الإصلاح الجبائي غائب عن مطالب المركزيات النقابية

النقابات لا تتوفر على تصور إصلاحي للضريبة على القيمة المضافة رغم ارتباطها بالقدرة الشرائية يأخذ الاحتفال بفاتح ماي هذه السنة طابعا خاصا، بالنظر إلى الأحداث التي تعرفها المنطقة العربية والاحتجاجات التي شهدها ويشهدها الشارع المغربي، سواء على مستوى المشاركة أو الشعارات والمطالب التي سترفع خلال هذه المناسبة، إذ ستستغل العديد من الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والتنظيمات الشبابية هذه التظاهرة، من أجل الضغط على السلطات لانتزاع المزيد من المكتسبات، علما أن الحكومة نهجت خطة استباقية واستبقت الحدث بالتوقيع على اتفاقيتين مع النقابات الأكثر تمثيلا والاتحاد العام للمقاولات بالمغرب.ومما لا شك فيه، أن النقابات ستحاول خلال التجمعات الاحتفالية التي تنظمها بهذه المناسبة استعراض المكتسبات، التي استطاعت انتزاعها خلال الدورة الربيعية للحوار الاجتماعي، كما من المؤكد أنها سترفع سقف مطالبها. لكن الملاحظ والمتتبع للمطالب النقابية يلمس أن نوعية المطالب تظل هي نفسها تتكرر سنة بعد أخرى، ولا تبذل المركزيات النقابية مجهودات على مستوى اللائحة المطلبية. فخلال جلسات الحوار الاجتماعي لم تقدم النقابات أي مطالب في ما يتعلق بالجانب الجبائي، إذ استثنينا بعض المطالب المتعلقة بالضريبة على الدخل، في حين أن المشكل الأكبر الذي يواجه الأجراء وذوي الدخل المحدود يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك، علما أن هذين الصنفين من الضرائب يهمان بشكل مباشر القدرة الشرائية للمواطنين، ويمكن في حال إعادة النظر في المقاربة المعتمدة بخصوص هاتين الضريبتين أن تنعكس إيجابا على القيمة الفعلية للأجور.وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن للأجر قيمتين، قيمة إسمية تتعلق بالمبلغ الذي يتقاضاه كل أجير أو موظف، وقيمة فعلية تحتسب على أساس ما يخوله هذا الأجر من مواد وخدمات. وعلى هذا الأساس، فإن الزيادة في القيمة الإسمية للأجر يمكن أن لا يكون لها أي آثار، إذا صاحبها ارتفاع مواز في أسعار المواد والخدمات، إذ تتعين مراجعة الأجور سنويا على أساس نسبة التضخم، التي تعكس الارتفاع العام للأسعار، لأنه إذا لم تواكب الأجور مستويات التضخم، فإن قيمتها الفعلية تتراجع.ومن خلال مراجعة المطالب النقابية، يلاحظ غياب هذه النوعية من المطالب، كما أن النقابات لم تقدم أي تصور حول إصلاح المنظومة الجبائية، ولا تتوفر على أي مقترحات بخصوص الإصلاحات التي يتعين إدخالها على الضريبة على القيمة المضافة، علما أن أغلب المواد تخضع للمعدل الأعلى لهذه الضريبة، الذي يصل إلى 20 في المائة، ما يثقل ميزانية الأسر، الأكثر من هذا أن بعض المواد المدعمة من طرف الحكومة تخضع للضريبة على القيمة المضافة بسعر 7 في المائة، مثل مادة السكر. وهناك مواد أساسية تخضع لمعدلات تضريب تتراوح ما بين 10 و20 في المائة، ويتضح ذلك جليا من خلال الفاتورات التي يؤديها المواطنون في المساحات التجارية الكبرى، إذ أنها توضح بجلاء العبء الضريبي الذي يتحمله المستهلك، خلال عملية التموين، فعلى سبيل المثال يؤدي المستهلك ما لا يقل عن 150 درهما من الرسوم والضرائب، خاصة الضريبة على القيمة المضافة، بخصوص فاتورة تعادل قيمتها الإجمالية ألف درهم.وفي ظل هذه الوضعية، فإن الزيادات في الأجور يظل انعكاسها محدودا، خاصة مع الارتفاع المتواصل للأسعار والثقل الضريبي المترتب عنه، والذي يتعين على المستهلك تحمله. لذا، فإن المطالب النقابية التقليدية، المتمثلة في رفع الأجور وضمان الحقوق النقابية، رغم أهميتها، لم تعد كافية، إذ يتعين على المركزيات النقابية أن تتوفر على رؤية واضحة ودقيقة حول الإشكالية الجبائية، المتمثلة في تركيز الضغط الجبائي على فئات الأجراء. ع.ك

الإصلاح الجبائي غائب عن مطالب المركزيات النقابية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كلفة زيادات الأجور والمعاشات تتجاوز 8 ملايير درهم

فاتح ماي بطعم 20 فبراير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات