أعاد الحكم النهائي الذي أصدرته المحكمة الإدارية للرباط، في قضية بقايا تجزئة قديمة وطرق بعين الذئاب، النقاش حول ما سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أقره في ما يخص الدعاوى التي ترفع ضد الجماعات المحلية، والتي تستنزف ملايين الدراهم من ميزانياتها، وعدم إيلاء رؤساء تلك الجماعات الأهمية القصوى لهذه الدعاوى، وتتبعهم لها بتقديم كل ما من شأنه أن يفيد في النزاع ويجنب ميزانية الجماعات الترابية نفقات، كانت في الأصل ستخصص للتنمية وتعود على السكان بالفائدة. فالحكم النهائي الصادر في الأسبوع الماضي بالرباط عرى الحقيقة وأظهر بأن العقارات التي تم تجميع مساحاتها في أربعة هكتارات ونصف الهكتار، والمقيمة من قبل الخبرة بسعر 3000 درهم، هي في الواقع طرق للتهيئة وبقايا تجزئة، بل هي أجزاء غير قابلة للبناء في وثائق التعمير. هكذا إذن تم وقف النزيف وإلغاء الحكم القضائي السابق، الذي أقر للمستفيد تعويضا قيمته 10 ملايير، بل ونفذ منه حوالي أربعة ملايير ونصف مليار، هي اليوم موضوع بحث حول الطريقة التي ستسترجع بها إلى الجماعة من الشركة خاسرة الدعوى. التلاعب بوثائق وصنع ملفات للاستفادة من كعكة المال العام تكرر في العديد من القضايا المرفوعة ضد الجماعات، ولم يظهر منه في الواقع إلا النزر القليل، نظير قضية جماعة بوزنيقة، التي يمثل رئيسها السابق، في حالة اعتقال أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء، متهما بجرائم تبديد المال العام من بينها صنع وثيقة سلمها للممثل القانوني لشركة النظافة، دون مراقبة أو علم المجلس الجماعي وخارج ضوابط الأوامر بالصرف، إذ اعترف فيها أن الجماعة بذمتها أزيد من مليارين لفائدة الشركة، وأن الميزانية لا تتوفر على المبلغ المطلوب، وهي الوثيقة التي استعملت في دعوى أمام القضاء الإداري، ليصدر حكم أمام ضعف الدفاع عن مصالح الجماعة، يقر بأداء المبلغ لفائدة الشركة، قبل أن تتفجر الفضيحة ويتبين أن الشركة تسلمت كل مستحقاتها وأن الوثيقة هي صنع لدين وهمي. لو تم جرد إحصائيات حول دعاوى التعويض التي ترفع ضد الجماعة، لأمكن الوقوف على أكثر من متورط وفي مختلف المدن، لكن تبقى النزاعات التي تنشب لمناسبات بين المعارضة والرئيس، من أسباب فضح هذه السلوكات، كما أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات بدورها تساهم في توضيح الاختلالات المرتبطة بهذه الوضعية. ملاحظة لها علاقة بما سبق القاضي الإداري لا يحكم إلا بما طلب منه، هذه هي القاعدة التي تؤطر عمل القضاء، وفق القانون وقواعد العدالة والإنصاف، لكن إذا لم تدافع الجماعة عن مصالحها ولم تبين بالحجج والوثائق جدية دفوعها، بل وتقاعست في ذلك، فإنها تصبح متواطئة، وهو ما يستلزم إعادة النظر، ليس في الأحكام فقط، بل حتى في هذه السلوكات. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma