الأمن والمروجون…القط والفأر

المهربون يبدعون حيلا توهيمية وأمنيون تورطوا بغض الطرف والارتشاء تجد المصالح الأمنية صعوبة كبيرة في محاربة ترويج الأقراص المهلوسة وتنقية شوارع المدن منها، وخنق قنوات تهريبها سيما من المنطقة الشرقية، أمام إبداع المهربين والمروجين، حيلا أصعب على الاكتشاف، وتحول الأمر إلى لعبة أشبه بمغامرات "توم" و"جيري"، مستنسخة بينهم وبين الأمن والدرك. ورغم نصب السدود القضائية وحواجز المراقبة الطرقية، فإن إغراق السوق المحلية بشتى أنواع هذه المادة سبب غالبية الجرائم الكبرى بما فيها قتل الأصول والفروع، مستمر بوتيرة متفاوتة، سيما المهربة من الجزائر عبر شبكات منظمة أو أشخاص يغتنون على حساب صحة المدمن أسير أقراص تفقده تركيزه.وتلعب الصدفة دورا كبيرا في حجز كميات من مثل هذه الأقراص المسببة للهلوسة، التي تتخذ مسميات مختلفة من قبيل "الكينة" و"بولا حمراء" وإيكستازين" وغيرها من الأنواع، التي أضحت سلاحا فتاكا ليس فقط للذات المستهلكة، إنما لمجتمع بات مهددا بظواهر مشينة مرتبطة بإدمانها بشكل متفاوت.وتفيد المصادر أن نسبة مهمة من المحجوزات بالطريق الوطنية من وجدة إلى فاس عبر تازة، حيث ينتعش تهريبها بشكل كبير، تأتي بعد وشاية أو إخبارية، فيما يتعذر في حالات كثيرة ضبط عمليات تتم تحت جنح الظلام ووفق خطة محكمة يصعب فك لغزها، وأحيانا بتواطؤ مع الموكولة إليهم المراقبة بالطرق.وتدس الكمية المهربة في أماكن خفية بالسيارة يصعب اكتشافها دون اللجوء إلى المسح الإلكتروني بآلات خاصة، فيما يختار المهربون مواقيت في آخر الليل للتهريب حيث تقل أو تنعدم المراقبة بالمحاور الطرقية التي يتبعونها، حتى الثانوية منها البعيدة عن أعين ومراقبة مصالح الدرك الملكي والأمن. واللافت للانتباه تورط أصحاب مهن عسكرية في عملية التهريب، على غرار جنديين بكرسيف، يتحدران من وزان، ضبطا قبل نحو سنتين عند مخرج فاس في الطريق إلى عين الله، وبحوزتهم 6480 حبة من الأقراص المهلوسة على متن سيارة أحدهما، بناء على وشاية توصلت بها المصالح الأمنية. كانت الكمية المقتناة من وجدة بعد رحلة إليها بداعي بيع السيارة، مخبأة بكيس بلاستيكي عثر عليه رجال الأمن بسهولة بعد إيقاف السيارة على بعد أمتار قليلة من سيارة ركنها شقيق أحدهما له سوابق في المجال، لاستلام المادة، قبل أن يفر بعد معاينته إيقافهما، دون أن تنفع مطاردته ومحاولة إيقافه.وقضى الجنديان كوابيس مرعبة بالسجن، انتهى بالإفراج عن أحدهما بعد إنهائه 6 أشهر حبسا نافذا أدين فيها ابتدائيا، فيما ينتظر أن ينهي زميله في 11 شتنبر المقبل، سنتين حبسا أدين بهما من قبل ابتدائية فاس، قبل أن تقضي غرفة الجنح الاستئنافية برفع يدها عن الملف وتسليمه للوكيل العام.وتحولت جلسات محاكمتهما إلى مناسبة تبادلا فيها الاتهامات، محاولين إبعاد الشبهة عنهما، دون أن ينفع ذلك في تخليصهما من عقوبة سالبة لحريتهما فقدا إثرها عملهما مصدر عيشهما وأسرتيهما أكبر ضحيتين في قضية بدأت بطمع في الربح السريع وانتهت بندم غير نافع في محو أثر الفعل الجرمي.وذاك حال 12 أمنيا اتهموا بالتورط مع بارون مخدرات متخصص في ترويج مثل هذه الأقراص، اعتقل صدفة بحي طارق وجرهم إلى مساءلة قانونية مازالت متواصلة في انتظار قرار من قسم جرائم الأموال الابتدائي، قد يبرئهم أو يدينهم بتهم النصب والارتشاء لغض الطرف عن أنشطته المحظورة.كل هؤلاء الذين أجريت في حق أحدهم المسطرة الغيابية، سرحوا مقابل كفالات تراوحت بين مليونين و10 ملايين سنتيم. لكن سمعتهم لطخت، بعدما أضحوا مادة إعلامية دسمة، ووجدوا أنفسهم موقوفين عن عملهم منذ إحالتهم على الوكيل العام من قبل عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية.ولم يجر هذا البارون الذي ضبطت بحوزته 3 آلاف قرص مهلوس، الأمنيين وحدهما للمحاكمة، بل نال المصير ذاته صيدلاني أوقف وحكم ابتدائيا بسنتين حبسا نافذا بعد اتهامه بتزويده بتلك الأقراص مقابل تحوزه بحاجياته من المخدرات المدمن على استهلاكها منذ عدة سنوات. حميد الأبيض (فاس) "علي وعلى أعدائي" عادة ما يفضل كل مروج لتلك الأقراص، تقديم لائحة كبيرة من معاونيه أو المتساهلين مع نشاطه، بمن فيهم أمنيون أو مسؤولون أحيانا بدافع الانتقام أو الابتزاز كما حدث في ملفات مختلفة عرضت على أنظار المحكمة الابتدائية بالمدينة، ما لا يعني براءتهم إلا بإثبات ذلك قانونيا وفي سائر المراحل.وبعيدا عن مثل هذه الاتهامات، يبقى مروجو القرقوبي بأنواعه بمختلف الأحياء سيما الهامشية، أكثر دهاء، إذ يبدعون طرقا للترويج تبعدهم عن الشبهات حتى في حالة دخول دوريات الشرطة إلى مكان النفوذ، اللهم إن ذكروا في مساطر مرجعية في ملفات مستهلكين.

الأمن والمروجون…القط والفأر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سبيطار" الغابة بالقنيطرة... بناية شبه مهجورة

الإيكستازي... مهيجات الملاهي الليلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات