ختم خطاب العرش، الذي شدد على أن النمو لن يكون له معنى إذا لم يظهر في عيش المواطنين، وعلى ضرورة الخروج من الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح في التعليم، بتحذير المغاربة من خطورة أخذ الدروس في دينهم من الخارج، موصيا إياهم بعدم قبول دعوة أتباع أي مذهب أو منهج، قادم من الشرق، أو الغرب، أو من الشمال، أو الجنوب، وقدم جلالة الملك، الخميس الماضي، لمناسبة الذكرى السادسة عشرة لعيد العرش، إستراتيجية مندمجة ومتكاملة للمناطق الصعبة والمعزولة، داعيا الحكومة إلى وضع مخطط عمل مندمج، لتوفير وسائل تمويل مشاريع البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية، سواء في مجال التعليم والصحة أو الماء والكهرباء والطرق القروية وغيرها، بالجماعات التي تعاني خصاصا، وذلك حسب المناطق والمجالات والأسبقية.واعتبر الملك أنه لضمان النجاح لهذا الورش الاجتماعي الطموح، "فإننا ندعو الحكومة، لوضع مخطط عمل مندمج، يقوم على الشراكة بين مختلف القطاعات الوزارية، والمؤسسات المعنية، لتوفير وسائل تمويل المشاريع، وتحديد برمجة مضبوطة لإنجازها". كما شدد على أن "الاهتمام بأوضاع المواطنين في الداخل، لا يعادله إلا حرصه على رعاية شؤون المقيمين بالخارج، وتوطيد تمسكهم بهويتهم، وتمكينهم من المساهمة في تنمية وطنهم". مذكرا أنه وقف، خلال زياراته التي يقوم بها إلى الخارج، على انشغالاتهم الحقيقية، وتطلعاتهم المشروعة، وكيف يشتكون معاملة البعثات القنصلية المغربية بالخارج"، مبرزا أن بعض القناصلة ، "وليس الأغلبية، عوض القيام بعملهم، على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة". وفي هذا الصدد، شدد الملك على إنهاء مهام كل من يثبت في حقه التقصير، أو الاستخفاف بمصالح أفراد الجالية، أو سوء معاملتهم، ومن جهة أخرى حرص على اختيار القناصلة الذين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والمسؤولية، والالتزام بخدمة أبناء المغرب بالخارج.وقال جلالته إن "مشاعر الغبن تزداد لديهم، عندما يقارنون بين مستوى الخدمات التي توفرها المصالح الإدارية والاجتماعية لدول الإقامة، وطريقة التعامل معهم، وبين تلك التي يتلقونها داخل البعثات الوطنية"، مبرزا أنه "إذا لم يتمكنوا من قضاء أغراضهم، فإنه يجب على الأقل، حسن استقبالهم، ومعاملتهم بأدب واحترام".كما اعتبر الملك أن إصلاح التعليم يظل عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق، "لذلك يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة : لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهظة؟".الجواب واضح، يقول جلالة الملك "لأنهم يبحثون عن تعليم جيد ومنفتح، يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية". ولضمان النجاح للمنظور الإستراتيجي للإصلاح، شدد جلالته على ضرورة أن يتملك الجميع هذا المنظور، والانخراط الجاد في تنفيذه، داعيا إلى صياغة هذا الإصلاح، في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون إطار، يحدد الرؤية على المدى البعيد، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية.ياسين قطيب