ملحمة بركانية في زنجبار

حقق نهضة بركان إنجازا تاريخيا، بعد تتويجه بلقب كأس "كاف" للمرة الثالثة في تاريخه، بقيادة مدربه التونسي معين الشعباني، رغم كل الاستفزازات التي عاناها منذ وصوله إلى تنزانيا. وتحولت العراقيل إلى دافع نحو انتصار قاري جديد، يدون من خلاله "البراكنة" ملحمة كروية جديدة تنضاف إلى سجل كرة القدم الوطنية. معاناة قبل التتويج لم يكن التتويج باللقب الإفريقي سهلا وفي المتناول، كما ظن كثيرون، بل تحقق من رحم المعاناة، فرحلة نهضة بركان إلى زنجبار لخوض إياب نهائي كأس "كاف" لم تكن عادية، بقدر ما خيمت عليها أجواء التوتر والاستفزازات منذ لحظة وصول بعثة ممثل الكرة المغربية إلى مطار هذه الجزيرة. ووجد اللاعبون وباقي الوفد المرافق لهم صعوبات تمثلت في تعطيل إجراءات خروجهم من المطار، لأزيد من ساعتين، ما أثر على تركيز اللاعبين والطاقم الفني. واستمر هذا التضييق خلال الأيام الثلاثة التي سبقت المباراة، سواء في الندوة الصحافية التي عقدها المدرب معين الشعباني، أو بمحاولة إرشاء سائق حافلة نهضة بركان لإطلاق بخور منوم، وعثور أيضا على مواد غريبة يشتبه في أنها متعلقة بطلاسم سحر وشعوذة. بخور منومة عاشت بعثة نادي نهضة بركان أحداثا مستفزة قبل نهائي كأس "كاف"، جراء بعض التصرفات التي صدرت عن مسؤولي سيمبا التنزاني من قبيل ضبط محاولة إرشاء سائق حافلة الفريق البركاني، بغرض إطلاق بخور داخلها قبل نقل اللاعبين إلى الملعب الرئيسي لإجراء النهائي يشتبه في احتوائه على مواد منومة. ولم تمر هذه الواقعة مرور الكرام، إذ سارع مسؤولو نهضة بركان إلى تقديم شكاية في النازلة إلى لجنة المسابقات بالكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم "كاف"، بغرض اتخاذ الإجراءات اللازمة، خصوصا بعد استعمال أساليب لا تمت للرياضة بصلة للتأثير على المنافس، سيما عندما يتعلق الأمر بمواد خطيرة تهدد سلامة اللاعبين، إلى حد استعمال الغاز المسيل للدموع في حافلات نهضة بركان قبل إقلاعها إلى التداريب. الشعباني يعترض لدى "كاف" فاجأ صحافي تنزاني معين الشعباني بسؤال مستفز خلال الندوة الصحافية، التي سبقت النهائي أمام سيمبا، حين استفسر اللاعب لامين كامارا عن إمكانية انضمامه إلى أحد الأندية التنزانية بعد ظهوره اللامع في مباراة الذهاب، الأمر الذي أثار غضب الشعباني الذي اعتبر السؤال استفزازيا ويمس بأخلاقية المنافسة، قبل أن يطلب من مراقب "كاف" تسجيل اعتراضه على هذا السؤال، معتبرا أن الحديث عن احتمال انتقال لاعب من فريقه إلى ناد منافس قبل ساعات من انطلاق مباراة نهائية حاسمة خارج النص، ويهدف إلى تشتيث تركيز اللاعبين، كما أن مثل هذه التصرفات تفسد أجواء المنافسة الشريفة. أجواء مشحونة لم يكن جمهور سيمبا التنزاني بعيدا عن هذه الأجواء المشحونة، إذ احتل محيط ملعب المباراة منذ الساعات الأولى، وهو يرتدي قمصان فريقه المفضل وقبعاته، ومرددا أهازيج فلكلورية تحولت إلى طقوس احتفالية قبل صافرة البداية. أما تذاكر المباراة، فبيعت بأعداد كبيرة، اذ تراوحت ما بين 5000 و10 آلاف شلن (حوالي 30 درهما و60 )، فيما انتشرت قمصان في قارعة الطريق بأسعار رمزية، من بينها قميص نهضة بركان، الذي لقي إقبالا من قبل جماهير نادي أفريكانز التنزاني، الغريم التقليدي لسيمبا. وأمام الإقبال المكثف للجمهور، عززت السلطات التنزانية إجراءاتها التنظيمية، تحسبا لأي فوضى وشغب سواء قبل المباراة أو بعدها. "البراكنة" حاضرون أشعل جمهور نهضة بركان مدرجات ملعب أمان في زينجبار رغم أن عدده لم يتجاوز 200 فرد، بينهم وفد رسمي مكون من 110 أفراد، من لاعبين وإداريين ومنخرطين وأعضاء من المكتب المسير و30 فردا من فصيل "أورونج بويز"، إضافة إلى مشجعين آخرين قدموا من المغرب وبعض الدول الأوربية، إلى جانب أفراد من الجالية المغربية المقيمة في تنزانيا. ورفع الجمهور البركاني الأعلام الوطنية، وهو يردد شعارات تحفيزية، رغم الانطلاقة السيئة لفريقهم في المباراة، بعدما تلقى هدفا مباغتا في الربع ساعة الأول. انطلاقة خاطئة فرض سيمبا التنزاني ضغطا رهيبا على ضيفه نهضة بركان منذ انطلاق المباراة، مستغلا عامل الملعب والجمهور، الذي أشعل المدرجات بصيحاته وتشجيعاته المتكررة. وركز الفريق التنزاني على الجهة اليمنى لدفاع نهضة بركان، الذي ظهرت به أخطاء، ما جعله يتلقى هدفا مباغتا وسط دهشة واستغراب من لاعبي وطاقم الفريق البركاني. وبدا واضحا أن نهضة بركان افتقد الانسجام في وسط الميدان، خاصة في ظل صعوبة بناء اللعب، وخسارة النزالات الثنائية، ما بعثر أوراق المدرب التونسي معين الشعباني، الذي ظل يطالب اللاعبين بالهدوء والتركيز وتحصين الدفاع، الشيء الذي جعل أداء نهضة بركان يتحسن مع توالي الدقائق وكاد يعدل النتيجة لمناسبتين، لولا سوء تعامل المهاجمين مع اللحظات الحاسمة. تعليمات صارمة دخل نهضة بركان بنظام تكتيكي مختلف في الشوط الثاني أملا في الحد من اندفاع مضيفه سيمبا التنزاني، إذ أعطى المدرب الشعباني تعليمات صارمة للاعبين بين الشوطين، بغرض تصحيح بعض الأخطاء الدفاعية والضغط على حامل الكرة، مع تشديد المراقبة على مهاجمي المنافس، وكان له ما أراد بعد تغييرات أعطت ثمارها، إضافة إلى تغيير أسلوب اللعب، الذي أصبح أكثر هجوميا، مع تحصين الدفاع، وهو ما سمح له بتسجيل التعادل في الوقت بدل الضائع بواسطة المالي سومايلا سيديبي، لتعم الفرحة مدرجات جماهير نهضة بركان، ومعها لاعبو نهضة بركان الذين رددوا عبارة "شامبيوني" من دكة البدلاء. فرحة هيستيرية بعد الصافرة ما إن أطلق الحكم صافرة النهاية، حتى اهتزت جنبات الملعب المخصصة للجمهور البركاني بفرحة هستيرية، اختلطت فيها مشاعر الفرحة والبهجة ورفع الأعلام الوطنية، كما انتشر اللون البرتقالي بالملعب وخارجه، وصدحت حناجر المشجعين بالهتافات المناصرة للفريق. ورغم أن الإياب جرى خارج المغرب، فإن جمهور بركان لم يخذل فريقه، حتى وإن حضر بأعداد قليلة، لكنه تسلح بالهتافات والأعلام والرايات، ليصنع الفارق في المدرجات، غير أن المفاجأة أن الجمهور البركاني لم يكن لوحده، بل لقي مؤازرة من قبل أنصار فريق أفريكانز التنزاني، نكاية في الغريم المحلي سيمبا، كما خلق هذا التلاحم أجواء صاخبة ومؤثرة في محيط الملعب، كما لو أن المباراة جرت على أرضية الملعب البلدي في بركان. طلاسم سحر قبل النهائي فوجئت بعثة نهضة بركان خلال الحصة التدريبية الأخيرة في ملعب أمان الجديد في زنجبار بوجود طلاسم غريبة ومواد يُشتبه في ارتباطها بأعمال سحر وشعوذة، ما جعل إدارة النادي البركاني تتخذ مجموعة من الإجراءات الآنية عبر إبلاغ "كاف" بهذا المستجد الغريب، رغم أن مثل هذه التصرفات أصبحت مألوفة في الملاعب الإفريقية. ولم تتوقف هذه الاستفزازات عند هذا الحد، بل تعرض حكيم بنعبد الله، رئيس نهضة بركان، للمنع من دخول الملعب، في محاولة للتأثير على السير العادي للنهائي، ما زاد من حدة التوتر داخل بعثة الفريق البركاني، خصوصا بعد منع حافلة المعدات والتجهيزات الخاصة بالنادي من دخول ملعب التداريب لأزيد من 30 دقيقة، بمبرر انتظار التوقيت الرسمي للحصة التدريبية. إنجاز: عيسى الكامحي (موفد "الصباح" إلى زنجبار)

ملحمة بركانية في زنجبار

النهضة تحدى المضايقات وتوج بلقبه الإفريقي الثالث وفرحة هستيرية بعد المباراة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رسالة ريـاضـيـة: بركان

التجارة‭ ‬والبناء‭ ‬الأكثر‭ ‬استقطابا‭ ‬للمقاولات‭ ‬المحدثة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات