“الصباح” في بيت المتهم الأول في تفجير “أركانة”

المشتبه فيه تعاطى التخدير والخمر وكان ينوي بيع دراجته النارية ومحله التجاري بآسفي لتمويل مشروع لم يفصح عنه أكدت مصادر موثوقة أن عادل العثماني المشتبه فيه الرئيسي في تنفيذ التفجير الإرهابي بمراكش، أوقف ليلة الأربعاء الماضي أمام منزل والدته بحي بوعودة بآسفي، حيث كان يستغل دكانا يبيع فيه الأحذية المستعملة.وأوردت المصادر ذاتها أن المشتبه فيه كان كتوما، كما أنه مباشرة بعد تنفيذ العملية الإرهابية بمشاركة آخرين عاد من مراكش إلى مدينة آسفي في محاولة للتوهيم للظهور أما الجيران بأنه لم يغادر المدينة، كما أنه شوهد في الأسبوع نفسه وهو في حالة سكر في محاولة منه لإبعاد الشبهات عنه.وأضافت المصادر نفسها أن المتهم له سوابق في الهجرة السرية، إذ كان شغله الشاغل حسب مقربين منه، التقتهم الصباح، الهجرة إلى الخارج، دون أن يعلموا أهدافه في التوجه إلى بؤر التوتر والالتحاق بمن يعتبرهم «المجاهدين».وعن تفاصيل الحادث، فقد استغل المتهم المنزل الثاني الذي يعود إلى ملكية والده والموجود في حي مفتاح الخير بآسفي، بعيدا عن حي بوعودة الذي تقطن فيه أمه وشقيقه وشقيقة أخرى، (استغله) في الأعمال التحضيرية لصنع المتفجرات، سيما أن المنزل نفسه يوجد في حي مازال خاليا من السكان وجل منازله مغلقة أو تعود إلى مهاجرين بأوربا.وكان المشتبه فيه حسب المصادر ذاتها حريصا على أن تبقى أعماله التحضيرية بعيدة عن الأعين، بل حتى عن زوجته الحامل في شهرها الثالث، إذ كان يحرص على نقلها معه كل صباح من حي مفتاح الخير حيث منحه والده شقة به إلى منزل حي بوعودة الذي يبعد عنه بحوالي خمسة كيلومترات.وعمد المشتبه فيه في الأيام التي سبقت التفجير إلى بيع كل الأحذية المستعملة التي كانت بالدكان الذي يسيره، دفعة واحدة، موهما أسرته أنه يريد تغيير الحرفة، فيما أنه العائدات كان ينفقها في صنع المتفجرات.وأضافت المصادر ذاتها أن المشتبه فيه لم يرغب في تنفيذ عملية انتحارية، وحتى لا يتم التوصل إليه اقتنى باروكة من محل للحلاقة غير بعيد عن مسكنه، كما حاول تغيير ملامحه للتنكر ولئلا ينكشف بعد تنفيذ العملية الإرهابية، سيما أن كان محتاطا من أن تلتقط كاميرا المقهى صورته.وعلاقة بالموضوع نفسه أفادت مصادر من عائلة المشتبه فيه، أن عادل كان عصبي المزاج وتعاطى التخدير كما أنه يدخن السجائر، مشيرة إلى واقعة تطليقه من زوجته الأولى، التي تركت عقدة نفسية في دواخله. إذ لم تستمر الحياة الزوجية بينهما أكثر من 8 أشهر، كما أن الزوجة هي التي بادرت إلى طلب التطليق.ولم تصدق والدة المتهم إقدام ابنها على ارتكاب الفعل الإجرامي، والشيء نفسه وقع لزوجته الثانية وشقيقه الذي لا يكف عن ذرف الدموع.وحسب أفراد عائلة المتهم فإن الأسرة لم تتعرض لأي مضايقات كما أنها لم تخضع لأبحاث، بل إن أشخاصا فاجؤوا المتهم يوم الأربعاء الماضي وهو يحاول مغادرة بيت والدته رفقة زوجته، إذ أوقفوه ثم حملوه على متن سيارة من نوع داسيا، ما دفع الأسرة إلى البحث عنه قبل تسجيل شكاية لدى الدائرة الأمنية تفيد اختطافه، وهي موضوع رسالة لفرع آسفي للمركز المغربي لحقوق الانسان، قبل أن يصدر بلاغ وزير الداخلية الذي أشار فيه إلى إيقاف المشتبه فيه بآسفي.وتتكون أسرة عادل العثماني بالإضافة إلى أمه ووالده المهاجر بفرنسا، من ثلاث شقيقات وشقيق ذكر. كما يقع الرابع في ترتيب إخوته. لم يصدق أبناء حي سيدي واصل "الزاوية" بآسفي نبأ تورط ابن الحي، عادل العثماني، الشاب ذي الخمسة والعشرين سنة، في تفجير مقهى أركانة بمراكش قبيل زوال الخميس 28 أبريل الماضي الذي خلف 17 قتيلا، أغلبهم من السياح الأجانب، وأكثر من 23 جريحا. تجمعات للشباب والنساء ونظرات إلى المنزل، حيث يقطن المشتبه فيه، وأحاديث لا تنقطع عن الخبر.في شارع عبد الرحمان الوزاني، يقع منزل العثماني، هنا ولد ونشأ، وجميع أبناء الحي يعرفونه ب"بائع السباط"، إذ ينقسم أسفل البناية المملوكة إلى والده المهاجر بفرنسا، إلى محلين تجاريين متفاوتي الحجم، اتخذ أحدهما شقيقه الأكبر مقهى، فيما الثاني اتخذه المشتبه فيه محلا لبيع الأحذية المستعملة.في هذا الدكان، كان يزاول مهنته ليعيل نفسه وزوجته الحامل في شهرها الثالث، وفي البناية نفسها تقطن والدته، التي تجاوزت الخمسين من عمرها، رفقة شقيقة أخرى له. عادل العثماني الذي انطلقت الأبحاث معه منذ ليلة الأربعاء الماضي بعد تحديد هويته، وإيقافه قرب المنزل نفسه بشارع الوزاني، حاول الهجرة سريا أكثر من مرة، إذ سبق أن أوقف في البرتغال، حيث قضى شهرا في السجن، ثم رحل إلى المغرب، ليتابع من قبل النيابة العامة.كان المشتبه فيه يعيش وسط أسرة عادية، كباقي أسر الحي الموجود في جنوب آسفي باتجاه الصويرة، وتتكون من أب مهاجر بفرنسا، يأتي في العطل السنوية، وأم مازالت لم تصدق ما وقع، إضافة إلى شقيق يكبره سنا وثلاث شقيقات، ويعد المشتبه فيه ماقبل آخر العنقود في هذه الأسرة الصغيرة.دراسة وانحراف"ابني ليس متدينا، ولم يعرف عنه التشدد والحقيقة أنه كان يتعاطى التخدير، كما كان يعربد في المنزل، إذ تسبب مرات في تكسير الباب وأشياء أخرى داخل البيت". بهذه الكلمات وصفت أم عادل سلوك ابنها الذي تابع تعليمه إلى مستوى الثانية ثانوي، لينقطع تلقائيا عن الدراسة، وينغمس بعد ذلك، مع رفاق السوء، ليصبح مدمنا على التخدير سيما بواسطة "السيلسيون"، كما أنه في تلك الفترة تعاطى التدخين.لم يكن متطرفا دينيا ولا ملتزما، وفي محاولة من أبيه لتقويم سلوكه الانحرافي، خصص أسفل البناية محلات تجارية قسمها بين ابنيه الذكرين، ليمارس عادل تجارة بيع الأحذية المستعملة فيما شقيقه فتح مقهى في المحل المجاور. وكان شنآن يقع بين الفينة والأخرى بين الشقيقين، بسبب اكتظاظ المقهى، سيما في وقت مباريات كرة القدم، ما يجعل زبناء المقهى يحتلون الواجهة الأمامية لمحل عادل، فكان الأخير يتعامل بعصبية مع الموقف، ويخلي الواجهة بالسب والتهديد، إذ يرفض احتلال الجزء الأمامي لمحله التجاري.عقدة الزواج الفاشلشبكة أصدقاء عادل العثماني غير معروفة، فهو كتوم، وقد قادته هذه الشبكة إلى الارتباط في سنة 2008 بفتاة من برشيد، اختارها زوجة له، رغم رفض العائلة في البداية، إلا أن عثمان الذي كان عصبي المزاج لم يكن الشخص الذي ينصاع بتلقائية إلى تعليمات أمه، بل كان يتحدى الظروف المحيطة به. تزوج من الفتاة سالفة الذكر، ولم تمر الأشهر الأولى بسلام، حتى انطلق العد العكسي لهذه الزيجة وتحولت حياة عادل إلى جحيم."لقد أصيب بعقدة نفسية نتيجة المعاملة التي كان يتلقاها من زوجته الأولى، إذ خاض خلالها تجربة مريرة، قبل أن تفر الزوجة إلى منزل والديها، ويلتحق بها في محاولة لإرجاعها دون جدوى، لتقرر في الأخير رفع دعوى التطليق للشقاق ضده، وهي الدعوى التي عقدته كثيرا، إذ لم يستسغ أن تطلقه، وزاد من تعقيد نفسيته أن المحكمة استجابت لطلب الزوجة، وأنهت العلاقة بينهما، فازدادت حدة عصبية مزاجه.لم يبق عادل عازبا بعد تطليقه، بل بدأ يبحث عن امرأة أخرى يرتبط بها شرعا، فكانت الزوجة الحالية، والتي تتحدر من منطقة غير بعيدة عن آسفي، أقام الوليمة في بيت والديها، ثم نقلها إلى منزله، وهي الآن حبلى في شهرها الثالث.وضعية اجتماعية متوازنةلم يكن عادل فقيرا أو معدما، بل إن والده كان يرعى الأسرة ويلبي كل حاجياتها، فإضافة إلى منزل حي سيدي واصل أو حي بوعودة، كما يحلو للبعض تسميته، شيد الوالد بناية جديدة بحي مفتاح الخير بآسفي الشمالية، تتكون من ست شقق، وزعها على أبنائه، وكان نصيب عادل شقة نقل إليها زوجته الجديدة، إذ كان يقضي اليوم في الدكان بحي بوعودة وترافقه زوجته التي تقضي اليوم لدى أمه التي تقطن في الطابق العلوي للدكان نفسه وعند الانتهاء ليلا من عمله يعود أدراجه إلى شقته بحي مفتاح الخير.وتختلف الوضعية الاجتماعية للمشتبه فيه عن وضعية المتهمين في تفجيرات 16 ماي 2003 أو تلك التي تلتها في 2007 بحي سيدي مومن وبحي الفرح، ويعيش وضعا مستقرا، إلا أنه رغم ذلك، كان يصر على الهجرة إلى الخارج، وكان يركب المخاطر في سبيل ذلك، فثلاث محاولات باءت كلها بالفشل.سلوكات محيرةفي الآونة الأخيرة، بدرت سلوكات محيرة من الشاب عادل، المشتبه في ضلوعه في تفجير مقهى أركانة، فحسب أحد أبناء الجوار، كان يبحث خلال الأسبوعين الماضيين عمن يقتني دراجته النارية، إذ أسر له بعزمه بيعها لأنه محتاج إلى المال، لكن الدراجة نفسها سبق أن باعها إلى شقيقه الأكبر قبل تسعة أشهر، عندما كان يعيش مشاكل مع زوجته الأولى، لكن ذلك البيع تم دون نقل الملكية، إذ ظلت وثائق الدراجة في اسم عادل، كما أنه استمر في استعمال الدراجة على سبيل الاستعارة من أخيه.ولم يكن هذا هو السلوك الوحيد الذي بدر من عادل، إذ قبل أحداث أركانة قرر بيع كل السلع التي كانت بالدكان، وأوضح لأفراد أسرته أنه ينوي تغيير الحرفة، إذ فكر في تحويل الدكان إلى محل لبيع الملابس.هذه المعلومات المستقاة من الحي الذي يقطن به عادل، ظلت موضع تساؤلات لم تتم الإجابة عليها إلا بعد المفاجأة غير السارة.تكتم شديد"الصباح" التقت زوجة عادل، وأوضحت الأخيرة أن زوجها كان إنسانا عاديا، تنتابه حالات غضب أحيانا، لكنها لا تخرج عن المشاكل العادية بين الزوجين، كما أنها أوضحت أنه في الليلة التي سبقت التفجير، لم تلاحظ عليه شيئا، إذ استقدمها صباحا إلى منزل والديه ثم ذهب إلى دكانه.والدة عادل، التي تعاني مرض السكري، لا تقوى على الحديث، وتردد بين الفينة والأخرى "إلى دارها أنا مبريا منو، هاذ الشيء ما يقبلو لا الله لا العبد". وتستدرك الأم أنها لا تصدق أن ابنها ارتكب تلك الجريمة النكراء، كما تدعو إلى التحقيق معه جيدا، وإن كان مظلوما أن يخلى سبيله ليعود إلى زوجته الحامل، وإن كان الأمر عكس ذلك فليتحمل مسؤوليته.عبارات كثيرة تخرجها الوالدة، وتمتزج لديها مشاعر الأمومة بأحاسيس رفض الاعتداء الإرهابي، لتحيل أمرها إلى الله."جاو داوه معا العشرة د الليل، معرفناش شكون هما، مشينا درنا شكاية ديال الاختطاف، كنا كنتسحابو شي وحدين داوه حتى عرفنا بلي معتقلينو على داك الشي ديال مراكش".الأم صرحت أن في البداية كانت تعتقد أن ابنها مختطف، ولم تعلم ما وقع إلا بعد أن سمعت أخبارا عن الاشتباه في ابنها.شقيق عادل، بدوره كان يتحدث إلى "الصباح" ويمتزج حديثه بحركات يديه مشيرا إلى الرفض المطلق للحادث الإرهابي الذي حدث بمراكش، بل إنه كان يصيح كلما شاهد التلفزيون ينقل أخبار الحادث الإرهابي "الله يأخذ في الحق"، مبديا تنديده بالعمل الإجرامي.كانت دموع الشقيق الأكبر تنهمر، وهو يشير إلى زوجة شقيقه الحبلى، وإلى وضعية أمه الصحية، ليستدرك إن كان فعلا وراء العملية، فنحن براء منه.راديو المدينةصباح أمس (الجمعة) كان كل أبناء الحي يتحدثون عن موضوع اعتقال "مول السباط"، الشاب طويل القامة ذي الشعر المنسدل، لكن قبل ذلك أي يوم أول أمس (الخميس) كانت تساؤلات الأسرة تبحث عن إجابة على سبب "اختطاف" عادل، فالمعلومات المستقاة من الحي نفسه تشير إلى أن عادل قضى يومه في الدكان، وفي حوالي العاشرة ليلا كان يحاول مغادرة حي بوعودة، مستعينا بالدراجة النارية، وكانت زوجته تتبعه محاولة بدورها امتطاء المقعد الخلفي للدراجة نفسها قبل أن يفاجأ عادل بأشخاص يطلبون منه مرافقتهم، لينقلوه على متن سيارة من نوع داسيا ويغادرو المكان.توجهت الأسرة في اليوم نفسه، أي (الخميس) إلى الدائرة الأمنية للسؤال عن الابن، وأيضا لوضع بلاغ عن الاختطاف، وتم الاستماع إلى الزوجة، قبل أن يدرك الجميع، بعد إذاعة خبر انتماء الفاعل الرئيسي لتفجير مراكش إلى آسفي. المصطفى صفر

“الصباح” في بيت المتهم الأول في تفجير “أركانة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفاصيل عملية فك لغز تفجير "أركانة"

من الشريعة إلى الإسلاموفوبيا ومن المثلية الجنسية إلى وضعية المرأة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات