الإرهاب يسرق البهجة من جامع لفنا

التحقيقات متواصلة لكشف حقيقة الاعتداء وخلية أزمة لمهنيي السياحة اهتز المراكشيون، وهم يسمعون دوي انفجار قوي، صبيحة أول أمس (الخميس)، على الساعة الحادية عشرة وخمس وأربعين دقيقة، داخل مقهى أركانة المجاورة لمقر فرقة الشرطة السياحية بساحة جامع لفنا، انفجار كان كافيا لخلق فوضى عارمة بالمدينة، حيث تبادل المراكشيون الخبر بسرعة فائقة، إذ تقاطر الآلاف من المواطنين على الساحة، وكان كل من عاين آثار التفجير، إلا وأصيب بصدمة وذهول كبيرين، بينما هرعت العشرات من سيارات الإسعاف إلى مسرح الحادث، والحصيلة الرسمية 14 قتيلا ثلاثة مغاربة و11 أجنبيا، أغلبهم من جنسيات فرنسية. خلق انفجار مقهى «أركانة» حالة هلع وذعر كبيرين بين سكان المدينة وسياحها الأجانب، ووصف شهود عيان حالة الفوضى التي سادت ساحة جامع لفنا، التي كانت مكتظة بالسياح وزوار المدينة، بالخطيرة، ووصف سائح أجنبي الانفجار بالمروع، إذ عاين الناس يركضون بالساحة في كل اتجاه في مشهد مثير للغاية، خاصة بالطابق الأول للمقهى،»الذي كان يوجد فيه عدد من السياح، بينما واصل عدد من رجال الشرطة التنقيب بين الأنقاض، بجانب أطباء شرعيين عن جثث الضحايا التي منها من تناثرت أشلاؤها في مشهد مؤثر. وشوهدت امرأة أصيبت إصابة خطيرة في وجهها، وشخص آخر فقد أحد أطرافه، فيما امتزجت الصدمة بالغضب والخوف بنفوس السكان، لما يشكله الحادث من ضربة قاسية للسياحة التي تعتبر أحد أهم الأنشطة الاقتصادية بالمدينة.واعتقد شهود عيان، في البداية، أن الحادث، وفي غياب المعطيات، سببه انفجار في قنينات للغاز، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، إذ أكدت وزارة الداخلية، أن الأمر يتعلق بعملية إجرامية، خاصة بعد العثور على مادة الكبريت ومسامير بمسرح الجريمة، مما يؤكد أنه اعتداء إجرامي استهدف المغرب مجتمعا ودولة. هلع وفوضى بساحة جامع لفناكانت أخبار ترددت بأن امرأة تشتغل بمقهى أركانة أفادت، في معرض تصريحاتها للأمن الوطني، أنها عاينت شخصا يحمل حقيبة رياضية من الحجم الكبير، كان ولج الطابق الأول للمقهى، وتناول كأس عصير من البرتقال، بعدها غادر تاركا الحقيبة.والتقت «الصباح» مجموعة من الفاعلين السياحيين الذين عبروا عن استيائهم الكبير من تبعات ونتائج العملية الإجرامية المذكورة، وتأثيرها على القطاع السياحي بالمدينة.وحسب أرباب بعض المؤسسات السياحية، فإنه مباشرة بعض الانفجار المذكور بساعات قليلة عرفت الحجوزات تراجعا كبيرا، بعدما ألغى مجموعة من السياح زيارتهم للمدينة، ووصف صاحب مطعم بالمدينة الأمر بالصعب، مضيفا أن بعض الأجانب الذين كانوا يتناولون وجبة الغداء وقت الحادث كانوا في حيرة من أمرهم، ومنهم من لم يكمل وجبة الغداء، وغادر المطعم نحو الفندق.وزيرا الداخلية والعدل يزوران مكان الحادثعقد الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، أول أمس (الخميس)، بمقر ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز، ندوة صحافية بحضور ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية، أكد خلاله أنها إثر الحادث الإرهابي الذي عرفته مقهى أركانة بساحة جامع لفنا، وبتعليمات ملكية سامية زارت لجنة وزارية وأمنية مسرح الحادث، ومستشفى ابن طفيل، واطمأنت على ضحايا الحادث، مضيفا أن الحصيلة الرسمية وصلت 14 قتيلا، فيما تتحدث مصادر أخرى عن 18 قتيلا، بعدما انضاف قتيلان جديدان لفظا أنفاسهما الأخيرة بمستشفى ابن طفيل.وأكد الطيب الشرقاوي أن عدد الجرحى وصل 23 جريحا، يعانون إصابات متفاوتة الخطورة، نقلوا إلى مستشفى ابن طفيل والمستشفى العسكري ابن سينا بمراكش، ومصحات خاصة، إلى جانب خلق خلية لاستقبال أقارب وذوي المصابين والضحايا، وتخصيص رقم أخضر للحصول على كافة المعلومات، مضيفا أن الأبحاث تؤكد أن الأمر يتعلق بعمل إرهابي تم بواسطة مادة متفجرة.وزار وفد مكان الانفجار، ويتكون من وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، ووزير العدل محمد الطيب الناصري، وكاتب الدولة في الداخلية سعد حصار. كما ضم الوفد المدير العام للأمن الوطني الشرقي الضريس وقائد الدرك الملكي الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان، ومحمد امهيدية والي جهة مراكش تانسيفت الحوز وبعض المنتخبين المحليين، ومسؤولين مدنيين وعسكريين، وتوجه الوفد بعد ذلك إلى مصالح المستعجلات بمستشفى ابن طفيل بمراكش، لتفقد الحالة الصحية للمصابين. مسامير في جثث الضحاياباشرت فرق التحقيق استجواب بعض من حضروا عملية التفجير، ضمنهم نادلة تعمل في المطعم، يرجح أنها شاهدت منفذ العملية لحظات قبيل التفجير، كما انتقلت، على وجه السرعة، طواقم من الشرطة العلمية والتقنية من مدينة الدار البيضاء، وأعلنت وزارة الداخلية أنها أوفدت إلى مكان الانفجار فرق إنقاذ، كما صدرت تعليمات بإرسال أطقم طبية لتعزيز الطاقم الطبي بمستشفى ابن طفيل بمراكش.وأكد مصدر طبي به فرضية عمل إرهابي وراء التفجير الذي شهدته المقهى، إذ أكد وجود مسامير، وقطع حديدية في جثث بعض الضحايا، وقال المصدر نفسه إن أربعة عشر مصابا يوجدون في حالة خطيرة، بينهم سائح من جنسية فرنسية، كما أن غالبية الأشخاص المتوفين يحملون جنسية فرنسية.مقهى أركانة بدون كاميرات مراقبةاستغرب المحققون الأمنيون بمراكش، وكل من عاين بناية مقهى أركانة التي تعتبر من المقاهي العتيقة والمعروفة بالمدينة بتوافد السياح الأجانب لأنها تطل على ساحة جامع لفنا، وتمكن زائرها من رؤية شاملة وممتعة، من غياب كاميرات للمراقبة سواء بالطابقين الأول أوالثاني أو بالطابق الأرضي، في الوقت الذي كانت فيه سلطات المدينة دعت المؤسسات السياحية إلى تكثيف المراقبة وتثبيت كاميرات بمداخلها، وببعض الفضاءات الحساسة. وكانت لجن المراقبة وقفت على مجموعة من التجاوزات ببعض المؤسسات السياحية من بينها مؤسسات تفتقد شروط السلامة والمراقبة الأمنية، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام.بطاقة معلم بمسرح الحادثأكدت مصادر عليمة ل»الصباح» أنه تم العثور على بطاقة معلم نقلت جثته إلى مستودع الأموات باب دكالة ضمن ضحايا مقهى أركانة، وتعتبر جثة المعلم المذكور ضمن الجثث الثلاث للمغاربة، إلى جانب جثة ياسين بوزيدي، النادل بمقهى أركانة.وعلمت الصباح أن التحقيقات مازالت جارية لفك خيوط العملية، وحسب بعض المصادر، يرجح أن تكون جثة الفاعل الرئيسي ضمن جثث مستودع الأموات باب دكالة.شهادات لأسر الضحاياياسين بوزيدي، والذي لم يمض على اشتغاله بمقهى أركانة نادلا إلا ثمانية أشهر، كان ضمن ضحايا الحادث الإرهابي المذكور، تاركا طفلة ياسمين (سبع سنوات) وزوجته حامل، الضحية من مواليد 1979 بورزازات، مستواه التعليم باكلوريا، خريج إحدى المدارس الفندقية بالمدينة نفسها، اشتغل ببعض المؤسسات السياحية من بينها مقاهي بمدينة مراكش، التي حل بها مند أربع سنوات تقريبا.ياسين يعيش حياة عادية صحبة أسرته الصغيرة بحي سكوما، ويقيم بمنزل على وجه «الرهن»، ويقاوم صعوبات الحياة، حسب تعبير محمد بوزيدي، شقيقه الأكبر الذي وصف الضحية بأنه كان يهتم بأسرته، ويعيش حياة عادية، ويعتني بابنته الصغيرة ومنزله، مضيفا أنه مباشرة بعد حادث الانفجار حاول الاتصال بشقيقه، لكنه لم يتمكن، وبعد التحاقه بمسرح الحادث، وقف على هول الفاجعة، ليتوصل بخبر مصرع شقيقه ياسين.«الصباح» زارت منزل الضحية ياسين، ووقفت عند حجم معاناة أسرته الصغيرة، التي تعيش ظروفا اجتماعية صعبة جدا، واجتمع المئات من الجيران، وأعلنوا تضامنهم مع العائلة، ورفضهم التام لكل ما من شأنه زعزعة استقرار المغرب. ويحكي عبد الكبير، من أبناء حي سيدي يوسف بن علي، وهو نادل بمقهى أركانة منذ سنوات، وشاهد عيان على ما حدث، أنه التحق بعمله بالمقهى صبيحة الحادث على الساعة الحادية عشرة والنصف، وفي طور استعداده لولوج لطابق الأول بالمقهى فوجئ بالانفجار الذي لم يقو على معاينة نتائجه، حيث تطايرت أشلاء الضحايا، مضيفا أن رائحة البارود انتشرت بالمكان، وعاين جثث مجموعة من السياح الأجانب، لينخرط في جمع الأشلاء، ومساعدة رجال الوقاية المدنية في وضع الجثث في الأكياس، ونقلها إلى سيارات الإسعاف التي التحقت بمسرح الحادث.وأكد عبد الكبير أنه لم يقو على معاينة جثة رفيقه ياسين البوزيدي، فيما لوحظ ثقب كبير مكان الطاولة التي كان يجلس بها المشتبه فيه، وأصيب باقي عمال المقهى إصابات خفيفة، باستثناء الحسين أدردار الذي تعرض لإصابة في الرأس والوجه.ومن جانب آخر، كان المراكشيون يراقبون الوضع بمحيط مقهى أركانة التي تجمع بمدخلها المئات من المواطنين مرددين عبارات الاستنكار لما حدث، وظلوا كذلك إلى وقت متأخر من الليل، فيما تجمع المئات من المواطنين بمدخل مستعجلات مستشفى ابن طفيل مرددين شعارات تدين الإرهاب. نبيل الخافقي (مراكش)

الإرهاب يسرق البهجة من جامع لفنا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القاعدة تهدد المغرب يومين قبل تفجير مراكش

مخاريق: احتضاننا لـ20 فبراير ينسجم ومبادءنا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات