تباين الرؤى حول قانون منع ارتداء النقاب بفرنسا

حزب ساركوزي يخلص إلى مدونة للعلمانية لتأكيد لائكية الجمهورية الفرنسية ختم الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية" نقاشا ساخنا فتحه بمبادرة من أمينه العام جون فرانسوا كوبي، وبمباركة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وذلك بما سمي "اتفاقية العلمانية"، شملت 26 مقترحا أكد مبدأ علمانية الأماكن العامة وضمان حرية التعبد في الأماكن الخاصة. ولم ينل هذا النقاش منذ إطلاقه تجاوبا من لدن مجموعة من المسؤولين السياسيين المحسوبين على الحزب الحاكم، وفي مقدمتهم الوزير الأول الفرنسي فرانسوا كوبي، الذي حاول أن يضع بينه وبين هكذا جدل مسافة، اتضحت أكثر بعدم حضوره نقاشا بأحد الفنادق الباريسية، وقاطعته كذلك المؤسسات الدينية التي تعتبر تمثيليتها رسمية وسط المؤسسات الفرنسية، وعلى رأسها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي عبر منذ إنزال هذا الملف إلى ساحة النقاش، عن استنكاره لذلك، ولم يبد أي رغبة حتى نهايته في الإدلاء بدلوه فيه.رئيس المجلس محمد موساوي، وهو من أصل مغربي، قال في هذا الإطار، إنه نبه الأمين العام للاتحاد من أجل حركة شعبية إلى مزالق هذا النقاش، وحاول أن يقنعه بالإعراض عنه، إلا أنه، بحسب تصريح له، لم يحصل ذلك، وقرر بالتالي الحزب الحاكم أن يلقي بحجرة جديدة في السجال القائم خلال هذه الأيام حول المسلمين والهجرة في فرنسا.النقاش بين مؤيد ومعارضاختلفت القراءات بين موالين للحكومة والمعارضة في قراءة الدوافع الأساسية التي كانت وراء الدفع بهذا النقاش إلى الساحة السياسية الفرنسية، ولم يكن ممكنا على طوله أن يجد المراقبون نقاط التقاء واضحة بين المجموعتين، وانتهى الأمر في الأخير إلى تبادل التهم بين المسؤولين في الحزب الحاكم من جهة والمعارضة من جهة ثانية.الحزب الحاكم في شخص زعيمه جون فرانسوا كوبي دافع عن اختياره لهذا النقاش، لأنه طرح، على حد تفسيره، ببعد واحد هو توضيح مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي باستحضار مبدأ العلمانية التي تعد جوهر النظام الجمهوري في فرنسا بناء على قانون 1905.وتحول سياق النقاش عقب ردود الفعل السلبية تجاهه إلى الحديث بالأساس حول العلمانية، متجاوزا، ولو ظاهريا، الصيغة التي طرح بها في البدء، أي الإسلام والعلمانية، ولم ير فيه أصحابه ما يمكن أن يغضب المسلمين في فرنسا، لأن الغرض منه، تبعا لتفسيرهم، الوصول إلى "كود للعلمانية"، وهو عبارة عن كتيب تجمع بين دفتيه جميع النصوص القانونية بهذا الشأن.لكن المعارضين لهذا النقاش ينظرون إليه بنظرة مغايرة، ولا يرون فيه إلا تسخينات مبكرة لحملة الرئاسيات، بغاية وحيدة، يلخصونها في محاولة الحزب الحاكم استباق زحف اليمين المتطرف، ممثلا في الجبهة الوطنية، حتى لا يضيع منه عدد من الأصوات، خصوصا بعد الخرجة الإعلامية لماري لوبان حول صلاة المسلمين في الأزقة.وعبر محمد موساوي عن "استيائه من هذا النقاش..."، مضيفا أنه "لا يعد من أولويات المواطن الفرنسي، وهناك أولويات أخرى في سلم الأسبقيات..."، كما أرجع طرح هذا الموضوع على الساحة السياسية في هذا التوقيت إلى "ما أصبح يمثله الإسلام في ذهنية العنصر الأوربي، جعلت الحزب الحاكم يضعه ضمن أولويات التيمات الجديرة بالنقاش".البعد السياسي للنقاشخرج وزير الداخلية الفرنسي كلود كيون، المعين حديثا، كأول شرطي في فرنسا إثر آخر تعديل عرفته حكومة فرانسوا فيون، بتصريحات اعتبرت قاسية في حق المسلمين في فرنسا، بقوله إن "عدد المسلمين في فرنسا في ارتفاع مستمر ..."وقال الكاتب العام للإليزيه سابقا،"من الواضح أن الصلاة في الأزقة تصدم عددا من المواطنين..."، مستنسخا ما جاء على لسان زعيمة اليمين المتطرف في خرجة إعلامية سابقة لها، شبهت فيه صلاة المسلمين في الأزقة في صلاة الجمعة والأعياد الدينية "بالاحتلال".وأكد وزير الداخلية الفرنسي في حوار مع صحيفة لوموند، أن "الفرنسيين ينتابهم شعور بأن تدفق المهاجرين غير المتحكم فيه، غيَر محيطهم، فهم ليس لهم عداء للآخرين، يريدون فقط أن تبقى فرنسا هي فرنسا"، بحسب قوله.الحديث في هذا الوقت وبهذه اللهجة عن المسلمين ومعهم الأجانب المستقرون في فرنسا من طرف مسؤول حكومي مقرب جدا من ساركوزي، أول ما يعنيه بالنسبة إلى العديد من المراقبين أن موضوعة الإسلام والهجرة، ستكون على رأس التيمات التي سيركبها ساركوزي في حملة الرئاسيات المقبلة.وهناك من يعتبر أن الحملة بدأت مبكرة من طرف الحزب الحاكم دون أن يعلن الرئيس الحالي صراحة عن ترشيحه لسباق الإليزيه، لخوف اليمين المعتدل، والذي يضم بين صفوفه تيارا يلتقي في الكثير من الأشياء مع اليمين المتطرف، حتى أن أحد نوابه دعا إلى تحالف معه، من زحف مفاجئ للجبهة الوطنية من خلال زعيمتها الحالية مارين لوبان.ويبدو لبعض المراقبين أن ساركوزي يبحث عن سبل لانتعاش شعبيته من خلال أوراقه الانتخابية التقليدية، المرتبطة بالهجرة والإسلام، وتعيين شخص مثل كلود كيون في وزارة الداخلية، يفسر ذلك بالملموس، لأنه أحد أتباعه الأوفياء، ولا يمكن لأي شخصية سياسية أخرى أن تنال ثقته، بعد أن لوثت صورة وزير الداخلية السابق، صديقه وأحد مخلصيه، بريس أورتفو، على خلفية إدانته في أحد ملفات الميز. بوعلام غبشي (باريس)

تباين الرؤى حول قانون منع ارتداء النقاب بفرنسا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قانون المستهلك يقرر الإمهال القضائي في ما يتعلق بتسديد القرض

دراسة: ثغرات قانون مهنة التوثيق العصري - (الحلقة الأخيرة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات