محكمة الأسرة بسطات … مكان السعيد والتعيس

بناية حديثة من الجيل الجديد للمحاكم شكل الثاني من دجنبر 2013، تاريخ تدشين المقر الجديد لقسم قضاء الأسرة بسطات، منعطفا جديدا في التعاطي مع العدد الهائل من ملفات الأسرة الواردة على المحكمة الابتدائية بسطات، من خلال نقل القسم إلى بناية جديدة على مساحة إجمالية مقدرة ب 12293 مترا مربعا، اعتبرها الجسم القضائي والمتقاضون حلى حد سواء، بناية من الجيل الجديد للمحاكم بالمغرب. تم طي صفحة الاشتغال داخل فضاء صغير بمكاتب ضيقة داخل مقر المحكمة الابتدائية، وأعفى جميع مكونات المحكمة من اكتظاظ كان يعرقل السير العادي للمحكمة ويعطي صورة سلبية عن مؤسسة تروم تحقيق أهداف التحديث والنجاعة. قسم من الجيل الجديد للمحاكم الوصول إلى قسم قضاء الأسرة بسطات، ليس بمهمة صعبة، فموقعها بالحي الإداري، حيث توجد أهم المؤسسات العمومية بالمدينة، والشكل المعماري الجميل الذي صممت به جعل منها إحدى أجمل البنايات الإدارية بالمدينة. فضاؤها الخارجي لا يوحي بحركية كبيرة على غير العادة بمختلف المحاكم، فالواجهة الأمامية للقسم تبدو فارغة إلا من بعض الأشخاص يقطعون بوابتها بخطى مسرعة نحو الداخل. لكن بمجرد ولوج باب القسم، يتفاجأ الزائر بحركية كبيرة وعدد هائل من الوافدين يقطعون مكاتبها بخطوات متسارعة، جعلت من القسم ككل يبدو خلية نحل يتوسطها مكتب زجاجي مخصص للإرشاد وتقديم المعلومات.الوافدون على قسم قضاء الأسرة بسطات، ينتمون إلى كل الأعمار، والشرائح الاجتماعية بل وحتى الجنسيات، وتختلف أسباب زيارتهم بين الإذن بزواج القاصر، أو التطليق، أو النفقة وإهمال الأسرة. الأدوار داخل القسم تبدو موزعة بشكل محكم، وتخضع لمسار واضح وهو ما يجنب الاكتظاظ الذي عادة ما تتسم به أغلب المعاملات داخل المحاكم. قسم الأسرة ملجأ السعداء وملاذ التعساء من خلال قسمات ملامح زوار القسم، يبدو بأنه يختلط فيها لديهم القلق بالجدية والترقب بالحيرة، فما بين من يخطو أولى الخطوات في مؤسسة الزواج، ويباشر الإجراءات القانونية من أجل نيل إذن يكون مفتاح توثيق العقد الشرعي ، وبين حانق يسابق الزمن من أجل وضع حد لعلاقة زوجية يعتقد بأنها وصلت الباب المسدود. وبين هذا وذاك، فئة أخرى تحضر بناء على استدعاء من أجل النظر في دعاوى مرتبطة بالنفقة أو إهمال الأسرة أو التطليق.في ركن قصي من القسم وبعيدا عن أعين الفضوليين، تنخرط «سارة» في موجة بكاء صامت، سرعان ما تمسح دموعها بسرعة عند اقتراب محامية منها وتنخرط في نقاش عصبي معها. «سارة» ذات 21 ربيعا، اقتنعت بصعوبة بالغة بالحديث «للصباح»، تخبرنا بأن رحلة زواجها لم تتجاوز ثمانية أشهر، فترة ولو أنها تبدو قصيرة، لكن بالنسبة إليها تساوي كل سنوات حياتها تخبرنا «سارة» بأنها اليوم تحضر إلى قسم قضاء الأسرة من أجل وضع دعوى للتطليق، بعد أن استحال عليها الاستمرار في علاقة زوجية تعتبرها غلطة العمر بالنسبة إليها، «الحمد لله مدونة الأسرة اليوم في صف المرأة وأهم ما فيها أنه لا يمكن غصب امرأة على العيش مع رجل لا تريده»، تردد «سارة» وتضيف «المسار القانوني لملفي يسير بشكل طبيعي وأعتقد بأني سأنال طلاقي مباشرة بعد جلسات الصلح الشكلية في نظري ما دمت مقتنعة بقراري».يدلف من الباب الرئيسي رجل بملامحه أوربية، ويبدو أنه في أواخر عقده الخامس، وبجواره شابة بملامح مغربية يبدو بأنها في العشرين من العمر، من حركات يديهما لا يبدو بأنهما يتواصلان جيدا شفهيا، فالرجل يتحدث بلكنة فرنسية ركيكة، فيما بالكاد تنطق الشابة بجمل فرنسية مفهومة، وهو ما جعلهما يستعملان كثيرا لغة الإشارة للتواصل في ما بينهما، نعلم في ما بعد بأنهما يحضران إلى قسم قضاء الأسرة من أجل الاستعلام عن الوثائق اللازمة لتوثيق عقد زواج مختلط، وسرعان ما يغادران القسم وملامح الشابة متجهمة بعد أن علمت بأن الوثائق التي يجب أن يدلي بها الزوج المستقبلي غير كاملة، وهو ما سيتطلب منه الذهاب مرة أخرى إلى بلده لإنجازها قبل العودة لتوثيق العقد، وهو ما لم تستسغه الشابة، حيث انخرطت بلهجة مغربية في سب «حظها العاثر»، ورعونة شريكها الذي لم يأخذ الأمر بالجدية اللازمة. على طريق التحديث المحكمة الابتدائية بسطات تعد من بين المحاكم التي اختيرت في إطار برنامج «محكمتي» الذي يندرج في دينامية إصلاح العدالة المبنية على مفهوم (العدالة في خدمة المواطن)، لأنه يهدف إلى تعزيز قدرة قطاع العدل على ضمان توفير خدمات فعالة وشفافة وفق آجال معقولة للمواطنين والذي التزمت الوزارة بتنفيذه ابتداء من 21 مارس 2013 إلى غاية 31 دجنبر 2016، كما يهدف إلى تطبيق المساطر وتحسين الاستقبال داخل المحاكم والعلاقات مع المواطنين ومساعدي القضاء.ومن أجل بلوغ هدف المحكمة الرقمية في أفق 2020، تمكنت المحكمة الابتدائية بسطات من حوسبة جل الإجراءات بمكاتب قسم قضاء الأسرة، وشرعت في إعداد ملفات رقمية في بعض القضايا، وتمكنت من تجميع الأحكام والقرارات على دعامات إلكترونية تسمح بتسليم نسخ الأحكام بطريقة ميسرة لسهولة البحث.هشام الأزهري (سطات)

محكمة الأسرة بسطات … مكان السعيد والتعيس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال عميد شرطة تسبب في وفاة مخزني

خمس سنوات لمتهم بمحاولة القتل العمد بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات