مديح: دعم المستوردين لا يكفي لتخفيض الأسعار والمطلوب تعزيز التتبع والمراقبة أقرت الحكومة ضمن مشروع قانون المالية 2025 إعفاءات جبائية على واردات عدد من المنتجات الاستهلاكية، مثل اللحوم والزيوت، وهي التدابير التي تسعى من خلالها إلى كبح لهيب أسعار هذه المواد، وتوفير التموين الكافي في السوق. وهم القرار الحكومي، الذي يأتي بعد قرار سابق يسمح باستيراد اللحوم من عدد من البلدان الأوربية ومن أمريكا اللاتينية، إعفاء واردات اللحوم وزيت الزيتون والأرز من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة على الاستيراد خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير المقبل إلى 31 دجنبر 2025. كما همت الإعفاءات الحيوانات الحية من الأنواع الأليفة، من فصيلة الأبقار والأغنام والماعز والجمال، وذلك على التوالي في حدود 150 ألف رأس، و700 ألف رأس، و20 ألف رأس، و15 ألف رأس، إضافة إلى العجلات الموجة للإنسال، والعجول في حدود 20 ألف رأس لكل نوع، إلى جانب لحوم وأحشاء فصيلة الأبقار والضأن والماعز والجمال من الأنواع الأليفة، طازجة أو مبردة أو مجمدة، في حدود 40 ألف طن. وقال وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، إن قرار الإعفاء الجبائي على اللحوم المستوردة والابقار والاغنام الحية، إذا كان سيؤثر على وضعية الأسعار، ويمكن المستهلك من اقتناء اللحوم بأسعار مقبولة، فهو أمر جيد. وأوضح مديح في حديث مع "الصباح"، أن بعض المستوردين استفادوا من الدعم الحكومي، في قطاعات متعددة، ومنها قطاع المواشي، خلال فترة عيد الأضحى، دون أن يلحظ المستهلك أثر لذلك في السوق، حيث اغتنى البعض من الدعم، في غياب ضبط وتتبع مساره من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الدولة التي تمنح الدعم، وجب عليها مراقبة مجال صرفه، ومدى تحقيق الأهداف المرجوة منه. وبرأي رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، فإنه في غياب المراقبة، يظل المشكل قائما، حيث تواصل أسعار مختلف المنتوجات الارتفاع، مشيرا إلى أن الحكومة تتحمل المسؤولية، من خلال سياساتها، التي لا يستفيد منها المستهلك، بسبب منح امتيازات لبعض المنتجين والمستفيدين، دون أن تنعكس على القدرة الشرائية للمستهلك. وأكد مديح أن مشكل اللحوم الحمراء سيظل قائما، بسبب تراجع القطيع بسبب الجفاف، ما يفرض مواصلة الدعم الكافي والتمويل الضروري للمنتجين الصغار والمتوسطين، الذين يساهمون في تموين السوق، علما أن 90 في المائة من هؤلاء المنتجين، حسب تقارير عديدة، تعتبر من فئة المربين الصغار، الذين تضرروا كثيرا بسبب تداعيات الجفاف. وتبقى هذه الحلول جزئية، إذا لم يتم تغيير السياسات الفلاحية المنتهجة، وسن أخرى بديلة ومستدامة، يقول مديح، مؤكدا أن مخطط المغرب الأخضر وبعده الجيل الأخضر، ورغم الملايير التي تم صرفها، لم يؤثرا على مستوى أسعار المنتوجات الفلاحية المختلفة ومنها اللحوم، مشيرا إلى أن هناك ضعف التنسيق بين مختلف الأجهزة الحكومية، فتقديم الدعم المالي وتنفيذ البرامج الحكومية دون تتبع، من قبيل وضعية التعاونيات والضيعات، التي استفادت من الدعم، مشاريع فاشلة، بسبب المشاكل التي تسببت في هدر الملايير، لغياب الصرامة في التتبع والتنسيق، ناهيك عن قصور في الإستراتيجية الفلاحية المنتهجة في قطاع تربية المواشي. وخلص مديح إلى القول إن نتيجة هذه الاختيارات، هو الضعف المسجل اليوم في الموارد الفلاحية والمنتجات، وضمنها قطاع اللحوم وتربية المواشي، مؤكدا أن معطى الجفاف موضوعي، لكن مسؤولية الحكومة ثابتة، وخياراتها عاجزة عن مواجهة تحديات ضمان تموين السوق، والحد من التضخم، وارتفاع الأسعار. وتبقى التدابير الحكومية المعلنة، والتي سبقتها إجراءات مماثلة قبل عامين، غير كافية، لأن واقع الحال والنتائج المحصلة، لم تكن وفق التطلعات المرجوة، إذ لم تتمكن من تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في خفض أسعار اللحوم، وضمان التموين الكافي للسوق.