن يشكوا في ما يحضر للمستقبل. وتيرة الإسراع في عملية المصادقة على المشروع المتعلق باللوائح الانتخابية لا تبشر بالخير إطلاقا، فنحن ننطلق من جسد ميت، إذ أن اللوائح الانتخابية مشوبة بالعديد من الاختلالات، فهي تتضمن أسماء أشخاص توفوا، وكذا أسماء قاصرين، إضافة إلى حالات تكرار الأسماء، ويتحكم فيها منطق انتخابوي، إذ تهيأ في المقاطعات والجماعات، ووزارة الداخلية، وبالتالي نحن أمام تكرار تجارب انتخابية فاسدة، وأنا متفق مع عبد العالي حامي الدين، فالوثيقة الدستورية هي الأهم، ومع الأسف نواصل الاشتغال بالمنطق والسلوك نفسيهما، وهذا لا يبشر بخير. لا مبرر لوجود بطاقة انتخابية، في بلد نتحدث فيه عن الحداثة، وضرورة إشراك الجميع، وأعتقد أن البطائق الانتخابية فيها مضيعة للمال والزمن، عكس بطاقة التعريف الوطنية، التي تضمن مشاركة أوسع للناخبين. المنطلق في نظرنا، المرحلة الانتقالية بدأت في 20 فبراير، والآن وصلنا إلى مشارف دستور جديد وكان بودنا أن تحل الحكومة والبرلمان، وتتشكل حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها الأحزاب الممثلة في الحكومة الحالية، تجسد التوافق الوطني المؤسساتي، وتعمل على إخراج قوانين انتخابية متوافق بشأنها.ألا ترون أن حل البرلمان سيثير إشكاليات …عبد القادر الكيحل: حزب الاستقلال ينطلق من مسألة أن لديه ولاية يجب أن يستمر فيها، إذا كان خروج الشارع بغض النظر عن مرجعيته وحمولته، هناك مطالب تتعلق بإسقاط الحكومة والبرلمان… وتتحدثون عن حكومة وحدة وطنية، لكن السؤال العريض هو من سيقوم بوظيفة التشريع؟ هل ستسند هذه المهمة إلى جلالة الملك، كمؤسسة، وهذا هو القانون والدستور الحالي، نحن نتحدث عما بعد الدستور المقبل، الانتخابات السابقة لأوانها ليست موضوعا أساسيا، القوانين الانتخابية نعرف طريقتها، الإصلاح السياسي، اللوائح الانتخابية بشكل عام، نحن اليوم أمام مطالب أساسية، لكن يجب أن تكون الرؤية واضحة، ليس هناك التفاف ولا محاولة امتصاص. حزب الاستقلال يعتبر أنه جاء ثمرة انتخابات، والشعب المغربي هو الحكم، في نهاية المطاف، في إطار انتخابات نزيهة وشفافة، ولكن المطلوب أجندة واضحة، إذا أردنا أن نشتغل في إطار أجندة موضوعية، يجب تحديدها. اليوم إذا كانت الرؤية واضحة سيتعبأ الجميع ، في مقدمتهم الأحزاب. القوانين كلها في البرلمان تحتاج إلى 20 أو 30 يوم، وهي فترة كافية لمناقشتها، إذا كان هناك حد أدنى من الاتفاق. ما هو هذا الاتفاق؟ هناك أمران أساسيان، الأول يتعلق باللوائح الانتخابية، هناك إجماع على اعتماد البطاقة الوطنية، والأمر الثاني يتعلق بالتقطيع، الذي يؤكد الجميع أنه يجب أن يكون متضمنا في الدستور، وليس بيد الحكومة، ويبقى سؤال نمط الاقتراع الواجب اعتماده،هذه الأمور كلها يمكن أن يحصل بشأنها توافق سياسي...وهذا كله يجب أن يمر بالبرلمان.طارق أتلاتي: بطبيعة الحالة قراءة الخطاب الحزبي في ظل أزمة النسق الحزبي، هذا معروف، حول المشروع الديمقراطي الذي تجسد اليوم، كما قال عبد العالي حامي الدين، في سياق حراك الشارع. لكن هناك مسألة أساسية يجب أن نشير إليها، لكي نصل إلى ما بعد الدستور الجديد، هي أن هذه المطالب تجسدت من خلال قفز الشارع المغربي على كل الوسائط الدستورية المتمثلة في البرلمان، والأحزاب السياسية، وبالتالي المطروح، الآن، على الأحزاب هو إعادة الاعتبار والمصداقية، من خلال التناغم والملاءمة مع المطالب. الدولة تفرض تسريع الوتيرة، أولا نثير الانتباه إلى وجود لجنتين، وليست لجنة واحدة، لجنة تضم الأحزاب السياسية والهيآت النقابية، وشكلت للمتابعة أصلا، وبالتالي إذا كان دورها كذلك، ولا تتحكم في الأداة شكلا ومضمونا، شكلا بمعنى كيف ندبر أجندة وضع توزيع الدستور، ومضمونا من خلال مضامين هذا الدستور الجديد. لدي ملاحظة شكلية لكن دقيقة، اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور التي يترأسها عبد اللطيف المنوني، لم تعط النظرة الشكلية التي تُجسد بها إعادة الاعتبار للحزب السياسي بالنسبة إلى المرحلة المقبلة، بحيث أن الأحزاب السياسية هي التي كانت تتوجه إلى اللجنة وليس العكس، وبالتالي، فإن الحزب، وهذا هو الانطباع الذي نشأ عن هذه العملية، هو الذي يقوم بخدمة المرحلة وليس المرحلة هي التي في خدمة المشهد السياسي، حتى يكون لدينا مشهد سياسي قوي مستقبلا. هذه ملاحظة أولى، الملاحظة الثانية تتمثل في أنه يبدو أن الأحزاب فوجئت بالسياق، كما لو حدثت صدمة جعلت الأحزاب والدولة أمام الباب المسدود المتعلق بتدبير الأزمة، وظهر أنه ليس هناك ضوابط لدى الطرفين للقفز، واجتياز هذه المرحلة التي تجسد الأزمة في الوقت الراهن. لماذا قدمت المذكرات، إذا لم تكن اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور قادرة على الاستجابة لها؟ إذا كانت جميع الأحزاب متوافقة حول الخطاب الملكي، فهو واضح، أي استكمال المرحلة بالمؤسسات القائمة إلى حين إخراج الدستور الجديد إلى الوجود، وحينما سيكون الدستور الجديد جاهزا، هنا يجب أن تكون مقترحات الأحزاب واضحة، البرلمان سيدبر المرحلة المقبلة، في انتظار إجراء الانتخابات، هي الطريق القريبة إلى الصواب، لأن الخطاب الملكي كان واضحا بخصوص تغيير تركيبة مجلس المستشارين، على أساس أن الموقع الأصلي للنقابات يتجلى في المجلس الاقتصادي والاجتماعي كما هو متعارف عليه دوليا. إذن هذه التركيبة تعني، وفق تحليلنا، أن جميع المجالس ستكون ممثلة بالمجالس المحلية والجهوية، هذا يتطلب إجراء انتخابات موحدة في الوقت نفسه، وهو ما سيمكن من ربح الوقت، وتسريع الوتيرة...عبد القادر الكيحل: هناك فرق بين النقاش الفكري وما هو موجود في الميدان. اللائحة الوطنية واللائحة المحلية تطرحان مشكلا، كيف بمكن أجرأة كل هذا، لدينا مشكل الأمية بالمغرب، هناك صعوبات عملية...طارق أتلاتي: يجب أن نخرج من مسألة الضرب بالمفاهيم الدستورية كما هو متعارف عليها دوليا. الآن نسمع حزبا يتحدث عن الملكية البرلمانية بخصوصية مغربية، وهذا غير موجود في الدساتير، فإما ملكية برلمانية أو ملكية دستورية، ما نتخوف منه أكثر، ونحن لدينا تجربة الميثاق الجماعي، والذي واكبته توصيات ومذكرات، والأحزاب السياسية اقترحت لائحة الأشخاص الذين سيسيرون وفق ما تم التوافق حوله، ولكن التجربة عرفت انحرافات، ونحن نعاين ما يقع في المجالس، في إطار تحالفات هجينة، فدار لقمان بقيت على حالها. ما نتخوف منها الآن هو أنه إذا افترضنا أن الدستور وقع تنزيله، وتم تدبير المرحلة الانتقالية، هل الأحزاب قادرة على التلاؤم مع المرحلة. كنت أنتظر أن تقوم الأحزاب السياسية، بمراجعة نفسها، في هذه المرحلة التي تميزت بالخطاب الملكي، والتناغم بين الملك والشارع، وأن تحدث قطيعة داخلية، وتعقد مؤتمرات استثنائية لمواكبة المرحلة. لكن إلى حد الآن، لم تعط أي إشارات في هذا الاتجاه، وليست هناك إشارات على أن الأحزاب تسعى إلى مواكبة المرحلة المقبلة بنفس ومعطيات جديدة. المرحلة غير عادية، وهي خطيرة جدا، نحن لا نهول، ولكن يجب الانتباه إلى مسائل أساسية جدا، فالذي يعتقد أن حراك الشارع يمكن أن يواجه بمبدأ دعه يتحدث ودعه يخرج، هذه المسألة أصبحت متجاوزة في المغرب. يجب أن يتفاعل الجميع مع الحراك الدائر، وينبغي إعادة الاعتبار للحزب السياسي لكي يلعب دوره داخل هذا الحراك ككل. < حسن طارق: إن تسريع الوتيرة مرتبط بامتلاك الحكومة للقرار في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية، لأنه إذا أرادت الحكومة غدا أن تنخرط، ولا تبقى حكومة تصريف الأعمال في سياق يعرف مطالبة بالتغيير والإصلاحات الدستورية. وإذا قورنت بالشارع من جهة وبالمؤسسة الملكية من جهة أخرى، تبقى كأنها حكومة تصريف الأعمال، أما إذا أرادت أن تنخرط في اللحظة، فعليها أن تعيد امتلاك ملف الإصلاح السياسي. وبعد 20 فبراير، برز منطق جديد مفاده عدم إمكانية استمرار التوافقات الهشة التي لا تفضي إلى نتيجة، ورأينا ما وقع في نمط الاقتراع والقوانين الانتخابية منذ عشر سنوات. إن الإصلاح السياسي مسألة إرادة وقرار، لدينا المشروعية الشعبية، وهناك أغلبية سياسية تدعم الوزير الأول، وعليها أن تطرح مشروعا لقانون الأحزاب وللقانون الانتخابي ومدونة الانتخابات. وعلى الوزير الأول أن يصرح بالمقترحات التي سيدافع عنها بدعم من الأغلبية وبحوار مع المعارضة ومع روح المتغيرات العامة التي تفرضها الساحة، وبهذا المنطق، سيحصل التدارك، وإذا كانت الحكومة حاضرة، فإن هذه هي الصيغة والنافذة الوحيدة التي يمكن أن توصلنا إلى أشياء ملموسة. كما أنه بهذا المنطق، إذا وصلنا إلى التصويت على دستور 2011 سنكون هيأنا الجو السياسي لتكون نقطة الإصلاح السياسي الوحيدة والأخيرة في جدول أعمال الحكومة والبرلمان من أجل مواكبة الإصلاح الدستوري.ومباشرة بعد ذلك، يمكن أن تقرر دورة برلمانية استثنائية بعد الدورة البرلمانية الأولى، وبعد التصويت على مشروع قانون المالية سيكون هاجس الإصلاح السياسي حاضرا، لكن بمنهجية جديدة وبمنهجية أكثر تقدما، لأن الإصلاح الدستوري لن يفيد في شيء، إذا لم يواكب بالإصلاح السياسي. قد يكون لدينا دستور جديد ومؤسسات جديدة، لكن قد تأتينا الانتخابات بنخب فاسدة، فكيف لها أن تطبق دستورا جديد، وهذا سيكون معناه المزيد من تكريس عدم الثقة. إذن الإصلاحات السياسية هي في عمق هذا التحول، وعلى الحكومة اليوم أن تتحمل كامل المسؤولية، وهذا ما ننتظره من عباس الفاسي، وليس أن يقول بإجراء انتخابات سابقة لأوانها. إن الأغلبية بزعيمها وبأحزابها، إذا تحملت المسؤولية في تدبير المرحلة السياسية، يمكن أن نصل إلى الأهداف قبل الأجندة المقترحة.وهل تمتلك الحكومة سلطة قرار تنفيذ هذه المقترحات؟ إنها فرصتها الأخيرة لتنخرط في روح المرحلة، وأعتقد أن في هذا نوعا من التدافع. فقد صرح الوزير الأول بإمكانية إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. حامي الدين: إذا كان المقصود الاختصاص من الناحية القانونية، فأنا لا أجد أي مانع من الناحية الدستورية والقانونية أن تقوم الحكومة بمعية البرلمان بتدبير مجموعة من الإجراءات والقوانين المتعلقة بالإصلاحات السياسية. من يعطي الحق لوزير الداخلية بأن يكون المخاطب في موضوع الإشراف على الانتخابات لا من الناحية القانونية أو الدستورية أو حتى السياسية. وإذا تم استثناء المرسوم الخاص بالتقطيع الانتخابي، فإن باقي الأمور تمر من خلال قوانين، وبإمكان الوزير الأول أن يمارس سلطته في هذا المجال، وله كامل السلطات لذلك. فمن الذي يمنعه من ذلك؟ النقاش حاليا حول وزارة الداخلية المطالبة برفع يدها عن الانتخابات، هل هذا هو السبيل والمدخل الحقيقي لنزاهة الانتخابات؟ حامي الدين: نريد أن نفهم المرحلة الراهنة. تكلمت عن ما يتعلق بالتحولات الجارية في العالم العربي وأيضا في المغرب، ولكن هناك أيضا جانب آخر مرتبطا بوضعية الأحزاب وبالمؤسسات القائمة حاليا وهي في الحقيقة نتيجة وضع سابق عرف مجموعة من الاختلالات، والجهة المسؤولة عن هذه الاختلالات هي الجهة المسؤولة والمشرفة على الانتخابات، وأيضا الوضع السياسي السابق الذي أفرز عددا من المجالس، لأن الاختلالات ليست مرتبطة فقط بالأحزاب. كنا نسير نحو حزب مهيمن مدعوم من قبل الدولة، والاختلالات الموجودة اليوم في الدار البيضاء والرباط وسلا وطنجة هي المسؤولة عن هذا الوضع، ولكي نعالجه علينا معالجة الأسباب التي أنتجته، وعلى رأسها الجهة المشرفة على الانتخابات، مجموعة من الأحزاب قدمت تصورات مرتبطة بالجهة المشرفة عن الانتخابات، والتي تقترح إما لجنة وطنية تحت إشراف القضاء أو اعتماد الإشراف المختلط.إذن عمليا، ومن خلال موضوع اللوائح الانتخابية، ومن خلال استقبال زعماء الأحزاب، سلمنا بأن تموقع وزارة الداخلية يؤهلها لكي تشرف على المرحلة المقبلة، وهنا نخشى من السرعة، إذ يمكن أن نسرع، لكن في الأمور المعقولة، موضوع الإشراف على الانتخابات، لا بد أن يطرح بشكل واضح، وإلا سنكون أمام دستور جيد يتضمن عناوين مهمة، علما أنه إلى حدود الآن، ليست هناك أية ضمانات لذلك، بل نتحدث فقط عن النوايا.وإذا أجريت الانتخابات وفق الظروف السابقة نفسها، ستتفاقم الأوضاع ليس فقط في ما يخص الاحتجاج، بل يمكن تصور أمور لا يمكن أن يتوقعها أحد، كما لم يكن متوقعا ما حصل في تونس أو في مصر أو في سوريا وغيرها. بمعنى أننا أمام موجة لم تكشف بعد عن الأسباب التي تسمح لنا بفهمها.لكن حزب العدالة والتنمية في المعارضة، يمكنه أن يتخذ مجموعة من المواقف في الاتجاه الذي ركزتم عليه؟في ما يتعلق باللوائح الانتخابية، صوتنا بالامتناع انطلاقا من هذه الفلسفة، أما في ما يتعلق بموضوع التعاطي مع وزارة الداخلية، فعبرنا عن موقفنا في مذكرة الحزب وقلنا إن على وزارة الداخلية أن ترفع يدها عن الإشراف عن الانتخابات. لماذا لا نعود إلى اللجنة الوطنية للسهر على الانتخابات مع تعزيز الاختصاصات وفق آليات الاشتغال. وحسب التصنيف العالمي للأنظمة الانتخابية في العالم، هناك ازيد من 51 في المائة من الدول تتوفر على هيأة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات و36 في المائة تعتمد الإشراف المختلط، و13 في المائة فقط تسند المهمة إلى الحكومة. في ظل الحكومات الديمقراطية لا يطرح أي مشكل إذا أشرفت وزارة الداخلية على الانتخابات. نحن نتحدث عن وزارة الداخلية، المسؤولة عن التدبير السيئ للمرحلة السابقة والمسؤولة أيضا عن اقتراح مجموعة من الولاة والعمال المتهمين بالتدخل في العملية الانتخابية. إن المرحلة الانتقالية لا يقصد بها فقط التدابير والإجراءات القانونية، بل أيضا إشارات في اتجاه الموارد البشرية المسؤولة بشكل مباشر عن الانتخابات، لأننا لم نصل بعد مثلا إلى انتخاب رؤساء مجالس الجهات الذين سينزعون مجموعة من الاختصاصات من الولاة والعمال العامل له دور أساسي في العملية السياسية لذلك لابد من إشارات في هذا الاتجاه.أعتقد أننا محتاجون إلى حوار وطني، فإذا تعاملنا بشكل عادي بمنطق الدستور وبمنطق ما يتيحه من إمكانيات البرلمان والحكومة، لن تكون هناك نتائج، علما أنني لست متحمسا إلى حل الحكومة والبرلمان، لأن هذه المسألة ثانوية، في حين الأساسي هو أن تعطى إشارات تفيد استمرارية الدولة، وفي الوقت نفسه لابد من اتخاذ قرارات سياسية شجاعة.وبهذا النوع من التناغم يمكن أن نصل إلى بر الأمان بأقل الخسائر الممكنة، دون أن ننسى أن المطلوب أن ينخرط البرلمان في الدينامية الجديدة، ليس فقط في موضوع الانتخابات، بل أيضا في مواضيع أخرى مثل لجنة تقصي الحقائق في مركز تمارة. هذه مسؤولية البرلمان، وهناك مبادرة طرحها فريق العدالة والتنمية، ولم يحصل أي تفاعل، والذي وقع مثل السيد الذي يملك عبدين وبعد 30 سنة، قرر أن يمنحهما حريتهما، إلا أنهما ذهبا ثم عادا يصران على أن يبقيا عبدين. يجب القول بكل صراحة إن لغة الإشارات لم تعد مقبولة، وعلى الأحزاب أن تتحمل مسؤوليتها، وحركة 20 فبراير ليس لها موقف من الأحزاب، وهناك إيمان بأن الديمقراطية مرتبطة بالأحزاب، لكن يطالب الشباب الأحزاب بتحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة. إذن السياق اكبر من مسألة الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها، وسياق التحكم والإشارات هو تعبير عن أطروحة تسريع، وهل هي بغرض تجاوز المرحلة بعقلانية أو بغرض الامتصاص والالتفاف، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الأمور ليست واضحة، والعنوان الأبرز هو الغموض.الكيحل: تعقيبا على ما قال الأخ حامي الدين، فإن موقف حزب الاستقلال جاء في سياق أساسي ووطني، هو أن السلوك والانتظارية والضبابية التي نتحدث عنها حاليا، هي عامة في الإدارات، والجميع ينتظر، والوطنية تقتضي التسريع ليس بمنطق الالتفاف، ولا بمنطق التجاوز، بل اليوم الناس يريدون الانتقال من مرحلة الانتظارية إلى مرحلة الفعل، هذا هو الجانب الأول. الوزير الأول يعرف درجة الحرارة في الإدارة المغربية، والجميع يترقب المستقبل، لذلك لتجاوز هذه المرحلة وللاستفادة من الحماس الموجود عله يرفع نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة لأنه فرق بين النقاش والتظاهر وبين المشاركة الانتخابية. الموضوع أن كل شيء يجب أن يوضع في سياقه، 20 فبراير لها دور أساسي في الحراك القائم حاليا في المغرب، لكن لا يجب نسيان نقاش أساسي، فعباس الفاسي لم يقل في المجلس الوطني فقط الانتخابات السابقة لأوانها، بل تطرق في دورة المجلس لأكتوبر، إلى أنه يجب أن تكون الدورة الربيعية دورة الإصلاح السياسي، ونتطرق فيها إلى لنمط الاقتراع، وكان متفقا مع جميع الأحزاب أن تدلي كافة الأحزاب بآرائها واقتراحاتها مع متم شهر مارس. حسن طارق: هذا كلام جميل، وأتمنى أن يقنع عباس الفاسي أمين عام حزب الاستقلال عباس الفاسي الوزير الأول.الكيحل: لقد قال هذا وصرفه من خلال الاجتماعات التي عقدت مع زعماء أحزاب الأغلبية والمعارضة، وكان النقاش قبل ما وقع في تونس أو في مصر وقبل 20 فبراير، غير أن هناك تقاليد في المغرب، أن المواضيع الكبرى من قبيل نمط الاقتراع وقانون الأحزاب لا تخضع للأغلبية والأقلية، بل ومن آليات الحوار الوطني أن تدفع جميع الأحزاب في اتجاه اعتماد منطق الأغلبية. واليوم بعد خطاب تاسع مارس، هناك ارتباط وثيق وهناك من يطالب بلجنة مستقلة، وبإبقاء الحكومة، وهناك من يقول بلجنة مختلطة، إذن الإصلاح السياسي اليوم مرتبط بالنقاش، وبالفعل الحكومة عليها أن تحسم في قوانين نمط الاقتراع والتقسيم والتقطيع، اليوم الحكومة ليست هي عباس الفاسي، وهناك إرادة ولدينا الحق في أن نبدأ بهذا النقاش ونساهم في تسريعه، باستثناء الأمور التقنية من قبيل اللوائح، أما باقي القضايا، فمرتبطة بالمادة الدستورية. وإذا قرر الدستور ألا تبقى لوزارة الداخلية علاقة بالانتخابات، آنذاك ننظر في الطريقة التي ستعتمد، ثم هناك أمور طالبنا بدسترتها كمشكل الترحال، ومجموعة من الأحزاب أصرت على التنصيص على هذا في الدستور وغيرها من الأمور، الأساسي أن تكون اليوم إرادة حقيقية، بشكل عام نريد نقاشا واضحا، هل سنخضع لآلية الأغلبية والمعارضة وأظن أن في هذا خطورة، لأننا نستحضر ما وقع في انتخابات 2007 و2009، ولابد من إجماع يوصل إلى مرحلة تعطي القوة للوثيقة الدستورية مكانتها. أما إذا استعملنا منطق الأغلبية والمعارضة، فسنصل الى دستور لا يحقق المتمنيات. إذن نحن بحاجة إلى بدء النقاش، ووزير الداخلية جزء من الحكومة ويشتغل باسمها، وهل يستشير معها أو مع أجهزة أخرى، هذا هو النقاش الذي أعطى 20 فبراير. النقاش الأساسي أن نعود إلى الأسباب التي أفرزت الواقع الحالي، إنه واقع الازدواجية التي لا ترتبط بالنص، بل بالسلوك من المؤسسة الملكية إلى الأحزاب والفاعلين. واليوم هناك حكومة لها ارتباط بالوزير الأول وجزء منها لا ارتباط له به، لأنه لم يعين مكوناتها، وبالتالي، فإن الحكومة لا تمتلك فعليا القوة الحقيقية للأجرأة. هذا أمر واضح.تطرح هنا مسالة الثقة؟ بدوي: إن فاقد الشيء لا يعطيه. المسألة حاليا ليست إجرائية ولحظية، بل نحن نناقش تراكم سنوات من السلوك السياسي. سنوات فيها تناقض صارخ بين الخطاب والفعل السياسي، والتناقض هو الذي خضع لسنوات، لاعتبار الرجل السياسي، لا في اتخاذ القرار، ولا في التصريح الا اعتبار مجال السلطة السياسية. نحن كحزب اشتراكي وكباقي الأحزاب نتقدم للمواطنين ببرامج ونخاطب الناس، لكن عندما نصل إلى تدبير الشأن العام، نصبح أمام برنامج الملك، إذن المواطن يجد شيئا آخر. إذن من حق المواطن ألا يثق في الخطاب السياسي، وهذا مقصود لأنه خلال مسار 50 سنة يقال ليست هناك أحزاب ولا نخب سياسية وللأسف يروج أنه لا توجد احزاب ونخب تؤهلنا لملكية برلمانية. هذا مشكل، لأن الضحية الأكبر لخطاب إضعاف الأحزاب والنخب هو الدولة ككل.نريد من المرحلة المقبلة أن يغير الدستور، وتتخذ إجراءات لتنقية الأجواء السياسية، نريد مغربا أفضل الذي لا يمكن أن يكون بآليات هي محط موضوع مطالب التغيير، كيف نريد نسبة مشاركة سياسية قوية والذي سيشرف على الانتخابات برلمان مزور فيه نخب غير مؤهلة. إن البرلمان عاجز عن الدخول في مرحلة جديدة، الشارع يتحرك، والملك يخطب والبرلمان في سباته، والأخطر من هذا أن الحكومة في الوقت الذي كان مفروض عليها الإنصات إلى المطالب الشعبية، خلقت مراسيم وقوانين زادت فتنة المجتمع. الحكومة بعيدة كل البعد عن اهتمامات الشعب، وأنا أعذرها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه من الناحية الدستورية، لكن لديها صلاحيات لم يكن أي شيء يمنعها من أن تكون صارمة في مشكل "افلوسي" مثلا، أو في حماية الجسم الصحافي. إذن الناخب الذي نريده أن يشارك، كيف يمكنه كسب الثقة والمؤسسات نفسها التي يطعن فيها هي التي ستستمر في المرحلة المقبلة. إن الملك هو الذي فتح ورش الإصلاحات الدستورية واستجاب لمطالب الشعب.الكيحل: تقصد بالحكومة الوطنية أن يصبح محمد المعتصم الوزير الأول وأعضاء اللجنة المتابعة لتعديل الدستور وزراء. بدوي: لا أمانع أن يقود حزب الاستقلال الحكومة الوطنية، لكن أن تكون بتمثيلية الجميع، ولا توجد صعوبات، لأننا نحن من نخلق تلك الصعوبات، حكومة وطنية ممكنة، وفي إطار تحالفات اليسار أن نختار من سيكون ممثلا في الحكومة، المهم أن يكون توافق وطني. الآن علينا أن نتجاوز المرحلة ونمر إلى الفعل. ونحن هنا نصر على ألا يبقى الإشراف على الانتخابات بيد الداخلية، ولا بيد الحكومة بشكل عام، وللأسف أنه من خلال النقاش الدائر حاليا هناك شبه حسم على اعتماد نظام المجلسين، علما أن ثمة أحزاب تطالب بإلغاء الغرفة الثانية. أتلاتي: الحكومة الوطنية تضم فعاليات مبدئيا، مرفوضة من قبل الشارع، بمعنى أننا نعطي استمرار الحراك ولو بعد تنصيب الإطار الجديد، لأن هناك مؤشرات في خضم ما يجري منها تصريحات وزير الخارجية في الخارج الذي تحدث عن استمرار وزارات السيادة، وللأسف لم يكن أي رد فعل من قبل الحكومة والمعارضة والبرلمان. ثم هناك مؤشر سلبي لدى الشارع، يتمثل في مجموعة من القضايا لم تتخذ بشأنها الأحزاب مواقف واضحة، مثل تصريح مدير مهرجان موازين الذي وصف الأحزاب بالشعبوية، وغيرها من الخطابات التي تزيد من فقدان ثقة المواطن في الإطارات لتدبير المرحلة. وما خلصت إليه اللجنة الاستشارية للجهوية التي قدمت تصورا كأنها في بلد غير المغرب، هناك ركود والبراغماتية التي تعطي أننا ننتظر ما ستأتي به المرحلة، وبعد ذلك يقع التفاعل. لماذا لا نعطي تصورا قبل تنزيل الدستور، لنتفاعل مع المرحلة بشكل جيد، ونرجع الثقة إلى المواطن وإلى المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها الأحزاب، باعتبارها هي من تضمن تمثيلية الشعب تحت قبة البرلمان، وهي التي تلعب دور مراقبة العمل الحكومي. والآن على الوزير الأول أن يتقدم بمقترح، ويعطي تصورا للأغلبية، وأن يرد على وزير الخارجية، ولكن يتضح أن الأمور مازالت تسير في سياق محتشم، ما يجعل حركة 20 فبراير تتنمى وفق خط معين لا يتلاءم مع باقي الخطوط الأخرى التي تتفاعل في الساحة. إعداد: نادية البوكيلي و جمال بورفيسي و عبدالله الكوزي

سياسيون وأكاديميون يناقشون تدبير المرحلة الانتقالية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قضاة التحقيق ... ما الجدوى؟

روما يفاوض لضم العربي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات