المقاولات المواطنة والحاجة إلى تدخلاتها الإنسانية

المقاولات المواطنة والحاجة إلى تدخلاتها الإنسانية سعيد شاب ومواطن بسيط، مساعد لحام، تزوج أخيرا، وشاء القدر أن تنجب زوجته ثلاثة مواليد ذكور. اختلطت فرحة الزوجين الشابين بحزنهما الشديد، ولم يفصل بين هذين الشعورين المتناقضين إلا الآية القرآنية «لا تقتلوا أبناءكم من إملاق إنا نزرقهم وإياكم»، التي رددها الكثيرون على مسامع الزوجين القلقين من فقرهما وبؤسهما وحاجتهما إلى ما ينفقان به على المواليد الثلاثة، وما يعنيه ذلك من «حليب» و«حفاظات» وعناية طبية، وغيرها من المصاريف التي تتطلبها تربية ثلاثة مواليد جدد في غرفة بسطح منزل بسيدي مومن وفي عاصمة الفقراء والمحتاجين. لجأ سعيد إلى جمعيات، لكن عوض أن تساعده على توفير ما يحتاجه المواليد الذين لم يكملوا بعد الشهر الأول، طالبته بواجب الانخراط، ليعود سعيد إلى بيته/غرفته ووحدها الآية تسانده وإيمانه بالمثل الشعبي المستنبط منها «كل واحد تايجي برزقو». فهل يمكن أن نتوقع من إحدى مقاولاتنا الكبرى أن تحمل هذا «الرزق» إلى المواليد الثلاثة، وتساند الشاب سعيد في تحمل نفقات ثلاثة رضع رزقه الله بهم، كما يحدث في أفضل الدول التي توفر أرقى عناية اجتماعية لمواطنيها، ومع ذلك تتدخل الشركات المواطنة لتساند مثل هذه الحالات وعوض أن يشعر الآباء بقلق تملأ بيوتهم الفرحة، وهذا ما حدث مع شاب أمريكي اسمه جوي، استأثر تبنيه أطفال أخته المدمنة على المخدرات، الثلاثة، وعمره لا يتجاوز 20 سنة، باهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، وبدا الشاب «الملهم» و»الخارق» كما وصفته هذه البرامج وكأنه اخترق صفيح المستحيل. وليس هذا هو المهم في التفاصيل اليومية لحياة هذا الشاب التي عرضت هذه القنوات جزءا منها، إنما ما قامت به بعض المقاولات بعد علمها بالخبر، وقد أعطت فعلا المثل الأعلى للمقاولة المواطنة، التي تهتم بحياة بسطاء وتساعدهم على تجاوز محنهم المالية، وتشجعهم على التكافل. صحيح، لا وجه للمقارنة بين مقاولاتنا ومقاولات أمريكا، لكن لابد منها مبدئيا، فكم من حالة اجتماعية مزرية عرضت في برامج اجتماعية على قناتينا، وكم من دموع هطلت أمطارها غزيرة في «بلاتوهات» هاتين القناتين، وخرج أصحابها في وقت متأخر من الليل بعد استكمال التسجيل دون أن يحصلوا على ثمن «الطاكسي». جوي دخل إلى إحدى القنوات الأمريكية بحكايته المثيرة، التي بدأت حين انتزع مركز اجتماعي الأطفال الثلاثة من أمهم المدمنة، وواجه الشاب، الذي كان حينها يتابع دراسته الجامعية، ويعمل موزعا للفواتير في شركة طبية في الوقت ذاته، كل القوانين التي تحول دونه والتكفل بأطفال أخته، ولم يترك ثغرة إلا وتسلل منها ليفوز في النهاية بتبني هؤلاء الأطفال، وعاد بهم إلى شقته الصغيرة المكتراة. الأهم في هذه القصة هو التكافل الذي عبرت عنه بعض المقاولات في رمشة عين، فواحدة أرسلت مستخدمة لديها حاملة شيكا بقيمة ثلاثة ملايين سنتيم (3 آلاف دولار) لشراء ألعاب للأطفال، وهو المبلغ الذي بدا في البداية كبيرا لجوي، وتردد كثيرا في إنفاقه على الألعاب كما أوصت الشركة، لكن الأخيرة كانت تخبئ مفاجأة كبرى للشاب الذي اعتبرته مضحيا كبيرا، وحين كان الشاب يتابع المستخدمة وهي تقتني أنواعا كثيرة من الألعاب كان ذهنه منشغلا بما هو أهم بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال ليطلب منها أخيرا أن توفر جزءا من المبلغ لشراء ملابس للأطفال بمناسبة رأس السنة الجديدة، ولم يكن يعلم أن مبلغا آخر يصل إلى 50 مليون سنتيم (50 ألف دولار) في انتظاره، وضمانة من شركة ثانية بالتكفل بطعام الأطفال ووالدهم بالتبني، وتنافست لحظتها الشركات على تقديم المساعدة لـ «بطل أمريكا» الذي ضحى بكل شيء من أجل هؤلاء الأطفال.في مجتمعنا لا يحتاج بعض أفراد الأسرة إلى مواجهة الدولة لتسمح لهم بالتكفل بأبناء أخواتهم وإخوانهم، بل «الطاسيلة ديالهم كلها»، بل يجد الواحد منا نفسه مقحما في الأمر بدون استشارته حتى، ولا يضحي بشبابه فحسب، بل بصحته أيضا وبوقته و...، فيتكفل بأبناء الأخت وزوج الأخت والأم والأب و... حالة سعيد وزوجين آخرين من سلا وقبلهما امرأة دقت أبواب «الصباح» لطلب مساعدة، هي ما يجبر على فتح ملف المقاولات المواطنة ومدى قدرتها على الاستجابة إلى نداءات هذه الحالات الاجتماعية، فهل ستسمع إحداها نداء سعيد وتسعده بأطفاله الثلاثة. ضحى زين الدين

المقاولات المواطنة والحاجة إلى تدخلاتها الإنسانية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البت في الخبرة الحسابية لمشروع أولاد زيان

تعليمات ملكية لرفع أجور موظفي الدولة والعسكريين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات