زعزعة استقرار المغرب من أولويات القاعدة

منذ الساعات الأولى من صباح أمس (الجمعة)، وبعدما اتضحت الأمور، وتبين أن حادث مراكش يتعلق بعمل إرهابي، تكلفت فرق خاصة تابعة لأجهزة أمنية مختلفة بمحاصرة عدد من المناطق الشعبية والهامشية بالعاصمة السياحية للمملكة، التي توصف ب"أوكار الفتنة والتطرف"، إذ صدرت تعليمات صارمة لمراقبة كل مشتبه فيه أو ذوي سوابق قضائية في ملفات الإرهاب. وتتكون هذه الفرق من عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني والاستعلامات العامة والشؤون الداخلية، وذلك في عدد من أحياء مراكش، خصوصا الشعبية منها، كما تقيم فرق أخرى مراقبة مشددة لمختلف المشتبه في انتمائهم إلى تيارات إرهابية أو مؤيدة ل"الجهاد"، في انتظار تنفيذ حملة اعتقالات في صفوف المشتبه فيهم.وذكرت مصادر موثوقة أن عناصر في الأجهزة الأمنية توزعت احتياطيا على أحياء أخرى، في سياق الخطة لتوجيه ضربات استباقية لضبط تحركات وأنشطة المتشددين المعروفين بمرجعيتهم الراديكالية، ومعاداتهم للنظام المغربي لأسباب مجانية، كما تتم الاستعانة بأعوان السلطة المحلية من شيوخ ومقدمين ومخبرين وغيرهم لجمع معلومات عن المشتبه فيهم. وبينما تتحدث بعض المصادر عن اعتقالات في صفوف منتمين إلى تنظيمات إرهابية، ما تزال الأجهزة الأمنية في سباق محموم مع الزمن من أجل تحديد هويات جميع الأشخاص الذين تربطهم بالخلايا الإرهابية علاقات ما، ويرجح أن تكون لهم يد، سواء من قريب أو بعيد. لم يعد من شك، الآن، بعد الحادث الدموي البشع الذي هز مراكش، أن أمن واستقرار المغرب ما يزال من أولويات القاعدة والأيادي الإرهابية الآثمة، فقد أصبح الوضع من الخطورة بمكان. والأكيد أن الكثير من الخلايا المتطرفة لا تترك الفرصة تمر دون أن تحاول الإخلال بالوضع الأمني في المغرب، المتسم بالاستقرار، ولا أدل على ذلك أعداد المشتبه فيهم ممن يحالون على القضاء في إطار قانون محاربة الإرهاب. وليس خافيا عن أحد أن المغرب، قبل تفجيرات سنة 2003، أصبح مستهدفا مثل عدد من الدول العربية والأوربية من طرف التنظيمات الإرهابية في العالم، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، التي يعتبر استهداف المغرب من أولوياته.المطلوب اليوم هو تكثيف الجهود لإحباط أي مشروع إرهابي، من أجل اجتثاث الظاهرة من الأصل، والقضاء على الظلاميين الذين يضمرون السوء والعداء لهذا البلد، الذي عرف بتسامحه مع الآخر، واحترام جميع الأديان على مدى العصور. المطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن تخصص الدولة اهتماما أكبر لإمكانيات الأجهزة الأمنية ووسائل عملها، لتكون في مستوى التطلعات المنشودة في أفق مغرب آمن بعيد عن جميع المشاكل التي تهدد استقرار العديد من الدول العربية الأخرى. والأكيد أن عمل الأجهزة الأمنية في ملاحقة المشتبه فيهم، سيتم في إطار القانون، وإذا كان من بين الموقوفين أبرياء لا علاقة لهم بالتخطيط لهذا العمل الإرهابي أو غيره، فإن التحقيق سيكشف دور كل واحد، وإذا ثبت أن شخصا ما أو أكثر اعتقلوا في إطار الاشتباه فقط، فإن القضاء لن يجد حرجا في تبرئتهم، كما حصل في ملفات عديدة. لقد نجحت الأجهزة الأمنية في المغرب، منذ تفجيرات 16 ماي الإرهابية، سنة 2003، في تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية التي تحاول اختراق هذا البلد، وتحويل فضائه إلى مشهد يجمع صور الخراب وحمامات دم هنا وهناك، ومع ذلك، يظهر أن الخلايا والتنظيمات المتطرفة لن يهدأ لها بال دون استهداف أمن البلاد وطمأنينة سكانها، فالهاجس من تنامي الإرهاب، ومحاولاته المتكررة لاستهداف هذا البلد الآمن، كان الدافع لأجهزة الأمن والاستخبارات للبقاء في أقصى درجات الحيطة والحذر، رغم تعالي بعض الأصوات المشككة في الرواية الرسمية. وللإشارة، فإن أغلب التنظيمات الإرهابية التي تم تفكيكها أخيرا، ربطتها نتائج التحقيقات التي أجريت بالخلايا الإرهابية التي تنشط ببعض دول الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء، من بينها "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"جماعة السلفية للدعوة والقتال". ويتضح، من خلال هذه المعطيات، أن الخطر الكامن الذي يتهدد أمن واستقرار البلد، قادم من الصحراء، حيث تتخذ العديد من التنظيمات الإرهابية "قواعد" لها هناك، في منطقة تستحيل مداهمتها أو حصر المتطرفين الذين يحتلونها.ويرى بعض المهتمين أنه في سبيل التصدي بفعالية وعقلانية للمخططات الإرهابية، تبرز أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في البلاد، مؤكدين أن ذلك يقتضي، بالضرورة، منح الأولوية في التنسيق والتبادل في مجال المعلومة. محمد البودالي

زعزعة استقرار المغرب من أولويات القاعدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشرقاوي يصف الحادث بـ "الإجرامي"

حادث مراكش...هل ستغلب الدولة المقاربة الأمنية؟

مقالات ذات صلة